الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإذا كان فوق الجنة فإنه فوق المخلوقات كلها. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: العرش فوق المخلوقات، والخالق سبحانه وتعالى فوقه (1).
(1) مجموع الفتاوى 6/ 564.
المبحث الثالث: استواء الله على العرش:
أخبرنا الله تبارك وتعالى وهو العليم بكل شيء - أنه قد استوى على عرشه العظيم، وذلك في سبعة مواضع من كتابه العزيز، وهذه المواضع هي:
1 -
قال تعالى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} (1).
2 -
3 -
قال تعالى: {اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} (3).
4 -
قال تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (4).
5 -
(1) سورة الأعراف الآية 54
(2)
سورة يونس الآية 3
(3)
سورة الرعد الآية 2
(4)
سورة طه الآية 5
(5)
سورة الفرقان الآية 59
6 -
قال تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} (1).
7 -
قال تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} (2).
وإذا تأملنا الاستواء في هذه الآيات نجده قد عدي بـ (على).
فلا يحتمل غير معنى العلو والارتفاع، وأما إذا عدي الاستواء بـ (إلى)، فمعناه قصد إليه علوا وارتفاعا.
وأما إذا لم يعد بحرف فمعناه كمل وتم، وإذا عطف على المستوي غيره، فمعناه المساواة بين المعطوفين، كما تقول: استوى الليل والنهار.
وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم معنى الاستواء في هذه الآيات بقوله: «لما فرغ الله من خلقه استوى على عرشه (3)» .
وأجمع السلف من الصحابة والتابعين على أن الله مستو على عرشه
(1) سورة السجدة الآية 4
(2)
سورة الحديد الآية 4
(3)
ذكره ابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية ص 34، وعزاه إلى الخلال في كتاب السنة، وقال: بإسناد صحيح على شرط البخاري. وكذلك عزاه الذهبي في كتاب العرش 2/ 72 إلى الخلال في السنة، وقال: بإسناد صحيح على شرط الصحيحين، ولم أجده في المطبوع من كتاب السنة للخلال، فلعله في المفقود، وأكد لي ذلك فضيلة د. عطية الزهراني - محقق كتاب السنة - وهو بصدد جمع المفقود من الكتاب.
استواء يليق بجلاله وعظمته سبحانه وتعالى. ومن أقوالهم في ذلك ما أخرجه البخاري في صحيحه عن مجاهد، قال: استوى: علا على عرشه. وأخرج عن أبي العالية، قال: ارتفع.
وقال الأوزاعي: كنا - والتابعون متوافرون - نقول: إن الله تعالى ذكره فوق عرشه، ونؤمن بما وردت السنة به من صفاته جل وعلا (1).
وقال الإمام مالك: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة.
قال الحافظ الذهبي: وهو قول أهل السنة قاطبة، أن كيفية الاستواء لا نعقلها بل نجهلها، وأن استواءه معلوم كما أخبر في كتابه، وأنه كما يليق به، لا نتعمق، ولا نتحذلق، ولا نخوض في لوازم ذلك نفيا ولا إثباتا، بل نسكت ونقف كما وقف السلف، ونعلم أنه لو كان له تأويل لبادر إلى بيانه الصحابة والتابعون، ولما وسعهم إقراره وإمراره والسكوت عنه. ونعلم يقينا مع ذلك أن الله جل جلاله لا مثيل له في صفاته، ولا في نزوله سبحانه
(1) أخرجه البيهقي في الأسماء والصفات ص 515، وصحح إسناده ابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية ص43.
وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا (1).
وقد جاءت الأدلة من الكتاب والسنة الدالة على علو الله على عرشه على وجوه متعددة، وهي كما يلي:
1 -
التصريح بالفوقية مقرونة بـ"من"، كقوله تعالى:{يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (2). أو مجردة عنها، كقوله تعالى:{وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} (3).
2 -
التصريح بالعروج إليه، كقوله تعالى:{تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} (4).
3 -
التصريح بالصعود إليه، كقوله تعالى:{إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} (5).
4 -
التصريح برفعه بعض المخلوقات إليه، كقوله تعالى - عن عيسى عليه السلام {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} (6).
5 -
التصريح بعلو الله المطلق، كقوله تعالى:{وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} (7).
6 -
التصريح بنزول الكتاب منه كقوله تعالى: {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ} (8).
(1) مختصر العلو 141 – 142.
(2)
سورة النحل الآية 50
(3)
سورة الأنعام الآية 18
(4)
سورة المعارج الآية 4
(5)
سورة فاطر الآية 10
(6)
سورة النساء الآية 158
(7)
سورة البقرة الآية 255
(8)
سورة النحل الآية 102
7 -
التصريح بأنه سبحانه في السماء، كقوله تعالى:{أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ} (1)، أي: على السماء، أو أن المراد بالسماء العلو.
8 -
التصريح باستوائه جل وعلا على العرش كما في الآيات السابقة.
9 -
التصريح برفع الأيدي إليه سبحانه، كقوله صلى الله عليه وسلم:«إن الله يستحي من عبده إذا رفع إليه يديه أن يردها صفرا (2)» .
10 -
التصريح بنزوله تعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:«ينزل ربنا إلى السماء الدنيا إذا بقي الثلث الأخير من الليل، فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له (3)» .
11 -
إخباره سبحانه عن فرعون أنه رام الصعود إلى السماء؛ ليطلع إلى إله موسى، فيكذبه فيما أخبر به عن الله أنه فوق السماوات، فقال تعالى عنه:{وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَاهَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ} (4){أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا} (5)(6).
(1) سورة الملك الآية 16
(2)
أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الصلاة، باب: الدعاء 2/ 165، والترمذي في سننه، كتاب الدعوات 5/ 557، بلفظ:"أن يردهما خائبتين"، وقال: حسن غريب. وابن ماجه في سننه، كتاب الدعاء، باب: رفع اليدين في الدعاء 2/ 1271، بلفظ:"يردهما صفرا"، أو قال:"خائبتين". وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود 1/ 279.
(3)
أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التهجد، باب الدعاء والصلاة من آخر الليل 2/ 45. ومسلم في صحيحه، كتاب صلاة المسافرين 1/ 521.
(4)
سورة غافر الآية 36
(5)
سورة غافر الآية 37
(6)
أعلام الموقعين عن رب العالمين لابن القيم 2/ 300 – 303، وشرح الطحاوية ص 285 – 287 بتصرف.