الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الطباعة في دار السلام والنجف وكربلاء
-
لم تكن بغداد حتى أواسط القرن التاسع عشر تعرف المطابع أو فن الطبع بل كان العراقي إذا سمع بأن الكتاب الكبير الكثير الصفحات يطبع في يوم أو بعض يوم تأخذه الحيرة ويبقى مبهوتاً مدهوشاً لضعف مداركه وقلة بضاعته في العلم حتى أنه لا يصدق ذلك وربما أنكره وعده من رابع المستحيلات، وليت الأمر وقف عند هذا الحد بل ربما استهزأ بأقوال الواصفين له فن الطباعة وعده من فنون السحر! بيد أن العراقيين لما رأوا ما جلبت الطباعة على أهل مصر الذين سبقوا البلاد العربية من الفوائد الجمة، وما درته عليهم من الذهب الوهاج، ورأوا كثرة الكتب وزهد أثمانها قامت بينهم نهضة علمية غلبت فيها التجارة فدفعتهم بسائق العلم إلى أن يجاروا على الأقل إخوانهم السوريين الذين كانوا أسبق البلاد العثمانية العربية إلى جلب المطابع بعد مصر. وعلى الأخص لما شاهدوا بأعينهم ما جنته الحكومة من الفوائد والثمرات من مطبعتها التي كان جلبها أبو الأحرار مدحت باشا سنة 1286هـ 1869م. إذ من عادات العراقيين التي قد استحكمت عراها بينهم (وكانت سبباً وحيداً في تأخرهم وعقبة كؤوداً في طريقهم وسيرهم نحو المدنية) أنهم لا يتشبثون بمشروع ولا يعقدون شركة ولا ينشئون محلاً أو غير ذلك إلا بعد أن يشاهدوا ثمراتها وفوائدها بأعينهم ولو أدى الأمر إلى قعودهم وتأخرهم عن مجاراة الأمم الراقية وبعد أن يستثمرها الأجانب ويتمكنوا من رقابهم والاستيلاء على منابع ثروتهم، ومصداقاً لقولنا هذه شركة لنج فأنها قبل أن تعطيها الحكومة امتياز تسيير بواخر في نهر الفرات كانت قد عرضتها على أغنياء بغداد وتجارها مع تساهل عظيم في الشروط بواسطة أحد الولاة فلم يقبلوا وأحجموا عن استثمار ينابيع ثروة بلادهم فلما رأوا ما جادت به على لنج من الريع الكثير والفوائد الجمة قاموا تلك القومة المشهورة وزعزعوا الآستانة باحتجاجاتهم على توحيد الإدارتين النهرية العثمانية والإنكليزية معارضين تسليمها إلى لنج ولكن بعد خراب البصرة!
ولما نظروا الفوائد التي انتفعت بها بغداد من مطبعة الحكومة تهافتوا على جلب المطابع وما يلحق بها من أدوات لطبع الحروف وللطبع على الحجر
ومسابك ومقاطع وآلات تنحيس وصقل وتذهيب وتجليد وإلى الآن ليست مطابعهم على ما يرام أو ليست كافية لما
تحتاج إليه البلاد العراقية المملوءة مكتباتها كتباً وأسفاراً ثمينة لم يرها إلا الأقلون من ذوي الثروة الطائلة وذلك لأن الرجل العراقي إذا أراد أن ينشئ مطبعة يتكبد النفقات والمشاق في سبيل جلبها ما لا يتكبده أخوه السوري وذلك لقرب البلاد السورية من أوروبا ووفرة الطرق والسكك الحديدية فيها وبعد البلاد العراقية عنها وخلوها من سكك حديدية وطرق مواصلات تربطها بالبلاد الراقية وتقربها منها. ولا ريب أن بلاد العراق في أقصى ديار الله. وهذا ما أخرهم عن غيرهم وجعل بينهم وبين غيرهم من الأمم الراقية مراحل كثيرة. وليس بعدهم عن البلاد الراقية هو الذي أخرهم في تكثير المطابع وتحسينها وإتقان صناعتها فقط بل أخرهم عن طلب العلم ومجاراة الشعوب الناهضة والسفر إلى البلاد التي نالت نصيباً وافراً من المدنية لتكاثر مناهل العلم فيها والاستفادة بنبراس كلياتها إذ أن للبعد والقرب من البلاد المتقدمة في عالم الحضارة دخلاً كبيراً في رقي الشعوب وانحطاطها.
