الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِهِ وَحْيٌ (1)
وقد أطلق العلماء على السياسة بهذا المعنى اسم: السياسة الشرعية (2) أو الأحكام السلطانية (3)
ولما كانت السياسة بهذ المعنى أساس الحكم؛ لذا سميت أفعال رؤساء الدول، وما يتصل بالسلطة "سياسة"(4)
وهذه السياسة نوعان: سياسة ظالمة فالشريعة تحرمها. وسياسة عادلة تخرج الحق من الظالم الفاجر، فهي من الشريعة
(1) الطرق الحكمية لابن القيم (ص17). ') ">
(2)
كما فعل ابن تيمية في كتابه: السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية. ') ">
(3)
كما فعل الماوردي وأبو يعلى. ') ">
(4)
الموسوعة الفقهية الكويتية (25/ 295). ') ">
المبحث الأول: صلاة ولاة الأمر والأئمة على الفساق
.
تقدم نقل اتفاق الفقهاء على وجوب الصلاة على كل مسلم مات، وإن كان فاسقًا (1)(2)
قال القاضي عياض (3) " ولم يختلف العلماء في الصلاة على أهل
(1) انظر: (ص58 - 60).
(2)
انظر: (ص58 - 60). ') ">
(3)
هو أبو الفضل عياض بن موسى بن عياض اليحصبي، ولد سنة 496 هـ. أحد أئمة المالكية. من مصنفاته: ترتيب المدارك، الشفا. توفي سنة 544 هـ. (الديباج المذهب (ص270 - 273)، شجرة النور الزكية (1/ 140، 141).
الفسوق والمعاصي المقتولين في الحدود، وإن كره بعضهم ذلك لأهل الفضل " (1)(2)
هذا بالنسبة لعامة المسلمين، أما صلاة ولاة الأمر والأئمة على الفساق، فقد اختلف الفقهاء فيها على ثلاثة أقوال:
القول الأول: لا يصلي الإمام على الفسقة، سواء كان فسقهم
(1) إكمال المعلم (5/ 523). ') ">
(2)
يرى عمر بن عبد العزيز والأوزاعي- رحمهما الله- أنه لا يصلى على قاتل نفسه بحال؛ لأن من لا يصلي عليه الإمام لا يصلي عليه غيره، كشهيد المعركة. وبه قال بعض الحنفية:(بداية المجتهد لابن رشد 1/ 354، المغني 3/ 504، سبل السلام للصنعاني 2/ 99، فتح القدير لابن الهمام 2/ 150، البناية في شرح الهداية للعيني 3/ 328). وعند الحنفية لا يصلي على البغاة وقطاع الطريق، لا الإمام ولا غيره من المسلمين. قال الكاساني: وَلَا يُصَلَّى على الْبُغَاةِ وقُطَّاعِ الطَّرِيقِ عِنْدَنَا .. وَلَنَا ما رُوِيَ عن عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ لم يُغَسِّلْ أَهْلَ نَهْرَوَانَ، ولم يُصَلِّ عليهم، فَقِيلَ لَهُ: أَكُفَّارٌ هُمْ؟ فقال: لَا، وَلَكِنْ هُمْ إِخْوَانُنَا بَغَوْا عَلَيْنَا. أَشَارَ إلى تَرْكِ الْغُسْلِ والصَّلَاةِ عليهم؛ إِهَانَةً لهم لِيَكُونَ زَجْرًا لِغَيْرِهِمْ، وكان ذلك بِمَحْضَرٍ من الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم، ولم يُنْكِرْ عليه أَحَدٌ، فَيَكُونُ إِجْمَاعًا. (بدائع الصنائع 1/ 312). قلت: الإجماع المحكي فيه نظر؛ لأن الأثر المذكور عن علي رضي الله عنه، لم يعثر عليه. قال عنه الزيلعي: غريب، (نصب الراية 2/ 319). وقال ابن حجر: لم أجده. (الدراية في تخريج أحاديث الهداية 1/ 245). فالراجح ما عليه الجمهور.
