الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
الجزمة بمعنى الخف والموق
سألنا سائل: هل الجزمة كلمة عربية الأصل وإن لم تكن فبأي لسان هي وما الذي يقابلها في العربية؟
قلنا: الجزمة بجيم مثلثة فارسية وعربها المولدون المتأخرون بالجيم العربية هي لفظة تركية الأصل يقابلها بالعربية (الخف) وبالفارسية (موزة) التي عربها الأقدمون بصورة (الموق) قال ذلك صاحب (بهار عجم) وصاحب (برهان قاطع) وذكر ذلك بشواهد عديدة فلوس صاحب المعجم الفارسي اللاتيني الكبير.
والظاهر من وصف العرب للموق أن الموق غير الخف. فالموق هو الجزمة حقيقةً. والخف ما يلبس تحته. قال في تاج العروس: (الموق: خف غليظ يلبس فوق الخف.
فارسي معرب. قال الصاغاني: وهو تعريب موكه. هكذا قال. والمشهور (موزه). . . وقال ابن سيده: الموق: ضرب من الخفاف. اهـ وقال في الخف: (الخف واحد الخفاف التي تلبس في الرجل. ويجمع أيضاً على أخفاف. . . . وفي الصحاح والعباب: اغلظ من النعل. وفي الأساس: أطول من النعل. وهو مجاز). اهـ.
وأهل بغداد يسمون الخف: يميناً أو يمنيةّ نسبةً إلى اليمن لأنه كان يؤتى بأحاسنها من تلك الديار. أو لأن اغلب المشتغلين بها كانوا من اليمن. ويجمعونها على يمنيات. واشتغال اليمانيين بالصنائع من قديم الزمان لأعراق حضارتهم. قال الأصمعي: افتخر إبراهيم بن مخرمة يوماً بين يدي السفاح باليمن. وكان خالد بن صفوان حاضراً. فلما أطال عليه قال خالد بن صفوان: وبعد فما منكم إلا دابغ جلد، أو ناسج برد، أو سائس قرد، أو راكب عرد، دل عليكم هدهد، وغرفتكم جرد، وملكتكم أم ولد. فسكت وكأنما ألجمه.
باب المكاتبة والمطارحة
ارسطاطاليس بن نيقوماخوش الجهراشي
سأل مستفيد من بغداد مجلة المشرق: من هو (ارسطاطاليس بن نيقوماخوش الجهراشي)، الذي ورد ذكره في طبقات الأمم لصاعد الأندلسي الذي توليتم طبعه في المشرق (669: 14) فأجاب ل. ش. هذا الجواب: (المشرق 80: 16)
(قد أثبتنا في ذيل المشرق هناك أن اسم الجهراشي قد التبس علينا وذكرنا أنه من المحتمل أن المؤلف أراد (الاسطاغيري) نسبةً إلى اسطاغيرا وطن أرسطو. فقام صاحب لغة العرب (189: 1) ليفند هذا الرأي. وتأول له تأويلات غريبة كقوله: إن الجهراشي تعريب أي الشيخ أو نسبةً إلى أحد آلهة اليونان أو نسبة إلى مدينة غرسته مدينة يونانية. وكل ذلك لا أصل له ولا فصل. والصواب أن (جهراش) مدينة في حوران واسمها جرش أو جهراش فنسب إليها صاحب طبقات الأمم نيقوماخوش أبا ارسطاطاليس وذلك غلط بل خلط منه لأنه وجد عالم من جرش اسمه نيقوماخوش الجرشي أو الجهراشي كان رياضياً وفيلسوفاً في القرن الأول بعد المسيح فظن صاحب طبقات الأمم أنه والد ارسطو. وبذلك سقطت تأويلات صاحب لغة العرب.) ثم أن هذا (المستفيد البغدادي) نقل لنا هذا الكلام وقال: وانتم ما رأيكم في هذا القول؟
قلنا: أول ما نلاحظه على المستفيد أن كلام حضرة ل ش في تأويله الأول (المشرق 669: 14) يختلف عن قوله هنا فأنه قال هناك: (لعله يريد الاسطاغيري) ولم يصرح أنه التبس عليه بخلاف ما يقول هنا. فلو لم يكن من كلامنا فائدة إلا هذه لكفت
ثانياً: إن تأويلنا لا تخرج عن الغرابة وإن صح كلام حضرة ل ش لأننا أن وصفنا ارسطوطاليس بالشيخ وشيخ العلم فهذا من ارجح الأمور وأظهرها للعيان. وكذلك لو كان آخر سمي بهذا الاسم. فوصفنا إياه بالإمامة في العلم أمر طبيعي. وكذلك إذ ألهنا علمه فقلنا ارسطو الجهراشي فذلك على حد ما قالوا: (أفلاطون الإلهي) ومثله لو نسبناه إلى موطن ولادته جهراشته (لا غرسته كما عربها)
ثالثاً: وأما القول بأن الجهراشي هنا هي نسبة إلى جهراش وجهراش هي جرش فهناك عدة أسباب تمنعنا عن قبول هذا الرأي الغريب بل الغريب كل الغرابة منها: إن صاعداً
الأندلسي يعدد في كتابه اعظم فلاسفة اليونان إذ يقول: (اعظم هؤلاء الفلاسفة عند اليونان قدراً خمسة فأولهم زماناً. بندقليس (أي انبدقليس) ثم فيثاغورس ثم سقراط ثم أفلاطون ثم ارسطاطاليس بن نيقوماخوش)
فهل يمكن أن يعد هذا الجرشي بين هؤلاء الخمسة أو أن يبدل واحداً شهيراً مثل ارسطو بأخر خامل الذكر لم يعرف من أمره شيء سوى جرشي الأصل. وأن ذلك لغريب فيا للأسف! (ما إمامة من هند)
ثانياً: إن الأندلسي يقول صريحاً: ارسطاطاليس بن نيقوماخوس هو الجهراشي (لا ارسطوطاليس الجرشي. فهذا ليس بابن نيقوماخوش ولا هو من فلاسفة اليونان الخمسة المشاهير فأين هذا من ذاك فيا للأسف (أريها السها، وتريني القمر)
ثالثاً: من إقرار حضرة ل ش بلدة جرش من حوران. فهي إذاً ليست من بلاد اليونان (وإن كانت من سجمها) فهل يعقل أن كاتباً مثل صاعد الأندلسي يخلط هذا الخلط ويتوهم في ارسطاطاليس بن نيقوماخوش أنه من حوران. وهو أشهر من أن يذكر بأنه من اليونان. أو ينسب أباه إلى مدينة في حوران، ويهذي هذا الهذيان، الذي لا ينطق به أصغر الصبيان. إن هذا من الغرابة في مكان. وهل تخلط الدرة بالذرة. فيا للأسف! (أراد أن يعرب فأعجم)
رابعاً: لم يأت اسم المدينة (جرش) بصورة جهراش في لغة من اللغات ولا من صرح بذلك عند العرب. هذا فضلاً عن أن بين (جرش)(وجهراش) بوناً بيناً. وإذا كان تصحيح الأمور مبنياً على التقول والتحكم لم يبق شيءٌ عسراً. وتمهدت جميع العقبات. وإلا فيجب على المؤول أن يقول لنا أين ورد لفظ جهراش بمعنى جرش. وأي عربي قديم نطق بذلك. يا للأسف! (سكت الفا، ونطق خلفا).
خامساً: لو سلمنا أن جهراش وجرش شيء واحد فأن سائر الاعتراضات تبقى اعقد من ذنب الضب. اللهم إلا أن يخطئ الجميع، وينسب إلى نفسه الرأي البديع. وحينئذ يا للأسف! وهل (يعقد في مثل الصؤاب، وفي عينيه مثل الجرة)
سادساً: لو سلمنا أنه مصيب في قوله فأي غرابة ترى يا هذا أن وصفنا أحد الارسطو طاليسيين (بشيخ في العلم. أو بالمتأله في العلم) ولا سيما إذا كان من الفلاسفة فأنت ترى أن لا غرابة في ما ذهبنا إليه. وأنت مخير في اتباع ما يبدو ولك أو يحلو لأن الأطيار تقع على أشكالها. قلنا: (وبذلك سقطت تأويلات صاحب المشرق).