الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دفع أحد الزوجين زكاته للآخر
دراسة فقهية
لفضيلة الدكتور: أحمد بن محمد الخضيري
المقدمة:
الحمد لله رب العالمين الملك الحق المبين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فإن الله تعالى شرع فريضة الزكاة على عباده وجعلها حقًّا معلومًا في المال يدفع إلى المستحقين لها عند توافر شروطها.
وفرض الزكاة على المسلمين هو من أظهر محاسن الإسلام، لكثرة فوائدها إذ يتحقق بها دفع حاجة الفقير، وتثبيت أواصر المودة بين الغني والفقير لأن النفوس مجبولة على حب من أحسن إليها، وتطهير النفس وتزكيتها والبعد بها عن خلق الشح والبخل، وغير ذلك من الفوائد الكثيرة.
والزكاة حق لله تعالى لا تجوز المحاباة بها لمن لا يستحقها ولا
أن يجلب الإنسان بها لنفسه نفعًا أو يدفع ضرًّا أو يقي بها ماله، بل يجب على المسلم أن يصرف زكاته لمستحقيها وهم الأصناف الثمانية الذين حددهم الله تعالى في كتابه في قوله تعالى:{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}
وقد بسط الفقهاء رحمهم الله تعالى البحث في بيان أحكام هؤلاء الأصناف الثمانية، ثم ذكروا الذين لا يجوز دفع الزكاة إليهم.
والبحث في هذا الموضوع له أهمية كبيرة لشدة حاجة الناس إليه وارتباطه بعبادة من أعظم العبادات وهي الزكاة التي هي أحد أركان الإسلام ومبانيه العظام.
وقد اخترت من مسائل هذا الموضوع مسألة: دفع أحد الزوجين زكاته إلى الآخر، وإنما اخترت البحث في هذه المسألة لما تتضمنه من أحكام فقهية وتفصيلات مهمة تحتاج إلى إبراز وبيان في بحث مفصل، كما أن آراء الفقهاء فيها متباينة، ومآخذهم في الاستدلال مختلفة مما يتطلب تحرير البحث فيها والحاجة تدعو إلى بحث هذه المسألة لكثرة سؤال الناس عن أحكامها كلما أرادوا إخراج زكاة أموالهم ولم أقف على بحث خاص بهذه المسألة، وإنما يرد ذكرها عند الفقهاء والباحثين
عند الكلام عن أهل الزكاة، وتذكر غالبًا على سبيل الاختصار، مع أن هذه المسألة تحوي أحكامًا كثيرة وتشتمل على تفصيلات مهمة تحتاج إلى إبراز وبيان، وقد اجتهدت في جمع أطراف المسألة من مظانها من كتب الفقه، وجمعت إليها مادة كبيرة من شروح السنة وكتب التفسير وغيرها.
المنهج المتبع في البحث:
اتبعت في دراسة هذا الموضوع المنهج التالي:
1 -
إذا كانت المسألة من مسائل الاتفاق فإني أوثق هذا الاتفاق من مظانه المعتبرة وأذكر حكمها بدليلها.
2 -
إذا كانت المسألة من مسائل الخلاف فإني أحرر محل الخلاف إذا تطلب الأمر ذلك ثم أذكر أقوال المذاهب الأربعة في المسألة، وما تيسر من أقوال السلف، وقد أذكر المذهب الظاهري موثقًا كل قول من مصادره المعتمدة، وإذا اتفق أصحاب المذاهب الأربعة أو بعضهم على قول فإني أقدم في الذكر مذهب الحنفية ثم المالكية ثم الشافعية ثم الحنابلة إلا أن يوجد مقتضٍ يغيّر هذا الترتيب، كأن يكون بعض هذه المذاهب أقوى من غيره لأنه مجزوم به، ولا يوجد قول قوي يخالفه داخل المذهب فإني حينئذ أقدم المذهب الصريح على الذي يفهم من ظاهر النصوص والعبارات، وإذا لم تتفق هذه المذاهب
على قول فإني أعرض هذه المذاهب بحسب الترتيب الزمني مبتدئًا بالمذهب الحنفي ثم المالكي ثم الشافعي ثم الحنبلي إلا أن يقتضي التسلسل المنطقي خلاف ذلك.
وإذا لم أعثر على قول لأحد المذاهب في المسألة فإني أجتهد بقدر الإمكان في تخريج قول لهم على مسائل مشابهة.
3 -
أورد عقب كل قول أدلته مقدمًا الأدلة من الكتاب ثم من السنة ثم من آثار الصحابة ثم القياس والأدلة العقلية وأبين وجه الدلالة منها، وإذا لم أجد لأحد الأقوال أدلة منصوصة فإني أجتهد في ذكر ما يمكن أن يستدل له به.
4 -
أورد عقب كل دليل المناقشة الواردة عليه، وإذا لم أجد مناقشة مذكورة فإني أجتهد بقدر الإمكان في ذكر المناقشات التي يمكن أن ترد على الدليل، وأذكر بعد المناقشة الجواب عنها أو ما يمكن أن يجاب به عنها إذا لم أجد جوابًا مذكورًا.
5 -
بعد استكمال أدلة المسألة والمناقشات الواردة عليها أذكر ما يظهر لي رجحانه مع مسوغات الترجيح.
6 -
في حالة كون الخلاف ذا ثمرة فإني أذكرها إذا لم تكن واضحة من سياق الأدلة والمناقشة.
7 -
أعزو الآيات القرآنية، وأخرج الأحاديث والآثار الواردة في البحث من مظانها في كتب الحديث المعتمدة، مع بيان درجتها
إن لم تكن في الصحيحين أو أحدهما.
8 -
أترجم ترجمة موجزة للأعلام غير المشهورين.
خطة البحث:
عنوان البحث: "دفع أحد الزوجين زكاته إلى الآخر -دراسة فقهية-".
يتألف البحث من: مقدمة وأربعة مباحث وخاتمة.
المقدمة: وتشتمل على الافتتاحية وأهمية الموضوع ومنهج البحث وخطته.
المبحث الأول: دفع الزوج زكاته إلى زوجته، وفيه مطلبان:
المطلب الأول: دفع الزوج زكاته إلى زوجته من سهم الفقراء والمساكين.
المطلب الثاني: دفع الزوج زكاته إلى زوجته من غير سهم الفقراء والمساكين.
المبحث الثاني: دفع الزوجة زكاتها إلى زوجها، وفيه ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: دفع الزوجة زكاتها إلى زوجها من سهم الفقراء والمساكين.
المطلب الثاني: دفع الزوجة زكاتها إلى زوجها من غير سهم الفقراء والمساكين.
المطلب الثالث: دفع المرأة زكاة الفطر إلى زوجها.
المبحث الثالث: أخذ أحد الزوجين زكاة الآخر بغير وجه الصدقة ممن أخذها وهو من أهلها.
المبحث الرابع: دفع أحد الزوجين زكاته إلى الآخر بغير علمه يظنه من أهلها ثم علم.
الخاتمة: وتشتمل على أهم النتائج التي توصلت إليها.
هذا وقد بذلت وسعي في دراسة هذا الموضوع وأعتذر عما حصل فيه من نقص فالكمال لله وحده، والعصمة لرسله صلوات الله وسلامه عليهم. وأحمد الله تعالى وأشكره وأسأله أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم وهو حسبي ونعم الوكيل. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.