بالاعتقاد، أو بارتكاب الكبائر، وكذا من قُتِل في حد أو في قصاص. وهو مذهب المالكية، ورواية عند الحنابلة (1)
القول الثاني: لا يصلي الإمام ومن يقوم مقامه على الغالّ، ولا على من قتل نفسه.
وهذا مذهب الحنابلة. وهو على الاستحباب، وقيل: على التحريم (2)
القول الثالث: يصلي الإمام على جميع الموتى، عدولاً كانوا أم فساقًا، وعلى المقتولين في الحدود والقصاص، والغالّين.
وهو ظاهر مذهب الحنفية، ومذهب الشافعية، ورواية عند الحنابلة اختارها ابن عقيل، ومذهب الظاهرية (3)
سبب الاختلاف:
يرجع سبب الاختلاف في هذه المسألة إلى أمرين:
(1) المعونة للقاضي عبد الوهاب (1/ 349)، الكافي لابن عبد البر (ص86)، الفروع لابن مفلح (1/ 559)، الإنصاف للمرداوي (2/ 510).
(2)
الفروع (1/ 559)، الإنصاف (2/ 510). ') ">
(3)
بدائع الصنائع (1/ 311)، رد المحتار (3/ 107)، المجموع للنووي (5/ 228)، نهاية المحتاج للرملي (3/ 28)، الفروع (1/ 559)، الإنصاف (2/ 510)، المحلى بالآثار لابن حزم (5/ 169).
الأول: اختلافهم في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على ماعز (1) وعلى من قتل نفسه، فمن صحح الروايات التي تثبت أنه صلى عليهم، قال: يُصلى على الفسقة. ومن لم يصححها قال: بعدم الصلاة عليهم (2)
الثاني: اختلافهم في قياس الأئمة على النبي صلى الله عليه وسلم، فمن أجرى القياس، قال بعدم صلاة الأئمة على الفسقة، ومن لم يجره، قال بصلاتهم على الفسقة.
الأدلة:
استدل أصحاب القول الأول، القائلون بعدم صلاة الأئمة على الفساق، بما يلي:
أولاً: من الكتاب:
وجه الدلالة: أن الله تعالى نهى نبيه صلى الله عليه وسلم عن
(1) هو أبو عبد الله بن مالك الأسلمي، وقيل: اسمه غريب ومالك لقبه، له صحبة، معدود في المدنيين، وهو الذي اعترف على نفسه بالزنى، فرجم. (الاستيعاب لابن عبد البر 3/ 1345، الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر 5/ 521، 522).
(2)
انظر: بداية المجتهد (1/ 354، 355). ') ">
الصلاة على المنافقين؛ تأديبًا لهم وردعًا، فكان ذلك أصلاً في كل من كان على غير الطريق من فساد الاعتقاد؛ فإن الإمام وأهل الفضل يجب ألا يصلوا عليه، ويصلي عليه سائر الناس (1)
ثانيًا: من السنة:
أ- حديث جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رضي الله عنه (2) قال: «أُتِيَ النبي صلى الله عليه وسلم برَجُلٍ قَتَلَ نَفْسَهُ بِمَشَاقِصَ (3) فلم يُصَلِّ عليه» (4)
ب- حديث زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه (5) «أَنَّ رَجُلاً من أَصْحَابِ النبي صلى الله عليه وسلم تُوُفِّيَ يَوْمَ خَيْبَرَ (6) فَذَكَرُوا ذلك لِرَسُولِ الله
(1) المعونة (1/ 349، 350). ') ">
(2)
هو أبو عبد الله بن جابر بن سمرة بن جنادة العامري السوائي، له ولأبيه صحبة، توفي في ولاية بشر على العراق سنة 74 هـ،، وقيل: أيام المختار سنة 66هـ. (أسد الغابة لابن الأثير 1/ 448، الإصابة 1/ 542، 543).