أسماء مطابعها ومطبوعاتها
1 -
(مطبعة الولاية) - هي أول مطبعة أنشئت في بغداد بل في ديار العراق العربي جلبها من بلاد الإفرنج أبو الأحرار مدحت باشا فاتح متصرفية الاحساء وصاحب المآثر الجليلة والآثار الكثيرة في العراق سنة 1286هـ 1869م وسماها بالزوراء نسبة إلى بغداد وهي من أسمائها أو أنها سميت باسم الجريدة التي أنشأها سنة 1287هـ 1870م، وكانت مطبعة راقية فاخرة تدار بالبخار ويمكن أن يقال في وصفها أن أحسن مطبعة في مصر اليوم التي تطبع الجريدة بثمانية أوجه في آن واحد باللولب لا تكاد تضاهيها وكانت أعجوبة زمانها وفريدة أوانها وهي الآن مهجورة أتلفتها يد الكسل والإهمال، وبقيت نسياً منسياً. وكانت تطبع فيها جريدة لزوراء بثماني صفحات باللغتين التركية والعربية وكان محررو القسم العربي فيها من أشهر مشاهير الكتاب ممن كانت كتاباتهم تضاهي كتابات بديع الزمان وابن المقفع وأضرابهم كأحمد بك الشاوي والمرحوم طه أفندي الشواف، ثم جلب للولاية مطبعة ثانية فأصابها ما أصاب رفيقتها الأولى، ولما عين حازم بك والي بيروت
السابق والياً على بغداد سعى بإنشاء مطبعة تقوم مقام مطبعة الولاية الأولى الساقطة فجلب هذه المطبعة الموجودة الآن سنة 1323هـ 1905م وقد كانت هذه المطبعة الجديدة خاملة الذكر قليلة الفائدة في بادئ الأمر وأوشكت أن تندرس وتصبح في خبر كان لإهمال الولاة لها، لو لم يتح لها الله
حضرة الفاضل محمد رشيد أفندي الصفار صاحب الزهور فضمنها من الحكومة بمائة وخمسين ليرة عثمانية سنوياً وبذل جهده في رقيها فجلب لها حروفاً متنوعة الأشكال من أشهر المعامل في الآستانة وسورية وجلب لها مسبكا فاخراً مع أمهات لسبك حروف جديدة، ويقال فيها على الجملة إنها اليوم من أشهر المطابع في العراق، وفيها ما عدا ذلك مطبعة حجرية تجيد الطبع.
مطبوعاتها - 1 (سالنامه) لسنوات متعددة وهو كتاب تصدره الحكومة في كل سنة باللغة التركية تبحث في عن شؤون الولاية وإعمارها والتبدلات التي تقع فيها وأحوال عشائرها والأراضي القاطنة فيها وكل ما تحتويه الولاية من الآثار القديمة والمعابد العتيقة ولو أن الحكومة تصدره باللغة العربية لعمت فائدته وكثر انتفاع الناس به. (2) قوانين التجارة (3) قوانين الأراضي (4) نشوة الشمول في السفر إلى اسلامبول (5) نشوة المدام في العود إلى دار السلام (6) تمام المتون في شرح رسالة ابن زيدون في 321 صفحة (7) العلم الموروث في إثبات الحدوث (8) السيف البارق في عنق المارق (9) تنبيه الأصدقاء في بيان التقليد والاجتهاد (10) أحسن الأجوبة عن سؤال أحد علماء أوربة تأليف العلامة عبد الله وليم كويليام الإنكليزي (11) تحفة الكرام في خبر الأهرام للإمام السيوطي، وتطبع فيها الآن من الجرائد جريدة الزهور ومن المجلات سبل الرشاد وكانت تطبع فيها سابقاً جريدة التعاون وغيرها.
(مطبعة دار السلام) - سميت بهذا الاسم نسبة إلى مرادف بغداد وقد أنشأ هذه المطبعة صاحب السعادة إبراهيم باشا مدير الأملاك المدورة، وذلك سنة 1310هـ 1892م وهي مطبعة كبيرة كثيرة الأدوات فيها حروف حسنة جميلة تضاهي أحسن المطابع السورية في إتقان طبعها.
