الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هدم معالم الشرك
6 -
في (ص 93) يتكلَّم الأستاذ في موضوع هدم القباب المقامة على القبور، فيقول:"وقد بدأ هذا العمل صاحبُ الدعوة محمد بن عبد الوهاب، فهدم القبة المقامة على قبر زيد بن الخطاب، ثم تلا ذلك هدم كثير من قباب الصحابة والتابعين، ثم تجاوز هذا إلى قبر الرسول الكريم وإلى الكعبة الشريفة، فحالوا بين الناس ويين التمسُّح بهما والتماس البركة منهما، وكان ذلك هو الذي أثار ثائرة المسلمين في كل مكان، وعدُّوا من أجله الوهَّابيين حربًا على الإِسلام؛ لأنهم لا يقدسون مقدساته، ولا يوقرون حرماته".
- والجواب على ذلك أن نقول: إن هدم القباب المقامة على القبور هو واجب جميع المسلمين، تنفيذًا لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث قال:"لا تَدَعْ قبرًا مُشْرِفًا إلا سوَّيته". "رواه مسلم"
وأما التمسُّح بالكعبة، فالوارد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو استلام الحجر الأسود، وتقبيله، واستلام الركن اليماني دون بقية الأركان.
ولهذا أنكر ابن عباس رضي الله عنهما على معاوية رضي الله عنه لما كان يستلم أركان الكعبة كلها، ويقول: ليس من البيت شيء مهجور، وذكر له ابن عباس فعل الرسول صلى الله عليه وسلم، وتلا عليه هذه الآية الكريمة:
{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} . [الأحزاب: 21]
فتراجع معاوية رضي الله عنه عن رأيه اتِّباعًا للرسول صلى الله عليه وسلم، وقال صدقت.
وهذا شأن المسلم: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} . [الأحزاب: 36]
فادعاء الأستاذ أن علماء الدعوة يمنعون التمسح بالكعبة مطلقًا ادعاء خاطئ، وأما التمسح بقبر الرسول صلى الله عليه وسلم، فهو حرام، ووسيلة من وسائل الشرك، وكذا التمسح بقبر غيره من باب أولى، والمنع من ذلك واجب، وهو من محاسن الدعوة لا مِن مثالبها.
قال شيخ الإِسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى".
"وأما سائر جوانب البيت والركنان الشاميان ومقام إبراهيم، فلا يُقَبَّل، ولا يُتَمَسَّح به باتفاق المسلمين المتبَّعين للسنة المتواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا لم يكن التمسُّح بذلك وتقبيله مستحبًّا، فأولى أن لا يُقَبَّل ولا يتمسح بما هو دون ذلك.
واتفق العلماء على أنه لا يستحبُّ لمن سلَّم على النبي صلى الله عليه وسلم عند قبره أن يُقَبل الحجرة، ولا يتمسَّح بها، لئلا يضاهي بيت المخلوق بيت الخالق، ولأنه قال صلى الله عليه وسلم:
"اللهُمَّ لا تجعل قَبْري وَثَنًا يُعْبَد". "صحيح رواه أحمد"
وقال: "لا تَتَّخِذوا قبري عيدًا". "حسن رواه أحمد"
وقال: "إن مَن كان قبلكم كانوا يتَّخِذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك". "رواه مسلم"
فإذا كان هذا دين المسلمين في قبر النبي صلى الله عليه وسلم الذي هو سيد ولد آدم، فقبر غيره أولى أن لا يُقَبَّل ولا يُسْتَلَم). "جـ 27/ 126"
وقال أيضًا: "ولا يُستَلَم من الأركان إلا الركنين اليمانيين دون الشاميين؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم إنما استلمهما خاصة؛ لأنهما على قواعد إبراهيم، والآخران هما في داخل البيت، فالركن الأسود يُستلم ويُقبَّل، واليماني يُستلم ولا يُقبَّل، والآخران لا يُستلمان ولا يُقبلان، والاستلام هو مسح باليد، وأما سائر جوانب البيت ومقام إبراهيم وسائر ما في الأرض من المساجد وحيطانها ومقابر الأنبياء والصالحين وصخرة بيت المقدس، فلا تستلم، ولا تُقبَّل باتفاق الأئمة" اهـ. "جـ 26/ 121"
فالتبرك بالبقاع والقبور والآثار إذا كان القصد منه التعلُّق على غير الله في حصول البركة وطلبها من غيره فهذا شركٌ، فماذا على علماء الدعوة إذا حالوا بين الناس وبين الشرك ووسائله نصحًا للخلق وغَيرة للحق؟!