الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول
تعريف القبض والعقد الفاسد وبيان حكمه
ويشمل ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: في تعريف القبض وبيان أقسامه
.
المطلب الثاني: في تعريف العقد الفاسد وبيان منشئه وأسبابه.
المطلب الثالث: حكم تعاطي العقد الفاسد.
المطلب الأول تعريف القبض وبيان أقسامه
أولاً: تعريف القبض والألفاظ ذات الصلة:
1 -
تعرف القبض:
لغة: يطلق القبض على عدة معان، أبرزها:
أ- الجمع: وهو خلاف البسط، تقول: بسط كفّه وقبضها، أي: جمعها، وجمع الطائر جناحيه: قبضهما، والقبضة: جميع الكف.
ب- تناول الشيء: وقبض الشيء: تناوله باليد ملامسةً، والقبض: يطلق على استلام المال باليد، وهو المعنى المراد ببحثنا.
ج- الموت: تقول: قُبِضَ الرجلُ: أي مات.
د- الإسراع: فالقبيض من الدواب: السريع نقل القوائم، والقابض: السائق السريع السوق، تقول: قبض الإبل: ساقها سوقًا عنيفًا.
هـ- التضييق: فالقابض: هو الذي يمسك الرزق وغيره عن الناس، قال تعالى:{وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [البقرة: 245].
و- العزل عن الشيء: تقول قبضته عن الأمر: أي عزلته (1)
(1) لسان العرب (7/ 213 - 215)، والمصباح المنير ص (252) مادة:(قبض)، ومفردات الراغب الأصفهاني ص (292)، والتعريفات ص (220).
اصطلاحًا: عرفته الموسوعة الفقهية بأنه: (حيازة الشيء والتمكن منه)(1)(2)
سواء أكان مما يمكن تناوله باليد أم لا.
وقال الكاساني (ت: 587 هـ): (ولا يشترط القبض بالبراجم (3)؛ لأن معنى القبض هو: التمكين والتخلي وارتفاع الموانع، عرفًا وعادةً حقيقة) (4)
فالقبض استيلاء على الشيء، وتمكنٌ منه، وارتفاع الموانع من التصرف فيه.
2 -
الألفاظ ذات الصلة:
ثمة ألفاظ ذات صلة بالقبض، أبرزها:
أ- النقد: فالفقهاء يطلقون النقد على الإقباض والتسليم، إذا كان الشيء المعطى نقودًا. قال الفيومي:(ت: 770 هـ): (نقدت الرجل الدراهم: بمعنى أعطيته، فيتعدى إلى مفعولين، ونقدتها له على الزيادة أيضًا، فانتقدها: أي قبضها)(5)
(1) الموسوعة الفقهية (32/ 257).
(2)
الموسوعة الفقهية (32/ 257). ') ">
(3)
البراجم: هي مفاصل الأصابع. ر: لسان العرب (12/ 46)(برجم). ') ">
(4)
بدائع الصنائع (5/ 148). ') ">
(5)
المصباح المنير ص (319)(نقد)، ولقد اعتمد مصنفه كثيرًا على عبارة الرافعي في الشرح الكبير؛ فلذا استشهدنا بقوله على أنه عبارة فقهاء.
ولقد استخدم الفقهاء مصطلح النقد بمثابة القبض كثيرًا، قال السرخسي (ت: 483 هـ): (ولو قال: اشتريتها ونقدته الثمن، ثم جحدني الشراء
…
) (1) أي: أقبضته الثمن. وقال الكاساني (ت: 587 هـ): ( .. لأنه إذا كان نقد الثمن للبائع، فالملك لا يقع على البائع أصلاً)(2)
ويبدو أن استخدامهم للنقد بمعنى القبض، هو قاصر على قبض النقود، دون الأعيان، فلا يقال لقبضها نقد.
فالعلاقة بين النقد والقبض علاقة عموم وخصوص مطلق (3) فالقبض أعمّ من النقد وأشمل، فكل نقدٍ قبضٌ ولا عكس.
