الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حياته: عدم مجيئه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانفراده بالتعمير من بين أهل الأعصار المتقدمة بغير دليل شرعي
المبحث الرابع: الدروس والعبر من هذه القصة:
1 -
أنه يجب على الإنسان إذا سئل عن شيء لا يعلمه أن يقول: الله أعلم ولا يقدم على ما ليس له به علم، فالله سبحانه عتب على موسى حيث لم يرد العلم إليه سبحانه وتعالى.
2 -
فضل الرحلة في طلب العلم، حيث تحمل موسى مشقة السفر للقيا الخضر مع أنه قد أنزلت عليه التوراة (1)
3 -
بذل الجهد وتحمل المشقة إذا شرفت الغاية، لقول موسى:{لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا} .
4 -
العزم الجازم والتصميم على بلوغ الغاية، مهما عظمت المشقة وزادت الكلفة وطالت المدة لقوله:{أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا} فقد
(1) قال تعالى: " فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين " وقال صلى الله عليه وسلم: ((من سلك طريقا يطلب فيه علما سهل الله به طريقا إلى الجنة)) ذكره البخاري في كتاب العلم تعليقا باب العلم قبل القول والعمل 1/ 25، وأخرجه أبو داود في كتاب العلم باب الحث على طلب العلم 4/ 57.
قيل إن الحقب ثمانون سنة (1)
5 -
كذلك يستفاد من هذه الآية: جواز الإخبار بالعزم على السفر، لأخذ العدة لذلك، وإتيان الأمر على بصيرة، والترغيب في هذه العبادة الجليلة.
6 -
البداءة في العلم بالأهم قبل المهم، فموسى ترك التعليم لبني إسرائيل ليتزود هو من العلم أولا.
7 -
في هذه القصة خير أسوة وأعظم قدوة لطلبة العلم في هذا العصر، لما ظهر فيها من عزم موسى عليه السلام على الرحلة وتحمل المشقة، مع ما اتصف به من العلم، وفي المقابل نرى تقاعس وزهد كثير من طلبة العلم في بذل أي مجهود رغم توفر الأسباب، من بذل للعلم، ووفرة في الوقت، وسهولة الطريق إلى تحصيله.
8 -
جواز الاعتماد على الخادم في الخدمة؛ ليتفرغ العالم لما هو أهم من الأمور الأخرى؛ وأن يكون الخادم ذكيا فطنا ليقوم بمهامه على أكمل وجه.
9 -
جواز إطلاق الفتى على التابع، واستخدام الحر.
(1) أخرج الطبري عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن الحقب ثمانون سنة، وأخرج عن مجاهد أن الحقب سبعون سنة، جامع البيان للطبري 9/ 15/272.
10 -
فضل طواعية الخادم لمخدومه، وعذر الناسي.
11 -
ظهور المعجزات على يد نبي الله موسى عليه السلام.
12 -
إثبات قدرة الله سبحانه وتعالى على إحياء الموتى، كما ورد أن الحوت قد أكل شقه.
13 -
وقوف الماء السيال مثل الطاق أو السرداب، معجزة ودليل لموسى ليبلغ إلى الغاية التي خرج من أجلها.
14 -
استحباب التزود للسفر من طعام وشراب، وكل ما يلزم من حوائج.
15 -
استحباب مشاركة العالم لخادمه في طعامه؛ لأن ظاهر قوله: {آتِنَا غَدَاءَنَا} أنه للجميع.
16 -
جواز الإخبار بما يجده الإنسان من مقتضى الطبيعة البشرية من نصب أو جوع أو عطش، إذا لم يكن على جهة التسخط لقول موسى:{لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا} .
17 -
إضافة الشر وأسبابه إلى الشيطان، لقول الفتى:{وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ} .
18 -
أن إعانة الله للعبد على حسب قيامه بالأمر الشرعي، فإن العبد يعان على ما وافق أمر الله ما لا يعان على غيره لقوله:{لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا} فالشكاية كانت للسفر المجاوز لمجمع البحرين، أما السفر الأول فلم يشك منه مع
طوله.
19 -
تدل هده الآيات دلالة صريحة على نبوة الخضر عليه السلام كقوله: {آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا} .
20 -
يستفاد من الآية أن العلم الذي يعلمه الله للعبد نوعان: علم مكتسب يناله العبد بطلبه واجتهاده، وعلم إلهي يهبه الله لمن يشاء من خلقه.
21 -
يؤخذ من قوله تعالى: {هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا} أن هذا سؤال ملاطفة ومبالغة في حسن الأدب.
22 -
ومما يدل على أدب موسى عليه السلام، أنه استأذنه أن يكون تابعا له على أن يعلمه مما علمه الله من العلم.
23 -
اتصاف موسى عليه السلام بالتواضع أمام الخضر، حيث قال: أن تعلمني مما علمت، فهذا إقرار منه بفضل الخضر عليه، كما أن في صيغة من التبعيضية دليلا على أن موسى لم يطلب من الخضر مساواته في علمه، بل اقتصر على بعض مما يعلمه.
24 -
كما تدل هده الآية على تواضع واحترام الطالب لأستاذه حيث قال موسى أولا: هل أتبعك، فأثبت له أنه تابع له. ثم
قال ثانيا: على أن تعلمني مما علمت رشدا، فأثبت له أنه متعلم منه (1)
25 -
تفيد هذه الآية أنه يجب على العاقل إضافة الفضل إلى أهل الفضل حيث قال موسى: {عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا} .
