الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المذكور غلام اسمه
عطية فورى به:
يا فاضلاً لا يجارى
…
في البحث بين البريه
وسيداً ذا أيادٍ
…
بالشكر مني حريه
غمرتني بالعطايا
…
وكان حسبي عطيه
ولهُ في الغزل والنسيب شعر يدخل الأذن بغير أذن لو كناه لعدم مناسبة موضوعه للمجلة وأما نثره فحسبه مقامته الأمثال السائرة ومن طالعها عرف علو كعبه في النثر.
6 -
(افول شمسه): وفي ضحوة يوم السبت حادي عشر شهر شوال سنة 1174هـ - 1760م انتقل من الدار الفانية إلى الدار الباقية ودفن في جوار معروف الكرخي وقد عمر في الدنيا سبعين سنةً وأعقب من الأولاد أربعة وهم عبد الرحمن ومحمد سعيد وإبراهيم واحمد وكلهم برعوا في فنون العلم والأدب.
كاظم الدجيلي
الطباعة
1 -
فوائد الطباعة
للطباعة فوائد جليلة، ومنافع عديدة، إذ بها انتشرت العلوم الحديثة، وصار أفقر العباد في هذا القرن يقتني من الكتب والأسفار ما ليس في إمكان أغنى الأغنياء في القرن الثالث عشر والذي قبله أن يقتني عشر معشاره لقلة الكتب وندرة وجودها وغلاء أثمانها في هاتيك القرون الغابرة وكثرتها بواسطة الطباعة في هذا القرن فكم من كتاب جليل كثير النفع عظيم
الفائدة كان في ما سلف في زوايا النسيان قد انتشر اليوم بفضل الطباعة وتناولته الأيدي واستنارت الأمم بنبراسهِ، وكم من كتب موسوعات العلوم كانت في ما سبق باهضة الأثمان، لا يتمكن اقتناؤها إلا المثرون والملوك، فكان الفقير يتحسر على رؤيتها ويذوب شوقاً إليها فلا يمكنه شراؤها لقلة ما في يده، وكم من أرباب الذكاء والدهاء لو كان في أزمانهم من الوسائل التي تنشر أفكارهم وتبث آراءَهم بين الأمم والشعوب لخدموا المجتمع البشري خدمة ظهرت فوائدها، واقتطفت ثمراتها، وكم من علماء أعلام وأساتذة فخام، وباحثين وأطباء وبلغاء وفصحاء وملوك فاتحين، اندرست آثارهم، وغابت عنا أخبارهم بضياع دفاترهم ودواوين أخبارهم، لخلو الطباعة في هاتيك الأزمنة الغابرة لتنشرها بين الأقوام وبقي مجتمعنا اليوم محروماً من الوقوف على سيرهم وأديانهم ومدنيتهم إلا شيئاً طفيفاً استخرجه الباحثون من بين القبور في بلاد الفراعنة، وفي كهوف الجبال في فنيقية وفارس، ومن بين الخرائب في بابل ونينوى، فما هذه المدنية التي فضلت فيها قرننا الحاضر القرون الغابرة، وما هذه الكتب المفيدة والأسفار الكبيرة، التي حوت كل فكر سامٍ وعلم جليل، ورأي ثاقب إلا ثمرة من ثمرات المطابع وما سر هذه الحياة وعلة هذه المدنية التي أبهرت العقول، بل ما هذه النهضات الأدبية، والاجتماعية، والاخلاقية، والسياسية التي نراها كل يوم بين الشعوب إلا وهي نتيجة ذلك المخترع العظيم لذاك الاختراع الجليل.