ب- الحيازة:
وهي لغة: ضم الشيء إلى النفس، تقول: حزته: أي ضممته وجمعته، وكل من ضمّ إلى نفسه شيئًا فقد حازه (4)
ويطلق الفقهاء لفظ الحيازة على القسمة والاختصاص بالشيء،
(1) المبسوط (10/ 176). ') ">
(2)
بدائع الصنائع (5/ 24). ') ">
(3)
وتعريفه: النسبة بن معنى ومعنى آخر مخالف له في المفهوم، وذلك من جهة أن أحدهما ينطبق على كل ما ينطبق عليه الآخر من أفراد، دون عكس. ويمثل لهما بدائرتين: كبرى وصغرى ضمنها. ر: المنطق ومناهج العلوم ص (30).
(4)
لسان العرب (5/ 341)، والمصباح المنير ص (83)(حوز). ') ">
سواء أكان مقبوضًا أم لا. قال السرخسي (ت: 483 هـ): (والمراد بالحيازة: القسمة؛ لأنه يقال: حاز كذا، أي: جعله في حيزه بقبضه، وحاز كذا، أي: جعله في حيزه بالقسمة، ولو حملناه على القبض هنا كان تكرارًا، وحمل اللفظ على ما يستفاد به فائدة جديدة، أولى من حمله على التكرار)(1)
وهكذا يبدو أن الحيازة تطلق أحيانًا على القبض، وأحيانًا على الفرز، وذلك فيما يتعلق بالقسمة. وقد تكون أحيانًا مع القبض، وتكون بدونه، فيقال: حازه وقبضه، وحازه دون قبض، وهذا ما يظهر من كلام أبي بكر لعائشة رضي الله عنهما قال:«وإني كنت نحلتك جاد عشرين وسقًا، فلو كنت جددته واحتزته كان لك، وإنما هو اليوم مال وارث» (2)
والعلاقة بين الحيازة والقبض علاقة عموم وخصوص من وجه (3) فالحيازة أعم من القبض من وجه، والقبض أعم منها من وجه.
ج- وضع اليد:
ويستعمل الفقهاء مصطلح (ذي اليد) بمعنى حوز الشيء، والمكنة
(1) المبسوط (12). ') ">
(2)
الموطأ (533) حديث (1434) كتاب الأقضية، باب ما لا يجوز من النُّحْل.
(3)
وتعريفه: النسبة بين معنىً ومعنىً آخر، من جهة انطباق كل منهما على بعض أفراد الآخر، وانفراد كل منهما بأفراد لا ينطبق عليها الآخر. ويمثل لهما بدائرتين متقاطعتين. ر: المنطق ومناهج العلوم ص (30).
من استعماله، والانتفاع به (1) ووضع اليد على الشيء يكون مرجحًا عند التداعي، فلو تساويا في الدعوى، وكان أحدهما واضع يد، حكم له بذلك. جاء في المادة (1759) من مجلة الأحكام العدلية:(بينة ذي اليد أولى في دعاوي الملك المقيّد بسبب غير قابل للتكرار، كالنتاج، فلو تنازع الخارج وذو اليد في مُهْرَةٍ (2) وادعى كل منهما أنها ماله، مولودة من فرسه، ترجح بينة ذي اليد).
ويبدو أن العلاقة بين وضع اليد والقبض، علاقة عموم وخصوص مطلق أيضًا، فالقبض أعم وأشمل من وضع اليد، الذي هو فرد من أفراده. فقد يكون القبض بوضع اليد، وقد يكون بالتمكين والتخلية.
ثانيًا: أقسام القبض:
يمكن تقسيم أنواع القبض إلى عدة تقسيمات، باعتبارات مختلفة:
1 -
تقسيم القبض باعتبار المقبوض: ويقسم إلى قبض العقار وقبض المنقول.
أ- قبض العقار:
العقار: هو الضيعة والنخل والأرض (3) ويمكن القول: هو
(1) الموسوعة الفقهية (32/ 258). ') ">
(2)
صغيرة الفرس. ') ">
(3)
لسان العرب (4/ 597)(عقر). ') ">
الأرض وما اتصل بها من بناء وشجر ونحوها. وهذا يكون قبضه بالتخلية وتمكين المشتري من التصرف فيه باتفاق الفقهاء (1) على خلاف في بعض الشروط:
- فالحنفية: اشترطوا أن يكون العقار قريبًا من مكان إبرام العقد، فإن كان بعيدًا فلا عبرة بهذه التخلية. قال ابن عابدين (ت: 1252 هـ): (وإن كانت قريبةً كان قبضًا، وهي أن تكون بحال يقدر على إغلاقها، وإلا فهي بعيدة، وفي جمع النوازل: دفع المفتاح في بيع الدار تسليم، إذا تهيأ له فتحه بلا كلفة .. وحاصله: أن التخلية قبض حكمًا، لو مع القدرة عليه بلا كلفة)(2)
- وأما المالكية: فصححوا الإقباض بالتخلية دون قيود. قال الخرشي (ت: 1101 هـ): (العقار: وهو الأرض وما اتصل بها من بناء أو شجر، يدخل في ضما المشتري في البيع الفاسد، بمجرد تخلية البائع بينه وبينه، وتمكينه من التصرف فيه بدفع المفاتيح)(3)
- وأما الشافعية: فقد اشترطوا لصحة القبض بالتخلية، ألا يخضع العقار للتقدير، من ذرعٍ ونحوه، فلو اشترط الأرض مذارعةً، فلا بد من
(1) بدائع الصنائع (5/ 148)، والمادة:(263) من مجلة الأحكام العدلية، والخرشي (5/ 158)، ومغني المحتاج (2/ 71)، والروض المربع (4/ 485).
(2)
رد المحتار (7/ 96). ') ">
(3)
الخرشي (5/ 158). ') ">
الذرع، ولا يكفي التمكين (1) كما أنهم فرقوا في قبض العقار بين الإجارة الصحيحة والفاسدة، فصححوه بالتخلية في الأولى دون الثانية.
قال الشربيني (ت: 977 هـ): (يستثنى من التسوية التخلية، فإنها تكفي في قبض العقار في الإجارة الصحيحة، ولا تكفي في الفاسدة، بل لا بد من القبض الحقيقي، وكذا الوضع بين يديه، تكفي في الصحيحة دون الفاسدة)(2)
- والحنابلة صححوا قبض العقار، بالتخلية بلا حائل، دون شروط أخرى. قال البهوتي (ت: 1051 هـ): (وغيره، أي: غير ما ذكر، كالعقار والثمرة على الشجرة، قبضته بتخليته بلا حائل)(3)
فالفقهاء متفقون على صحة قبض العقار بالتخلية والتمكين من التصرف فيه دون حائل، على خلاف يسير في بعض القيود والشروط.
ب- قبض المنقول:
وهو: ما ينقل، كالثياب والحيوان، ويدخل فيه ما يُتناول، كالجواهر والأثمان. وفي كيفية قبضه خلاف:
- إن كان مما يتناول باليد، كالذهب والفضة والنقود، والأدوات
(1) قواعد الأحكام ص (72)، ومغني المحتاج (2/ 73). ') ">
(2)
مغني المحتاج (3/ 489). ') ">
(3)
الروض المربع (4/ 485). ') ">
الصغيرة، كالساعة ونحوها، فهذه يكون قبضها بالتناول بلا خلاف، قال الشربيني (ت: 977 هـ): (وإن كان المنقول خفيفًا، فقبضه بتناوله باليد)(1) وقال البهوتي (ت: 1051 هـ): (ويحصل القبض فيما يتناول، كالجواهر والأثمان بتناوله، إذ العرف فيه ذلك)(2)
- وأما إن كان من المنقولات الأخرى، ففي قبضه قولان:
الأول: بالتخلية والتمكين وارتفاع الموانع عمومًا، وهو قول الحنفية، جاء في مجلة الأحكام العدلية:(تسلم العروض بإعطائها ليد المشتري، أو بوضعها عنده، أو بإرائها له مع الإذن بقبضها)(3)
ودليلهم: أن التسليم في اللغة عبارة عن جعله سالمًا خالصًا، يقال: سلّم فلان لفلان: أي خلصه له، وقال تعالى:{وَرَجُلا سَلَمًا لِرَجُلٍ} [الزمر: 29]، أي: سالمًا خالصًا، لا يشركه فيه أحد. فتسليم المبيع للمشتري هو جعل المبيع سالمًا للمشتري، أي: خالصًا له، بحيث لا ينازعه فيه غيره، وهذا يحصل بالتخلية، فكانت التخلية تسليمًا من البائع، والتخلي قبضًا من المشتري (4) جاء في المادة (264) من مجلة
(1) مغني المحتاج (2/ 73)، ور: قواعد الأحكام (2/ 72). ') ">
(2)
الروض المربع (4/ 485). ') ">
(3)
المادة (274) من المجلة. ') ">
(4)
بدائع الصنائع (5/ 148). ') ">
الأحكام العدلية: (متى حصل تسليم المبيع صار المشتري قابضًا له).
الثاني: بالعرف، كالنقل والتحويل ونحوه، وهو قول الجمهور، قال الدردير (ت: 1201 هـ): (وقبض غيره، أي: غير العقار، من عروض وأنعام ودواب بالعرف الجاري بين الناس، كاحتياز الثوب، وتسليم مقود الدابة .. )(1) ونصوا صراحة على عدم صحة القبض بالتخلية والتمكين. قال عليش (ت: 1299 هـ): (ولا يكون التمكن قبضًا، كالشركة الفاسدة بالعروض، ولا يضمن كل واحد سلعة صاحبه)(2)
وقال الشربيني (ت: 977 هـ): (وقبض المنقول، من حيوان أو غيره، تحويلُه)(3) وقال البهوتي (ت: 1105 هـ): (ويحصل القبض في صبرةٍ، وما ينقل، كثياب وحيوان بنقله)(4)
ودليلهم: ما رواه ابن عمر رضي الله عنهما قال: «كنا نشتري الطعام من الركبان جزافًا، فنهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نبيعه حتى ننقله من مكانه» (5)، وفي رواية:«حتى يحولوه» (6) وقاسوا غير
(1) الشرح الكبير (3/ 145 - 146). ') ">
(2)
منح الجليل (6/ 346)، ور: حاشية الدسوقي (3/ 70). ') ">
(3)
مغني المحتاج (2/ 73)، ور: المجموع (9/ 334)، وقواعد الأحكام (2/ 772). ') ">
(4)
الروض المربع (4/ 485). ') ">
(5)
صحيح مسلم الْبُيُوعِ (1526)، سنن ابن ماجه التِّجَارَاتِ (2229)، مسند أحمد (2/ 142).
(6)
البخاري (2123) كتاب البيوع، باب ما ذكر في الأسواق، ومسلم (1527) كتاب البيوع، باب بطلان بيع المبيع قبل القبض، واللفظ له.
الطعام عليه، فكانوا يأمرون العبد بالانتقال من موضعه، ويسوقون الدابة ويحركونها من مكانها، ونحو ذلك. ولما كان العرف هو الحاكم في المسألة، فهو متغيّر بتغير الأزمان والأمكنة والعروض.
ومن استعراض القولين يبدو أنهما يؤولان إلى نتيجة واحدة، وهي العرف، كما صرح به الجمهور؛ لأن الحنفية القائلين بالتخلية والتمكين، تركوا ذلك أيضًا للعرف، فما يحكم عليه العرف بأنه تخلية أو تمكين فهو قبض، وما لا فلا، وهذا ما نص عليه الكاساني بقوله:(القبض: هو التمكين والتخلي وارتفاع الموانع، عرفًا وعادة وحقيقة)(1)
- أما لو كان المبيع من المكيلات والموزونات والعدديا، فهذا لا خلاف بأن قبضه يكون بكيله ووزنه وعدّه. قال البهوتي (ت: 1051 هـ): (ويحصل قبض ما بيع بكيلٍ بالكيل، أو بيع بوزنٍ بالوزن، أو بيع بعدٍّ بالعدِّ، أو بيع بذرع بذلك الذرع)(2)
ودليله: حديث عثمان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: «إذا بعت فكِلْ، وإذا ابتعت فاكتل» (3)
(1) بدائع الصنائع (5/ 148). ') ">
(2)
الروض المربع (4/ 483)، ر: قواعد الأحكام (2/ 72)، ومغني المحتاج (2/ 73). ') ">
(3)
قال عنه ابن حجر: (وصله الدارقطني من طريق عبيد الله بن المغيرة المصري عن منقذ مولى ابن سراقة عن عثمان بهذا). ر: فتح الباري (4/ 404).
ولقد لخّص النووي (ت: 676 هـ) مسألة القبض، في العقار والمنقول والمتناول باليد قائلاً: (فقال أصحابنا الرجوع في القبض إلى العرف، وهو ثلاثة أقسام:
- أحدها: العقار والثمر والشجر، فقبضه بالتخلية.
- والثاني: ما ينقل في العادة، كالأخشاب، والحبوب، والحيتان، ونحوها، فقبضها بالنقل إلى مكان لا اختصاص للبائع به، سواء نقل إلى ملك المشتري، أو موات، أو شارع غيره، وفيه قول حكاه الخراسانيون، أنه يكفي فيه التخلية، وهو مذهب أبي حنيفة.
- والثالث: ما يتناول باليد، كالدراهم والدنانير، والمنديل والثوب، والإناء الخفيف، والكتاب، ونحوها، فقبضه بالتناول بلا خلاف) (1)
2 -
تقسيم القبض باعتبار الحقيقة والحكم:
ويقسم بهذا الاعتبار إلى قسمين:
أ- قبض حقيقي: وهو ما تقدم الكلام عليه في المنقولات عند غير الحنفية، وذلك بالتناول باليد، أو بنقله وتحويله، حسب العرف (2)
ب- قبض حكمي: وهو التخلي والتمكين وارتفاع الموانع عرفًا وعادة
(1) المجموع (9/ 334). ') ">
(2)
الشرح الكبير (3/ 145 - 146)، وقواعد الأحكام (2/ 72)، ومغني المحتاج (2/ 73)، والروض المربع (4/ 485). ') ">
وحقيقة، وهذا عند الحنفية خاصة (1) قال الكاساني (ت: 587 هـ): (فالتسليم والقبض عندنا: هو التخلية والتخلي، وهو أن يخلّي البائع بين المبيع والمشتري، برفع الحائل بينهما، على وجه يتمكن المشتري من التصرف فيه)(2) وجاء في المادة (263) من مجلة الأحكام العدلية: (تسليم المبيع يحصل بالتخلية).
ويمكن أن يحلق بهذا القسم (القبض الحكمي) في زماننا القبض في الوسائل الحديثة، كإدخال المال في حساب الشخص، فإنه يكون قبضًا حكميًّا، ونحو ذلك.
3 -
تقسيم القبض باعتبار الإذن فيه:
وقسمه عز الدين بن عبد السلام (ت: 660 هـ) بهذا الاعتبار إلى ثلاثة أقسام:
أ- قبض بمجرد إذن الشرع، فلا يحتاج إلى إذن المستحق، مثل: قبض اللقطة، قبض المغصوب من الغاصب، وهذا خاص بالولاة والحكام، وقبض أموال المجانين والمحجور عليهم، وقبض المضطر من طعام الأجانب ما تدفع به الضرورة، وقبض الإنسان حقه إذا ظفر به، ونحوها، فهذه تقبض مباشرة بإذنٍ من الشارع.
(1) بدائع الصنائع (5/ 148). ') ">
(2)
بدائع الصنائع (5/ 148). ') ">
ب- ما يتوقف جواز قبضه على إذن مستحقه، كقبض المبيع، وقبض المتساوم، والقبض بالمبيع الفاسد، وقبض الرهون والهبات والصدقات والعواري، وقبض جميع الأمانات.
ج- قبض بغير إذنٍ من الشرع ولا من المستحق، فإن كان القابض عالمًا بتحريمه، فهو قبض المغصوب، وهو مضمون الأعيان والمنافع والصفات، وإن كان جاهلاً، مثل أن يقبض ما يعتقده لنفسه، فإذا هو لغيره، فلا إثم عليه، ولا إباحة فيه، وتضمن به العين والمنافع والصفات