الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الذين أنعمت عليهم، ومنهم النبيون والصديقون والشهداء والصالحون الذين أطاعوك وعبدوك (1) ولا ريب أن النبيين عليهم السلام والصديقين رحمهم الله كانوا من الدعاة إلى الله تعالى، قال تعالى عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا} أي: تدعو الناس إلى الإيمان بربهم وعبادته فيكون في آيتي الفاتحة السابقتين تضرع من المسلم إلى الله بأن يهديه ويوفقه لأن يكون في زمرة الدعاة إلى الله.
(1) ينظر: فتح القدير، للشوكاني 1/ 38. ') ">
المطلب الخامس: طلب العلم الشرعي الذي يكون سبيلاً للهداية إلى الدين والطاعة:
طلب العلم الذي يوصل المسلم إلى أن دين الإسلام هو الدين الحق، وأن ما خالفه ضلال وجهل، هو وسيلة مهمة لحفظ لمقصد الدين (1)(2)؛ ومما يحفظ به أيضًا معرفة أحكام الشريعة، فإن المسلم محتاج إليها أكثر من حاجته إلى الطعام والشراب، فإن هذا إذا فات حصل الموت في الدنيا، أما العلم بالشرع إذا فات حصل العذاب (3) والعلم
(1) ينظر: مقاصد الإسلام عند ابن تيمية، د. يوسف البدوي 451.
(2)
ينظر: مقاصد الإسلام عند ابن تيمية، د. يوسف البدوي 451. ') ">
(3)
ينظر: مجموع الفتاوى، لابن تيمية 1/ 5، إعلام الموقعين، لابن القيم 2/ 257، مدارج السالكين، لابن القيم 2/ 470.
شرط في صحة القول والعمل، فلا يعتبران إلا به، لأنه مصحح للنية المصححة للعمل، ولذا بدأ البخاري كتابه الصحيح بقوله: باب العلم قبل القول والعمل (1) ومن نعم الله أن ((أنقذنا بنور العلم من ظلمات الجهالة، وهدانا بالاستبصار به عن الوقوع في عماية الضلالة، ونصب لنا من شريعة محمد صلى الله عليه وسلم أعلى علَم وأوضح دلالة، وكان ذلك أفضل ما منَّ به من النعم الجزيلة، والمنح الجليلة)) (2) فكان ((أولى العلوم وأفضلها علمُ الدِّينِ؛ لأن الناس بمعرفته يرشدون، وبجهله يضلون؛ إذ لا يصح أداء عبادة جَهِلَ فَاعِلُهَا صِفَاتِ أَدَائِهَا، ولم يعلم شروطَ إجزائِهَا)) (3) وندب الله المؤمنين إلى تعلّم الدين وتعليمه، فقال:{فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ} وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين» (4) وقد أشار العلماء إلى أنه ينبغي لكل أحد أن يبذل جهده واستطاعته في معرفة نصوص الشريعة وأحكامها ونحو ذلك من علوم الشريعة، وجعلوا من نواقض
(1) ينظر: فتح الباري، ابن حجر 1/ 160. ') ">
(2)
الموافقات، للشاطبي 1/ 19. ') ">
(3)
أدب الدنيا والدين، للماوردي 13. ') ">
(4)
أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب العلم، باب من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين 1/ 39، رقم 71.
الإسلام: الإعراض عن دين الله لا يتعلمه ولا يعمل به (1) وفي سبيل تحقيق هذا المقصد النبيل سافر العلماء إلى البلاد، وهجروا لذيذ الرقاد، وفارقوا الأموال والأولاد، وأنفقوا فيه الأموال الكثيرة، وقد يسر الله لأولئك العلماء هذا الأمر وحببه إليهم؛ ليحفظ بذلك دينه (2) ولأهمية العلم فإن المسلم محتاج إلى التضرع إلى الله تعالى أن يعينه على تعلمه والتزود منه، ومما ورد من الأدعية المتعلقة بطلب العلم:
أ- أرشد الله عباده إلى أن يتضرعوا إليه بأن يزيدهم من العلم، فقال تعالى:{وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} ((والأمر بالفعل يستلزم قصد الشارع إلى وقوع ذلك الفعل)) (3) وفي هذه الآية دليل على فضل العلم وشرفه، فلو كان شيء أشرف من العلم لأمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يسأل المزيد منه، كما أمر أن يستزيده من العلم (4)
ب- ما ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو ويقول: «اللهم انفعني بما علمتني، وعلمني ما ينفعني، وزدني علمًا» (5) وفيه سؤال الله الانتفاع بما
(1) مؤلفات ابن عبد الوهاب، للشيخ محمد بن عبد الوهاب 1/ 214. ') ">
(2)
مجموع الفتاوى، لابن تيمية 1/ 5 - 8. ') ">
(3)
الموافقات، للشاطبي 2/ 393. ') ">
(4)
ينظر: تفسير القرطبي 4/ 44. ') ">
(5)
أخرجه الترمذي في سننه، الدعوات، في العفو والعافية 5/ 578 رقم 3599، وصححه الألباني.
يتعلمه الإنسان من العلوم المفيدة؛ لأن المقصود من العلم العمل، وكل علم شرعي فطلب الشارع له إنما يكون من حيث هو وسيلة إلى التعبد به لله؛ أن الشرع إنما جاء بالتعبد، وهو المقصود من بعثة الأنبياء عليهم السلام، بل جاء الوعيد الشديد على من علم ولم يعمل بعلمه (1) والعلم بالله تعالى يقوي جانب الخوف والمراقبة ويُعظم جانب الرجاء في قلب العالِم، فيدفعه ذلك إلى عبادة الله، يقول تعالى:{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} فـ ((كلما كانت المعرفة للعظيم القدير العليم، الموصوف بصفات الكمال، المنعوت بالأسماء الحسنى، كلما كانت المعرفة به أتم والعلم به أكمل، كانت الخشية له أعظم وأكثر)) (2)
ج- ومثل ذلك ما ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى الصبح يقول حين يسلّم: «اللهم إني أسألك علمًا نافعًا .. » (3) الحديث
(1) ينظر: تحفة الأحوذي، للمباركفوري 10/ 41، فيض القدير، للمناوي 2/ 133، فقه الأدعية والأذكار، للبدر 2/ 495.
(2)
تفسير ابن كثير 3/ 729. ') ">
(3)
أخرجه ابن السني في عمل اليوم والليلة رقم 54، وحسن إسناده عبد القادر وشعيب الأرناؤوط في تحقيق كتاب زاد المعاد، لابن القيم 2/ 375.