الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والفعل اليوناني يفيد المعنيين: الإنارة والنميمة. فلعل كلا المعنيين مأخوذ من اليونان لأن صاحب لسان العرب لم يذكر من معاني مادة فنس إلا قوله: الفنس: الفقر المدقع. قال الأزهري الأصل فيه الفلس: اسم من الإفلاس فأبدلت اللام نوناً كما ترى. قلنا: وأما نحن فأننا نظن أن الفنس يرجع إلى لفظ ثنائي وهو فس الممات بالعربية الموجودة في الارمية ومعناه فص أي عرق العظم وجرده من لحمه أو انتزع ما عليه: والدليل على أن اللفظ ممات في العربية انهم ذكروا الفسيس وقالوا عنه: الضعيف العقل أو البدن، ونزيد: الضعيف مالاً أيضاً. لأن كل ذلك من المجاز مأخوذ من الفس بمعنى الانتزاع أو التعرق. وإذا انتزع من الإنسان ما فيه أصبح فقيراً علماً وجسماً وحالاً ومالاً. وفوق كل ذي علم عليم.
باب المكاتبة والمطارحة
هل أصاب الأب لويس شيخو؟
كتب إلينا أحد الأدباء ما هذا نصه: وقع بيدي العدد الثاني من المشرق فرأيت فيه هذه العبارة في باب المطبوعات (157: 15): ولعلمنا أن حضرته (أي صاحب كتاب التعبد ليسوع طفل براغ) يحب الانتقادات اللغوية نذكر له بعض أغلاط وقعت في كتابه كقوله مثلاً ص 9 س 1 (كذا والأصح س 11)(الكلمة المتجسدة والصواب هنا المتجسد) أي ابن الله ليوافق قوله بالمذكر انتقل من أحشاء مريم وقوله (ص 10 س 7) لولا إياك والصواب لولاك وقوله (ص 11 س 13) يسرع غلطة طبعية يريد يسوع وقوله (ص 12 س 2) والدموع التي فاضها والصواب أفاضها وقوله (فيها س 3) يسمعه للناس والصواب يسمعه الناس إذ اسمع يتعدى إلى مفعولين وقوله (فيها س 8) أن تنزلي لكي تلينيه والصواب تنزل لكي تلينه عائد إلى (الصراخ) هذا بعض ما لحظناه في الصفحات الأولى. كلام المنتقد وهو ل. ش.
فسألنا الكاتب المذكور: هل أصاب صاحب المشرق في كلامه هذا؟
قلنا: أما تذكير نعت الكلمة فجائز لأن مدلوله مذكر. لكن ذلك لا
يمنع تأنيثه جرياً على اللفظ إذ هذا غير محظور ولهذا لا يحق له أن يقول: (والصواب) بل (ويجوز) ولا سيما إذا دللت على تذكيره شيئاً تذكره في العبارة التالية فقد قال الفراء في كلمة سلطان: السلطان عند العرب: الحجة يذكر ويؤنث فمن ذكره ذهب به إلى معنى الرجل ومن أنثه ذهب به إلى معنى الحجة (راجع أيضاً التاج في سلط) وقال الجوهري في مادة خ ل ف: الخليفة قد يؤنث قال صاحب التاج معقباً: قال شيخنا في الإسناد ونحوه مراعاةً للفظه كما حكاه الفراء وانشد:
أبوك خليفة ولدته أخرى
…
وأنت خليفة ذاك الكمال
قلت (أي صاحب التاج)(ولدته أخرى) قاله لتأنيث اسم الخليفة والوجه أن يكون (ولده آخر) فترى مما تقدم بسطه أنه لا يجوز تأنيث ما يسند إلى المذكر ذهاباً إلى اللفظ ولهذا اخطأ صاحب المشرق بقوله. والصواب وأما تصحيحه لولا إياك: بلولاك. فمن تعابيره الركيكة الخاصة بإنشائه ونحن لا نوافقه عليها: لأننا كنا كتبنا (لولا اياتك) جمع آية فغلط
الطابع وكتب (ولولا إياك) وإلا لو أردنا المعنى الذي يشير إليه صاحب المشرق لقلناه لولا أنت، وليس لولاك كما ادعى قال ابن كيسان المكنى بعد لولا له وجهان: إن شئت جئت بمكنى المرفوع فقلت لا لولا هو، ولولا هم ولولا هي ولولا أنت. ولو شئت وصلت المكنى بها فكان كمكنى الخفض
والبصريون يقولون هو خفض والفراء يقول وإن كان في لفظ الخفض فهو في موضع الرفع قال وهو أقيس القولين تقول. لولاك ما قلت ولولاي ولولاها ولولاهم. والأجود لولا أنت كما قال عز وجل: لولا انتم لكنا مؤمنين، فانظر بعد ذلك أين بقي كلام المنتقد وقوله: والصواب. . .
