الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لتكون بين أيدي الناس وفي متناولهم، ورغبوا الناس في الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء بهذه الأدعية في أقوال نُقلت عنهم (1)
وإن ذكر أهمية الأدعية المأثورة لا يعني عدم جواز الدعاء بغير الأدعية المأثورة، متى سلم من المحاذير الشرعية، كالدعاء بإثم أو قطيعة رحم، أو أن يحافظ الداعي على دعاء معين يتخذه سنة راتبة، أو كان في الدعاء شرك أو نحو ذلك (2) وسلم من الاعتداء في الدعاء
(1) ينظر أقوال العلماء في الترغيب بالأدعية المأثورة في: شأن الدعاء، للخطابي ص 2، مجموع الفتاوى، لابن تيمية 1/ 346، 22/ 510، الفتاوى الكبرى، لابن تيمية 2/ 214، جامع العلوم والحكم، لابن رجب الحنبلي، 101، مدارج السالكين، لابن القيم 1/ 78، الفوائد، لابن القيم 1/ 192.
(2)
وللتوسع في الأدعية غير المشروعة ينظر: مجموع الفتاوى، لابن تيمية 22/ 511، بدائع الفوائد، لابن القيم 3/ 524، الدعاء وأحكامه الفقهية، للمهيزع 81.
المبحث الأول: الأدعية المأثورة ومقاصد الشريعة
.
المطلب الأول: معنى مقاصد الشريعة، وأقسامها:
أولاً: معنى مقاصد الشريعة:
1 -
معنى مصطلح " مقاصد الشريعة " باعتباره مركبًا إضافيًّا: وهو مركب من كلمتين، "مقاصد" و "الشريعة": أما كلمة "مقاصد" فهي في اللغة: جمع "مَقْصَد" والمقصد: مصدرٌ مِيمِي مُشْتَقٌّ من قَصَدَ، وله معان كثيرة، منها: الاعتماد، والأَمّ، وإتيان الشيء، تقول: قصد الحجاجُ البيتَ الحرام، إذا أَمّوا تلك الجهة واعتمدوها، ومنها: استقامة الطريق، يقال: طريق قاصد، أي: سهل مستقيم، ومنها: العدل والتوسط، كقوله تعالى {وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ} (1)
وفي الاصطلاح: المقاصد: هي الأهداف والغايات المرادة من تشريع الأحكام (2)(3)
وأما كلمة "الشريعة" فهي في اللغة: "فَعِيلة" من شَرَعَ يَشْرَعُ شَرْعًا، والشَّريعةُ والشِّرَاعُ والمَشْرَعَةُ المواضعُ التي يَنْحَدِر إلى الماء منها، فهي مَوْرِدُ الشَّارِبة، وهي الدين والملة والمنهاج والطريقة (4)
وفي الاصطلاح: ما سنَّه الله من الأحكام، وأنزله على نبي من
(1) ينظر مادة "قصد" في: مقاييس اللغة، لابن فارس 5/ 95، لسان العرب، لابن منظور 3/ 353، القاموس المحيط للفيروز آبادي 396.
(2)
ينظر: علم مقاصد الشارع، للربيعة 20.
(3)
ينظر: علم مقاصد الشارع، للربيعة 20. ') ">
(4)
ينظر: الصحاح، للجوهري 3/ 1236، لسان العرب، لابن منظور 8/ 175، القاموس المحيط، للفيروز آبادي 946. ') ">
أنبيائه (1)
2 -
معنى مصطلح "مقاصد الشريعة" باعتباره لقبًا: وبهذا الاعتبار ذكر له العلماء عددا من المعاني، منها:
أ- هي المعاني والحكم الملحوظة للشارع في جميع أحوال التشريع أو معظمها. بحيث لا تختص ملاحظتها بالكون في نوع خاص من أحكام الشريعة (2)
ب- وقريب من ذلك قولهم: هي المعاني والحِكَم ونحوها التي راعاها الشارع في التشريع عمومًا وخصوصًا، من أجل تحقيق مصالح العباد (3)
والمراد بـ "عمومًا وخصوصًا": المقاصد العامة والخاصة: والمقاصد العامة: هي ما راعاه الشارع في أحكام الشريعة عامةً من حِكَم ومقاصد تجتمع عليها جميع الأدلة أو أكثرها.
