الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(3)
مكارم الأخلاق: من المعلوم أن دعوة النبي صلى الله عليه وسلم انطلقت من كونها تدعو إلى مكارم الأخلاق ولذا فقد جاء في الحديث: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق (1)» ، «ولما بلغ أبا ذر مبعث النبي صلى الله عليه وسلم قال لأخيه اركب إلى هذا الوادي فاعلم لي علم هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي يأتيه الخبر من السماء واسمع من قوله ثم ائتني، فانطلق الأخ حتى قدمه وسمع من قوله ثم رجع إلى أبي ذر رضي الله عنه فقال له: "رأيته يأمر بمكارم الأخلاق (2)» .
وهذه المحاور العامة التي كانت مضامين للدعوة النبوية في مرحلة الاستخفاء نلحظ فيها شمولا حيث تم تناول موضوعات الدعوة (عقيدة وشريعة وسلوكا)، وهي شعب اتسع تشريعها مع اتساع رقعة الإسلام وانتشاره في الآفاق.
(1) أخرجه الإمام أحمد من حديث أبي هريرة رفعه "إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق" وأخرجه البزار من هذا الوجه بلفظ "مكارم" بدل "صالح" انظر: فتح الباري لابن حجر العسقلاني، 1/ 3295
(2)
البخاري المناقب (3648)، مسلم فضائل الصحابة (2474).
المطلب الرابع: أصناف المدعوين في مرحلة الاستخفاء:
نظرا لأن مرحلة الاستخفاء لها خاصيتها وطبيعتها فمن غير المستغرب أن يقدم الرسول صلى الله عليه وسلم الدعوة أولا على أقرب الناس إليه، ثم تتسع دائرة المدعوين شيئا فشيئا .. لتشمل عدة أصناف من المدعوين ولذا فبإحالة النظر فيمن دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك الطور وباشر دعوتهم بنفسه يتضح أنهم
على النحو الآتي:
أولا: دعوة النبي أهل بيته:
اتفق أهل الأثر وعلماء السير على أن أول الناس إيمانا به صلى الله عليه وسلم على الإطلاق خديجة - رضي الله تعالى عنها - كما نقله الثعلبي في تفسيره، وقال النووي: إنه الصواب عند جماعة من المحققين، ونقل ابن الأثير الإجماع على ذلك بقوله: خديجة أول خلق الله تعالى أسلم بإجماع المسلمين لم يتقدمها رجل ولا امرأة (1).
ثم تلا خديجة رضي الله عنها بقية أهل بيته، قال الحافظ ابن كثير: إن أهل بيته صلى الله عليه وسلم آمنوا قبل كل أحد: خديجة، وزيد، وزوجة زيد أم أيمن، وعلي - رضي الله تعالى عنهم - (2). أما بناته: رقية، وأم كلثوم، وزينب، وفاطمة رضي الله عنهن فكلهن أدركن الإسلام فأسلمن (3). وغالب الظن أنهن من أوائل المدعوات، ولذا قال الحلبي في سيرته:"إن بناته الأربع كن موجودات عند البعثة ويبعد تأخر إيمانهن"(4).
• علي بن أبي طالب رضي الله عنه ذكر ابن إسحاق «أن علي بن أبي طالب جاء بعد إسلام خديجة بيومين فوجدهما يصليان، فقال علي: ما هذا يا محمد؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: دين الله الذي اصطفى لنفسه وبعث به رسله فأدعوك إلى
(1) انظر: السيرة الحلبية 1/ 432
(2)
انظر: المرجع السابق 1/ 436
(3)
انظر: المرجع السابق 1/ 436
(4)
انظر: المرجع السابق 1/ 432
الله وحده وإلى عبادته وكفر باللات والعزى، فقال له علي: هذا أمر لم أسمع به قبل اليوم فلست بقاض أمرا حتى أحدث أبا طالب. فكره رسول الله أن يفشي عليه سره قبل أن يستعلن أمره. فقال له: يا علي، إذا لم تسلم فاكتم، فمكث على تلك الليلة ثم إن الله أوقع في قلب علي الإسلام فأصبح غاديا إلى رسول الله حتى جاءه، فقال: ما عرضت علي يا محمد؟ فقال له رسول الله: تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وتكفر باللات والعزى وتبرأ من الأنداد. ففعل علي وأسلم، ومكث علي يأتيه على خوف من أبي طالب وكتم علي إسلامه (1)» وأسلم وهو ابن عشر سنين (2).
