المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌العراق 1 - مقدمة تمهيدية عن العراق كثر الباحثون عن العراق وحالته - مجلة لغة العرب العراقية - جـ ٢

[أنستاس الكرملي]

فهرس الكتاب

- ‌العدد 13

- ‌سنتنا الثانية

- ‌العراق

- ‌ابنة اليوم وحقيقتها وأسماؤها

- ‌سرعة عمران عبادان

- ‌الخطر على نخل العراق

- ‌خواطر في المنتفق وديارهم

- ‌مؤتمر المستشرقين في سنة 1912

- ‌المختار في الطب

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 14

- ‌تيتنيك

- ‌نظرة في العادات

- ‌قصر الاخيضر

- ‌نقد كتاب تاريخ آداب اللغة العربية

- ‌العراق:

- ‌من أسماء ابنة اليوم

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌باب التقريظ

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 15

- ‌الصحف

- ‌الطيارة في ديار العرب والغرب

- ‌السفن في العراق

- ‌المنصورية أو المنصوري

- ‌كتاب معارج القدس

- ‌صحة اصل كلمة شاخة

- ‌عريسات

- ‌الشهرستانية

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 16

- ‌خمعة بنت الخس الإيادية

- ‌تذييل في نساء العرب

- ‌العشائر القاطنة بين بغداد وسامراء

- ‌نظر تاريخي في لغة الاسبرانتو

- ‌تاريخ آداب اللغة العربية

- ‌لباس الحيوانات وتنكر أزيائها

- ‌أشباه السفن في العراق

- ‌الملاحة على الفراتين

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌مفردات عوام العراق

- ‌العدد 17

- ‌نبذة من عادات العراقيين المسلمين

- ‌الماليسور

- ‌شروين

- ‌المرصاع أو الدوامة

- ‌الفصاحة وكتاب العراق

- ‌كتاب تاريخ آداب اللغة العربية

- ‌العدد 18

- ‌السويديون

- ‌الطباعة

- ‌أفكار الغربيين نحونا

- ‌سوق الشيوخ

- ‌الفرق بين الصالح وغير الصالح

- ‌حافظة الإمام ابن الحداد

- ‌المرء ودنياه

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 19

- ‌قبور غريبة قديمة في البحرين

- ‌الشيخ عبد الرحمن السويدي

- ‌العمرة عند العراقيين

- ‌نهر الرشادي في الديوانية

- ‌عاشوراء في النجف وكربلاء

- ‌مشاهير بيوت وقبائل سوق الشيوخ

- ‌نحن والدهر

- ‌العريسات وأم الغراف

- ‌الطباعة في دار السلام والنجف وكربلاء

- ‌عادات العراقيين

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 20

- ‌طُعيرِيزات

- ‌الشيخ محمد سعيد السويدي

- ‌التشوه والتزين عند الحيوانات

- ‌وصف مدافن البحرين

- ‌لعبة البس والهرّ

- ‌السبحة في الشرق

- ‌أوائل في الأدب مرتبة على سني الوفيات

- ‌صاحب البستان

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌مفردات عوام العراق

- ‌العدد 21

- ‌صرعى الكتب والمكتبات في العراق

- ‌طيزناباذ القديمة

- ‌أبو الفتوح الشيخ إبراهيم السويدي

- ‌بلد البوعينين

- ‌الضرب على النحاس في أبان الخسوف

- ‌الكوفيّة

- ‌أدوات السفينة

- ‌أسرار الحياة وهتك أسرارها

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمطارحة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌ألفاظ عوام العراق

- ‌العدد 22

- ‌الكتابة في العراق

- ‌الشيخ محمد سعيد السويدي

- ‌كتب القراءة

- ‌عش وحيداً

- ‌المرأة المسلمة والتربية

- ‌الاشتيار

- ‌الماء في النجف

- ‌فوائد شتى

- ‌باب المكاتبة والمطارحة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 24

