الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
البحوث
ترك ولاة الأمر والأئمة الصلاة على الفساق سياسة
لفضيلة الدكتور: سامي بن فراج بن عيد الحازمي
المقدمة:
الحمد لله العلي الأعلى، الولي المولى، الذي خلق فأحيى، وحكم على خلقه بالموت والفنا، والبعث إلى دار الجزا، والفصل والقضا "لتجزى كل نفس بما تسعى"، وصلى الله وسلم على النبي المصطفى، والرسول المجتبى، وعلى آله وصحبه، ومن سار على نهجه واقتفى.
وبعد: فإن الله- سبحانه وتعالى خلق بني آدم للبقاء لا للفناء، وإنما ينقلهم بعد خلقهم من دار إلى دار، وأسكنهم في هذه الدار ليبلوهم أيهم أحسن عملاً، كما قال تعالى:{الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ}
ثم إنه من المتقرر نقلاً وعقلاً أنّ الناس يتفاوتون في أعمالهم، ما بين طائع لله وعاص، وأن أكثرهم عصاة لله، متساهلون في شرعه، قال
تعالى: {وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ} أي: إن أكثر الناس خارجون عن طاعة ربهم، مخالفون للحق ناكبون عنه (1)(2)
ومن المعلوم أنّ من أعظم وظائف ولاة أمر المسلمين حفظ الدين وإصلاح الرعية.
ثم إنّ هذا الإصلاح له طرق عدة يجتهد فيها الإمام، فيعمل بما هو أقرب إلى إصلاح الناس، وما يسلكه الإمام في ذلك هو من السياسة الشرعية.
قال ابن عقيل (3)"السِّيَاسَةُ ما كان فِعْلاً يَكُونُ معه الناس أَقْرَبَ إلى الصَّلَاحِ وَأَبْعَدَ عن الْفَسَادِ، وَإِنْ لم يَضَعْهُ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم، وَلَا نَزَلَ بِهِ وَحْيٌ"
هذا وقد ذكر بعض أهل العلم أنّ من الوسائل التي يسلكها ولي الأمر في تأديب الرعية وإصلاحهم، وزجرهم عن فعل الفواحش، ترك الصلاة على الفساق منهم إذا ماتوا؛ ليكون ذلك ردعًا للفسقة، وزجرًا
(1) تفسير القرآن العظيم لابن كثير (2/ 68).
(2)
تفسير القرآن العظيم لابن كثير (2/ 68). ') ">
(3)
هو أبو الوفاء علي بن عقيل البغدادي، المقرئ الفقيه الأصولي الواعظ، من أعيان أئمة المذهب الحنبلي، ولد سنة 431 هـ. من تصانيفه: كتاب الفنون. توفي سنة 513 هـ (المنهج الأحمد 3/ 78 - 97، المقصد الأرشد 2/ 245 - 248).
لغيرهم عن مثل حالهم.
وهي من المسائل التي وقع فيها الخلاف بين أهل العلم قديمًا وحديثًا، فمنهم من يقول بذلك، ومنهم من يمنع. ثم هل هذا الترك يُعد من السياسة الشرعية التي يسلكها الإمام؟
لذا فقد عمدت إلى بحث هذه المسألة، واستعنت الله تعالى في دراستها دراسة فقهية موازنة على ضوء الأدلة الشرعية، مبينًا حكمها، وعنونت لهذه الدراسة بـ (ترك ولاة الأمر والأئمة الصلاة على الفساق سياسة).
وقد جاء هذا البحث في مقدمة، وتمهيد، ومبحثين، وخاتمة:
المقدمة: وتضمنت أهمية الموضوع، والسبب الدافع للكتابة فيه، وخطة البحث، والمنهج.
التمهيد: وفيه أربعة مطالب:
المطلب الأول: حكم الصلاة على الميت.
المطلب الثاني: التعريف بولاية الأمر.
المطلب الثالث: التعريف بالفسق، وبيان الصفات الموجبة له.
المطلب الرابع: التعريف بالسياسة.
المبحث الأول: صلاة ولاة الأمر والأئمة على الفساق.
المبحث الثاني: السياسة الشرعية في ترك الولاة والأئمة الصلاة على الفساق.
الخاتمة: وفيها أهم النتائج.
منهج البحث:
اتبعت في هذا البحث قواعد البحث العلمي ومناهجه، ويتلخص ذلك فيما يلي:
1 -
حرصت على استقصاء أقوال أئمة المذاهب الأربعة، وأدلتهم، مستقاة من مراجعهم الرئيسة.
2 -
ترجيح أحد الأقوال؛ بناءً على ما ظهر لي من قوة الأدلة.
3 -
عزو الآيات القرآنية إلى السور، مع ذكر أرقامها.
4 -
عزو الأحاديث النبوية، والآثار الواردة، فما كان منها في الصحيحين أو أحدهما فإني أكتفي بعزوه إليهما، وما لم يكن في أي منهما، فإني أعزوه إلى كتب الأحاديث والآثار، ثم أبين الحكم عليها من كلام أهل العلم.
5 -
ترجمت للأعلام غير المشاهير، وأحلت على أهم مصادر تراجمهم.
6 -
شرحت الغريب والمصطلحات.
7 -
ذيّلت هذا البحث بفهرس للمصادر والمراجع، وبفهرس للموضوعات.
والله أسأل أن يتقبله مني بحسن المثوبة والجزاء، فمنه وحده الاستمداد، وعليه التوكل والاستناد، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وصلى الله وسلّم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.