‌ ‌أوجز العبارة في حكم الإشارة لفضيلة الدكتور: فهد بن عبد الرحمن - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٩٥

‌

‌أوجز العبارة في حكم الإشارة

لفضيلة الدكتور: فهد بن عبد الرحمن المشعل

‌

‌المقدمة:

الحمد لله رب العالمين حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضى، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على المبعوث رحمةً للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي نبينا محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة.

كلما تأخر الزمان كثر البعد عن نور النبوة، واحتاج الناس إلى قبسات العلم وهدي الدين، وإن مما رأيت في هذا الزمان اختلاف الناس في مسألة وضع السبابة في التشهد في الصلاة، فمنهم من يضعها ولا يرفعها، ومنهم من يرفعها عند الشهادتين فحسب، ومنهم من يرفعها مستمرًّا، ومنهم من يحركها، ومنهم من لا يحركها، ويقع كثيرًا الجدال في ذلك، فرغبت أن أكتب في هذا الموضوع بحثًا يجلي كل ذلك، ويبين

أقوال العلماء واستدلالاتهم، وأقرب آرائهم إلى الحق إن شاء الله تعالى.

وسميته "أوجز العبارة في أحكام الإشارة" وجمعت فيه كل أحكام الإشارة بالسبابة في التشهد في الصلاة.

أهمية الموضوع:

تظهر أهمية الموضوع في النقاط الآتية:

1 -

أن الإشارة بالسبابة رمز التوحيد وشعار الشهادة، وقرينة الإخلاص، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يشير بها في الصلاة وخارجها (1) وهي من أكثر المسائل التي وقع فيها الخلاف قديمًا وحديثًا، والبحث فيها يتجدد.

2 -

أن أكثر المصنفين في الحديث يفردون بابًا مستقلاًّ لمسألة "الإشارة في التشهد" كأبي داود والنسائي والترمذي وابن ماجه والدارمي والبيهقي وغيرهم مما يدل على أهميتها عندهم.

3 -

أن من المصنفين في الفقه من يحرم الإشارة في الصلاة بالسبابة (2)

ومنهم من يبطل بها الصلاة جملة (1) ومنهم من يجعل تحريكها لمزًا لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله تعالى- رغم أن كل ذلك جاء في سنة المصطفى- صلى الله عليه وسلم. (2)

4 -

أني لم أجد من المعاصرين من أفرد هذا الموضوع ببحث مستقل.

مخطط البحث:

يتكون هذا البحث من مقدمة، وتمهيد، وأربعة مباحث، وخاتمة.

التمهيد/ ففي تعريف الإشارة والألفاظ ذات الصلة.

المباحث:

المبحث الأول: حكم الإشارة بالسبابة في التشهد.

المبحث الثاني: موضع الإشارة بالسبابة في التشهد.

المبحث الثالث: التحريك مع الإشارة بالسبابة.

المبحث الرابع: جهة الإشارة بالسبابة.

الخاتمة: وفيها أهم النتائج.

منهج البحث:

قد سلكت لإخراج هذا البحث منهجًا وسطًا بين التطويل والإيجاز، وقد حرصت فيه على:

1 -

استقصاء مذاهب أهل العلم وأدلتهم مستقاةً من مراجعهم الأصلية.

2 -

عزو الآيات الكريمات، وتخريج الأحاديث الشريفة، مبينا درجة الحديث من غير الصحيحين.

3 -

ذكر وجه الاستدلال من كل دليل، وما نوقش به وما يجاب ما وجدت ذلك.

ثم أذكر الراجح من أقوالهم، ثم ختمت البحث بأهم النتائج.

وفي الختام أسأل الله تعالى أن يوزعنا أن نشكر نعمته علينا وأن نعمل صالحًا يرضاه، وأن يصلح نياتنا وذرياتنا إنه سميع قدير. ثم أدعو كل من قرأ هذا البحث أن يسد ما فيه من الخلل:

وإن تجد عيبًا فسد الخللا

…

فجل من لا عيب فيه وعلا

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وسلام على المرسلين.

تمهيد في تعريف الإشارة والألفاظ ذات الصلة

1 -

الإشارة:

مصدر أشار يشير يقال: أشار إليه باليد، أومأ، وأشار بالنار رفعها والإشارة: التلويح بشيء يفهم منه ما يفهم من النطق (1)(2)

2 -

السبابة:

هي الإصبع التي تلي الإبهام وتسمى المسبحة.

سميت سبابة لأنهم يشيرون بها إلى السب والمخاصمة (3)

3 -

القبض: خلاف البسط وهو جمع الكف على الشيء.

القاف والباء والضاد أصل واحد يدل على تجمع في شيء (4)

4 -

البسط: نقيض القبض، وبسط الشيء نشره. وبسط يده مدها منشورة (5)

5 -

النصب: وضع الشيء ورفعه وهو رفعك شيئًا تنصبه قائمًا، ونصبت الخشبة أقمتها (6)

التحريك: من الحركة وهي ضد السكون