مطبوعاتها - (1) كتاب الفوائد الآلوسية على الرسائل الأندلسية
(2)
كتاب بلوغ الإرب في معرفة أحوال العرب للعلامة الشهير محمود شكري أفندي الآلوسي وهو في ثلاثة أجزاء مجموع صفحاتها (1330) بقطع الثمن وهذا الكتاب حاز قصب السبق في المجمع العلم في أسوج (3) دار السلام تقويمي، وهو تقويم تصدره المطبعة باللغة التركية في كل سنة راجع لغة العرب 267: 1 و259: 2 وقد طبع فيها كتب فارسية كثيرة ضخمة ومناشير عديدة
ومؤلفات عربية صغيرة الحجم وكبيرتها.
(مطبعة كامل التبريزي) - هي مطبعة حجرية جلبها إلى ديار العراق من بلاد العجم أحد أكابر الفرس الميرزا عباس سنة 1278هـ 1861م وهي الآن متروكة لاستغناء الناس عنها بالمطابع البخارية
مطبوعاتها - (1) كتاب أخبار الأول في آثار الدول (2) كتاب إشراق التواريخ ليعقوب بن عطا الله الرومي القرماني (3) كتاب سبائك الذهب في معرفة أنساب العرب لمحمد أمين السويدي (4) الظرائف واللطائف للشيخ أبي النصر أحمد بن عبد الرزاق المقدسي (5) المقامة الطيفية لجلال الدين السيوطي.
(مطبعة الفيلق) - هي مطبعة حجرية فاخرة جلبها إلى العراق مدحت باشا الشهير سنة 1286هـ 1869م. مع مطبعة الولاية للقيام بما يحتاج إليه الفيلق من المنشورات والأوامر والكتب الفنية العسكرية. وأكثر مطبوعاتها لا يطلع عليها إلا كبار الضباط خوفاً من ن يقف عليها أحد فتفشي الأسرار العسكرية،
(المطبعة الحميدية) أنشئت هذه المطبعة سنة 1330هـ 1892م ومؤسسها عبد الوهاب نائب الباب في بغداد سابقاً وهي الآن متروكة وأكثر آلاتها تحطمت لعدم العناية بها أما مطبوعاتها فخاملة قليلة لا تتجاوز الرسائل الصغيرة وكتب الأدعية وأحسن ما طبع فيها هو كتاب بحر الكلام لسيف الحق أبي النسفي.
(مطبعة بنجور) - مطبعة إسرائيلية أنشأها الحاخام يهوذا بنجور سنة 1884م للقيام بطبع الكتب العبرية الخاصة بطائفته وأبناء ملته. وأكثر مطبوعاتها
العربية مناشير تجارية وبطاقات زيارة، ومكاتيب وإعلانات. ولما لم تعترف المعارف بوجودها في العراق إلا في أوائل الدستور بقي ذكرها خاملاً طول تلك المدة ثم جلب لها بعد هذا العهد آلة تدار بالرجل وما نحتاج إليه من أنواع الحروف العربية والفرنسوية والتركية وهي الآن قليلة الأشغال لقلة المنضدين في العراق إذ يعدون على الأصابع لحداثة هذه المهنة في بلادهم.
(مطبعة الآداب) - هي مطبعة جلبتها شركة تألفت من كبار رجال الجعفرية في بغداد سنة 1327هـ 1909م وهي من أشهر المطابع العراقية ولا تقل اتقاناً عن مطابع سورية وربما ضارعتها في جودة العمل وكثرة الأشغال، وهي في ترق دائم لا ينقصها شيء مما
نفتخر به المطابع الراقية، وذلك بهمة ملتزمها يوسف أفندي فرنسيس الموصلي المشهور بمعرفته بالطباعة.