وأما قوله: يسرع غلطة طبعية يريد يسوع. قلنا: إن في الكتاب عدة أغلاط طبع لكن هذه (أي يسرع) ليس منها كأنه قد كتب على حضرة المنتقد أن لا يصيب في كلمة واحدة مما ينطق به وعبارتنا هي هذه نعيدها هنا ليطلع عليها القارئ: فبهذه الصورة يسرع لإنسان الإله منذ دخوله العالم في أن يتألم ويعمل أعمال التوبة. فلو أبدلنا يسرع (من الإسراع) بيسوع لما استقام هناك معنى. فلينصفنا حضرة المنتقد وليقر بغلطه.
وأما قوله: (والدموع التي فاضها والصواب أفاضها) قلنا: إنما أردنا والدموع التي فاض بها عينه فحذفنا الجار ووصلنا. والوصل بعد حذف الجار باب معروف عند النحاة. قال ابن عقيل: إن الفعل اللازم يصل إلى مفعوله بحرف جر نحو مررت بزيد. وقد يحذف حرف الجر فيصل إلى مفعوله بنفسه نحو مررت زيداً (قلنا) وعلى هذا النحو جرينا في قولنا والدموع التي فاضها فلا غبار عليه بشهادة النحاة كلهم أجمعين.
وكذلك لم يصب في تصحيحه يسمعه للناس نعم أن (اسمع) يتعدى إلى مفعولين لكن قد تقحم اللام أو تزاد بين الفعل المتعدي ومفعوله فتسمى حينئذ (اللام المعترضة) كما نص عليها النحاة واللغويون ومثلوا له قولهم: ضربت لزيد قال الشاعر:
وملكت ما بين العراق ويثرب
…
ملكاً أجار لمسلم ومعاهد
وقد آن أن يصيب المنتقد في كلمة، وهي كلمته الأخيرة لكنه قال:(والصواب أن يقال أن تنزل لكي تلينه عائد إلى الصراخ) قلنا: لا يحق له أن يقول: والصواب بل (والأفصح) لأنهم أجازوا أن يؤنثوا الاسم المذكر إذا رادفه اسم مؤنث وبالعكس. وقد المع إلى هذا
القول جميع النحاة ولما كان الصراخ هنا بمعنى الصيحة جاز أن يؤنث الفعل العائد إليه فيتحصل مما تقدم بسطه أن يتأنى المنتقد في كلامه وأن ينطق بما ينطق عن روية لا عن هوى فأن الهوى يعمي ويصم:
وإذا توعر بعض ما تسعى له
…
فاركب من الأمر الذي هو اسهل
طعيريزات شيء وعريسات شيء آخر
وقفت على الجزء الثامن من (لغة العرب) فرأيت فيها نبذة من تحرير الفاضل إبراهيم حلمي أفندي في (طعيريزات) فراقني جداً. لولا أنه زعم تبعاً للأعرابي المصاحب له أن (عربسات) هي (طعيريزات) والحق أنها ليست إياها. فأن عريسات موقعها خلف الرحبة إلى الغرب بمقدار ثلاث ساعات كما اخبرني مدير مال السماوة الحالي علي أفندي البغدادي، قال: خرجت وأنا مدير مال النجف قبل سنوات مفتشاً في زكاة الأغنام إلى الرحبة وما والاها فرأيت عريسات بمكان بين الرحبة والقادسية والشقيق، وأدخلت خادماً لي في سربها فدخل قليلاً ثم عاد ولم يخبرني بشيء لما عرض له من الظلمة والوجل: قال: وفي الأخيضر