2 -
اختراع فن الطباعة
المشهور أن أول من اخترع فن الطباعة، وأذاعه بين الأمم والشعوب
هو رجل اسمه
غوتنبرغ وكان ذلك في أواسط القرن الخامس عشر حينما كانت الأفكار ناضجة في أوروبا أي أنه اخترعها سنة 1441م وأذاعها سنة 1454م بيد أن هذا المخترع العظيم لم يكن يكتفي بظواهر هذا الاختراع ويقنع بما ناله من شعبه من التبجيل والإكرام بل اخذ على نفسه طبع الكتب النفيسة والأسفار العتيقة لينشرها في العالم الأوربي. فكان أول كتاب طبعه التوراة الكريمة سنة 1456م وكتاب الزبور باللاتينية سنة 1457م. ولما ظهرت فوائد الطباعة للعيان أخذت الشعوب الناهضة باقتناء الكتب والآثار الدينية لرخص أثمانها وكانت إنكلترة هي السابقة إلى نشر الطباعة والكتب في بلادها. ففي السنة التي فيها طبع غوتنبرغ كتاب الزبور دخل فن الطباعة إنكلترة على يد أحد التجار وأول مطبعة أنشئت في إنكلترة كانت في وستمنستر سنة 1474م وقد كان فن الطباعة في بادئ أمره ناقصاً محتاجاً إلى إصلاح فارتقى رويداً رويداً عملاً بسنة النشوء والارتقاء حتى إذا جاء القرن الثامن عشر اخترع الأستاذ الوئيس سنفلدير الألماني الطبع على الحجر بصورة سهلة فتوسعت بذلك الطباعة وصارت تتناول الكتب الفلسفية والجرائد والمجلات وكتب موسوعات العلوم بعد أن كانت مقصورة على طبع الكتب الدينية والردود والمنشورات التي كانت قائمة بين لوثير مؤسس البروتستانية وأشياعه والبابا رئيس الديانة الكاثوليكية واتباعه، وهكذا انتشرت الطباعة بين الشعوب والأقوام السريعة الخطوات نحو المدنية.
فاستنارت الأمم بحضارتي الرومان واليونان ووقف العالم الغربي على سرائرهما ودخائلهما بعد أن كان لعب بكتبهما الزمان وغادرها مطروحة في زوايا الإهمال حتى اخذ كل فرد يقتنيها من غير تكلف وعناء.
3 -
الطباعة في بابل وأشور
وهنا لا بأس من أن نزيف أقوال البعض الذين أنكروا على غوتنبرغ اختراع فن الطبع وزعموا أنه يرتقي إلى عهد البابليين والآشوريين حينما كانوا يطبعون أدعيتهم للآلهة على ألواح صغيرة من الصلصال مستدلين على ذلك بما عثر عليه النقابون في خرائب بابل من ديار العراق وفي أشور قرب نينوى من تلك الألواح التي تؤيد مزاعمهم بيد أن ذلك مردود بأن مثل هذا لا يصدق عليه فن الطبع ولو صدق عليه لجاز لنا أن ننسب فن الطبع إلى الأمم التي كانت قبل أمة الآشوريين والبابليين كالأكديين والسومريين والعيلاميين الذين
وجد الباحثون من آثارهم شيئاً كثيراً كالرقم المسمارية والآجر المكتوب عليها أخبارهم وسير ملوكهم وأحوالهم وحروبهم مع أننا لم ننسب ذلك إليهم ولم نسمع أحداً قال بذلك إذ أن فن الطبع غير الكتابة على الأحجار والألواح.