وروى ابن جرير بسنده «عن يحيى بن عفيف قال: جئت زمن الجاهلية إلى مكة فنزلت على العباس بن عبد المطلب فلما طلعت الشمس وحلقت في السماء وأنا أنظر إلى الكعبة أقبل شاب فرمى ببصره إلى السماء ثم استقبل الكعبة فقام مستقبلها فلم يلبث حتى جاء غلام فقام عن يمينه فلم يلبث حتى جاءت امرأة فقامت خلفهما فركع الشاب فركع الغلام والمرأة فرفع الشاب فرفع الغلام والمرأة فخر الشاب ساجدا فسجدا معه.
فقلت: يا عباس، أمر عظيم! فقال: أمر عظيم! فقال: أتدري من هذا؟ فقلت: لا، فقال: هذا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ابن أخي.
(1) انظر: سيرة ابن إسحاق 2/ 118
(2)
انظر: سيرة ابن إسحاق 2/ 118 وفتح الباري لا بن حجر، 7/ 174
أتدري من الغلام؟ قلت: لا، قال: هذا علي بن أبي طالب. أتدري من هذه المرأة التي خلفهما؟ قلت: لا، قال: هذه خديجة بنت خويلد زوجة ابن أخي وهذا حدثني أن ربك رب السماء والأرض أمره بهذا الذي تراهم عليه، وايم الله ما أعلم على ظهر الأرض كلها أحدا على هذا الدين غير هؤلاء الثلاثة».
• زيد بن حارثة وزوجته أم أيمن: مولى النبي صلى الله عليه وسلم قال ابن حجر: "وهو من بني كلب أسر في الجاهلية فاشتراه حكيم بن حزام لعمته خديجة فاستوهبه النبي صلى الله عليه وسلم منها".
وتزوج زيد بن حارثة: أم أيمن، وكانت حاضنة النبي صلى الله عليه وسلم ورثها من أبيه فولدت له أسامة بن زيد وعاشت أم أيمن بعد النبي صلى الله عليه وسلم قليلا.
قال الحافظ ابن كثير: الظاهر أن أهل بيته صلى الله عليه وسلم آمنوا قبل كل أحد: خديجة، وزيد، وزوجة زيد أم أيمن، وعلي رضي الله تعالى عنهم (1).
• عمه أبو طالب: وذكر محمد بن إسحاق «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا حضرت الصلاة خرج إلى شعاب مكة وخرج معه علي بن أبي طالب مستخفيا من عمه أبي طالب وجميع أعمامه وسائر قومه فيصليان الصلوات فيها فإذا أمسيا رجعا فمكثا كذلك ما شاء الله أن يمكثا ثم إن أبا طالب عثر عليهما يوما وهما يصليان، فقال لرسول الله: يا ابن أخي ما هذا الدين الذي أراك تدين به؟ قال: أي عم، هذا دين الله ودين ملائكته
(1) انظر: السيرة الحلبية 436
ودين رسله ودين أبينا إبراهيم - أو كما قال - بعثني الله به رسولا إلى العباد، وأنت يا عم أحق من بذلت له النصيحة ودعوته إلى الهدى وأحق من أجابني إليه وأعانني عليه - أو كما قال - فقال أبو طالب: يا ابن أخي إني لا أستطيع أن أفارق ديني ودين آبائي وما كانوا عليه، ولكن والله لا يخلص إليك بشيء تكرهه ما حييت (1)».
ثانيا: دعوة النبي صلى الله عليه وسلم صاحبه:
من المعلوم أن أبا بكر رضي الله عنه كان صديق النبي صلى الله عليه وسلم في الجاهلية وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد بذل الدعوة له في أول الأمر، فعن عائشة رضي الله عنها قالت:«خرج أبو بكر يريد رسول الله وكان له صديقا في الجاهلية فلقيه، فقال: يا أبا القاسم فقدت من مجالس قومك واتهموك بالعيب لآبائها وأمهاتها، فقال رسول الله: إني رسول الله أدعوك إلى الله، فلما فرغ كلامه أسلم أبو بكر رضي الله عنه فانطلق عنه رسول الله وما بين الأخشبين أحد أكثر سرورا منه بإسلام أبي بكر (2)» .