- ‌عريسات

- ‌بعض آراء في معنى بغداد

- ‌كتاب مقاييس اللغة

- ‌في معترك الحياة

- ‌عمل الطاباق في العراق

- ‌العرائف

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

الفصل: ‌ ‌العراق 1 - مقدمة تمهيدية عن العراق كثر الباحثون عن العراق وحالته

‌العراق

1 -

مقدمة تمهيدية عن العراق

كثر الباحثون عن العراق وحالته الاجتماعية والسياسية والأدبية، وعن الحركة الفكرية التي ظهرت في أهاليه، وعن عادات قطانه وأخلاقهم وعاداتهم، وملئوا بكتاباتهم صفحات الصحف الكبيرة والمجلات الراقية؛ إلا أن أبحاثهم لم تكن وافية، ليتمكن القارئ بواسطتها من أن يقف على أحواله تماماً، إذ أن بعض أولئك الكتاب من هم ليسوا من أهل البلاد، فإذا كتبوا ما رأوه بأعينهم، دونوه عن غير بحث وتنقيب وإيغال، لعدم اطلاعهم تمام الاطلاع على ما عليه السكان من العادات والاخلاق، وما جبلوا عليه من الخصال، وما اتصفوا به من الأوصاف الجميلة، والمناقب الحميدة. وبعضهم من أهل البلاد، إلا انهم، ويا للأسف! قليلو البضاعة والتنقيب؛ وبما أني منذ أن مارست الكتابة أخذت أفتش وأنقب عن حالة العراق الاجتماعية وما بلغ إليه هذا الصقع من العمران والتقدم والترقي، أظنني أني وقفت على أشياء لم يعثر عليها غيري؛ وقد كتبت ما شاهدته ورأيته وعلمته وتوصلت إليه في عدة مقالات متسلسلة نشرتها في أكبر جرائد سورية كالمقتبس وغيرها، وبعض جرائد بغداد، بينت فيها بأجلى وضوح، حالة العراق العلمية والزراعية والاجتماعية والإدارية والسياسية، وقد رفعت بها الستار عن سياسة الأجانب في العراق، وما يرمون إليه بسياستهم فيه؛ وقد طلب مني من لا يسعني مخالفته، أن ارصد مقالة تضم شتات تلك الفوائد إلى فوائد أخرى جمعتها في أثناء أبحاثي المختلفة، وأن انشرها في إحدى المجلات البغدادية ليطلع عليها الجمهور، فأجبت طلبه، وقد شمرت عن ساعد الجهد للخوض في بحر هذا الموضوع، فعسانا أن نتوصل به إلى الغاية المطلوبة، وهي إسعاد هذه الأمة ورقيها. إن ربك على كل شيءٍ قدير.

2 -

نظرة في هبة العراق

أننا لا نريد أن نذكر هنا عن العراق ما قد أثبتته التواريخ إثبات الشمس في رابعة النهار فعلمه الخاص والعام، بل الكبار والصغار، واجمع عليه علماء

ص: 2

الاجتماع؛ بل الذي أريد أن اعرضه على قراء (لغة العرب) هو ما أشرت إليه في صدر هذه المقالة ولمحت إليه في كلامي عن هيت (راجع لغة العرب 249: 1)

3 -

حالة العراق الاجتماعية الحاضرة

إن صدري، وربك، ليضيق؛ بل ويقف قلمي عندما أريد أن أخوض في هذا الموضوع، لألم بحالة العراق العلمية والاجتماعية الحاضرة، وما قضى به عليها الدهر الخؤون، والطالع التعس، من التقهقر والتأخر وتبديل الحال بما هو اتعس منها من ذل، وجهل، وفقر، وفقد رجال علم وعمل. فقد اصبح الوطن بين جاذب ودافع وعامل لخرابه وجاهل بإصلاحه وضارٍ له غير نافع إياه. اللهم إلا في هذا العهد الجديد الذي تغيرت فيه الأحوال.

ولا ادري ما السبب لهذا التأخر؟ إلا أن النواميس الطبيعية التي وضعها الحكيم، جل وعلا، هي أقوى دليل على إثبات الأسباب؛ فقد قضى ربك أن يكون لكل شيء ناموس طبيعي يجذبه إلى العلو، ويرفعه إلى فوق، وإذا فسد مجراه، عاد إلى الوراء أو هوى إلى تحت. وقد كانت هذه البلاد لما كان القائمون بها رجالاً يسيرون بها على مقتضى القانون والحكمة التي وضعها الله، سبباً لرقي الأمة: منبع الحكمة، وكعبة العلم، وأم المدنية، وعروس الحضارة والتقدم، في العلم والأدب والصناعة والزراعة والتجارة والحكمة والفلسفة والهندسة والطب وغير ذلك. فنبغ في ذلك الأوان أولئك الرجال الكبار الذين كانوا السبب الأعظم في كشف كثير من الأسرار الغامضة في عالم الطبيعة.