(3)
مشاقص: جمع مشقص، وهو نصل السهم إذا كان طويلاً غير عريض. (النهاية 2/ 490). ') ">
(4)
أخرجه مسلم (2/ 672)[978].
(5)
هو أبو زرعة زيد بن خالد الجهني، شهد الحديبية، وكان معه لواء جهينة يوم الفتح، توفي سنة 78 هـ، وقيل غير ذلك. (الاستيعاب 2/ 549، 550، الإصابة 2/ 499).
(6)
خيبر: موضع على ثمانية برد من المدينة لمن يريد الشام، وتشتمل على حصون ومزارع، ولفظ خيبر هو بلسان اليهود: الحصن، وقد فتحها النبي صلى الله عليه وسلم سنة سبع للهجرة، وقيل: سنة ثمان، وهي الآن بلدة عامرة تقع على بعد (171) كيلًا من المدينة. معجم البلدان للحموي (2/ 468)، معجم الأمكنة الوارد ذكرها في صحيح البخاري لجنيدل (215 - 221).
صلى الله عليه وسلم، فقال: صلوا على صاحبكم، فتغيرت وجوه الناس لذلك، فقال: إن صاحبكم غل في سبيل الله، ففتشنا متاعه، فوجدنا خرزا من خرز يهود لا يساوي درهمين» (1)
ج- ما روي في قصة ماعز بن مالك رضي الله عنه، وفيها: «
…
فرجم حتى مات، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم خيرا، ولم يصل عليه» (2)
وجه الدلالة من هذه الأحاديث:
أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك الصلاة على هؤلاء العصاة، وكان هو الإمام، فألحق به من سواه في ذلك (3)
(1) أخرجه أحمد (4/ 114)، وأبو داود (3/ 68)، والنسائي (4/ 64)، وابن ماجه (2/ 950)، وابن أبي شيبة في مصنفه (6/ 525)، ومالك في الموطأ (2/ 458)، والطبراني في المعجم الكبير (5/ 231)، وابن حبان (11/ 191)، والحاكم في المستدرك، (2/ 138)، وقال: **هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، وأظنهما لم يخرجاه**، ووافقه الذهبي. وقال الشوكاني: **سكت عنه أبو داود والمنذري، ورجال إسناده رجال الصحيح** نيل الأوطار (4/ 84).
(2)
أخرجه أبو داود (4/ 148)، والترمذي (4/ 36)، وقال: **هذا حديث حسن صحيح**، وأحمد (3/ 323)، والنسائي (4/ 62)، وابن حبان (7/ 362)، والدارقطني (3/ 127)، والطبراني في الكبير (11/ 340)، والبيهقي (8/ 218).
(3)
المغني (3/ 505). ') ">
المناقشة:
تم مناقشة هذه الأحاديث من وجهين:
الوجه الأول: وفيه اعتراضان:
الاعتراض الأول: أنها خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنّ صلاته سكن (1)
الجواب:
ما ثبت في حق النبي صلى الله عليه وسلم، ثبت في حق غيره، ما لم يقم على اختصاصه دليل (2)
الاعتراض اثاني: أنّ النبي صلى الله عليه وسلم، ترك الصلاة على من عليه دين، وأنتم لا تقولون بهذا (3)
الجواب:
ثبت أنه صلى عليه بعد، فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أَنَّ رَسولَ الله صلى الله عليه وسلم كان يؤتى بالرجل الميت عليه الدين، فيسأل: «هل ترك لدينه من قضاء؟ " فإن حدث أنه ترك وفاء صلى عليه، وإلا قال:
(1) المغني (3/ 506). ') ">
(2)
المغني (3/ 506). ') ">
(3)
انظر: المغني (3/ 506). ') ">
"صلوا على صاحبكم" فلما فتح الله عليه الفتوح قال: "أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن توفي وعليه دين فعلي قضاؤه، ومن ترك مالا فهو لورثته» (1)
الوجه الثاني: اعتُرض على الرواية الواردة في قصة ماعز بما ثبت في صحيح البخاري: « .. فرجم حتى مات، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم خيرا وصلى عليه» (2)
فتُقدم هذه الرواية على غيرها لما يلي (3)
أ-كون هذه الرواية في الصحيح.
