المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثانيصلح بعض أولياء الدم عن القصاص بأكثر من حصته من الدية - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٩٢

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌الافتتاحية

- ‌خطبة عرفة لعام 1431 ه

- ‌الأمر الملكي الكريملخادم الحرمين الشريفين

- ‌الفتاوى

- ‌ هل على هذه المكائن زكاة

- ‌ زكاة الفطر)

- ‌ حصد الثمرةقبل مجيء عمال الزكاة

- ‌ فيخرجها ولي المال)

- ‌من فتاوى سماحة الشيخعبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله

- ‌حكم التسول

- ‌الحث على تفقد أحوالالمسلمين أفراداً وجماعات

- ‌اليتيم والمسكين وعناية الإسلام بهما

- ‌ صرفما قبض من المتبرعين فيما فوض فيه

- ‌من فتاوى سماحة الشيخعبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ

- ‌ من فضل قيام الليل

- ‌ توديع أهل الميت لميتهم والكشف عن وجهه ورؤيته وتقبيله

- ‌ الإسراع في تجهيز الميت

- ‌ إخراج السائق للمرأة الميتة من الثلاجة وحملها ووضعها على النعش

- ‌ النصائب التي توضع على حافتي القبر

- ‌ كشف وجه ميتهم في القبر لأجل النظرة الأخيرة

- ‌من فتاوىاللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

- ‌ محل البسملة في الصلاة

- ‌ حكم البسملة في الصلاة

- ‌ الجهر بالبسملة في الصلاة

- ‌ الاستعاذة من الشيطان الرجيم بعد انقضاء الصلاة

- ‌البحوث

- ‌الخاتمة

- ‌حال الخضر وما في قصتهمع نبي الله موسى من دروس وعبر

- ‌المقدمة:

- ‌المبحث الثاني: اسمه، وهل هو نبي، أو رجل صالح

- ‌المطلب الأول: اسمه عليه السلام:

- ‌المطلب الثاني: القائلون بنبوة الخضر:

- ‌المطلب الثالث: أدلة القائلين بأنه ولي، أو رجل صالح:

- ‌المبحث الثالث: هل الخضر عليه السلام حي الآن أم قد مات:

- ‌المطلب الأول: الذين قالوا بموته:

- ‌المطلب الثاني: الذين قالوا ببقائه على قيد الحياة:

- ‌المبحث الرابع: الدروس والعبر من هذه القصة:

- ‌الخاتمة

- ‌الموالاة في أعمال الحجدراسة فقهية موازنة

- ‌المقدمة:

- ‌المبحث الأول:تعريف الموالاة، وبيان ضابطها

- ‌المطلب الأول: تعريف الموالاة في اللغة وفي الاصطلاح

- ‌المطلب الثاني: المرجع في ضبط الموالاة، والمتخلل القاطع لها

- ‌المبحث الثاني:الموالاة في التلبية

- ‌المطلب الأول: الموالاة بين الإحرام والتلبية

- ‌المطلب الثاني: الموالاة أثناء التلبية

- ‌المطلب الأول: الموالاة في الصيامإذا صام ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجع

- ‌المطلب الثاني: التفريق بين الثلاثةوالسبعة إذا صام العشرة كلها عند رجوعه

- ‌المبحث الرابع: الموالاة بين أشواط الطواف

- ‌المطلب الأول: حكم الموالاة بين أشواط الطواف

- ‌المطلب الثاني: إذا أقيمت الصلاة المكتوبة أثناء الطواف

- ‌المطلب الثالث: إذا حضرت جنازة أثناء الطواف

- ‌المطلب الرابع: ترك الموالاة لعذر

- ‌المطلب الخامس: البناء على أشواط الطواف

- ‌المبحث الخامس: الموالاة بين الطواف والركعتين

- ‌المبحث السادس: الموالاة بين الطواف والسعي

- ‌المبحث السابع: الموالاة بين أشواط السعي

- ‌المطلب الأول: الموالاة بين الرمي بالحصى

- ‌المطلب الثاني: الموالاة بين رمي الجمرات

- ‌الخاتمة:

- ‌صلح بعض الورثة عن القصاص بأكثر من الدية،ومشاركة الورثة للمُصَالح فيما يأخذه

- ‌المقدمة:

- ‌المبحث الأولمشروعية القصاص في قتل العمد، والعفو عنه:

- ‌المطلب الأول: مشروعية القصاص في قتل العمد

- ‌المطلب الثانيالعفو عن القصاص في القتل العمد

- ‌المبحث الثانيصلح بعض أولياء الدم عن القصاص بأكثر من حصته من الدية

- ‌المطلب الثانيصلح بعض أولياء الدم عن حقه من القصاص بأكثر من حصته من الدية

- ‌المبحث الثالثمشاركة بقية الورثة مع العافي فيما يأخذه من عوض عن القصاص

- ‌التمهيد: صورة المسألة، وتحرير محل البحث فيها

- ‌المطلب الأولمذهب الحنفية

- ‌المطلب الثانيمذهب المالكية

- ‌المطلب الثالثمذهب الشافعية

- ‌المطلب الرابعمذهب الحنابلة

- ‌المطلب الخامسحاصل الأقوال والترجيح

- ‌الخاتمة

- ‌حديث شريف

الفصل: ‌المبحث الثانيصلح بعض أولياء الدم عن القصاص بأكثر من حصته من الدية

في قوله: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} ، وقوله:{فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ} .

