الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العدد 16
- بتاريخ: 01 - 10 - 1912
خمعة بنت الخس الإيادية
-
وقف حضرة أستاذنا الشهير، السيد الشيخ محمود شكري أفندي الآلوسي، على مقالتنا:(نقد تاريخ آداب اللغة)(المدرجة في 25: 2 - 62) فرأى إننا ذهبنا في اسم ابنة الخس الأيادي جمعة، كما ذهب إليه اغلب كتاب العرب فنبهنا على ذلك قائلاً: أنها بالخاء المعجمة الفوقية، لا بالجيم المعجمة التحتية فذكرنا له أن صاحب القاموس، وتاج العروس، ولسان العرب، والاوقيانوس وصاحب الاغاني، وغيرهم، من مشاهير الكتاب الأقدمين والمحدثين، ذكروها بالجيم لا بالخاء، فوعدنا حضرته بأن يذهب بنفسه إلى خزانة كتب المدرسة السليمانية في بغداد، ويراجع المادة بنفسه ليتحققها ويثبتها. وبعد أن وقف على مطلبه كتب الينا، حرسه الله وابقاه، الاسطر التالية:
اليوم (7 آب)، وجدت فرصة لنقل ما ذكرته لكم، فذهبت إلى خزانة كتب مدرسة السليمانية؛ وراجعت (شرح حديث أم زرع) للقاضي عياض وذكر في هذا الشرح على سبيل الاستطراد، نبذة غير يسيرة من كلام من اشتهرن بالفصاحة من نساء الجاهلية، فقال: ومنهن خمعة، بضم الخاء وفتح الميم والعين المهملة، كما ضبطه صاحب العباب، والمحكم، وابن الشجري في كتابه: ما اتفق لفظه واختلف معناه، يقال: خمع في مشيته أي ظلع، وبه خماع أي ظلع، والخامعة: الضبع. إلى أن قال: واختلف نسبها، والمشهور أنها ابنة الخس أخت هند. وقيل: غير ذلك اهـ. ثم ذكر نبذة من كلامها المسجع
وشرحه. ومن جملة ما قال: إن كثيراً من النساخ بهم في هذه اللفظة، فيكتب الخاء جيماً، وهو غلط إذ ليس في أسماء العرب جمعة علماً على ذكر أو أنثى.
اهـ كلام الأستاذ ونقله.
قلنا: إن أستاذنا مصيب في كلامه هذا. وأصحاب المعاجم والدواوين اللغوية والشعرية والأدبية الذين ذكروها، لم يتعرضوا لها في بحثهم ولم يضبطوا الكلمة ضبطاً بالألفاظ، وإنما جاءت في كلامهم استطراداً، ولعلهم ذكروها في الأصل بالخاء المنقوطة الفوقية، فلما لم يفهمها النساخ، أو أصحاب المطابع حرفوها. وما اسهل إبدال اسم مجهول، أو نادر الورود، كخمعة، باسم معلوم أو متداول وهو جمعة. قلت: إن كان لم يرد علم ذكر أو أنثى
باسم جمعة في القديم كما ذكره القاضي عياض، فأنه مشهور اليوم، لا سيما في العراق. فقد يسمى به بعض من يولد يوم الجمعة. لا بل ذكر صاحب التاج في المستدرك، أنه قد سموا جمعة بضمتين. فإنكار القاضي عياض لها في غير محله. وعلى كل قاسم المرأة المشهورة الايادية هي خمعة، بالخاء المنقوطة الفوقية، كما حققه شيخنا الأستاذ الآلوسي على ما تقدم إيضاحه.
وقد ذكر الأدباء من كلامها المأثور، شيئاً من المنثور، ولم يذكروا لنا شيئاً من المنظوم، وقد روى لنا ابن أبي طاهر، صاحب كتاب بلاغات النساء أبياتاً من شعرها منها هذه:
اشد وجوه القول عند ذوي الحجى
…
مقالة ذي لب يقول فيوجز
وافضل غنم يستفاد ويبتغى
…
ذخيرة عقل يحتويها ويحرز
وخير خلال المرء صدق لسانه
…
وللصدق فضل يستبين ويبرز
وإنجازك الموعود من سبب الغنى
…
فكن موفياً بالوعد تعطى وتنجز
ولا خير في حرٍ يريك بشاشة
…
ويطعن من خلف عليك ويلمز
إذا المرء لم يسطع سياسة نفسه
…
فأن به عن غيرها هو أعجز
وكم من وقور يقمع الجهل حلمه
…
وآخر من طيش إلى الجهل يجمز
وكم من أصيل الراي طلق لسانه
…
يصير بحسن القول حين يميز
وكم مافون يلوك لسانه
…
ويعجن بالكوعين نوكا ويخبز