الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولعز أن تدميك حمرة ادمعي
…
من بعد حمرتك التي تدميك
أما جنى الورد فيك فذابل
…
إن كان عاش جنى ورد فيك
قد كان مقطوفا لأكرم قاطف
…
فليغد اقتل شائك لمشوك
النجف:
محمد رضا الشبيبي
نظرة في العادات
استفحل شأن العادات فاستحكمت عراها؛ وقويت حلقاتها، بعد أن كانت ضعيفة، ولكن تخالفت مظاهره في الأمم، فاصبح في أمة أقوى منه في أخرى. . . . .
لا أقول: إن نفوذها استبحر في (عالمنا الإسلامي)، لا بل استغرق ثلة عوالم وأمم، فاخذ من كل أمةٍ نصيبه، حتى زحف إلى عالمنا هذا متخفياً، فاخذ يبث فيه روحه الخبيثة، إلى أن انتشر انتشاراً طبيعياً، واستوثقت روابطه فيه، فصار له النصيب الأكبر، والحظ الاوفر، فمالت إليه النفوس، وطمحت إليه الأنظار، وملك زمامها، وصارت تحت قبضته، وفي حكم سيطرته، فتمسك الناس بأصوله، وأنطبعوا به على خصال، توارثها الأبناء، عن الاباء؛ ومهما حرفوا، وغيروا، وبدلوا، كانت بقايا ما ورثوه راسخةً في أذهانهم. . . .
سرى هذا الداء العضال في محيطنا، حتى صار عقبةً كؤوداً في طريق رقينا المادي، والأدبي، عقبةً في طريق نهضتنا الاجتماعية، عقبة في ترويج الإصلاح، عقبةً في طريق كل شيء تصلح به حالتنا الحاضرة. . .
ذاعت نزعات العادات الخبيثة فينا، فهتك الحياء، وفشا الجهل، وغلبت النذالة، واستولى حكم الصفات الرذيلة، على النفوس النبيلة، وفسدت الاخلاق، وانحطت الطبائع عن حالق. . . .
لم يستطع أحد نزع هذه الأوهام الفاسدة، والخيالات الواهية، بعد أن تعلقت بالعقول، والتبست بالأفكار، فكانت منشأ الهمجية والتعصب، منشأ الصفات الذميمة، منشأ حصول التعاسة، منشأ ما يمس بشرف الإنسانية، ويخدش عواطفها. . . .
أن قوماً تخلقوا بالعادات والخزعبلات، قوم هجر الحياء نفوسهم، فلا ترى فيهم سوى سوء الطبائع، وقبح الأخلاق، والإخلاد إلى سفاسف الأمور، قوم شوهوا محاسن وجه الحقيقة ببراقع الخرافة والمداجاة، بستائر الأقاويل والتمويهات، وألبسوها حلةً غير حلتها الطبيعية.
إن النفوس الميالة بالطبع إلى هذه السفاسف والخرافات، كفى بها شناعةً أنها سقطت إلى حضيض الخسة، وانحطت عن درجات الإنسانية، ومكانة الاعتبار. . .
جارت صروف هذه العادات على محيطنا، فثلمت مجده، وسلبته مزية الفضائل، وأورثته
فتوراً في حركاته تجاه المعالي، قصوراً في همته نحو الفضائل، ضعفاً في قواه، بلادة في شعوره الفطري. . . .
نجمت هذه الخرافات، فكانت صدمةً شديدة على بناء المعارف، صاعقة مجتاحةً لاقتطاف ثمرها الجني، صدعاً متفاقماً في روح الاجتماع، عقبةً في سبيل المدنية والحضارة، أماتت الأذهان الحية، حصرت الأفكار المنورة، ضغطت على الإحساس الحي، نفثت سمها في روح الأخلاق. . .
أصبحت هذه الخرافات الاعتيادية، سداً منيعاً حال بيننا وبين الإصلاح، ووقف بيننا وبين المعارف الحقة، وقتل نهضتنا الأدبية، فقضى على أخلاقنا البسيطة، وشعورنا الفطري. . .
تدرجت هذه الاعتيادات، فاتسعت لها أذهان الخرافيين، وتدحرجت فدخلت قلوبهم، حتى صيرت أذهانهم عشاً لها واهي الدعائم، بل هو (أوهى من بيت العنكبوت). . . مدهشة أنت أيتها العادة. مدهشة سياستك. سياستك تشبه سياسة (الإنكليز) حيث (تدخل في الأذن بغير إذن).
آهٍ آهٍ! أخشى أن نقضي سيطرة الغفلة، فتحل طباعنا، وتقضي على نواميس حقائقنا الخرافات الاعتيادية وعلى لبابها الصافي من القشور!!!
النجف:
محمد باقر الشبيبي