ومن السنة:

3 -

ما رواه أنس رضي الله عنه قال: «ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم رفع إليه شيء فيه قصاص إلا أمر فيه بالعفو» (1).

فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالعفو من القصاص دال على مشروعيته، لأنه صلى الله عليه وسلم لا يأمر إلا بمشروع.

ولا يقتصر الأمر على مشروعية العفو عن القصاص، بل إنه يستحب وتسوغ الشفاعة فيه. كما دل عليه الحديث آنف الذكر، ما لم يحصل من العفو ضرر على العافي أو غيره فلا يشرع العفو (2)

(1) أخرجه أبو داود واللفظ له 4/ 169، كتاب الديات، باب الإمام يأمر بالعفو في الدم، والنسائي 8/ 38، وابن ماجه 2/ 898، كتاب الديات، باب العفو في القصاص، وأحمد 3/ 213.

(2)

حاشية المقنع 3/ 361.

ص: 344

‌المبحث الثاني

صلح بعض أولياء الدم عن القصاص بأكثر من حصته من الدية

وفيه مطلبان:

المطلب الأول: عفو بعض أولياء الدم عن القصاص،

ص: 344

وسقوطه على بقيتهم بذلك.

المطلب الثاني: صلح بعض أولياء الدم عن حقه من القصاص بأكثر من حصته من الدية.

المطلب الأول

عفو بعض أولياء الدم عن القصاص، وسقوطه على بقيتهم بذلك الدم موروث عن المجني عليه لورثته وهم أولياء الدم، فإذا عفا أولياء الدم جميعا عن القاتل سقط القصاص - كما سبق - (1)(2) فإن عفا بعضهم فهل يسقط القصاص؟

اختلف الفقهاء في ذلك على ثلاثة أقوال:

القول الأول: أن عفو بعض أولياء الجاني مسقط للقصاص مطلقا سواء أكان العافي زوجا أو زوجة، رجلا أم امرأة، مساويا للعافي في القرب من القتيل أم لا.

وهذا مذهب الحنفية (3) والشافعية (4) والحنابلة (5) ورواية عند

(1) انظر: المطلب الثاني من المبحث الأول.

(2)

انظر: المطلب الثاني من المبحث الأول. ') ">

(3)

بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع 7/ 247، المبسوط 26/ 158. ') ">

(4)

الأم 6/ 13، 14، المهذب في فقه الإمام الشافعي 2/ 189، نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج 7/ 309 - 310. ') ">

(5)

المغني 11/ 581، كشاف القناع عن متن الإقناع 5/ 534. ') ">

ص: 345

مالك (1).

واستدل أصحاب هذا القول بالآتي:

1 -

قول الله - تعالى -: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ} [البقرة: 178].

فالمراد بالعفو إسقاط القصاص، و {شَيْءٌ} نكرة تعم أي شيء قل أو كثر، فإن العفو عن البعض من القصاص كالعفو عنه كله يسقط به القصاص (2)

2 -

ما رواه قتادة: «أن عمر بن الخطاب رفع إليه رجل قتل رجلا، فجاء أولاد المقتول وقد عفا أحدهم، فقال عمر لابن مسعود وهو إلى جنبه: ما تقول؟ فقال ابن مسعود: أقول له: قد أحرز من القتل، قال: فضرب على كتفه وقال: كُنَيِّفٌ (3) ملئ علما» (4) فقد رأى ابن مسعود رضي الله عنه سقوط القصاص بتنازل

(1) المنتقى شرح الموطأ 7/ 125. ') ">

(2)

التفسير الكبير 5/ 53 - 54، العناية على الهداية 8/ 275. ') ">

(3)

الكنيف: تصغير كِنف - بكسر الكاف -: وهو وعاء أداة الراعي، وتصغيره للتعظيم. [النهاية في غريب الحديث والأثر 814، مختار الصحاح 580].

(4)

أخرجه الطبراني في الكبير واللفظ له 9/ 349، وعبد الرزاق 10/ 13، كتاب العقول، باب العفو، وابن أبي شيبة 5/ 418.

