الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عادة البدر يتجلى ليلة الخس
…
ف بدق النحاس دفاً عنيفا
وفي كتابات الثعالبي ص 28 من طبع مطبعة السعادة إشارة إلى تلك أيضاً. ومثل ذلك في كتاب حاضر المصريين أو سر تأخرهم في حاشية ص 218 ولو استقرينا كلما جاء في هذا المعنى لقام بين يدينا كتاب قائم برأسه. وكفى بما ذكرناه شهيداً على ما أردناه.
النجف: عرقي
الكوفيّة
أو الكفية وأنواعها واستعمالها
مر الكلام عن أن العرقجين (العرقية) يوضع تحت الفينة (الطربوش) أو تحت الكفية (الكوفية) وقد ذكرنا كلا من العرقية والطربوش بقي علينا الكلام عن الكوفية فنقول:
أهل العراق لا يعرفون الكوفية إلا بالكفية بدون واوٍ بضم الكاف وتشديد الفاء المكسورة والياء المشددة المفتوحة وهاء في الآخر. وهي لفظة منسوبة إلى الكفة لا إلى الكوفة. والكفة عندهم كل ما استطال ويقولون أيضاً كف الثوب كفاً: إذا تركه بلا هدب. وكلا هذين المعنيين فصيح معروف. ومعلوم أن أهل البادية يلفظون الكاف جيماً مثلثة فارسية فيقولون فيها الجفية.
واللفظة الفصيحة المشهورة هي الكوفية بواوٍ. قال صاحب التاج: الكوفية: (ما يلبس على الرأس سميت لاستدارتها) ولم يزد على هذا القدر. وقد ذهب آخرون إلى أن الكوفية مشتقة من الكوفة. ونسبت إليها لأن سكان هذه المدينة كانوا يلبسونها منذ الأزمان القديمة فنسبت إلى بلدتهم. ولعل الأصح أنها رومية الأصل (أي لاتينية مولدة أو -) لأن الاروام هم أول من ادخلها ديار الشام ومنها انتشرت في سائر ربوع العرب. وهي بلسانهم: أو وقد اشتقوها من كوفة أو كفة أي القدح أو الصحفة أو القصعة وكل منها لا يكون إلا مستديراً وقد وردت هذه الكلمة بهذا المعنى على قلم فرننانس الأسقف المتوفى سنة 600 للمسيح أي المتوفى باثنتين وعشرين سنة قبل ظهور الإسلام.
وصاحب التاج لم يصفها لشهرتها بين العرب. ودونك وصفها: كفة مربعة أو تكاد، تطوي على نفسها فيخالف بين زواياها معطوفة إحداها على الأخرى كما يفعل في الوشاح وتلبس فوق الرأس بأن تلقى عليه فيجعل طرفها السائب على الظهر ويقع طرفاها الآخران على الصفحتين اليمنى واليسرى يفعلون ذلك ليتقوا الشمس أو طوارئ الجو وتثبت بواسطة رباط متين كالحبل يعرف عندهم بالعقال. وقد تكون الكوفية من خام أو حرير أو قز أو من نحوها وهي إذا طويت على نفسها يحصل من شكلها مثلث. وإذا كانت من الخام الأبيض سماها أهل بادية العراق (بالحلالية) وبالقزية (أو الجزية محرف القزية) إن كانت من
ابريسم والنجديون يعرفون الكوفية باسم (المحرمة) إذا كانت غير بيضاء وإلا فهي (الغترة)(بكسر الأول)
وحضريو بغداد ولا سيما نصاراها يريدون بالكوفية المشوش أي المنديل الذي يتمسح به أو يمخط فيه. وذلك لأن الأعراب يمتشون بأحد طرفيها. ولأن أهل المدن استعملوا تلك الكوفية نفسها للمش لا لستر الرأس إذ يستعملون بدلها العمامة. فبقي اسم الشيء عليه وإن تحول استعماله لأمر آخر لأن التسمية هنا واقعة على المادة لا على سواها. كما أن أهل الشام يريدون بالمحرمة ما يريده البغداديون بالكوفية للسبب المذكور.
وأما أهل تونس وما يجاورها فيريدون بالكوفية ضرباً من الكلوتة أو العرقية تكون مطرزة: وتجمع الكوفية على كوافي (بتشديد الياء) والعراقيون يقولون كفافي ويقال فيهما كوفيات وكفيات أيضاً وكلاهما مقبول مأنوس.
وقد ذكرت لفظة كوفية في كتاب ألف ليلة وليلة في عدة مواطن. وكانت النساء يومئذ يلبسنها. من ذلك قول المؤلف: خلعت بعض ثيابها وقعدت في قميص رفيع وكوفية حرير. وقوله: كوفيه بألف دينار. وقوله: على رأسها كوفية دق المطرقة مكللة بالفصوص المثمنة. وقوله: فوق رأسها كوفية مطرزة بالذهب مرصعة بالجواهر.