ثالثا: دعوة النبي صلى الله عليه وسلم لمن توسم فيه الخير:
كما دعا رسول الهدى في مدة استخفائه من توسم فيه الخير، سواء ممن عرفهم أو ممن لم يعرفهم، فأجابه من هؤلاء جمع عرفوا في التاريخ
(1) انظر: تاريخ الأمم والملوك - للإمام الطبري 1/ 539
(2)
انظر: حديث خيثمة بن سليمان بن حيدرة أبي الحسن الأطرابلسي، ط (الأولى، عام: 1400هـ، الناشر: دار الكتاب العربي - بيروت) ت: د. عمر عبد السلام تدمري ص 25.
الإسلامي بالسابقين الأولين، ومنهم:
• عمرو بن عبسة السلمي: قال عمرو بن عبسة رضي الله عنه: (لقد رأيتني وأنا ربع الإسلام)(1).
ودعوة النبي صلى الله عليه وسلم له تتضح من خلال ما رواه أبو أمامة رضي الله عنه قال: «قال عمرو بن عبسة السلمي: (كنت - وأنا في الجاهلية - أظن أن الناس على ضلالة، وأنهم ليسوا على شيء، وهم يعبدون الأوثان، فسمعت برجل بمكة يخبر أخبارا، فقعدت على راحلتي فقدمت عليه، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخفيا، جرآء عليه قومه، فتلطفت حتى دخلت عليه بمكة فقلت له: ما أنت؟ قال: (أنا نبي) فقلت: ما نبي؟ قال: (أرسلني الله)، فقلت: وبأي شيء أرسلك؟ قال: (أرسلني بصلة الأرحام، وكسر الأوثان، وأن يوحد الله لا يشرك به شيء) قلت له: فمن معك على هذا؟ قال: (حر وعبد)، قال: ومعه يومئذ أبو بكر وبلال ممن آمن به، فقلت: إني متبعك، قال: (إنك لا تستطيع ذلك يومك هذا، ألا ترى حالي وحال الناس؟ ولكن ارجع إلى أهلك فإذا سمعت بي قد ظهرت فأتني) (2)» .
قال الإمام النووي: معناه: "إني متبعك على إظهار الإسلام هنا، وإقامتي معك، فقال له: لا تستطيع ذلك لضعف شوكة المسلمين ونخاف
(1) رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي
(2)
أخرجه مسلم كتاب: صلاة المسافرين، باب: إسلام عمرو بن عبسة، رقم الحديث: 1374
عليك من أذى كفار قريش، ولكن قد حصل أجرك فابق على إسلامك، وارجع إلى قومك واستمر على الإسلام في موضعك حتى تعلمني ظهرت فأتني، وفيه معجزة للنبوة وهي إعلامه بأنه سيظهر" (1).
• أبو ذر الغفاري: ساق الحافظ البيهقي بإسناده «عن أبي ذر رضي الله عنه قال: "كنت ربع الإسلام أسلم قبلي ثلاثة نفر وأنا الرابع أتيت رسول الله فقلت: السلام عليك يا رسول الله أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فرأيت الاستبشار في وجه رسول الله (2)» .