26 -
في هذه الآية دليل على أن المتعلم تبع للعالم وإن تفاوتت المراتب، ولا يظن أن في تعلم موسى من الخضر ما يدل على أن الخضر أفضل منه، فقد يشذ عن الفاضل ما يعلمه المفضول، وموسى قد أنزلت عليه التوراة، وكلمه ربه، وهو من أولي العزم من الرسل، ومع ذلك يتواضع لمعلمه هذا التواضع.
27 -
أن على الإنسان أن يسعى لطلب العلم النافع، كما قال موسى:{مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا} فكل علم فيه رشد وهداية لطريق الخير وتحذير من طرق الشر فهو من العلم النافع.
28 -
أن التحلي بالصبر من أعظم الوسائل للحصول على أكبر قدر من العلم، فموسى عليه السلام لم يستمر على ملازمة الخضر
(1) لمزيد من معرفه آداب العالم والمتعلم، انظر: تذكرة السامع والمتكلم في أدب العالم والمتعلم، لبدر الدين بن جماعة، وأدب الطلب ومنتهى الأرب لمحمد بن علي الشوكاني.
لعدم تحليه بالصبر اللازم لذلك.
29 -
أن مما يعين على الصبر معرفة العبد بمنافع ونتائج وثمرات العلم الذي يسعى لطلبه، لذا قال الخضر:{وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا} .
30 -
مشروعية تعليق الأمور المستقبلة بمشيئة الله لقوله: {سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا} .
31 -
أن الصبر بالتصبر كما أن العلم بالتعلم فلما قال الخضر لموسى: {إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا} قال موسى: {سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا} .
32 -
أن التأثر بالوقائع الحسية أعظم بكثير من التأثر بالأمور المعنوية، فنجد موسى قد عزم على الصبر، واستعان بالمشيئة، وأعطى الوعد، وقبل الشرط، فلما رأى أفعال الخضر، لم يف بشيء مما وعد، بل سارع بالإنكار مباشرة، وفي عدة مرات.
33 -
أنه يجب على الشخص التأني والتثبت، وعدم المبادرة بالإنكار حتى يتبين له الأمر الذي أمامه.
34 -
أن من مصلح المتعلم التغليظ عليه أحيانا من معلمه، لما يفيده نفعا وإرشادا إلى الخير، وأن السكوت عنه قد يوقعه في الغرور والنخوة وذلك يمنعه من التعلم، فالخضر قال لموسى في المرة الثانية:(ألم أقل لك إنك) ففي هذا الأسلوب نوع
من الشدة والغلظة، إذا ما قورن بالأسلوب السابق:(ألم أقل إنك).
35 -
يظهر من القصة حسن أدب المتعلم وجميل اعتذاره، حيث قال موسى:{إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا} .
36 -
أن من المصلحة أن يخبر المعلم المتعلم بترك السؤال حتى يتمكن المعلم من إيضاح المقصود في وقته المحدد، ولا يقاطع الطالب شيخه أثناء حديثه، كما شرط الخضر على موسى:{فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا} .
37 -
جواز ركوب البحر، إذا لم يكن هناك مخاطر متحققة.
38 -
أن الناسي لا يؤاخذ، سواء في حق الله أو في حقوق العباد ما لم يترتب على ذلك تلف مال، فيجب في تلك الحال الضمان.
39 -
أنه ينبغي على الإنسان أن يتعامل مع الناس بالعفو سواء في الأخلاق أو المعاملات، لاختلاف الطبائع، وما يتسبب عن ذلك من نفور الناس عن الشخص الحاد في تعامله.
40 -
أن الضيافة حق واجب للضيف.
41 -
أن موسى معذور بالإنكار على الخضر في الأمور التي أقدم عليها؛ لأنها وقعت على خلاف ما هو معهود من الأحكام
الدنيوية.
42 -
يستفاد من القصة قبول العذر بالمرة الواحدة، وقيام الحجة بالمرة الثانية.
43 -
أن الإنسان في حالات الذهول والرعب ينسى ما التزم به وشارط عليه، لشدة وقع الحوادث التي يراها على نفسه.
44 -
دفع أعظم المفسدتين بارتكاب أخفهما، كما حصل من الخضر، بخرق السفينة وقتل الغلام، لتسلم السفينة، ويسلم أبوي الغلام من إضلاله لهما.
45 -
في الآيات دليل على أن المسكين أحسن حالا من الفقير، حيث أثبت لهم سفينة مع تسميتهم مساكين.
46 -
جواز تصرف الإنسان في مال غيره، على وجه المصلحة أو دفع المضرة، ولو لم يستأذن المالك، كما فعل الخضر بخرق السفينة وإقامة الجدار.
47 -
حفظ الله للعبد الصالح ولذريته، إذا حفظ حدود الله.
48 -
حسن الأدب في التعامل، واختيار الألفاظ المناسبة، كما أضاف الخضر عيب السفينة إلى نفسه، والخير في إقامة الجدار إلى الله سبحانه وتعالى.
49 -
أنه ينبغي للإنسان أن يصبر على صاحبه، ولا يؤاخذه بما يحصل منه من مخالفات، ولا يفارقه إلا إذا لم يكن للصبر محل فيعذر حينئذ، كما أمهل الخضر موسى مع وقوعه في