ذلك ولما كانت العربية تتجلى عصرئذٍ في وطننا بأجلى محاسنها، وأبهى مناظرها، وكان إذ ذاك قائد الأمة واحداً، وهو التعاون على حفظ كيان الدين والوطن والاتحاد، وعلى السعي للحصول على السعادة المقدسة الدائمة، بلغت هذه الديار أقصى غايةٍ من الحضارة والعمران.

أما اليوم وقد بدل من على هذه الأرض، وتغيرت تلك الأحوال، وطمست الآثار، وتهدمت صروح العلم، وسلط ربك على هذه البلاد الغرق،

ص: 3

والحرق، والطاعون، والتفرقة، غدت العربية تندب رجالها، وتبكي المنازل أبطالها، والمدارس طلابها، وأمست إلى ما تراه، أي لا تجد من الناس إلا القليل ممن يعرف تاريخ بلاده، وحياة آبائه، أو يحسن النطق بلغته. وهل بعد هذا الهوان العظيم هوان اعظم وادهم؟!

وكلما سرحت طرفي في تاريخ هذه البلاد، وأخذت أفتش عن تلك المعاهد والمنتديات، وتلك المدارس والكليات، وتلك المعالم والمستشفيات، لا أجد فيها إلا آثاراً قائمة على جرفٍ

هارٍ، كالمستنصرية، وقد اصبح قسم منها داراً للمكس، وآخر مطبخاً للآكلين، وشطراً منه مشرب قهوة للبطالين وأهل الفراغ. فيا لخجل العراق والعراقيين! وكلما أردت أن أرى رجالاً مثل الفارابي، وابن سينا، والبغدادي، لا يقع نظري إلا على أناس أفذاذ شغلتهم الحياة الدنيا عن السعي مثل ما سعى إليه أولئك الرجال، ولا أرى إلا مظاهر جلها البلاء الأكبر على البلاد، والعباد.

4 -

حدود العراق وقسماه

اختلفت حدود العراق باختلاف الأعصر والدول. قال ياقوت في معجم البلدان: (قال بعضهم: العراق هو السواد. . . وذهب آخرون في ما ذكر المدائني فقالوا: حده حفر أبي موسى من نجد، وما سفل عن ذلك يقال له العراق. وقال قوم: العراق: الطور والجزيرة والعبر. والطور ما بين ساتيدما (والمراد بساتيدما هنا جبل حمرين) إلى دجلة والفرات. وقال ابن عياش: البحرين من أرض العراق. وقال المدائني: عمل العراق من هيت إلى الصين والسند والهند والري وخراسان وسجستان وطبرستان إلى الديلم والجبال. قال: واصبهان سنة العراق. وإنما قالوا ذلك لأن هذا الكلام كان في أيام بني أمية يليه والى العراق لا أنه منه. والعراق هي بابل فقط كما تقدم.) اهـ

ومهما يكن من أرف العراق سابقاً، فحدوده اليوم هي: الجزيرة في الشمال وخليج فارس في الجنوب، وجبال لورستان وبعض خوزستان وشيء من عربستان

ص: 4

ودورقستان في الشرق، وبادية الشام أو الحماد في الغرب.

ويقسم العراق اليوم قسمين وكل قسم منهما عبارة عن ولاية قائمة بنفسها وهما: ولاية بغداد، وولاية البصرة. وكلتاهما كبيرة تحتوي على عدة ألوية وكثير من الأقضية، وألوف من القرى والنواحي. ولهاتين الولايتين شان عظيم في التاريخ سنأتي بذكره بحوله تعالى.

5 -

اصل اسم العراق ومعناه وأقوال العلماء فيه.

ذهب العلماء مذاهب شتى في حقيقة هذا الاسم وأصله ومعناه. قال ياقوت سميت العراق بذلك من عراق القربة، وهو الخرز المثنى الذي في أسفله، أي إنها اسفل أرض العرب. وقال أبو القاسم الزجاجي: قال ابن الأعرابي: سمي عراقاً لأنه سفل عن نجد ودنا من

البحر. اخذ من عراق القربة وهو الخرز الذي في أسفلها. وانشد: (تكشري مثل عراق الشنة) وانشد أيضاً:

لما رأينا دردرى وسنى

وجبهتي مثل عراق الشن

متن عليهن ومتن مني

قال ولا يكون عراقها إلا أسفلها من قربة أو مزادة. قال: وقال غيره: العراق في كلامهم الطير. قالوا وهو جمع عرقة، والعرقة ضرب من الطير. ويقال أيضاً العراق جمع عرق. وقال قطرب: إنما سمي العراق عراقاً لأنه دنا من البحر. وفيه سباخ وشجر يقال استعرقت ابلهم، إذا أتت ذلك الموضع وقال الخليل: العراق شاطئ البحر وسمي العراق عراقاً لأنه على شاطئ دجلة والفرات مداً، حتى يتصل بالبحر على طوله، قال: وهو مشبه بعراق القربة، وهو الذي يثنى منها فتخرز. وقال الأصمعي: هو معرب عن إيران شهر، وفيه بعد عن لفظه، وأن كانت العرب قد تتغلغل في التعريب بما هو مثل ذلك، ويقال: بل هو مأخوذ من عروق الشجر. والعراق من منابت الشجر فكأنه جمع عرق. وقال شمر: قال أبو عمرو: سميت العراق عراقاً لقربها من البحر قال: وأهل الحجاز يسمون ما كان قريباً من البحر عراقاً. . . وقال حمزة: الساحل بالفارسية اسمه أيراه، ولذلك سموا كورة اردشير خرة، من أرض فارس، ايراهستان لقربها من البحر فعربت العرب لفظ أيراه بإلحاق القاف فقالوا:

ص: 5

أيراق. وقال حمزة في الموازنة: وواسطة مملكة الفرس العراق، والعراق تعريب أيرأف بالفاء. ومعناه مغيض الماء وحدور الماء. وذلك أن دجلة والفرات وتأمرا تنصيب من نواحي أرمينية وبندٍ من بنود الروم إلى أرض العراق وبها يقر قرارها فتسقى بقاعها وكان دار الملك من أرض العراق إحداهما عبر دجلة، والأخرى عبر الفرات، وهما بافيل وطوسفون، فعرب بافيل على بابل وعلى بابلون أيضاً، وطوسفون على طيسفون وطيسفونج. وقيل سميت بذلك لاستواء أرضها حين خلت من جبال تعلو وأودية تنخفض. والعراق: الاستواء كما في كلامهم قال الشاعر:

سقتم إلى الحق معاً وساقوا

سياق من ليس له عراق

أي استواء.) إلى هنا كلام ياقوت. وأصدق هذه الأقوال وأوفقها للحقيقة: إن العراق هو تعريب (أيراه) وعليه إجماع العلماء من وطنيين وأجانب. وهو رأينا ايضاً، وصحته

ظاهرة من مناسبة الاسم للمسمى كما هو بين لأدنى تأمل.

6 -

أديم العراق وهواؤه وتأثيره على سكانه

العراق اعدل أرض الله هواء وأصحها مزاجا وماءً. . . وليس بالعراق مشاتٍ كمشاتي الجبال، ولا مصيف كمصيف عمان، ولا صواعق كصواعق تهامة، ولا دمامل كدمامل الجزيرة، ولا جرب كجرب الزنج، ولا طواعين كطواعين الشام، ولا طحال كطحال البحرين، ولا حمى كحمى خيبر، ولا كزلازل سيراف ولا كحرارات الأهواز، ولا كأفاعي سجستان، وثعابين مصر، وعقارب نصيبين، ولا يتلون هواؤها تلون هواء مصر، وهو الهواء الذي لم يجعل الله فيه في أرزاق أهله نصيباً من الرحمة التي نشرها الله بين عباده وبلاده حتى ضارع في ذلك عدن أبين. (ياقوت)

والحر والبرد شديدان في العراق ولكنهما في اغلب الأحايين يابسان. وقد رأينا الشتاء اشتد، حتى نزل ميزان الحرارة إلى 8 درجات تحت الصفر في المدن. و16 درجة في البرية، فقتل مئات من الناس والحيوان والنبات في ليلة واحدة. ويشتد الحر في كل سنة حتى يبلغ 48 درجة في الظل، وكان قبل 25 سنة يبلغ 50

ص: 6

درجة. على أنه يحتمل بعض الاحتمال إذا كان يابساً، والهواء غربياً أو شمالياً؛ أما إذا كان شرقياً فتضيق الأنفس وتحرج الصدور ويشتهى السكان سكنى القبور. وفي جنوبي العراق، يقتل الحر كل سنة عدة أُناس بأمراض تتولد من حماوة القيظ.