ب- كونها مثبتة، والقاعدة أن المثبت مقدم على النافي.
ج- كونها معتضدة بما ورد من صلاته على الغامدية.
د- كونها زيادة ثقة، وزيادة الثقة مقبولة.
الجواب:
تم الجواب عن هذه المناقشة بجوابين:
(1) المغني (3/ 506).
(2)
صحيح البخاري (6/ 2500)[6434].
(3)
انظر: نيل الأوطار (4/ 84 - 86). ') ">
الأول: هذه الرواية ضعيفة، فأكثر الرواة لم يذكروها (1)
الثاني: يحتمل ذكر الصلاة على ماعز الدعاء له، فسمي صلاة على مقتضاها في اللغة، أو أضيفت الصلاة إليه إذ أمر بها (2)
الجواب:
تم الإجابة عن هذين الاعتراضين بما يأتي:
(1) قال البيهقي: "ورواه البخاري عن محمد بن غيلان عن عبد الرزاق إلا أنه قال: (فصلى عليه)، وهو خطأ لإجماع أصحاب عبد الرزاق على خلافه، ثم إجماع أصحاب الزهري على خلافه". (معرفة السنن والآثار 6/ 341).
(2)
إكمال المعلم (5/ 524)، شرح صحيح مسلم للنووي (11/ 204)، زاد المعاد لابن القيم (1/ 517). ') ">
الأول: أن هذه الزيادة ثابتة في الصحيح، وزيادة الثقة مقبولة (1)
الثاني: أن هذه الزيادة لها شواهد تدل على ثبوتها (2)
الثالث: أن هذا التأويل مردود؛ لأن التأويل إنما يصار إليه إذا اضطربت الأدلة الشرعية إلى ارتكابه، وليس هنا شيء من ذلك، فوجب حمله على ظاهره (3)
الرابع: أنه يمكن الجمع بين الروايات. وطريق الجمع بينها: أن تحمل رواية النفي على أنه لم يصل عليه حين رجم، ورواية الإثبات على أنه صلى الله عليه وسلم صلى عليه في اليوم الثاني. ويؤيده ما جاء في رواية: «فقيل يا رسول الله: أتصلي عليه؟ قال: لا، قال: فلما كان من الغد قال: صلوا على صاحبكم، فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه
(1) شرح صحيح مسلم للنووي (11/ 204). ') ">
(2)
قال ابن حجر: "مع أن المنفرد بها إنما هو محمود بن غيلان عن عبد الرزاق، وقد خالفه العدد الكثير من الحفاظ، فصرحوا بأنه لم يصل عليه، لكن ظهر لي أن البخاري قويت عنده رواية محمود بالشواهد، فقد أخرج عبد الرزاق أيضا، وهو في السنن لأبي قرة من وجه آخر عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف في قصة ماعز قال: (فقيل يا رسول الله: أتصلي عليه؟ قال: لا، قال: فلما كان من الغد قال: صلوا على صاحبكم، فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس". (فتح الباري 12/ 131).
(3)
شرح صحيح مسلم للنووي (11/ 204). ') ">
وسلم والناس» (1)
قلت: مما تقدم اتضح أن الاستدلال بحديث ماعز لا يصح لما يلي:
1 -
أنه ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى عليه.
2 -
أن ماعزًا رضي الله عنه قد تاب من الزنى.
