الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث
أخذ أحد الزوجين زكاة الآخر بغير وجه الصدقة ممن أخذها وهو من أهلها
إذا دفع أحد الزوجين زكاته إلى من يستحقها من أهل الزكاة، ثم إن الآخذ للزكاة تصرف فيها بأن باعها أو أهداها ونحو ذلك إلى الزوج (1) أو الزوجة من غير شرط، فحينئذ يجوز قبولها وأخذها (2) (3) ويدل لذلك ما يلي:
الدليل الأول:
ما ورد عن أم عطية الأنصارية رضي الله عنها قالت: «دخل النبي صلى الله عليه وسلم على عائشة رضي الله عنها فقال: هل عندكم شيء، فقالت: لا إلا شيء بعثت به إلينا نسيبة من الشاة التي بعثت بها إليها من الصدقة، فقال: إنها قد بلغت محلَّها» (4)
الدليل الثاني:
عن عائشة رضي الله عنها أنه كان «تُصُدِّقَ على بريرة (5) من لحم
(1) تقدم أن دفع الزوجة زكاتها إلى زوجها محل خلاف بين الفقهاء، وأن الراجح هو جواز دفعها إلى الزوج وبحث المسألة هنا في جانب الزوج هو من وجهة نظر القائلين بالمنع.
(2)
كشاف القناع 2/ 294، المغني 4/ 109، المنتقى للباجي 2/ 151، 4/ 56، فتح الباري 3/ 418، 5/ 242.
(3)
كشاف القناع 2/ 294، المغني 4/ 109، المنتقى للباجي 2/ 151، 4/ 56، فتح الباري 3/ 418، 5/ 242. ') ">
(4)
تقدم تخريجه في المطلب الأول من المبحث الثاني.
(5)
هي: بريرة مولاة عائشة رضي الله عنها، وكانت مولاة لأناس من الأنصار فكاتبوها ثم باعوها من عائشة رضي الله عنها فأعتقتها وكانت تخدم عائشة قبل أن تشتريها.
الصدقة، فأهدت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقيل له: إنه من لحم الصدقة، فقال: إنه لها صدقة ولنا هدية» (1)
وجه الاستدلال من الدليلين:
أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل مما تصدق به على أم عطية وبريرة، فدلّ ذلك على أنّ المحتاج إذا تصدِّق عليه بشيء فإنه يملكه ويصير كسائر ما يملكه، فله أن يهديه أو يبيعه ونحو ذلك كما يتصرف في سائر أمواله بلا فرق، ولو ترتب على ذلك أن يأخذ أحد الزوجين مثلاً زكاة الآخر ممن أخذها وهو من أهلها عن طريق البيع أو الإهداء ونحو ذلك (2) قال الباجي (3) رحمه الله: " .. فإذا بلغت محلها وصارت بيد من تصدق بها عليه جاز أن يهديها إليه مَنْ قبضها وتصدق بها عليه أو يبيعها منه أو يصيرها إليه بغير وجه الصدقة، ولو كان ما
(1) أخرجه البخاري في صحيحه 488 (2578) ك: الهبة، باب قبول الهدية، ومسلم في صحيحه 415 (1075) ك: الزكاة باب إباحة الهدية للنبي صلى الله عليه وسلم ولبني هاشم وبني المطلب وإن كان المهدي ملكها بطريق الصدقة.
(2)
شرح النووي على صحيح مسلم 7/ 187، كشاف القناع 2/ 294، عون المعبود 5/ 44، 45، 73 وينظر: زاد المعاد 2/ 17.
(3)
هو: أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي الأندلسي المالكي، فقيه، محدث، أصولي، صنف كتبًا كثيرة وتوفي سنة 474 هـ بالأندلس.
تصدق به مرة ثبت له حكم الصدقة أبدًا لما جاز للفقير إذا تصدق عليه بشيء أن يبيعه من غني بل لا خلاف بين المسلمين أنها تنتقل عن حكم الصدقة إلى حكم البيع والهبة والميراث، فيرثها الغني عن مورثه الفقير وتصير إليه عنه بالهبة وغير ذلك من أنواع التمليك، ولا يكون لشيء من ذلك حكم الصدقة وإنما له حكم الوجه الذي نقل آخرًا. وبالله تعالى التوفيق "
الدليل الثالث:
ما ورد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة: لغاز في سبيل الله، أو لعامل عليها، أو لغارم (1) أو لرجل اشتراها بماله، أو لرجل كان له جار مسكين فتصدق على المسكين فأهداها المسكين للغني» (2)
وجه الاستدلال:
أن الغني يحرم دفع الزكاة إليه، ومع ذلك يجوز له أن يأخذها إذا حصلت له بسبب آخر غير التصدق كالشراء والهدية ونحو ذلك؛ لأنه قد زال عنها حكم الصدقة، فكذلك الزوج أو الزوجة يحرم على كل منهما أخذ زكاة
(1) المراد بالغارم هنا: الرجل الذي يتحمل الحمالة لإصلاح ذات البين وإن كان غنيًّا فيعطى من الزكاة ما يقضي به دينه، وأما الغارم لنفسه فلا يدخل في هذا الغني لأنه من جملة الفقراء. ينظر: معالم السنن للخطابي 2/ 64.
(2)
أخرجه أبو داود في سننه 2/ 197 (1636) ك: الزكاة، باب من يجوز له أخذ الصدقة وهو غني، وابن ماجه في سننه 1/ 589، 590 (1841) ك: الزكاة، باب من تحل له الصدقة، وأحمد في مسنده 18/ 96، 97 (11538) وصححه شعيب الأرناؤوط في تعليقه، والحاكم في مستدركه 1/ 564 (1481) ك: الزكاة، وقال: **هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه** ووافقه الذهبي في تلخيص، والبيهقي في سننه 7/ 15 ك: الصدقات باب العامل على الصدقة يأخذ منها بقدر عمله وإن كان موسرًا، وصححه ابن الملقن في البدر المنير 7/ 382، والألباني في إرواء الغليل 3/ 377.