الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ج- أرشد النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه إلى أن من الشرك ما يكون أخفى من دبيب النملة، ووجههم إلى دعاء يذهب الله به عنهم صغار الشرك وكباره، وهو:«اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم» (1) فالشرك قد يكون خفيًّا، وربما وقع فيه العبد بغير علمه، وهذا يوجب شدة الحذر منه، مع الاعتصام بالله تعالى والالتجاء إليه ليعصمه منه (2)
(1) أخرجه البخاري في الأدب المفرد 1/ 250 رقم 716، وصححه الألباني.
(2)
ينظر: فيض القدير، للمناوي 4/ 173، مدارج السالكين، لابن القيم 1/ 273، فقه الأدعية والأذكار، للبدر 2/ 50 2.
المطلب الثاني: طلب صيانة الدين، وتلافي النقصان الطارئ في أصله، والحماية من الفتن التي تضر به
.
ومن الأدعية الواردة في ذلك:
أ- ما أثر من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه:«اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي .. » (1) والعفو: محو الذنوب وسترها وترك العقاب عليها (2)(3) وأما سؤال العافية في الدين؛ فهو طلب الوقاية من كل أمر يشين الدين ويخل به (4)
(1) أخرجه أبو داود في سننه، الأدب، باب ما يقول إذا أصبح 2/ 738 رقم 5074، وصححه الألباني.
(2)
النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير 3/ 524.
(3)
النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير 3/ 524. ') ">
(4)
ينظر: عون المعبود، للعظيم آبادي 4/ 249، فقه الأدعية والأذكار، للبدر 2/ 31، شرح حصن المسلم، مجدي الأحمد 168.
كالسلامة من المعاصي والابتداع وترك ما يجب، والتساهل في الطاعات، وفي البدن طلب الوقاية من سيئ الأسقام وشدة المحنة (1)
ب- وأرشد النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين إلى أن يلتجئوا إلى الله، ويطلبوا منه العفو والعافية ليعصمهم من الفتن، فقال صلى الله عليه وسلم:«سلوا الله العافية» (2) من كل ما فيه شر، وأول ذلك وأولاه الذنوب.
وجاء في آخر الحديث: «ثم بكى» (3) أي النبي صلى الله عليه وسلم، وقال بعض العلماء: إنما بكى لأنه علم وقع أمته في الفتن، وسيطرة الشهوة والحرص على جمع المال وتحصيل الجاه (4)
ج– ومما ورد في دعاء القنوت: «ولا تجعل مصيبتنا في ديننا» (5) أي: يا رب لا تصبنا بما ينقص ديننا ويذهبه من اعتقادٍ سيئ أو تقصيرٍ في الطاعة أو فعل محرم؛ لأن المصيبة في الدين أعظم المصائب (6) وكان النبي صلى الله عليه وسلم حذرا من ذلك، فقد جاء في الحديث السابق، أن النبي
(1) ينظر: سبل السلام، للصنعاني 1/ 240. ') ">
(2)
أخرجه البخاري في صحيحه، الجهاد والسير، باب كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا لم يقاتل أول النهار أخر القتال حتى تزول الشمس 3/ 1082 رقم 2804.
(3)
صحيح البخاري الْجِزْيَةِ (3168)، صحيح مسلم الْوَصِيَّةِ (1637).
(4)
ينظر: تحفة الأحوذي، للمباركفوري 10/ 3. ') ">
(5)
أخرجه الترمذي في سننه، صفة الصلاة 5/ 528 رقم 3502. وحسنه الألباني.
(6)
ينظر: تحفة الأحوذي، للمباركفوري 9/ 334. ') ">
صلى الله عليه وسلم قلما كان يقوم من مجلس حتى يدعو بهؤلاء الدعوات لأصحابه، ويصور الشاعر عظم المصيبة في نقص الدين، فيقول:
وكلُّ كَسْرٍ فإنّ الدِّين يَجْبُرُ
…
هـ وما لكَسْر الدين جُبْرَانُ (1)
د- ومن الأدعية الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة «اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا، وفتنة الممات» (2) ففي هذا الدعاء التجاء إلى الله أن يعصم الداعي من جميع الفتن، فربا يعرض للإنسان في حياته من الافتنان بالدنيا والشهوات والجهالات، مما يضر دينه أو بدنه أو دنياه، وأعظم الفتن -والعياذ بالله- أمر الخاتمة عند الموت، أو المراد: الابتلاء في الدنيا مع زوال الصبر (3)
هـ- ويرشدنا بعض الصحابة قائلا: تعوذوا بكلماتٍ كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوذ بهن، ومنها:«وأعوذ بك من فتنة الدنيا» (4) قال العلماء: " أراد صلى الله عليه وسلم
(1) هذا البيت قاله البستي في قصيدته عنوان الحكم 43. ') ">
(2)
أخرجه البخاري في صحيحه، صفة الصلاة، باب الدعاء قبل السلام 1/ 286 رقم 798.
(3)
ينظر: عون المعبود، للعظيم آبادي 3/ 192، نيل الأوطار، للشوكاني 2/ 330، فقه الأدعية والأذكار، للبدر 2/ 161.
(4)
أخرجه البخاري في صحيحه، الدعوات، باب الاستعاذة من أرذل العمر ومن فتنة الدنيا وفتنة النار 5/ 2343 رقم 6013.