ودعوة النبي صلى الله عليه وسلم له تتضح من خلال ما رواه ابن عباس رضي الله عنه بقوله: «ألا أخبركم بإسلام أبي ذر قال: قلنا: بلي، قال: قال أبو ذر: كنت رجلا من غفار فبلغنا أن رجلا قد خرج بمكة يزعم أنه نبي، فقلت لأخي: انطلق إلى هذا الرجل كلمه وأتني بخبره، فانطلق فلقيه ثم رجع، فقلت: ما عندك؟ فقال: والله لقد رأيت رجلا يأمر بالخير، وينهى عن الشر، فقلت له: لم تشفني من الخبر فأخذت جرابا وعصا ثم أقبلت إلى مكة فجعلت لا أعرفه وأكره أن أسأل عنه وأشرب من ماء زمزم وأكون في المسجد، قال: فمر بي علي، فقال: كأن الرجل غريب، قال: قلت: نعم، قال: فانطلق إلى المنزل، قال: فانطلقت معه لا يسألني عن شيء ولا أخبره، فلما أصبحت غدوت إلى المسجد لأسأل عنه وليس أحد يخبرني عنه بشيء، قال: فمر بي علي، فقال: أما آن للرجل
(1) شرح صحيح مسلم - للإمام النووي 1/ 1374
(2)
البداية والنهاية 3/ 34
يعرف منزله بعد، قال: قلت: لا، قال: انطلق معي، قال: فقال: ما أمرك وما أقدمك هذه البلدة، قال: قلت له: إن كتمت علي أخبرتك، قال: فإني أفعل، قال: قلت له: بلغنا أنه قد خرج هاهنا رجل يزعم أنه نبي فأرسلت أخي ليكلمه فرجع ولم يشفني من الخبر فأردت أن ألقاه، فقال له: أما إنك قد رشدت هذا وجهي إليه فاتبعني، ادخل حيث أدخل فإني إن رأيت أحدا أخافه عليك قمت إلى الحائط كأني أصلح نعلي وامض أنت فمضى ومضيت معه حتى دخل ودخلت معه على النبي صلى الله عليه وسلم فقلت له: اعرض علي الإسلام، فعرضه فأسلمت مكاني، فقال لي: " يا أبا ذر اكتم هذا الأمر وارجع إلى بلدك فإذا بلغك ظهورنا فأقبل (1)».
• عبد الله بن مسعود: قال في الاستيعاب: إن إسلامه كان قديما في أول الإسلام (2).
ودعوة النبي صلى الله عليه وسلم له تتضح من خلال قوله: «كنت أرعى غنما لعقبة بن أبي معيط، فمر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر، فقال: يا غلام هل من لبن؟
(1) أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب المناقب، باب: قصة زمزم، رقم الحديث: 3261، ط (الأولى، عام: 1417هـ، الناشر: دار السلام - الرياض) رقم الحديث: 3261. ومسلم كلاهما من حديث ابن عباس. وأخرج مسلم وحده رواية عبد الله بن الصامت وبينهما تعارض. ويرى القرطبي أن الجمع فيه تكلف شديد والقاعدة أن الأصح ما اتفق عليه البخاري ومسلم ولذا يلزم عند التعارض اعتماد رواية ابن عباس. انظر: السيرة النبوية الصحيحة - أكرم ضياء العمري، ط (السادسة، عام: 1426هـ، الناشر: مكتبة العبيكان - الرياض) ص 144
(2)
الاستيعاب 1/ 302
قال: قلت: نعم، ولكني مؤتمن، قال: فهل من شاة لم ينز عليها الفحل؟ فأتيته بشاة فمسح ضرعها فنزل لبن فحلبه في إناء فشرب وسقى أبا بكر، ثم قال للضرع: اقلص، فقلص ".
قال: ثم أتيته بعد هذا، فقلت: يا رسول الله علمني من هذا القول، قال: فمسح رأسي، وقال: يرحمك الله، فإنك غليم معلم (1)».