ثالثًا: من الآثار:
ما روي أن عليًّا رضي الله عنه لما رجم شراحة الهمدانية، جاء أولياؤها فقالوا: كيف نصنع بها؟ فقال لهم: (اصنعوا بها ما تصنعون بموتاكم)(2)
رابعًا: من المعقول:
أن سبب ترك الصلاة عليهم؛ ليكون ذلك ردعًا لهم، وزجرًا لغيرهم عن مثل حالهم (3)
واستدل أصحاب القول الثاني، القائلون بعدم صلاة الإمام على الغالّ، والقاتل نفسه بما يأتي:
(1) فتح الباري (12/ 131)، عمدة القاري للعيني (23/ 296).وذكر ابن حجر أنه أخرجه عبد الرزاق، وهو في السنن لأبي قرة من وجه آخر عن أبي أمامة بن سهل ابن حنيف.
(2)
أخرجه عبد الرزاق في المصنف (3/ 537)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 19). ') ">
(3)
إكمال المعلم (5/ 523)، معتصر المختصر لأبي المحاسن الحنفي (ص107)، منح الجليل لعليش (1/ 512). ') ">
أ- حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه السابق في الذي قتل نفسه (1)
ب- حديث خالد بن زيد الجهني رضي الله عنه -المتقدم- في ترك النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة على من غلّ في سبيل الله (2)
قال الإمام أحمد: " ما نعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الصلاة على أحد إلا على الغال، وقاتل نفسه "(3)
المناقشة وجوابها:
نوقشت هذه الأحاديث بما نوقشت به في الوجه الأول السابق، وأجيب بما أجيبت عنه تلك المناقشة (4)
واستدل أصحاب القول الثالث، القائلون بأن الإمام يصلي على جميع الموتى من المسلمين بما يلي:
أ- حديث بُريدة رضي الله عنه (5)( .. فجاءت الغامدية (6) فقالت: «يا رسول الله
(1) أخرجه مسلم (2/ 672)[978]. ') ">
(2)
أخرجه أحمد (4/ 114)، وأبو داود (3/ 68)، والنسائي (4/ 64)، وابن ماجه (2/ 950)، وابن أبي شيبة في مصنفه (6/ 525)، ومالك في الموطأ (2/ 458)، والطبراني في المعجم الكبير (5/ 231)، وابن حبان (11/ 191)، والحاكم في المستدرك، (2/ 138)، وقال:"هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، وأظنهما لم يخرجاه"، ووافقه الذهبي. وقال الشوكاني:"سكت عنه أبو داود والمنذري، ورجال إسناده رجال الصحيح" نيل الأوطار (4/ 84).
(3)
المغني (3/ 505)، المبدع (2/ 262). ') ">
(4)
انظر: (ص15 - 17). ') ">
(5)
هو بريدة بن الحصيب بن عبد الله بن الحارث بن الأعرج بن سعد الأسلمي، أسلم حين مر به النبي صلى الله عليه وسلم مهاجرا بالغميم وقيل: أسلم بعد منصرف النبي صلى الله عليه وسلم من بدر، غزا مع النبي صلى الله عليه وسلم ست عشرة غزوة، مات في خلافة يزيد بن معاوية سنة 63 هـ. (أسد الغابة 1/ 263، الإصابة 1/ 286).
(6)
الغامدية: هي من غامد قبيلة من جهينة، واسمها سبيعة، وقيل: أبية. (إكمال المعلم 5/ 519، تهذيب الأسماء واللغات للنووي 2/ 634).
