الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا يعلم الغيب إلا الله
1 -
كنت مع بعض المشايخ في مسجد الحي نتدارس القرآن بعد الفجر، وكلهم مِن حفظة القرآن الكريم. وقد مرَّ معنا حين تلاوة القرآن قوله تعالى:
{قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ} . [النمل: 65]
فقلت لهم: إن هذه الآية دليل واضح على أنه لا يعلم الغيب أحد إلا الله، فقاموا عليَّ وقالوا: الأولياء يعلمون الغيب!! فقلت لهم: ما هو دليلكم؟ فبدأ كل واحد يقص قصة سمعها من بعض الناس، وأن الولي الفلاني يُخبر بأمور غيبية! قلت لهم: هذه القصص قد تكون كاذبة وليست دليلًا، ولا سيما وأنها تعارض القرآن، فكيف تأخذون بها، وتتركون القرآن؟!! ولكنهم لم يقتنعوا وبدأ بعضهم يصيح وأخذه الغضب، ولم أجد واحدًا منهم أخذ بالآية، بل اتفقوا جميعًا على الباطل ودليلهم قصص خرافية تناقلوها ليس لها أصل، وخرجت من المسجد ولم أحضر معهم في اليوم الثاني، بل جلست مع أطفال أقرأ معهم القرآن، فهو خير لي من الجلوس مع حفظة للقرآن يخالفون عقيدته ولا يُطبقون أحكامه، والواجب على المسلم إذا رأى أمثال هؤلاء أن لا يجالسهم امتثالًا لقوله تعالى:
{وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} . [الأنعام: 68]
وهؤلاء ظالمون أشركوا مع الله عبادًا يعلمون الأمور الغيبية في زعمهم، والله يخاطب رسوله صلى الله عليه وسلم ويأمره أن يقول للناس:
وهؤلاء الحفظة لكتاب الله سيكون القرآن حجة عليهم لا لهم كما قال صلى الله عليه وسلم: (والقرآن حُجةٌ لك أو عليك). "رواه مسلم"
وقد ضرب الله مثلًا للذين لا يعملون بالكتب المنزلة مِثل التوراة فقال:
فهذه الآية وإن كانت في حق اليهود الذين علموا التوراة ولم يعملوا بها فهي تنطبق على كل من يعلم القرآن ولا يعمل به، وقد استعاذ الرسول صلى الله عليه وسلم من هذا العلم الذي لا
ينفع فقال: (اللهم إني أعوذ بك مِن عِلم لا ينفع). "رواه مسلم"
[أي لا أعمل به، ولا أُبلِّغه غيري ولا يبدل مِن أخلاقي السيئة].
وفي الحديث: (اقرأوا القرآن واعملوا به ولا تأكلوا به). "صحيح. أخرجه أحمد وغيره"
2 -
كنت أُصلي في مسجد قريب من داري، وكان إمامه يعرفني، ووجد مني الدعوة إلى توحيد الله وعدم دعاء غيره، فأعطاني كتابًا اسمه "الكافي في الرد على الوهابي" وأظن أنه "لزيني دحلان" الذي كان مفتيًا في مكة قبل الحكم السعودي، وإذ به يقول فيه: إن هناك رجالًا يقولون للشيء كن فيكون! فعجبت مِن هذا القول الكاذب؛ لأن هذا مِن صفاتِ الله وحده، والبشر عاجزون عن خلق الذباب، بل عاجزون أن يستردوا ما أخذه الذباب من طعامهم، وقد ضرب الله تعالى مثلًا للناس يُبين ضعف المخلوقات فقال:
فحملت الكتاب إلى صاحبه وقد حفظ القرآن معي في دار الحفاظ وقلت له: هذا الشيخ يدعي أن رجالًا يقولون للشيء كن فيكون؟ فهل هذا صحيح؟ فقال لي نعم، وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"كن ثعلبة" فكان ثعلبة! قلت له: هل كان ثعلبة معدومًا فأوجده الرسول من العدم، أم كان غائبًا، وكان بانتظاره وقد تأخر، ولما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم شبحًا من بعيد تفاءل وقال:"كن ثعلبة" كأنه يقول أدعو الله أن يكون القادم هو ثعلبة، حتى يسير الجيش ولا يتأخر، فاستجاب الله دعاءه، وكان القادم
ثعلبة، فسكت الرجل، وعرف بطلان كلام الشيخ المؤلف، والكتاب مازال موجودًا عند صاحبه.