أما وقد رأَيت بطلان هذا الرأي فلا بأس من أن نزيف أيضاً أقوال الناسبين اختراع فن الطباعة إلى رجل يدعى فست وذلك سنة 1441م أو إلى آخر يدعى كستر وأنه اخترعها سنة 1423م أي قبل فست بثماني عشرة سنة قلنا أن هذا الرأي مردود أيضاً لأنه أن كان هؤلاء الرجال في عصر واحدٍ فما الذي أقعدهم عن أن يكذبوا غوتنبرغ ويدعوا الاختراع لأنفسهم ولو فرضنا أن المخترعين لهذا الفن قد توفيا قبل
ادعاء غوتنبرغ ذلك له ولم يكن وقتئذ أحد عالماً بذلك فمن الذي أوصل إلينا خبر نسبة اختراع فن الطباعة إلى هذين الرجلين ولو سلمنا جدلاً أن المطلعين على الحقيقة أبوا أن يذيعوها إذ أنه مما يلطخ صفحة تاريخ غوتنبرغ بلطخة سوداء وهو مما كانوا يتحاشونه خوفاً على شرف الرجل فهل نسلم بأن أولئك الرواة الذين غضوا نظرهم عن منكر ليس كسائر المنكرات وجريمة باهظة لا يمكن الطعن بهم وبروايتهم أو لا تخلو أقوالهم من دسيسة وافتراء. كلا ثم كلا: إذاً أن مخترع فن الطباعة هو غوتنبرغ صاحب الراية البيضاء على العالم فلا يجب حينئذٍ أن نبخس حقه أو ننكر عليه سعيه بل يجب أن لا نذكر اسمه إلا ومقروناً بالتجلة والاحترام فجزاه الله عن العلم خيراً.
4 -
الطباعة في البلاد العثمانية
القسطنطينية اسبق البلاد العثمانية إلى صناعة الطبع النفيسة وكان سلاطين آل عثمان في بادئ الأمر لا ينظرون إلى الطباعة بعين الاهتمام والرضى لأنهم كانوا يخشون أن تتشوه محاسن الكتب الدينية أو يعتريها بعض التحريف بواسطة الطبع حتى أن السلطان بيازيد خان الثاني نشر منشوراً عالياً سنة 1485م حظر فيه على رعاياه اتخاذ المطبوعات ولما جلس السلطان الغازي سليم خان الأول على سرير الملك أيد منشور أبيه بأمر عال أصدره سنة 1515م على أن ذلك لم يكن يحول دون انتشار الطباعة في البلاد العثمانية إلا موقتاً
وأول من سعى بإنشاء مطبعة في الأستانة رجل يهودي عالم كان من أرباب الثروة والجاه متقرباً من رجال الإدارة في العاصمة يدعى اسحق جرسون وكان قصده من ذلك أن ينشر
بين أهل ملته الكتب المطبوعة ويغنيهم عن المؤلفات التي لا يحصل عليها إلا بالمشقات لقلة وجودها وندرتها ويرتقي عهد هذه المطبعة إلى القرن الخامس عشر وكانت تطبع الكتب العربية بحروف عبرانية وهي على ما يرويه لنا التاريخ أول مطبعة شرقية أدت للآداب العبرية خدمة جليلة مدة ثلاثة قرون.
أما الطباعة بالحروف العربية فقد دخلت الأستانة لأول مرة على يد محمد جلبي المعروف بيكرمي سكز وابنه سعيد أفندي في عهد السلطان الغازي سليم خان الثالث، وكانا من ذوي المدارك السامية، والهمم العالية وكان محمد أفندي سفيراً للدولة العلية في باريس فلفتت أنظاره المطابع الفرنسوية فأراد أن يتحف بها الأستانة فاخذ يستميل أراء كبار رجال العلم والأدب إلى هذا المشروع الكثير النفع وإخراجه إلى حيز الوجود وبدهائه واجتهاده اجتذب كبار رجال الدولة واستمال إليه الصدر الأعظم إبراهيم باشا صهر السلطان فأيد مشروعه ونصره في مهمته وأمده بأموال طائلة واصدر بحقه أمراً سامياً يجيز له طبع كل الكتب إلا الدينية كالتفسير والحديث والفقه بيد أنه أستحصل أخيراً فتوى أجازت له طبع الكتب الدينية أيضاً واليك صورة الاستفتاء بحروفها (وأظن أن هذا الاستفتاء هو بشأن جواز الطبع كما يفهم منه):
(ما قولكم دام فضلكم في ما يقوله زيد ويدعيه عمرو من أنه يقدر على
نقش صور كلمات وحروف المؤلفات في العلوم الآلية: القواميس والمنطق والحكمة والفلك وجمعها في قالب وطبعها على الورق واستحصال نسخ كثيرة من هذه الكتب فهل يجوز له ذلك شرعاً أفتونا مأجورين) وقد أفتى له بجواز ذلك عبد الله أفندي شيخ الإسلام في ذلك الزمان واليك صورة الفتوى:
(إن زيداً الذي برع في صناعة الطبع إذا نقش صحيحاً على الورق فأنه يحصل على نسخ كثيرة من غير عناء وتعب وهذا مما يستوجب رخص أثمان الكتب والمؤلفات ومن ثم تتداولها الأيدي وبذلك تعم الفائدة وتشمل كل طبقات الناس وعليه يجوز شرعاً الطبع على الوجه المذكور ويستحسن تأليف لجنة لتصحيح الكتب المراد نقشها والله اعلم).
