الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
س: بعض المتسولين يسألون الناس في المساجد وبعض الأئمة يمنعونهم من السؤال، فهل لديهم دليل على منعهم؟ وهل يجوز إعطاؤهم؟
ج: لا أعلم بأساً في ذلك، ولا أعلم حجة لمن منعه، لكن إذا كان السائلون يتخطون رقاب الناس ويمشون بين الصفوف فينبغي منعهم؛ لما في عملهم هذا من إيذاء المصلين، وهكذا وقت خطبة الجمعة يجب أن يمنعوا لوجوب الإنصات عليهم وعلى غيرهم من المصلين، ولأن سؤالهم في هذه الحال يشغل غيرهم عن استماع الخطبة.
باب صدقة التطوع
الحث على تفقد أحوال
المسلمين أفراداً وجماعات
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على خير الخلق أجمعين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد:
أيها الإخوة في الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
يقول الله سبحانه وتعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}
ويقول سبحانه: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} ، ويقول سبحانه:{آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ} ، وفي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى» (1) ويقول عليه الصلاة والسلام: «من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته» (2)
هذه الأدلة وغيرها من الكتاب والسنة تدعونا إلى العناية والاهتمام بإخواننا المسلمين أفراداً وجماعات في كل بقاع الأرض، وتفقد أحوالهم، ومعرفة واقعهم، وتحسس آلامهم، ورصد احتياجاتهم، ومعرفة مطالبهم، ثم العمل على مساعدتهم، كل بحسب استطاعته، مع العناية بتقديم الأهم على المهم، وهكذا فهناك من المسلمين
(1) رواه البخاري في (الأدب) باب رحمة الناس والبهائم برقم (6011)، ومسلم في (البر والصلة والآداب) باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم برقم (2586).
(2)
رواه البخاري في (المظالم والغصب) باب لا يظلم المسلم المسلم ولا يسلمه برقم (2442)، ومسلم في (البر والصلة والآداب) باب تحريم الظلم برقم (2580).
في بلاد المسلمين، وفي غيرها من البلدان الأخرى من يحتاجون إلى الطعام والكساء، وهناك من يحتاج إلى التعليم والتدريب، وهناك من يحتاج إلى الكتاب والمدرسة، وهناك من يحتاج إلى بناء مسجد تقام فيه الصلاة، ويذكر فيه اسم الله، وهناك من يحتاج إلى المدرس والمرشد والداعية إلى الله، يذكرهم بالله، ويبين لهم حقيقة الإسلام، ويوضح لهم أحكام دينهم، حتى يعبدوا الله على هدى وبصيرة، وهؤلاء وأولئك يحتاجون إلى الطبيب وإلى المستشفى لعلاج مرضاهم، وإلى المأوى المناسب يقيهم الحر والبرد، ويحفظ لهم إنسانيتهم وكرامتهم.
أيها الإخوان: لا يخفى عليكم ما يعانيه الكثير من إخوانكم المسلمين في سائر بلاد الله من فقر وجهل وبؤس وحرمان وبطالة ومرض وجهل بأحكام الدين، مما يوجب التعاون ومضاعفة الجهد لحماية الإنسان المسلم، وإنقاذه من أسباب الهلاك، وإن هذه المؤسسة المباركة " الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية " لهي منشاة خيرة، جديرة بكل دعم وتشجيع ومساندة، فأهدافها وغاياتها واضحة، وهي العناية بمعرفة آلام المسلمين، ومعالجة مشاكلهم أينما كانوا، والحفاظ على هويتهم الإسلامية، وعطاؤها للعالم
الإسلامي كله، ومن أبرز صفات هذه الهيئة: أنها لا تتسم بصفة بيئية، أو تنخرط في انتماءات معينة مهما كان نوعها، إلا الانتماء الإسلامي الخيري، المستلهم من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
لذا فإنني أدعو جميع أهل الخير ممن وهبهم الله المال، وأعطاهم سعة في الرزق، أن يبادروا في الإنفاق في سبيل الله، وذلك بدعم هذه المنشأة الخيرية بالمال، والإسهام في مشاريعها المتنوعة، لكي تتمكن من القيام بأعمالها، وتحقق أهدافها الإسلامية النافعة. وقد وعد الله المنفقين بالخلف في الدنيا والآخرة، قال تعالى:{وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ} ، وقال سبحانه:{وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا}
ومن الأمور المعتبرة لدعم هذه الهيئة الخيرية أن القائمين عليها هم من الرجال الثقات المخلصين الذين نذروا أنفسهم، وبذلوا أموالهم، وفرغوا أوقاتهم لإيصال الخير والنفع لأكبر عدد من المحتاجين من المسلمين، فهذا مما يشجع المسلم ويطمئنه إلى أن ما يبذله من مال
هو في أيد أمينة، تنميه وتزكيه حتى يصل إلى مستحقيه.
إخواني: وبهذه المناسبة فإنني أوصيكم ونفسي بتقوى الله سبحانه وتعالى ومراقبته في السر والعلن، وأوصي إخواني القائمين على أمر هذه الهيئة الخيرية أن يتقوا الله في أموال هذه الهيئة، وذلك بألا يتصرفوا فيها وينموها إلا بالطرق الشرعية الصحيحة، وأن يبتعدوا عن التعامل بها في كل ما تدخله شائبة الربا أو المعاملات المحرمة المخالفة للشريعة الإسلامية، ففي الحديث الصحيح:«أيها الناس إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله تعالى أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ}. وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ}، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء. يا رب! يا رب! ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام. فأنى يستجاب لذلك» (1)
(1) رواه مسلم في (الزكاة) باب قبول الصدقة من الكسب الطيب وتربيتها برقم (1015).