• أم أبي بكر الصديق رضي الله عنه: عن عائشة قالت: «لما اجتمع أصحاب النبي وكانوا ثمانية وثلاثين رجلا ألح أبو بكر على رسول الله في الظهور، فقال: يا أبا بكر إنا قليل، فلم يزل أبو بكر يلح حتى ظهر رسول الله وتفرق المسلمون في نواحي المسجد كل رجل في عشيرته وقام أبو بكر في الناس خطيبا ورسول الله جالس، وثار المشركون على أبي بكر وعلى المسلمين فضربوا في نواحي المسجد ووطئ أبو بكر بالأرجل وضرب ضربا شديدا ودنا منه عتبة بن ربيعة فجعل يضربه بنعلين ونزا على بطن أبي بكر حتى ما يعرف وجهه من أنفه وجاء بنو تيم يتعادون فأجلت المشركين عن أبي بكر وحملت بنو تيم أبا بكر في ثوب حتى أدخلوه منزله ثم رجعت بنو تيم فدخلوا المسجد، وقالوا: والله لئن مات أبو بكر لنقتلن عتبة بن ربيعة فرجعوا إلى أبي بكر فجعل أبو قحافة وبنو تيم يكلمون أبا بكر فتكلم آخر النهار: فقال: ما فعل رسول الله؟ فمسوا منه بألسنتهم وعذلوه ثم قاموا وقالوا لأمه
(1) أخرجه الإمام أحمد في المسند 1/ 462 وابن سعد في الطبقات 3/ 150. وحسن إسناده الألباني. انظر: صحيح السيرة النبوية 124
أم الخير: انظري أن تطعميه شيئا أو تسقيه إياه فلما خلت به ألحت عليه وجعل يقول: ما فعل رسول الله، فقالت: والله ما لي علم بصاحبك، فقال: اذهبي إلى أم جميل بنت الخطاب فاسأليها عنه، فخرجت حتى جاءت أم جميل، فقالت: إن أبا بكر يسألك عن محمد بن عبد الله، فقالت: ما أعرف أبا بكر ولا محمد بن عبد الله وإن كنت تحبين أن أذهب معك إلى ابنك، قالت: نعم، فمضت معها حتى وجدت أبا بكر صريعا دنفا، فدنت أم جميل وأعلنت بالصياح .. قال: فما فعل رسول الله؟ قالت: هذه أمك تسمع. قال: فلا شيء عليك منها. قالت: سالم صالح، قال: أين هو؟ قالت: في دار ابن الأرقم. قال: فإن لله علي ألا أذوق طعاما ولا أشرب شرابا أو آتي رسول الله، فأمهلتا حتى إذا هدأت الرجل وسكن الناس خرجتا به يتكئ عليهما حتى أدخلتاه على رسول الله، قال: فأكب عليه رسول الله فقبله وأكب عليه المسلمون ورق له رسول الله رقة شديدة. فقال أبو بكر: بأبي وأمي يا رسول الله ليس بي بأس إلا ما نال الفاسق من وجهي. وهذه أمي برة بوالدها وأنت مبارك ادعها إلى الله، وادع الله لها عسى الله أن يستنقذها بك من النار، قال: فدعا لها رسول الله ودعاها إلى الله فأسلمت (1)».
* مصعب بن عمير رضي الله عنه: ودعوة النبي صلى الله عليه وسلم تبدو من خلال ما ذكره الواقدي بقوله: «إن مصعب بن عمير بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو إلى
(1) انظر: البداية والنهاية 3/ 25
الإسلام في دار الأرقم؛ فدخل وأسلم وكتم إسلامه خوفا من أمه وقومه، وكان يختلف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم – سرا، فبصر به عثمان بن طلحة يصلي فأخبر به قومه، فأخذوه فحبسوه فلم يزل محبوسا إلى أن خرج إلى أرض الحبشة في أول من هاجر إليها (1)».
* عمار بن ياسر: قال ابن حجر: "وكان عمار من السابقين الأولين"(2).
ومما يشير إلى ذلك قوله: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وما معه إلا خمسة أعبد وامرأتان وأبو بكر (3)» .
* صهيب رضي الله عنه: ذكر سعد أن أباه كان عاملا لكسرى، فسبت الروم صهيبا لما غزت أهل فارس فابتاعه منهم عبد الله بن جدعان، وقيل: بل هرب من الروم إلى مكة، فحالف ابن جدعان (4).
ودعوة النبي صلى الله عليه وسلم لهما تتضح من خلال ما ساقه ابن سعد بإسناده «أن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال: لقيت صهيب بن سنان رضي الله عنه على باب دار الأرقم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم فيها، فقلت: ما تريد؟ فقال لي: ما تريد أنت؟ فقلت: أردت أن أدخل على محمد فأسمع كلامه. قال: وأنا أريد ذلك. قال:
(1) انظر: الاستيعاب 1/ 464
(2)
فتح الباري 7/ 91.
(3)
أخرجه البخاري، كتاب المناقب، باب: إسلام أبي بكر الصديق، رقم الحديث: 3568، قال الذهبي: ولم يذكر عليا لأنه كان صغيرا ابن عشر سنين.
(4)
فتح الباري 4/ 412.