الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إماما، فتشبيها بإمام الصلاة في اتباعه والاقتداء به؛ ولهذا يقال: الإمامة الكبرى، وأما تسميته خليفة؛ فلكونه يخلف النبي صلى الله عليه وسلم في أمته، فيقال: خليفة بإطلاق، وخليفة رسول الله
المطلب الثالث: التعريف بالفسق، وبيان الصفات الموجبة له
.
وفيه فرعان:
الفرع الأول: التعريف بالفسق.
الفرع الثاني: الصفات الموجبة للفسق.
الفرع الأول: التعريف بالفسق:
أولاً: تعريف الفسق لغة: الفسق والفسوق: مصدران لقولهم: فَسق يفسُق ويفسِق، بمعنى الخروج عن الطاعة. يقال: فسقت الرطبة، إذا خرجت عن قشرها (1)
وفي تاج العروس: " الفِسْق- بالكَسْر- التَّرْكُ لأمْر الله عز وجل، والعِصْيانُ، والخُروجُ عن طَريق الحَقِّ سبحانَه .. أو هو الفُجُورُ كالفُسوقِ- بالضَّمِّ- وقيل: هو المَيْلُ إلى المَعْصِيَة .. والفِسْقُ يقعُ بالقَليلِ من الذُّنُوبِ وبالكَثيرِ، ولكِن تُعورِفَ فيما كانَ بكَثيره، وأكثرُ ما يُقالُ الفاسِقُ لمَنْ التَزَم
(1) تهذيب اللغة للأزهري (8/ 315)، لسان العرب لابن منظور (10/ 308)، تاج العروس للزبيدي (26/ 302). القاموس المحيط للفيروز آبادي (1/ 1185).
حُكْمَ الشّرع وأقرّ بهِ ثم أخلّ بجَميعِ أحكامِه أو ببَعْضِها، وإذا قيل للكافِر الأصل فاسِق؛ فلأنّه أخَلّ بحُكمِ ما ألزمَه العَقل واقتَضَتْه الفِطْرَةُ " (1)(2)
وقيل: الفسق أصله: خروج الشيء من الشيء على وجه الفساد (3)
وسُمي الفاسق بهذا؛ لانسلاخه عن الخير (4)
ثانيًا: تعريف الفسق اصطلاحًا:
تبين من التعريف اللغوي للفسق، إطلاقه على الخروج عن الطاعة، وهو في الاصطلاح الشرعي: الخروج عن طاعة الله بارتكاب كبيرة من كبائر الذنوب، أو الإصرار على صغيرة.
فمن قارف كبيرة ولو واحدة، أو أصر على صغيرة من نوع واحد، أو على صغائر مختلفة، فسق وسقطت عدالته.
الفرع الثاني: الصفات الموجبة للفسق.
تقدم أن الفسق هو الخروج عن طاعة الله تعالى. ولم يخل العمل المخرج عن هذه الطاعة من أن يكون بالجوارح أو بالاعتقاد.
قال ابن قدامة (5) " الفسوق نوعان: أحدهما من حيث الأفعال ..
(1) تاج العروس (26/ 302). وانظر: تهذيب اللغة (8/ 315)، لسان العرب (10/ 308)، القاموس المحيط (1/ 1185).
(2)
تاج العروس (26/ 302). وانظر: تهذيب اللغة (8/ 315)، لسان العرب (10/ 308)، القاموس المحيط (1/ 1185). ') ">
(3)
المصباح المنير للفيومي (2/ 473). ') ">
(4)
تاج العروس (26/ 302)، القاموس المحيط (1/ 1185). ') ">
(5)
هو أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة الجماعيلي ثم الدمشقي موفق الدين، ولد سنة 541 هـ، من محققي مذهب الحنابلة، من مؤلفاته: المقنع، الكافي. توفي سنة 620 هـ. (سير أعلام النبلاء 22/ 165 - 173، المنهج الأحمد 4/ 148 - 165).
والثاني من جهة الاعتقاد " (1)
وقال ابن القيم: " وهو قسمان: فسق من جهة العمل، وفسق من جهة الاعتقاد "(2)
وبيان ذلك في مسألتين:
المسألة الأولى: الفسق بالأفعال والأقوال.
سبق تعريف الفسق اصطلاحًا بأنه: الخروج عن طاعة الله بارتكاب كبيرة من كبائر الذنوب، أو الإصرار على صغيرة.
فما هي الكبيرة؟ وما هي الصغيرة؟ وما حقيقة الإصرار على الصغيرة؟
الكبيرة هي: كل ذنب قرن به وعيد، أو حد في الدنيا، أو لعن.
