الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخاتمة
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، أما بعد:
فمن خلال التطواف بين مباحث هذا البحث ومسائله حددنا المراد بالأدعية المأثورة وحصرناها في الأدعية الواردة في القرآن الكريم والسنة النبوية التي يحتج بها؛ إذ هما مصدرا التشريع، وأشرت إلى أهمية الأدعية المأثورة؛ وأيدت ذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم يعلمها أهله وأصحابه رضي الله عنهم، وعلّمها أصحابه لمن بعدهم، واعتنى بها العلماء قديمًا وحديثًا، وألفوا فيها المؤلفات الكثيرة، ثم بينت أن المراد بمقاصد الشريعة: ما راعاه الشارع في التشريع عمومًا وخصوصًا من مصالح العباد، وما يفضي إليها مما يجلب لهم نفعًا أو يدفع عنهم ضررًا؛ وهي تنقسم باعتبار المصالح التي جاءت بالمحافظة عليها إلى ضروريات وحاجيات وتحسينيات، وقد جاءت الشريعة بحفظها من جانب الوجود، وذلك بحفظ ما يقيم أركانها ويثبت قواعدها، ومن جانب العدم، بدرء أسباب الاختلال الواقع أو المتوقع فيها.
والآن نختم بأهم النتائج التي توصل إليها هذا البحث، وهي:
-بالأدعية المأثورة ييسر الله للعباد مصالحهم في العاجل والآجل، فهم مفتقرون إلى ربهم، ومحتاجون إلى الاطراح بين يديه كل حين، في
السراء والضراء، يتضرعون إليه ليحفظ لهم دينهم، وأنفسهم، وأموالهم وعقولهم، ونسلهم وأعراضهم، وعلى المكلف أن يكون قصده في ذلك موافقًا لقصد الشارع.
-بتتبع الأدعية المأثورة تبين لي أن لها علاقة واضحة بحفظ مقاصد الشريعة، وقد ذكرت أمثلة تبين هذه العلاقة، وأطلت النفَس في بيان علاقة هذه الأدعية بمقصد حفظ الدين بشكل خاص مع التمثيل لذلك. وفي ذلك تأكيد لما يذكره العلماء من أن تكاليف الشريعة ترجع إلى حفظ مقاصدها في الخلق، وقد كان هناك تركيز على نوع من هذه التكاليف لم يتعرض له أولئك العلماء عند تأصيلهم لمقاصد الشريعة، ولم ترد له أمثلة في كتبهم، مع قوة علاقته بحفظ مقاصد الشريعة، كما تبين من هذا البحث.
-حافظت الشريعة على الدين من جانب الوجود، وذلك بحفظ ما يقيم أركانه ويثبت قواعده من خلال شعيرة الدعاء المأثور، وذلك بسؤال الله تعالى الهداية إلى الإيمان والدين الصحيح، والاستقامة عليه، والدعوة إليه، وحمده تعالى على ذلك، والخضوع إليه سبحانه بأن يوفق الداعي إلى طاعته وأن يتقبلها منه، وأن يسخر له وسائل طلب العلم الشرعي الذي يكون سبيلاً للهداية إلى الدين، ثم سؤال الله الجنة وما يقرب إليها من قول أو عمل.
-كما حافظت الشريعة على الدين من جانب العدم، وذلك بدرء
أسباب الاختلال الواقع أو المتوقع فيه، فوردت أدعية تضمنت توسلاً من العبد إلى ربه أن يحفظه من الكفر ومن الشرك، وأن يصون دينه من أي نقصان طارئ في أصله، وأن يحميه من الفتن التي تضر به، كما وردت أدعية يستجير فيها الداعي بالله تعالى من التكاسل عن فعل الطاعات أو التهاون بها، ويتضرع إليه أن يعصمه من المعاصي التي تؤدي به إلى النار، كما شرع للعباد أن يطلبوا من مولاهم الهداية إلى التوبة والإنابة إليه وطلب مغفرة الخطايا ومحو السيئات؛ ليصبح العبد طاهرًا نقيًّا.
وفي إيضاح العلاقة بين الأدعية المأثورة وحفظ مقاصد الشريعة تأكيد على أهمية الأدعية المأثورة في حياة المسلم، وحث على الإقبال عليها، وحادٍ له إلى تحقيق العبودية الحقة لله تعالى في أحواله كلها.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.