والمقاصد الخاصة: هي الحِكَم أو العلل التي قصدها الشارع في كل حُكم من الأحكام (4)
(1) ينظر: التعريفات، للجرجاني 167، أنيس الفقهاء، للقونوي 309، كشاف اصطلاحات الفنون، للتهانوي 2/ 759. ') ">
(2)
ينظر: مقاصد الشريعة الإسلامية، لابن عاشور 15. ') ">
(3)
ينظر: مقاصد الشريعة الإسلامية، لليوبي 37. ') ">
(4)
ينظر: المرجع نفسه 38. ') ">
ومقاصد الشريعة تنقسم إلى أقسام عدة، باعتبارات متعددة (1) ويهمنا في هذا البحث ذكر أقسامها باعتبار المصالح التي جاءت بالمحافظة عليها، وهي بهذا الاعتبار تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: المقاصد الضرورية: وهي ما ((لا بد منها في قيام مصالح الدين والدنيا، بحيث إذا فقدت لم تجر مصالح الدنيا على استقامة، بل على فساد وتهارج وفوت حياة، وفي الأخرى فوت النجاة والنعيم والرجوع بالخسران المبين)) (2)
والمصالح الضرورية بهذا المفهوم لا يستقيم نظام الأمة وأفرادها إلا بتحصيلها، بحيث إذا انخرمت تؤول حال الأمة إلى الفساد، ولا تكون على الحالة التي أرادها الشارع منها (3) وبالنظر إلى الواقع، وعادات الشرائع، والاستقراء، حصرت المقاصد الضرورية في خمسة أنواع: حفظ الدين، وحفظ النفس، وحفظ العقل، وحفظ النسل، وحفظ المال (4)
(1) ينظر في هذه التقسيمات: مقاصد الشريعة الإسلامية لابن عاشور 300، مقاصد الشريعة الإسلامية، لليوبي 385، 351، 179.
(2)
الموافقات، للشاطبي 2/ 8، وينظر: البرهان في أصول الفقه، للجويني 2/ 602، المحصول، للرازي 5/ 220. ') ">
(3)
ينظر: مقاصد الشريعة الإسلامية، لابن عاشور 79. ') ">
(4)
ينظر: المحصول، للرازي 5/ 220، الموافقات، للشاطبي 1/ 38، التقرير والتحبير، لابن أمير الحاج 3/ 144، شرح الكوكب المنير، للفتوحي 4/ 195.
القسم الثاني: المقاصد الحاجية: وهي ما كان مفتقرا ((إليها من حيث التوسعة ورفع الضيق المؤدي في الغالب إلى الحرج والمشقة اللاحقة بفوت المطلوب، فإذا لم تراع دخل على المكلفين على الجملة الحرج والمشقة، ولكنه لا يبلغ مبلغ الفساد العادي المتوقع في المصالح العامة)) (1)
والمقصود من المقاصد الحاجية: رفع الحرج عن المكلفين، وحماية الضروريات، وخدمتها، وذلك بتحقيق صلاحها وكمالها (2)
القسم الثالث: المقاصد التحسينية: وهي الأخذ بما يليق من محاسن العادات، وتجنب الأحوال المدنسات التي تأنفها العقول الراجحات، ويجمع ذلك قسم مكارم الأخلاق (3)
والمقاصد التحسينية حامية للمقاصد الحاجية، وخادمة للمقاصد الحاجية والضرورية.
فالمقاصد الحاجية والتحسينية -إذن- يقصد منها بالدرجة الأولى حماية المقاصد الضرورية والحفاظ عليها، إما مقدمة لها، أو مقارنة لها،
(1) الموافقات، للشاطبي 2/ 11. ') ">
(2)
ينظر: المرجع نفسه 2/ 16 - 18، مقاصد الشارع، للربيعة 135 - 136. ') ">
(3)
ينظر: الموافقات، للشاطبي 2/ 11، المحصول، للرازي 5/ 222، الإبهاج، للسبكي 3/ 56. ') ">