وقد لاحظ بعضهم أن بين مناخ العراق ومناخ يعقوب آباد وبشاور (من ديار الهند العالية) مشابهة عظيمة. قال السر وليم ولكوكس: (أن حالة الهواء القصوى في نهار أيام الربيع تختلف بين 2، 23 درجة في ت2 إلى 4، 15 درجة في كانون الثاني؛ ثم ترتفع رويداً رويدا حتى تبلغ 7، 28 في نيسان. ومتوسط حالة الهواء. في يعقوب آباد في مثل تلك الأيام وتلك الساعات هو: 1، 23 في كانون الثاني و5، 17 درجة في بشاور في ذلك الشهر. وعليه فتكون حالة الهواء في بغداد أدنى بكثير في قلب الشتاء منها في الأصقاع الواقعة في ديار الهند العليا وعلى ذلك الخط عرضاً. ولعل ذلك ناتج من تراكم الثلوج البعيدة الأكناف التي تكسو الديار في الشمال الشرقي من العراق، أي بلاد كردستان وأرمنية.

وحالة الهواء في الليل تنزل في كانون الثاني إلى الدرجة 2، 4 في بغداد. وفي الهند العليا تكون الدرجة الدنيا في شهر كانون الأول فإنها تنزل إلى الدرجة 9، 3 في بشاور و6، 4 في لاهور و3، 6 في يعقوب آباد. ومن ثم تكون حالة الهواء في بغداد أوطأ مما هي عليه في سائر مدن الهند العليا إذا كانت على خط ارتفاع بغداد أو أعلى منها بقليل.)

7 -

الضغط الجوي

أعلى ضغط جوي في بغداد يقع في شهر كانون الأول فيبلغ متوسطه 768 مليمتراً وينزل قليلاً جداً في شهري كانون الثاني وشباط. ثم بعد ذلك يهوى سريعاً إلى شهر تموز فيكون 753 مليمتراً تقريباً. ثم يصعد صعوداً متئداً في آب، وبعد ذلك يصعد صعوداً وحياً متواصلاً إلى شهر كانون الأول. ومحيان الدرجة العليا والسفلى يكون في مثل ذينك الشهرين في ديار الهند الشمالية أي في شهري كانون الأول وتموز. وتكون فسحة التراوح السنوي 16 مليمتراً وهي

ص: 7

أعلى بقليل في بشاور (15 درجة) منها في لاهور (14 درجة) وهي أدنى بقليل في يعقوب آباد (5، 16 درجة). وفي أيام الشتاء توجد بغداد (وهي معدودة من المدن المتصدرة شرقي العراق) قريبة من محور خطٍ منحنٍ وهمي عالي الضغط أو مقاوم للرياح الزعازع يمتد من آسيا الوسطى إلى بحر الروم. وعلى طول هذا المحور يزداد الضغط في كانون الأول وكانون الثاني وشباط من نحو 762 مليمتراً، في غربي بحر الروم، إلى نحو 763 مليمتراً في صقع متوسط قريب من بحيرة بيكال. هذا وفي أبان الحر اليابس تعد بغداد داخلة في الخط المنحني، خط ضغط قارة آسية الجنوبية، وهو الموطن الممتاز كل الامتياز من هذا الصقع في أوان البرشكال (1) الجنوبي الغربي. والصقع المتوسط يمتد من ساحل جزيرة العرب الشمالي الشرقي (أي عمان) إلى الجنوب الغربي من بنجاب، وصورته خط متشابه الامتداد أو يكاد، وهو يكون 748 مليمتراً في حزيران، و747 في تموز، و749 في آب، وهو خط يكاد لا يتغير عن موضعه في هذه الأشهر. وعليه فيكون الضغط الهوائي في وادي الفراتين طول السنة أوطأ مما هو عليه في تلك البلاد الهندية. ومتوسطها لا يتغير تغيراً عظيما في مدة أشهر السنة (معرب عن ويلكوكس)

8 -

السحب في العراق

إن مقدار السحب التي تبرقع وجه سماء العراق نزر جداً في مدة السنة. وهي لا تكاد تكون شيئاً، في أوان القيظ ولا تبلغ ألا 5، 0 (والسماء إذا تغشت كلها تبلغ 10) وفي أبان الرطوبة تبلغ 8، 1 في كانون الاول، و 7، 2 في كانون الثاني وشباط. والغيوم في هذا الفصل هي اقل مما هي عليه في مثل هذا الفصل في ديار الهند العالية، وأن كانت عللها واحدة على ما يظن، أي نشؤ أو تقرب هبوط عظيم، لكنه واطئ، أو بعبارة أخرى، اضطراب الجو في فصل الصيف. وهذه الانقلابات تنشأ في اغلب الأحيان في فارس، وتولد سحباً جمة

ص: 8