الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تمهيد في بيان منزلة مسائل الإيمان:
في تقرير علماء الدعوة رحمة الله عليهم لهذه المنزلة، يقول الشيخ حسين بن غنام رحمه الله تعالى:(ولا شك أن مسائل الإسلام والإيمان عظيمة الشأن، لا يجوز أن يغفل عنها الإنسان، أو يهملها أهل التوحيد والإيمان، بل الواجب المتعين بذل الوسع في تحقيقها، والاجتهاد والجد حتى يتبين سبيل الرشاد، ويتميز الصواب والسداد؛ لأن الله علق بهما السعادة والإسعاد، وعلق ضدهما وهو الكفر والنفاق الشقاوة (1) والهلاك يوم التناد) (2).
وقال صاحب التوضيح:: (وهذه المسائل أعني مسائل الإيمان
(1) في ط دار القاسم: والشقاوة، والتصويب من ط وزارة الأوقاف القطرية 87.
(2)
العقد الثمين 52.
والإسلام، والكفر والنفاق، مسائل عظيمة جدا، فإن الله عز وجل علق بهذه الأسماء السعادة والشقاوة، واستحقاق الجنة والنار، والاختلاف في مسمياتها أول اختلاف وقع في هذه الأمة، .. ،.
وقد صنف العلماء قديما وحديثا في هذه المسائل تصانيف متعددة، وممن صنف في الإيمان من أئمة السلف: الإمام أحمد، وأبو عبيد القاسم بن سلام، وأبو بكر ابن أبي شيبة (1) ومحمد بن أسلم
(1) طبعه والذي قبله المكتب الإسلامي في بيروت.
الطوسي (1)، وغيرهم من الأئمة الأعلام (2)) (3).
ولقد كانت هذه المسائل من المقاصد التي اعتنى إمام الدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى بها، فقد قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمه الله:(وعلت همته - يعني: إمام الدعوة - إلى طلب التفسير والحديث، فسافر إلى البصرة غير مرة، كل مرة يقيم بين من كان بها من العلماء، فأظهر الله له من أصول الدين ما خفي على غيره، وكذلك ما كان عليه أهل السنة في توحيد الأسماء والصفات، والإيمان)(4).
ويقول الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن رحمه الله: (وأما مسائل القدر، والجبر، والإرجاء، والإمامة، والتشيع، ونحو ذلك، من المقالات والنحل، فهو أيضا - يعني: الإمام - فيها على ما كان عليه السلف الصالح، وأئمة الهدى والدين، ويبرأ إلى الله مما قالته القدرية النفاة، والقدرية المجبرة، وما قالته المرجئة، والرافضة، وما عليه غلاة
(1) المتوفى سنة 242هـ، وكتابه غير مطبوع. انظر: مقدمة تحقيق الإيمان للعدني 14.
(2)
ككتاب الإيمان لابن منده، وككتابي الإيمان الكبير والأوسط لشيخ الإسلام ابن تيمية، وكلها مطبوعة.
(3)
التوضيح 127، وراجع: جامع العلوم والحكم 1/ 113 - 114.
(4)
الدرر السنية 12/ 6.
الشيعة والناصبة).
ومن الأسس التي قامت عليها دعوة التوحيد التجرد إلى الدعوة إلى الله، ورد الناس إلى ما كان عليه سلفهم الصالح في باب العلم والإيمان، وباب العمل الصالح والإحسان.
وقد كانت مناظرة إمام الدعوة مع علماء الأحساء، وتقريره لما عليه أهل السنة والجماعة في باب الإيمان، من المناظرات الشهيرة، فقد (حضر مشايخ الأحساء، ومن أعظمهم عبد الله بن عبد اللطيف القاضي، فطلب منه أن يحضر الأول من فتح الباري على البخاري، وبين له ما غلط فيه الحافظ في مسألة الإيمان، وبين أن الأشاعرة خالفوا ما صدر به البخاري كتابه من الأحاديث والآثار، وبحث معهم في مسائل وناظر، وهذا أمر مشهور يعرفه أهل الأحساء، وغيرهم من أهل نجد)(1).
وقد أشار الإمام إلى قصة هذه المناظرة في رسالته إلى الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف، وجاء فيها: (وتذاكرت أنا وإياك في شيء من التفسير والحديث، وأخرجت لي كراريس من البخاري كتبتها، ونقلت على
(1) المقامات 7، والدرر السنية 12/ 8.
هوامشها من الشروح، وقلت في مسألة الإيمان التي ذكر البخاري في أول الصحيح: هذا هو الحق الذي أدين الله به، فأعجبني هذا الكلام؛ لأنه خلاف مذهب أئمتكم المتكلمين) (1).
ثم قال الإمام في نقد ما عليه المتكلمون: (وهم معترفون أنهم لم يأخذوا أصولهم من الوحي، بل من عقولهم، ومعترفون أنهم مخالفون للسلف في ذلك، مثل: ما ذكر في فتح الباري، في مسألة الإيمان، على قول البخاري: وهو قول وعمل، ويزيد وينقص.
فذكر إجماع السلف على ذلك، وذكر عن الشافعي أنه نقل الإجماع على ذلك، وكذلك ذكر أن البخاري نقله، ثم بعد ذلك حكى كلام المتأخرين، ولم يرده).
وعلى هذا المنهج سار أتباعه رحمهم الله، فإنهم كما قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن: (وهذه الطائفة بحمد الله على منهج الصحابة في أصول الدين وفروعه، والحجة عندهم فيما قال الله ورسوله، وما كان عليه الصحابة والتابعون وأئمة الإسلام، وفارقوا أهل الشرك وعبادة
(1) الدرر السنية 1/ 36، والرسائل الشخصية ضمن القسم الخامس من مؤلفات الشيخ الإمام 250.