وقد اتفق أن سعيد أفندي فتش على رجل عالم بفن الطباعة ماهر بهذه الصناعة فسمع بشهرة (إبراهيم اغا متفرقة) وكان من حراس القصر السلطاني من أهل المجردان بالإسلام
فحادثه على أن يساعده في هذه المهمة فاتفق معه فأخذا يبذلان جدهما في تأسيس مطبعة وجلب آلاتها وسكب قوالب حروفها وكان أول كتاب طبعاه ترجمة صحاح الجوهري سنة 1141هـ - 1728م وكتاب تحفة الكبار في أسفار البحار المسمى بتاريخ الحاج خليفة في تلك السنة عينها وتعددت بعد ذلك مطبوعاتها.
ولما توفي (إبراهيم آغا متفرقة) أخذت المطبعة في الانحطاط والنزول إذ خلفه في أدارتها إبراهيم أفندي من القضاة السابقين إلى أن توفي هذا أيضاً فتعطلت مدة تزيد على 20 سنة ثم فتحت سنة 1198هـ - 1782م
وطبعت فيها أهم الكتب النفيسة وأكثرها لغوية وتاريخية وفنية ولما نجحت هذه المهمة ورأى المنورون فوائد الطبع وسهولة اقتناء الكتب بواسطتها انتشرت في سائر البلاد العثمانية وكثرت المطابع فيها ولم يأُت القرن التاسع عشر إلا وكثرت المطبوعات وتعددت ونمت نمواً باهراً ومن أشهر المطابع العربية في الأستانة في ذك القرن مطبعة الجوائب وكان لها اليد الطولى على النهضة العربية بمطبوعاتها النادرة.
5 -
المطابع في سورية
أما المطابع في البلاد العربية فدخلت أولاً (لبنان) على يد الراهب الماروني عبد الله ضاهر سنة 1141 وكان لها مطبوعات جمة ليس هنا محل ذكرها ودخلت الطباعة حلب في القرن الثامن عشر وأول مطبعة ظهرت فيها على ما نعلم المطبعة الحلبية المارونية سنة 1857م ومنشئها المطران يوسف مطر. وهي باقية حتى الآن وادخل الطباعة إلى بيروت الروم الأرثوذكس في أواسط القرن الثامن عشر وأول مطبعة أسست فيها مطبعة القديس جاورجيوس وأول مطبعة ظهرت في الشام المطبعة الحنفية وهي التي أحضرها من ديار الغرب المرحوم حنا الدوماني سنة 1272هـ 1855م وهي الآن متروكة لما انتابها من العراقيل ويليها في القدم مطبعة ولاية سورية أنشئت سنة 1282هـ - 1862م وفيها تطبع جريدة سورية الرسمية وأول من ادخل الطباعة إلى القدس الآباء الفرنسيسيون وأسسوا مطبعتهم فيها سنة 1846م بمساعدة الإمبراطور فرانسوا جوزيف النمسوي. هذا مختصر تاريخ الطباعة بالحروف العربية في ربوع سورية بقي علينا