ومن أمثلة الكبائر الفعلية: السرقة، وشرب الخمر، والزنى، والربا، وأكل مال اليتيم، وقتل النفس.
(1) المغني (10/ 168). ') ">
(2)
مدارج السالكين (1/ 361). ') ">
والكبائر القولية مثل: الكذب، والقذف، وشهادة الزور، والنميمة، والغيبة.
والصغيرة: تطلق على الذنب الذي لم يرد فيه وعيد، أو حد، أو لعن.
مثل النظرة المحرمة، واللمسة المحرمة.
وحقيقة الإصرار على الصغيرة: هو الإقدام على الذنب مع العزم على معاودته، ثم تكراره (1)
فالإصرار على الصغائر يصيرها كبائر؛ إذ لا صغيرة مع الإصرار، ولا كبيرة مع الاستغفار (2)
والفاسق هو: المرتكب للكبيرة، أو المصر على صغيرة.
ومحل البحث: الفاسق الذي فعل كبيرة من الكبائر، كالقتل
(1) انظر: فتح القدير لابن الهمام (7/ 412)، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (1/ 263)، روضة الطالبين للنووي (11/ 225)، شرح الزركشي على الخرقي (7/ 331)، الكليات للكفوي (ص 674)، الزواجر عن اقتراف الكبائر لابن حجر الهيتمي (1/ 13 - 19).
(2)
انظر: التفسير الكبير (23/ 156)، تفسير السمعاني (2/ 412)، بدائع الصنائع للكاساني (6/ 270)، عمدة القاري (3/ 116)، الموافقات للشاطبي (1/ 132).
والغلول (1) والزنى.
المسألة الثانية: الفسق بالاعتقاد.
يُقصد بفسق الاعتقاد، اعتقاد البدعة (2)
قال ابن القيم: " وفسق الاعتقاد: كفسق أهل البدع الذين يؤمنون بالله ورسوله واليوم الآخر، ويحرمون ما حرم الله، ويوجبون ما أوجب الله، ولكن ينفون كثيرا مما أثبت الله ورسوله، جهلا وتأويلا، وتقليدا للشيوخ، ويثبتون ما لم يثبته الله ورسوله كذلك "(3)
والبدعة لغة: اسم من الابتداع، يقال: ابتدع الشيء وأبدعه، إذا استخرجه وأحدثه، واخترعه لا على مثال.
وقيل لمن خالف السنة مُبْتَدِع؛ لأنه أحدث في الإسلام ما لم يسبقه إليه السَّلَف (4)
والبدعة في الاصطلاح: عرّفت بتعريفات عدة، كلها ترجع إلى الإحداث في الدين.
(1) قال ابن الأثير: الغلول في الحديث: هو الخيانة في المغنم، والسرقة من الغنيمة قبل أن تقسم، وكل من خان في شيء خفية، فقد غل. (النهاية لابن الأثير 3/ 380).
(2)
المغني (10/ 168). ') ">
(3)
مدارج السالكين (1/ 361). ') ">
(4)
تهذيب اللغة للأزهري (2/ 143)، الصحاح (3/ 1183)، القاموس المحيط (3/ 5). ') ">
فمن هذه التعريفات:
1 -
طريقة في الدين مخترعة، تضاهي الشرعية، يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه (1)
2 -
البدعة هي: الفعلة المخالفة للسنة، وهي الأمر المحدث الذي لم يكن عليه الصحابة والتابعون، ولم يكن مما اقتضاه الدليل الشرعي (2)
3 -
إحداث ما لم يكن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم (3)
والبدعة على نوعين: بدعة مفسقة، وبدعة مكفرة.
قال ابن عقيل: " أهل البدع على ضربين: من يُحكم بفسقه ولا يُحكم بكفره، وهم العامة الذين يعتقدون البدع تقليدًا، أو مهاواة بغير علم، ولا يستدلون عليها، ولا يدعون إليها، ومن خالف في أصل ليس فيه دليل مقطوع به، مثل أن يثبت بخبر واحد، أو قول صحابي، ونحو ذلك.
والثاني: من يُحكم بكفره، وهم كل من خالف في أصل فيه دليل مقطوع به، مثل نص الكتاب والسنة المتواترة، وأدلة العقول "
والذي يتناوله البحث هو النوع الأول، البدعة المفسقة.
(1) الاعتصام للشاطبي (ص37). ') ">
(2)
التعريفات للجرجاني (ص62). ') ">
(3)
تهذيب الأسماء واللغات للنووي (3/ 20). ') ">