مطبوعاتها - (1) شواهد القطر وحاشيته للشيخ عبد الرحيم السويدي ص 315 بقطع الثمن الكبير طبع سنة 1329هـ (2) الهداية في شرح الكفاية للشيخ عبد الحسين آل أسد الله في مجلدين ضخمين (3) الهيئة والإسلام للعلامة هبة الدين الشهرستاني صاحب مجلة العلم سابقاً ص 314 سنة 1327 وهو في جزءين (4) جوهرة الكلام في مدح السادة الأعلام وأئمة البيت الكرام (5) الجاذبية وتعليلها لفيلسوف العراق جميل صدقي أفندي الزهاوي وهو كتاب لم ينسج على منواله أحد حوى مبتكرات وأفكاراً لم تدر في خلد أحد من العلماء (6) الجزء الأول من تاريخ الإسلام للسيد صدر الدين الصدر ص 126 (7) مناظرة الحاتمي والمتنبي (8) كتاب حقوق الدول باللغة التركية وهو كتاب ضخم (9) كتاب الإرشاد لمن أنكر النبوة والمبدأ والمعاد لواعظ زاده مصطفى نور الدين أفندي مبعوث الديوانية (10) خلاصة المقال في شد الرحال له أيضاً (11) كتاب زهر الربى في حرمة الربا له أيضاً (12) المطالب المنيفة في الذب عن الإمام أبي حنيفة له أيضاً (13) رحلة الشتاء والصيف (14) شجرة الرياض في مدح النبي الفياض (15) رسالة في تحريم الجنائز للشهرستاني صاحب مجلة العلم (16) رسالة في العصا (17) المجازات النبوية للشريف الموسوي الرضى وهو كتاب عدد صفحاته 287. وطبع في المطبعة
أكثر صحف العراق منها مجلة لغة العرب هذه والعلم والحياة وتنوير الأفكار وجريدة الرياض والرصافة والمصباح وصدى بابل والنوادر والمضحكات وغيرها.
(مطبعة الشابندر) - أنشأ هذه المطبعة أحد تجار بغداد محمود أفندي الشابندر سنة 1326هـ 1907م وهي مطبعة كاملة الأدوات فيها آلتان بخاريتان تطبع كل منها 3000 نسخة في الساعة، وآلة أخرى تدار بالرجل ومطبعة حجرية كبيرة وأدوات كثيرة، وحروف عربية وتركية وفارسية وفرنسوية جميلة، صرف عليها منشئها زهاء 2500 ليرة، وقام لها مديراً إسرائيلياً ينقده راتباً ليس بزهيد مقابل مشارفته مصالحها، وهي لو كانت بيد من يحسن إدارتها ويرعاها حق رعايتها لنالت شهرة بعيد وجارت أرقى مطابع سورية في جودة الطبع وكثرة الأشغال.
مطبوعاتها - (1) الجزء الأول من كتاب عنوان المجد في تاريخ نجد تأليف عثمان بن بشر ص 142 (2) الجزء الأول من كتاب الفوز بالمراد في تاريخ بغداد لساتسنا وهو كتاب يفيد من يهمه الوقوف على تاريخ بغداد بعد سقوطها بيد هلاكو وقد جمعه كاتبه من عدة كتب خطية ومطبوعة عربية وأعجمية (3) شرح قانون الجزاء مع ذيله باللغة التركية لعبد الله وهبي فندي أحد معلمي حقوق الجزاء في مكتب الحقوق في بغداد عدد صفحاته مع ذيله 735 جزأين (4) فصل القضاء في الفرق بين الضاد والظاء ص 168 سنة 1328هـ وقد حاز شهرة في ديار الإفرنج (5) كتاب التبصرة للمولعي بالخمرة (6) كتاب الشهاب في الحكم والآداب وكانت تطبع فيها جريدة القسطاس ولوجدان وكرمه ونرمه وغيرها من الجرائد البائدة.
(مطبعة دنكور) - مطبعة إسرائيلية أنشئت سنة 1320هـ 1902م جلبها من ديار الإفرنج الحاخام عزرا دنكور وهي كاملة الأدوات أخذت في الأيام الأخيرة تسير نحو الرقي، وكانت أدواتها مقصورة على الوفاء بالمقصود أما الآن فهي في رقي مستمر، وتعني عناية خاصة بطبع المناشير التجارية وأغلب مطبوعاتها كتب ورسائل عبرية أكثرها تخص الصهيونيين والدعوة إلى نشر مبادئها، أما مطبوعاتها العربية فقليلة جداً كلها رسائل صغيرة لم نقف على أسمائها، وكانت تطبع بعض الجرائد منها جريدة التفكر لسان حال جمعية الاتحاد العثماني الإسرائيلية.