الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مناقشة مع الشيخ الصوفي
1 -
لما علم الشيخ الذي كنت أدرس عليه أنني ذهبت إلى السلفيين واستمعت إلى الشيخ محمد ناصر الدين الألباني غضب غضبًا شديدًا لأنه يخشى أن أتركه وأتحول عنه، وبعد فترة من الزمن جاءنا شخص من جيران المسجد ليحضر الدرس معنا في المسجد بعد المغرب، وبدأ يقص علينا أنه سمع من درس أحد المشايخ الصوفية يقول: إن تلميذًا له تعسَّر على زوجته المخاض والولادة، فاستغاث بشيخ صغير (ويقصد نفسه) فولدت، وذهب العسر عنها، فقال له الشيخ الذي ندرس عليه: وماذا فيها؟ فقال له: هذا شرك فقال له الشيخ اسكت، أنت لا تعرف الشرك أنت رجل حداد، ونحن المشايخ عندنا علم، ونعرف أكثر منك، ثم نهض الشيخ إلى غرفته، وجاء بكتاب "الأذكار للنووي" وبدأ يقرأ قصة ابن عمر أنه كان إذا خدرت رجله قال: يا محمد!! فهل أشرك؟ فقال له الرجل: هذا ضعيف "أي غير صحيح"
فصاح الشيخ به غاضبًا: أنت لا تعرف الصحيح من الضعيف، ونحن العلماء نعرف ذلك، ثم التفت إليَّ وقال لي: إذا حضر هذا الرجل مرة أخرى سأقتله! وخرجنا من المسجد، وطلب الرجل مني أن أرسل ولدي معه ليأتي بكتاب (الأذكار) بتحقيق الشيخ عبد القادر الأرناؤوط، فجاء به وأعطاني إياه، وإذا بالقصة يقول عنها المحقق (ضعيفة) وفي اليوم الثاني أعطاه ولدي الكتاب فوجد أن القصة غير صحيحة، فلم يعترف بخطئه وقال: هذه من فضائل الأعمال يؤخذ فيها بالحديث الضعيف!! أقول: إن هذه ليست من فضائل الأعمال كما يزعم الشيخ، بل هي من العقيدة التي لا يجوز الأخذ فيها بالحديث الضعيف علمًا بأن الإِمام مسلم وغيره يرون عدم الأخذ بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال، والقائلين من المتأخرين بجواز الأخذ بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال بشروط عديدة قَلّ أن تتوفر، وهذه القصة ليست حديثًا، وليست من فضائل الأعمال بل هي من أساس العقيدة كما أسلفت، وفي اليوم الثاني جئنا إلى الدرس، وبعد تسليم الشيخ من الصلاة، خرج من المسجد، ولم يجلس كعادته إلى الدرس.
2 -
حاول الشيخ أن يقنعني بأن الإستعانة بغير الله جائزة كالتوسل، فبدأ يعطيني بعض الكتب، ومنها كتاب:"محق التقول في مسألة التوسل" لمؤلفه "زاهد الكوثري".