إني قد زنيت فطهرني، وإنه ردها، فلما كان الغد قالت: يا رسول الله لم تردني؟ لعلك أن تردني كما رددت ماعزا، فوالله إني لحبلى، قال: إما لا (1) فاذهبي حتى تلدي، فلما ولدت أتته بالصبي في خرقة، قالت: هذا قد ولدته، قال: اذهبي فأرضعيه حتى تفطميه، فلما فطمته أتته بالصبي في يده كسرة خبز، فقالت: هذا يا نبي الله قد فطمته، وقد أكل الطعام، فدفع الصبي إلى رجل من المسلمين، ثم أمر بها فحفر لها إلى صدرها، وأمر الناس فرجموها، فيقبل خالد بن الوليد بحجر فرمى رأسها فتنضح الدم على وجه خالد فسبها، فسمع نبي الله صلى الله عليه وسلم سبه إياها فقال: مهلا يا خالد فوالذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس (2) لغفر له، ثم أمر بها فصلى عليها ودفنت» (3)
وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى عليها وقد رجمت في الزنى (4)
(1) أي: إذا أبيت أن تستري على نفسك وتتوبي وترجعي عن قولك. (شرح صحيح مسلم للنووي 11/ 203، الديباج على مسلم للسيوطي 4/ 302).
(2)
هو من يأخذ من التجار إذا مروا مكسا، أي: ضريبة باسم العشر، وأصل المكس: الجباية، ويطلق على الظلم. (النهاية 4/ 349، لسان العرب 6/ 220).
(3)
أخرجه مسلم (3/ 1323)[1695].
(4)
المحلى (5/ 170). ') ">
المناقشة:
نوقش من وجهين:
الوجه الأول: بأنه يحتمل ذكر الصلاة عليها الدعاء لها، فسمي صلاة على مقتضاها في اللغة، أو أضيفت الصلاة إليه إذ أمر بها (1)
الجواب:
هذا التأويل مردود؛ لأن التأويل إنما يصار إليه إذا اضطربت الأدلة الشرعية إلى ارتكابه، وليس هنا شيء من ذلك، فوجب حمله على ظاهره (2)
قال ابن القيم: " حديث الغامدية لم يختلف فيه أنه صلى عليها "(3)
الوجه الثاني: في الحديث أنها تابت من الزنى (4)
الجواب:
وماعز تاب أيضًا، ولا فرق (5)
(1) إكمال المعلم (5/ 524)، شرح صحيح مسلم للنووي (11/ 204)، زاد المعاد لابن القيم (1/ 517). ') ">
(2)
شرح صحيح مسلم للنووي (11/ 204). ') ">
(3)
زاد المعاد (1/ 516). ') ">
(4)
المحلى (5/ 170). ') ">
(5)
المحلى (5/ 170). ') ">
ب- قول النبي صلى الله عليه وسلم قال: «صَلُّوا على من قال لا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ» (1)
وجه الدلالة: أنه لم يفصل ولا خصص، بل عمَّ بقوله:(من) وهي نكرة تعم (2)
المناقشة:
نوقش هذا الدليل من عدة وجوه:
الوجه الأول: أن الحديث ضعيف لا يحتج بمثله (3)
الوجه الثاني: على فرض صحته فقد خصص بالأحاديث التي فيها ترك الصلاة على الغالّ وقاتل نفسه (4)
الوجه الثالث: أن يقال: بأنه لا تعارض بين الخبرين، فإن النبي صلى الله عليه وسلم ترك الصلاة على هذين، وأمر بالصلاة عليهما، فلم يكن أمره بالصلاة عليهما منافيا لتركه الصلاة عليهما، كذلك أمره بالصلاة على من قال لا إله إلا الله
(1) أخرجه الدارقطني في سننه- وضعفه- (2/ 56)، والطبراني في المعجم الكبير (12/ 447). قال البيهقي: **روي في الصلاة على كل بر وفاجر، والصلاة على من قال لا إله إلا الله أحاديث كلها ضعيفة غاية الضعف**. سنن البيهقي الكبرى (4/ 19).
(2)
انظر: فيض القدير للمناوي (4/ 203). ') ">
(3)
سبق بيان ذلك (ص60) حاشية (5). ') ">
(4)
انظر: المغني (3/ 506). ') ">