ص: 346

بعض الورثة، ووافقه عمر رضي الله عنه (1)

3 -

أن القصاص يدرأ بالشبهة كالحد، وسقوط بعضه بتنازل بعض الورثة يوجب سرايته على النفس كلها مراعاة لحرمة النفس (2)

4 -

أن القصاص لا يتجزأ، فإذا سقط بعضه سقط كله ضرورة (3)

القول الثاني: أن العفو عن القصاص لأي من الرجال إذا تساووا في الدرجة للميت، فإن كانوا رجالا ونساء متساويين في الدرجة فلا عبرة بتنازل النساء، فإن كن نساء متساويات في الدرجة فلا عبرة بعفو إحداهن إلا إذا أقره الحاكم، وإذا كان النساء أعلى درجة من الرجال وثبت القتل بالإقرار أو الشهادة وحُزْنَ الميراث فالعفو للنساء، وان ثبت القصاص بالقسامة أو لم يَحُزْنَ الميراث فلا عفو عن القصاص إلا بإجماع الفريقين، أو باتفاق بعض هؤلاء وبعض هؤلاء.

وبهذا التفصيل قال المالكية (4)

(1) المبسوط 26/ 158. ') ">

(2)

المبسوط 26/ 158 كشاف القناع عن متن الإقناع 5/ 534. ') ">

(3)

المغني 11/ 582. ') ">

(4)

عقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة 3/ 253 بداية المجتهد ونهاية المقتصد 2/ 402 - 403، الإتقان والإحكام في شرح تحفة الحكام 2/ 278 - 279.

ص: 347

واستدلوا بما يلي:

1 -

قوله - تعالى -: {وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا} [الإسراء: 33].

ووجه الاستدلال: أن الولي في الآية جاء بلفظ التذكير، فوجب أن يكون ذكرا، فلا يصح العفو من النساء (1)

2 -

أن المرأة ليست من أصحاب الولاية في أمور كثيرة، كالنكاح، والقضاء، فلم يكن لها ولاية في القصاص (2)

3 -

أن ولاية الدم مستحقة بالنصرة، وليس النساء من أهل النصرة، فلا مدخل لهن في الولاية المستحقة بها (3).

القول الثالث: أن العفو مستحق لجميع الورثة ولا ينفرد به أحدهم ولا يسقط بإسقاطه، والمُطَالِب بالقصاص مقدم على العافي عنه. .

وهذا مذهب ابن حزم (4) وبعض فقهاء المدينة (5) ومروي عن

(1) الجامع لأحكام القرآن 10/ 254. ') ">

(2)

القصاص في النفس 163. ') ">

(3)

المنتقى شرح الموطأ 7/ 125. ') ">

(4)

المحلى 10/ 481 - 482. ') ">

(5)

المغني 11/ 581. ') ">

ص: 348

مالك (1).

واستدلوا بما يأتي:

1 -

قول الله - تعالى -: {وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلا عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164].

ومعنى الآية: أن الإنسان لا يتصرف إلا في حقه، وتصرف غيره في حقه لا ينفذ عليه، وبالتالي فإن عفو أحد أولياء الدم لا يلزم باقيهم، وهذا استدلال ابن حزم ووجهه (2)

2 -

أن حق غير العافي لم يرض بإسقاطه، فلا يسقط (3)

3 -

أن القصاص يثبت في النفس ببعضها. كما في قتل الجماعة بالواحد، وههنا لا يسقط حق الجماعة بالواحد

الرأي الراجح:

الذي يظهر لي رجحان القول الأول، وهو مذهب الجمهور بأن للواحد من أولياء الدم التنازل عن حقه في القصاص، ويسقط القصاص جميعه عن الجاني بهذا التنازل؛ وذلك لقوة ما احتج به

(1) المغني 11/ 581، قال ابن قدامة: ** وقيل: هو رواية عن مالك **. ') ">

(2)

المحلى 10/ 282. ') ">

(3)

المغني 11/ 581. ') ">

ص: 349

أصحاب هذا القول، وما استدل به أصحاب القول الثاني والثالث من أدلة لا تعارض أدلة القول الأول، وبيان ذلك حسب الآتي:

1 -

أن ما استدل به أصحاب القول الثاني من الآية {فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ} [الإسراء: 33] لا يسلم لهم؛ لأن المراد بالولاية هنا: مطلق الولاية، فيشمل ذلك الذكر والأنثى، ولا يختص بالذكر دونها، فالأنثى ولية للدم كالرجل.

كما أن نفي الولاية عن المرأة في القضاء والنكاح أو غيرهما لا ينفي عنها ولاية الدم الثابتة بأدلة أخرى مما ذكر في القول الأول.

كما أن ولاية الدم مستحقة بالإرث وليس بمجرد النصرة.

2 -

كما أن ما استدل به ابن حزم من أصحاب القول الثالث من الآية: {وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلا عَلَيْهَا} [الأنعام: 164] لا حجة له فيه؛ لأن هذه الآية عامة، وما استدل به أصحاب القول الأول خاص، والخاص مقدم على العام.

واستدلالهم بأن غير العافي لم يرض بإسقاط حقه، فإن هذا مما لا يلتفت إلى رضاه فيه، بل دلت النصوص التي استدل بها أصحاب القول الأول على سقوطه من غير اشتراط الرضا منهم.

وهكذا ما استدلوا به من قتل الجماعة بالواحد يختلف مدركه عن إسقاط العافي لحق الجماعة، فقتل الجماعة بالواحد وجب سدا

ص: 350