الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حال الخضر وما في قصته
مع نبي الله موسى من دروس وعبر
لفضيلة الدكتور: علي بن عمر بن محمد السحيباني
المقدمة:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
أما بعد:
فإن القرآن معين لا ينضب، فهو كلام رب العالمين، أنزله ليكون دستورا للأمة ومنهج حياة، ولذلك تنوعت مادته على حسب متطلبات الحياة، وكانت القصة مما حظيت بالعناية والاهتمام في هذا الكتاب المبين، فورد فيه كثير من القصص، كل منها تعالج أمرا من الأمور التي تهم الأمة في مسيرتها على المنهج الصحيح وقد تعالج القصة الواحدة أكثر من أمر، وقد يعالج الأمر الواحد في عدد من القصص وكان من بين تلك القصص التي ورد ذكرها في القرآن الكريم قصة نبي الله موسى عليه السلام مع الخضر
- عليه السلام ولما لتلك القصة من فوائد مهمة، وعبر جمة، أحببت أن أكتب بحثا يتناول تلك الفوائد والعبر، لعل الله أن ينفعني بها وإخواني المسلمين.
أهمية الموضوع وأسباب اختياره:
1 -
ثبوت القصة في القرآن الكريم والسنة المطهرة يعطيها وزنا من الثقة والقبول لدى القارئ، حيث إنها ليست من نسج الخيال، أو من مصدر غير موثوق.
2 -
كونها واقعة مع نبي من الأنبياء الذين هم محل الأسوة والقدوة لكل من طلب الرفعة وعلو المنزلة، فنبي الله موسى من أولي العزم من الرسل، وقد كلمه الله تعالى.
3 -
كثرة الفوائد والعبر التي اشتملت عليها تلك القصة
4 -
حث طلبة العلم على بذل الجهد في التزود من العلم، خاصة مع سهولة طلبه في هذا العصر وتيسر أسبابه، إذا قرؤوا وتدبروا في هذه القصة حرص نبي الله موسى عليه السلام على لقيا الخضر ليتزود من العلم، مع بعد المشقة، وكلفة المشقة، ومع كونه قد أنزلت عليه التوراة، فهو على درجة من العلم والمعرفة، ومع ذلك بذل جهدا للتزود من العلم.
خطة البحث:
يتكون البحث من: أربعة مباحث وخاتمة ثم الفهارس:
المبحث الأول: نص القصة من القرآن والسنة.
المبحث الثاني: وفيه ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: اسمه.
المطلب الثاني: أدلة الذين قالوا بنبوة الخضر.
المطلب الثالث: أدلة الذين قالوا إنه رجل صالح.
المبحث الثالث وفيه مطلبان:
المطلب الأول: أدلة الذين قالوا إنه قد مات.
المطلب الثاني: أدلة الذين قالوا ببقائه على قيد الحياة.
المبحث الرابع: الدروس والعبر المستنبطة من القصة.
الخاتمة: وفيها أهم النتائج.
منهج في البحث:
عزو الآيات القرآنية إلى سورها.
تخريج الأحاديث من مصادرها مع ذكر حكم أهل العلم عليها، إن كانت في غير الصحيحين.
توثيق النصوص بعزوها إلى قائليها.
الترجيح بين الأقوال.
التعليق على ما يحتاج إلى تعليق.
استنباط الدروس والعبر من القصة.
ثانيا: نص القصة من السنة:
أخرج البخاري بسنده عَنْ سَعِيد بن جُبَيْر: قَالَ: قُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: إِنَّ نَوْفًا الْبَكَالِيَّ يَزْعُمُ أَنَّ مُوسَى صَاحِبَ الْخَضِرِ لَيْسَ هُوَ مُوسَى صاحب بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَقَالَ ابن عباس رضي الله عنهما: كَذَبَ عَدُوُّ اللهِ، حَدَّثَني أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إَنَّ مُوسَى قَامَ خَطِيبًا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَسُئِلَ: أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ؟ فَقَالَ: أَنَا، فَعَتَبَ اللهُ عَلَيْهِ إِذْ لَمْ يَرُدَّ
العلم إليه، فأوحى الله إليه: إن لي عبدا بمجمع البحرين هو أعلم منك. قال موسى: يا رب فكيف لي به؟ قال: تأخذ معك حوتا فتجعله في مكتل، فحيثما فقدت الحوت فثم هو. فأخذ حوتا فجعله في مكتل ثم انطلق، وانطلق معه بفتاه يوشع بن نون، حتى إذا أتيا الصخرة وضعا رؤوسهما فناما، واضطرب الحوت في المكتل فخج منه فسقط في البحر، فاتخذ سبيله في البحر سربا، وأمسك الله عن الحوت جرية الماء فصار عليه مثل الطاق، فلما استيقظ نسي صاحبه أن يخبره بالحوت، فانطلقا بقية يومهما وليلتهما، حتى إذا كان من الغد قال موسى لفتاه: آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا. قال: ولم يجد موسى النصب حتى جاوزا المكان الذي أمر الله به، فقال له فتاه: أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره، واتخذ سبيله في البحر عجبا. قال فكان للحوت سربا، ولموسى ولفتاه عجبا. فقال موسى: ذلك ما كنا نبغي، فارتدا على آثارهما قصصا، قال: رجعا يقصان آثارهما حتى انتهيا إلى الصخرة فإذا رجل مسجى ثوبا، فسلم عليه موسى فقال الخضر: وأنى بأرضك السلام. قال: أنا موسى. قال: موسى بني إسرائيل؟ قال: نعم، أتيتك لتعلمني مما علمت رشدا. قال: إنك لن تستطيع معي صبرا. يا موسى إني على علم من علم الله علمنيه لا تعلمه أنت، وأنت على علم من علم الله علمكه الله لا أعلمه.
فقال موسى: ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا، فقال له الخضر؛ فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا. فانطلقا يمشيان على ساحل البحر، فمرت سفينة، فكلموهم أن يحملوهم، فعرفوا الخضر فحملوهم بغير نول، فلما ركبا في السفينة لم يفجأ إلا والخضر قد قلع لوحا من ألواح السفينة بالقدوم. فقال له موسى: قوم حملونا بغير نول، عمدت إلى سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها، لقد جئت شيئا إمرا. قال: ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا؟ قال: لا تؤاخذني بما نسيت، ولا ترهقني من أمري عسرا. قال وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت الأولى من موسى نسيانا. قال وجاء عصفور فوقع على حرف السفينة فنقر في البحر نقرة، فقال له الخضر: ما علمي وعلمك من علم الله إلا مثل ما نقص هذا العصفور من هذا البحر.
ثم خرجا من السفينة، فبينا هما يمشيان على الساحل إذ أبصر الخضر غلاما يلعب مع الغلمان، فأخذ الخضر رأسه بيده فاقتلعه بيده فقتله، فقال له موسى: أقتلت نفسا زاكية بغير نفس؟ لقد جئت شيئا نكرا. قال: ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا؟ قال وهذه أشد من الأولى. قال: إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني، قد بلغت من لدني عذرا. فانطلقا، حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها، فأبوا أن يضيفوهما، فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض - قال: