المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثاني: السياسة الشرعية في ترك الولاة والأئمة الصلاة على الفساق - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٩٥

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌البحوث

- ‌الافتتاحية

- ‌الفتاوى

- ‌ ما يؤخذ ضريبة لا يجزئ زكاة)

- ‌(باب أهل الزكاة)

- ‌ صرف الزكاة للمساجد والأعمال الخيرية لا يجزئ)

- ‌ ولبناء أسوار البلد)

- ‌ ولصندوق البر بمكة)

- ‌ ودفعها للفقراء غير الوطنيين)

- ‌من فتاوى سماحة الشيخعبد العزيز بن عبد الله بن باز

- ‌نصيحة بمناسبة استقبال شهر رمضان

- ‌دخول الشهر وخروجه

- ‌من فتاوى سماحة الشيخعبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ

- ‌من فتاوىاللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

- ‌ قراءة الفاتحة ركن في جميع ركعات الصلاة في حق الإمام والمنفرد

- ‌ القدر المناسب لقراءة الإمام في الصلاة الجهرية

- ‌ الإسرار في الصلاة الجهرية

- ‌ رفع الصوت في الصلاة للمنفرد

- ‌ التجويد بالقرآن في الصلاة

- ‌البحوث

- ‌التمهيد

- ‌المطلب الأول: حكم الصلاة على الميت

- ‌المطلب الثاني: التعريف بولاية الأمر

- ‌المطلب الثالث: التعريف بالفسق، وبيان الصفات الموجبة له

- ‌المطلب الرابع: التعريف بالسياسة

- ‌المبحث الأول: صلاة ولاة الأمر والأئمة على الفساق

- ‌المبحث الثاني: السياسة الشرعية في ترك الولاة والأئمة الصلاة على الفساق

- ‌الخاتمة:

- ‌أوجز العبارة في حكم الإشارة

- ‌المقدمة:

- ‌المبحث الأولحكم الإشارة في التشهد

- ‌المبحث الثانيموضع الإشارة بالسبابة في التشهد

- ‌المبحث الثالثتحريك السبابة حالة الإشارة

- ‌المبحث الرابعجهة الإشارة بالسبابة

- ‌خاتمة البحث

- ‌دفع أحد الزوجين زكاته للآخردراسة فقهية

- ‌المقدمة:

- ‌المبحث الأولدفع الزوج زكاته إلى زوجته

- ‌المبحث الثانيدفع الزوجة زكاتها إلى زوجها

- ‌المبحث الثالثأخذ أحد الزوجين زكاة الآخر بغير وجه الصدقة ممن أخذها وهو من أهلها

- ‌المبحث الرابعدفع أحد الزوجين زكاته إلى الآخر بغير علمه يظنه من أهلها ثم علم

- ‌الخاتمة

- ‌القبض وأثره في العقد الفاسد

- ‌المقدمة:

- ‌المبحث الأولتعريف القبض والعقد الفاسد وبيان حكمه

- ‌المطلب الأول: في تعريف القبض وبيان أقسامه

- ‌المطلب الثانيتعريف العقد الفاسد وبيان منشئه وأسبابه

- ‌المطلب الثالثحكم تعاطي العقد الفاسد

- ‌المبحث الثانيآثار القبض الفاسد

- ‌المطلب الأول: أثر القبض الفاسد في نقل الملكية

- ‌المطلب الثانيأثر القبض الفاسد في الضمان

- ‌المطلب الثالث:أثر القبض الفاسد في الأجور والمهور

- ‌الخاتمة:

- ‌الأدعية المأثورة وعلاقتها بحفظ مقاصد الشريعة

- ‌التمهيد، وفيه معنى الأدعية المأثورة وأهميتها

- ‌المبحث الأول: الأدعية المأثورة ومقاصد الشريعة

- ‌المطلب الأول: معنى مقاصد الشريعة، وأقسامها:

- ‌المطلب الثاني: الأدعية المأثورة ومقاصد الشريعة

- ‌المبحث الثاني: معنى الدين، وأهميته

- ‌المطلب الأول: معنى الدين في اللغة وفي الشرع:

- ‌المطلب الثاني- أهمية الدين:

- ‌المبحث الثالث- الأدعية المأثورة وعلاقتها بمقصد حفظ الدين من جانب الوجود

- ‌المطلب الثالث: طلب التوفيق لتقوى الله، وطاعته، وأن يتقبلها:

- ‌المطلب الرابع: الدعاء بأن يكون من الدعاة إلى الدين

- ‌المطلب الخامس: طلب العلم الشرعي الذي يكون سبيلاً للهداية إلى الدين والطاعة:

- ‌المطلب السادس: سؤال الله الجنة

- ‌المبحث الرابع- الأدعية المأثورة وعلاقتها بمقصد حفظ الدين من جانب العدم

- ‌المطلب الأول: طلب العبد أن يحفظه الله من الكفر والشرك

- ‌المطلب الثاني: طلب صيانة الدين، وتلافي النقصان الطارئ في أصله، والحماية من الفتن التي تضر به

- ‌المطلب الثالث: الاستعاذة بالله من التكاسل عن فعل الطاعات أو التهاون بها

- ‌المطلب الرابع: طلب الحيلولة بين العبد وبين المعاصي، والاستعاذة منها، ومن النار

- ‌المطلب الخامس: طلب مغفرة الخطايا، ومحو السيئات، وطلب الهداية إلى التوبة

- ‌الخاتمة

- ‌التخويف بالآيات ليس خرافة

- ‌حديث شريف

الفصل: ‌المبحث الثاني: السياسة الشرعية في ترك الولاة والأئمة الصلاة على الفساق

الترجيح:

بعد ذكر أقوال العلماء في صلاة ولاة الأمر والأئمة على الفساق، واستعراض أدلة كل قول، ومناقشته وما يرد عليه من نقاش، يظهر لي -والله أعلم- أنّ الراجح هو القول الأول، القائل بعدم صلاة الإمام على الفسقة؛ وذلك لقوة ما استدلوا به، وضعف الأقوال الأخرى بما حصل من مناقشة.

وفي ترك الأئمة الصلاة على الفساق مصلحة شرعية سيأتي بيانها في المبحث الثاني.

ص: 85

‌المبحث الثاني: السياسة الشرعية في ترك الولاة والأئمة الصلاة على الفساق

.

معلوم أن الصلاة على الميت شرعت ومقصودها الدعاء للميت.

قال ابن القيم (1)" ومقصود الصلاة على الجنازة: هو الدعاء للميت؛ لذلك حفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم، ونقل عنه ما لم ينقل من قراءة الفاتحة والصلاة عليه صلى الله عليه وسلم "(2)(3)

(1) هو شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب الزرعي الدمشقي الحنبلي، المعروف بابن قيم الجوزية، ولد عام 691 هـ، وتوفي عام 751 هـ. (شذرات الذهب لابن عماد الحنبلي 6/ 168).

(2)

زاد المعاد لابن القيم (1/ 505).

(3)

زاد المعاد لابن القيم (1/ 505). ') ">

ص: 85

وقال أيضًا: " كان هديه صلى الله عليه وسلم في الجنائز أكمل الهدي، مخالفًا لهدي سائر الأمم، مشتملاً على الإحسان إلى الميت ومعاملته بما ينفعه في قبره ويوم معاده .. وكان من هديه في الجنائز إقامة العبودية للرب تبارك وتعالى على أكمل الأحوال، والإحسان إلى الميت، وتجهيزه إلى الله على أحسن أحواله وأفضلها، ووقوفه ووقوف أصحابه صفوفًا يحمدون الله ويستغفرون له، ويسألون له المغفرة والرحمة والتجاوز عنه "(1)

ولا شك أن الميت أحوج ما يكون في تلك الحال إلى الدعاء له بالمغفرة والرحمة والعفو، بعد انقضاء أجله وانقطاع عمله. وقد أجمع العلماء على أن الدعاء للأموات ينفعهم ويصلهم ثوابه (2)

والرجاء غالب بقبول دعوة الصالحين الأبرار، المتقين الأخيار، أولي الفضل والعلم؛ لقوة صلتهم بالله، فهم أولياؤه وأحباؤه؛ لذا فإنه يطمع في دعواتهم؛ رجاء الفوز بسببها بالجنة والنعيم المقيم، والنجاة من النار وعذاب الجحيم. وما زال السلف الصالح يوصون من يرون صلاحه وتقواه، بالصلاة عليهم، والاستغفار لهم عقب موتهم. فقد أوصى أبو بكر الصديق رضي الله عنه أن يصلي عليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه،

(1) زاد المعاد (1/ 498). ') ">

(2)

نقل ذلك غير واحد من العلماء. انظر: الأذكار للنووي (ص205)، مجموع الفتاوى لابن تيمية (24/ 230)، شرح العقيدة الطحاوية لأبي العز (2/ 665).

ص: 86

وأوصى هو أن يصلي عليه صهيب الرومي رضي الله عنه (1) والأمثلة على ذلك كثيرة (2)

إذا عرف هذا فإن المرء إذا علم بأن الأئمة وأولي الفضل شرع لهم ترك الصلاة على الفساق إذا ماتوا، ورأى منهم تجنب ذلك، علم شؤم المعاصي، وأنها وبال على صاحبها في الدنيا والآخرة، فربما نفر منها وأعرض عنها، وحرص على امتثال أوامر الله تبارك وتعالى واجتناب المعاصي المفسقة؛ ليكون من عباد الله المتقين، وحزبه المفلحين.

وهذه مصلحة شرعية مطلوبة، يحصل بها تأديب وإصلاح الرعية، بتحذيرهم من الوقوع في المعاصي المفسقة، ولا شك أن كل ما كان سببًا لصيانة محارم الله تعالى عن الانتهاك، كان المنبغي على الوالي الأخذ به سياسة شرعية لحفظ الدين، وحقوق العباد من إتلاف واستهلاك، وهذه المصلحة مقصودة للشرع.

قال الماوردي (3) " فإن الله -جلت قدرته- ندب للأمة زعيمًا

(1) مصنف عبد الرزاق (3/ 471)، الطبقات الكبرى لابن سعد (3/ 368). ') ">

(2)

انظر: مصنف ابن أبي شيبة (3/ 258)، المحلى لابن حزم (5/ 145)، السنن الكبرى للبيهقي (4/ 29). ') ">

(3)

هو أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي البصري الشافعي، من مصنفاته: الإقناع، الأحكام السلطانية. توفي سنة 450 هـ وله 86 سنة. (طبقات الشافعية الكبرى 5/ 267 - 281، طبقات الشافعية للأسنوي 2/ 387 - 388).

ص: 87

خلف به النبوة، وحاط به الملة، وفوّض إليه السياسة؛ ليصدر التدبير عن دين مشروع، وتجتمع الكلمة على رأي متبوع، فكانت الإمامة أصلاً، عليه استقرت قواعد الملة، وانتظمت به مصالح الأمة، حتى استتبَّتْ بها الأمور العامة " (1)

وقال ابن تيمية (2) " الواجب بالولايات: إصلاح دين الخلق الذي متى فاتهم خسروا خسرانا مبينا، ولم ينفعهم ما نعموا به في الدنيا. وإصلاح ما لا يقوم الدين إلا به من أمر دنياهم

فإذا اجتهد الراعي في إصلاح دينهم ودنياهم بحسب الإمكان كان من أفضل أهل زمانه، وكان من أفضل المجاهدين في سبيل الله " (3)

وقال ابن عقيل: " السِّيَاسَةُ ما كان فِعْلاً يَكُونُ معه الناس أَقْرَبَ إلَى الصَّلَاحِ وَأَبْعَدَ عن الْفَسَادِ، وَإِنْ لم يَضَعْهُ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم، وَلَا نَزَلَ بِهِ وَحْيٌ "(4)

(1) الأحكام السلطانية (ص11). ') ">

(2)

هو أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام الحراني الدمشقي الحنبلي، ولد بحران عام 661 هـ، تبحر في العلوم الشرعية، وله مصنفات عدة منها: منهاج السنة، درء تعارض العقل مع النقل. توفي بدمشق سنة 728 هـ. الدرر الكامنة لابن حجر (1/ 144 - 160).

(3)

السياسة الشرعية (ص23). ') ">

(4)

الطرق الحكمية لابن القيم (ص17). ') ">

ص: 88

أي: قتل النفس والغلول- ورأى الإمام المصلحة في عدم الصلاة عليه، فإنه لا يصلي عليه " (1)

وقال أيضًا: " ولو قال قائل: أفلا ينبغي أن يعدى هذا الحكم إلى أمير كل قرية أو قاضيها أو مفتيها، أي من يحصل بامتناعه النكال (2) هل يتعدى الحكم إليهم؟

الجواب: نعم يتعدى الحكم إليهم، فكل من في امتناعه عن الصلاة نكال، فإنه يسن له ألا يصلي على الغال، ولا على قاتل نفسه " (3)

وسئل ابن باز (4) هل قاتل نفسه يغسل ويصلى عليه؟. فأجاب: قاتل نفسه يغسل ويصلى عليه ويدفن مع المسلمين؛ لأنه عاص وهو ليس بكافر؛ لأن قتل النفس معصية وليس بكفر.

(1) الشرح الممتع على زاد المستقنع (5/ 443). ') ">

(2)

النكال: من النكل- بالكسر- وهو القيد. يقال: نكل به تنكيلا إذا جعل نكالًا وعبرة لغيره. ويقال: نكلت بفلان، إذا عاقبته في جرم عقوبة تنكل غيره عن ارتكاب مثله. (الصحاح 5/ 129، لسان العرب 14/ 237).

(3)

الشرح الممتع على زاد المستقنع (5/ 442). ') ">

(4)

هو عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الرحمن بن باز، ولد بمدينة الرياض سنة 1330 هـ، فقد بصره بسبب مرض أصيب به في عينه. تبحر في العلوم الشرعية، وتولى عدة مناصب كان آخرها مفتي المملكة العربية السعودية. توفي سنة 1420 هـ بالطائف، ودفن بمكة. (إمام العصر لناصر الزهراني ص9 - 14).

ص: 90

وإذا قتل نفسه -والعياذ بالله- يغسل ويكفن ويصلى عليه، لكن ينبغي للإمام الأكبر ولمن له أهمية أن يترك الصلاة عليه من باب الإنكار؛ لئلا يُظَن أنه راض عن عمله، والإمام الأكبر أو السلطان أو القضاة أو رئيس البلد أو أميرها إذا ترك ذلك من باب إنكار هذا الشيء وإعلان أن هذا خطأ فهذا حسن، ولكن يصلي عليه بعض المصلين (1)

وترك الصلاة على الفساق من الولاة الأئمة لا يعني أن يتركوا الدعاء والاستغفار لهم في الباطن، بل هذا أمر مطلوب؛ لأنهم من جملة المسلمين.

قال ابن تيمية: " ومن مات وكان لا يزكي ولا يصلي إلإ في رمضان، ينبغي لأهل العلم والدين أن يَدَعوا الصلاة عليه؛ عقوبة ونكالاً لأمثاله؛ لتركه صلى الله عليه وسلم الصلاة على القاتل نفسه وعلى الغال والمدين الذي له وفاء ولا بد أن يصلي عليه بعض الناس

ومن امتنع من الصلاة على أحدهم زجرًا لأمثاله عن مثل فعله كان حسنًا، ومن صلى على أحدهم يرجو رحمة الله، ولم يكن في امتناعه مصلحة راجحة كان حسنًا، ولو امتنع في الظاهر ودعا له في الباطن ليجمع بين المصلحتين كان أولى من تفويت إحداهما "

(1) مجموع فتاوى الشيخ ابن باز (13/ 122). ') ">

ص: 91

ولا شك أن هذه السياسة الشرعية تدل على كمال الشريعة الإسلامية، وتضمنها لغاية مصالح العباد في المعاش والمعاد، فكانت شريعة الله رحمة للعالمين.

فالحمد لله على ما أنعم به من الهداية إلى شرعه الحكيم، وصراطه المستقيم.

ص: 92