الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بأكثر من حصته من الدية.
المبحث الثالث: مشاركة بقية الورثة مع العافي فيما يأخذه من عوض عن القصاص، وفيه تمهيد، وخمسة مطالب:
التمهيد: صورة المسألة، وتحرير محل البحث فيها.
المطلب الأول: مذهب الحنفية.
المطلب الثاني: مذهب المالكية.
المطلب الثالث: مذهب الشافعية.
المطلب الرابع: مذهب الحنابلة.
المطلب الخامس: حاصل الأقوال والترجيح.
الخاتمة، وفيها ملخص البحث وأبرز نتائجه.
وهذا أوان البدء في البحث.
المبحث الأول
مشروعية القصاص في قتل العمد، والعفو عنه:
وفيه مطلبان:
المطلب الأول: مشروعية القصاص في قتل العمد
.
المطلب الثاني: العفو عن القصاص في القتل العمد.
المطلب الأول
مشروعية القصاص في قتل العمد
القتل ثلاثة أنواع، هي: العمد، وشبهه، والخطأ.
وقد حدّ العلماءُ القتلَ العمد بأنه: أن يقصد مَن يعلمه آدميا معصوم الدم فيقتله بما يغلب على الظن موته به (1) كما حد العلماء القتل شبه العمد بأنه: أن يقصد جناية على آدمي لا تقتل غالبا (2).
فهو قصد للفعل من غير قصد للقتل (3)(4)
كما حد العلماء قتل الخطأ بأنه: أن يفعل ما له فعله فيصيب آدميا معصوما لم يقصده بالقتل فيقتله، ومنه عمد الصبي والمجنون؛
(1) دقائق أولي النهى لشرح المنتهى 3/ 267، الروض المربع شرح زاد المستقنع 7/ 166، مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج 4/ 3، نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج 7/ 247.
(2)
دقائق أولي النهى لشرح المنتهى 3/ 271، الروض المربع شرح زاد المستقنع 7/ 175، مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج 4/ 4.
(3)
الأحكام السلطانية والولايات الدينية للماوردي 233، الأحكام السلطانية لأبي يعلى 274.
(4)
الأحكام السلطانية والولايات الدينية للماوردي 233، الأحكام السلطانية لأبي يعلى 274. ') ">
لأنه لا قصد لهما.
والقصاص إنما يكون في العمد خاصة، فمن قتل غيره عمدا فلأولياء الدم القصاص منه، ويدل له من الكتاب والسنة ما يلي:
1 -
قول الله - تعالى -: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنْفَ بِالأَنْفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: 45].
2 -
قول الله - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنْثَى بِالأُنْثَى} [البقرة: 178].
ففي الدليل الأول يخبر الله عز وجل أنه كتب على بني إسرائيل القصاص في القتل النفس بالنفس، وشرع من قبلنا شرع لنا متى ثبت ولم ينسخه شرعنا، ولا ناسخ هنا.
كما أنه في الدليل الثاني يخبر الله عز وجل بأنه كتب على المسلمين القصاص في القتل الحر بالحر، والعبد بالعبد، والأنثى بالأنثى، فدل ذلك على مشروعية القصاص.
3 -
ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: «لما فتح الله على
رسوله صلى الله عليه وسلم مكة قام في الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن الله حبس عن مكة الفيل وسلط عليها رسوله والمؤمنين؛ فإنها لا تحل لأحد كان قبلي، وإنها أحلت لي ساعة من نهار، وإنها لا تحل لأحد بعدي، فلا ينفر صيدها، ولا يختلى شوكها، ولا تحل ساقطتها إلا لمنشد، ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يفدى وإما أن يقيد، فقال العباس رضي الله عنه: إلا الإذخر؛ فإنا نجعله لقبورنا وبيوتنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إلا الإذخر، فقام أبو شاه. رجل من أهل اليمن. فقال: اكتبوا لي يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اكتبوا لأبي شاه، قلتُ للأوزاعيّ: ما قوله: (اكتبوا لي يا رسول الله)؟ قال: هذه الخطبة التي سمعها من رسول الله صلى الله عليه وسلم» (1)
فبين النبي صلى الله عليه وسلم هنا أنه إذا قتل قتيل فلأولياء الدم الخيرة بين القصاص من الجاني أو أخذ الدية، فدل ذلك على مشروعية القصاص عند طلبه من الورثة.
(1) متفق عليه، فقد أخرجه البخاري 1/ 53، كتاب العلم، باب كتابة العلم، 2/ 857، كتاب في اللقطة، باب كيف تعرف لقطة أهل مكة 6/ 2522، كتاب الديات، باب من قتل له قتيل فهو بخير النظرين، ومسلم 2/ 988، 989، كتاب الحج، باب تحريم مكة وصيدها وخلاها وشجرها ولقطتها إلا لمنشد على الدوام.