وممن ذكر الكوفية النويري في تاريخ مصر وكان السلاطين المماليك يتخذونها وقد وردت في جميع كتب السواح الإفرنج الذين جابوا ديار العرب والعراق وبعض ربوع الشام منذ ثلاثة قرون فما دون لكنها لم ترد بهذا اللفظ في كتب العرب الأقدمين. والظاهر انهم كانوا يستغنون عن هذا الاسم بآخر كالعمامة والعمار والعميرة والعصابة ونحوها لأن الكوفية من لوازم العميرة.
وأما الحلالية فأنها مضافة إلى الحلال. كان لونها الأبيض ومادتها المتخذة منها وهي القطن تحل لأن تكون عمرة لجميع الناس بخلاف ما لو كانت من حرير أو لونها أخضر أو أزرق فأنها لا تحل إلا لبعض طبقات الناس.
وأما الغترة بكسر وسكون فان اصلها الغثراء على ما نظن. والغثراء ما كثر زئبره من الأكسية والقطائف ونحوها. ولما كانت الكوفية تتخذ عندهم من الأنسجة الكثيرة الزئبر سميت باسمها.
وقد تختلف ألوان الكوافي باختلاف لون الثوب الأصلي. ولهذا لا ينظر إلى اللون وهي تكون في الغالب حمراء أو زرقاء أو رمداء أو أن تكون رقعة الثوب بيضاء وما عليها من النقوش زرقاء أو حمراء. ويكون في أطرافها أهداب طوية يعقدها البعض عقداً مختلفة الشكل أو يحبكونها حبكاً على أوضاع غريبة والأكابر يتخذون الكوفيات من الابريسم أو الحرير الذي يدخله القصب أو الكلبدون تدلى أطرافها من جانبي الرأس لتلقى على الفم أيام البرد القارس أو العواصف
الكثيرة الغبار التي تكثر في العراق لتمنع البرد أو دخول الغبار الفم. . ولهذا سماها العراقيون الكفية من الكف وهو المنع أو من الكفة بضم كما قلنا في أول هذا المقال.
ومن الغريب أن لفظة الكوفية تكاد تكون في جميع اللغات بلفظ واحد وبمعنى مقارب للمعنى العربي فقد ذكرنا اسمها عند الروم. وأما الإيطاليون فيعرفونها باسم وهو بالأسبانية وبالفرنسوية وبالبرتوغالية قال دوزي المستشرق الشهير: أظن أن الشرقيين اخذوا هذه الكلمة من الإيطاليين لأنه كان لهم في القرون المتوسطة تجارة كبيرة في موانئ مصر والشام وكانوا ينقلون الصليبين من ديارهم إلى ربوع الشرق والظاهر أن الكلمة التركية (اسقوفية) مأخوذة من الأصل الإفرنجي المذكور لأن الرحالة كوتوفيك يقول في كلامه عن البنات اليهوديات في الشرق ما معناه: (ويضعن على رؤوسهن اسقوفية من فضة أو من نحاس مذهب بمنزلة حلية وتتخذها أيضاً الكبيرات سناً منهن بعد أن يكن قد عقصن شعورهن بمهارة ولباقة.)
والبائن أن قدماء العرب كانوا يتخذون العمامة فوق الكوفية ولا سيما أهل المدن منهم. وكانوا يسمونها باسم واحد وهو العمامة كما ألمعنا إليه فويق هذا. وقد أشار إلى بعض ذلك الأديب الإنكليزي والمستشرق الكبير (لين في تعليقاته على كتاب ألف ليلة وليلة، قال: يلبس أهل المدن الكوفية وفوقها العمامة، وأظن انه مصيب في قوله هذا. لأن الرجل المذكور من العلماء الذين يشار إليهم بالبنان ومن المتبحرين في اللغة العربية وآدابها ومعرفة الناطقين بها وأحوالهم وأمور معاشهم. فإذا عرفنا ذلك هان علينا فهم كثير من عوائدهم التي لا تتضح إلا بعد الوقوف على هذا النوع من العمرة.
وكثيراً ما كانوا يتلثمون بفضلة الكوفية لكي لا يظهروا أنفسهم لأعدائهم فيخفون وجههم كله
أو بعضه حسبما يعن لهم أو يشاءون. ولهم أوضاع واصطلاحات في ذلك منها: (الاعتجار) قال صاحب تهذيب الألفاظ: كانت الفرسان في الجاهلية عند اجتماع الناس بعكاظ في وقت الحج يعتجرون (أي يلفون عمامتهم دون