فقرأت فيه، فإذا به يجيز الإستعانة بغير الله، ويأتي إلى حديث:
(إذا سألتَ فاسألِ الله، وإذا استعنتَ فاستعِن بالله). "رواه الترمذي وقال حسن صحيح"
فقال عنه الكوثري: طرقه واهية (أي ضعيف) لذلك لم يأخذ به علمًا بأن الحديث ذكره الإِمام النووي في كتابه الأربعين النووية، ورقمه التاسع عشر، وقد روى الحديث الإِمام الترمذي وقال عنه حسن صحيح واعتمده النووي وغيره من العلماء، فعجبت من الكوثري كيف رَدَّ الحديث؛ لأنه خالف عقيدته، فازددت بغضًا فيه وفي عقيدته، وازددت حبًا في محبة السلفيين وعقيدتهم التي تمنع الإستعانة بغير اللهص للحديث المتقدم ولقول الله تعالى:
{وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} . [الظالمين: المشركين]. [يونس: 106]
وقوله صلى الله عليه وسلم: (الدعاء هو العبادة). "رواه الترمذي وقال حسن صحيح"
3 -
وعندما رآني شيخي لم أقتنع بالكتب التي أعطاها لي، هجرني وأشاع عني (وهابي احذروه) فقلت في نفسي لقد قالوا عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم:(ساحر أو مجنون) وقالوا
عن الإِمام الشافعي رافضي فرد عليهم قائلًا:
إن كان رَفضًا حُب آلِ محمدٍ
…
فليشهَدِ الثقلان أني رافضي
واتهموا أحد الموحدين بالتوهب فرد عليهم قائلًا:
إن كان تابعُ أحمدٍ مُتَوَهبًا
…
فأنا المقِرُّ بأنني وَهابي
أنفي الشريك عن الِإله فليسَ لي
…
رَبٌ سوى المتفَرّدِ الوهاب
لا قبة تُرجى، ولا وَثنٌ ولا
…
قبرٌ له سَبَبٌ من الأسباب
وإنني أحمد الله الذي هداني للتوحيد وعقيدة السلف الصالح، وبدأت أدعو إلى التوحيد وأنشره بين الناس أُسوة بسيد البشر الذي بدأ دعوته في مكة بالتوحيد ثلاثة عشر عامًا، وتحمل مع أصحابه الأذى فصبر، حتى انتشر التوحيد، وتأسست دولة التوحيد بفضل الله.
موقف المشايخ من التوحيد
1 -
أصدرت نشرة مكونة من أربع صفحات عنوانها: (لا إله إلا الله، محمد رسول الله، إياك نعبد وإياك نستعين، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله) وشرحت معناها، واستشهدت بقول النووي في شرح الحديث، وقول غيره من العلماء الداعين إلى التوحيد، ولئلّا يقول المشايخ عن النشرة: إنها وهابية ذكرت قول الشيخ عبد القادر الجيلاني في كتابه "الفتح الرباني":
"سَلوا الله، ولا تسألوا غيره، استعينوا بالله ولا تستعينوا بغيره، وَيحكَ بأيِّ وَجهٍ تلقاه غدًا، وأنت تنازعه في الدنيا، مُعرضٌ عنه، مُقبلٌ على خَلقه مُشرِك به، تُنزل حوائجَك بهم، وَتتكِل بالمهمات عليهم! ارفعوا الوسائط بينكم وبين الله، فإن وقوفكم معها هَوَس، لا مُلك ولا سلطان، ولا غِنى، ولا عِز إلا للحَق عز وجل، كن مَعَ الحق، بلا خلق".
[أي كن مع الحق بدعائه بلا واسطة من خلقه].
هذه خلاصة النشرة المكونة من أربع صفحات صغيرة، وقد سمحت بطبعها وزارة الِإعلام، وطبعت منها ثلاثين ألف نسخة، وقد وزع ولدي منها نسخًا قليلة، وسمع أحد المشايخ يقول: هذه نشرة وهابية، ووصَلتْ إلى شيخ كبير في البلد، فأنكرها، وطلب مقابلتي فذهبت إلى بيته وكان هذا الشيخ قد درس معي في مدرسة الخسروية بحلب، وهي الآن الثانوية الشرعية، ولما قرعت الجرس خرجت بنت فقلت لها:"محمد زينو"، فدخلت ثم رجعت، فقالت لي: سيأتي للمدرسة بعد قليل، فانتظره هناك، فجلست عند دكان الحلاق المجاور لبيته حتى خرج، فلحقته، وقلت له: ماذا تريد مني؟ فقال لي: لا أريد هذه النشرة! قلت له: لماذا؟ فقال: لا نريدها، فقلت له وقد وصلنا إلى باب المدرسة: سأدخل معك إلى المدرسة، وأقرأ الرسالة، فقال: لا يوجد عندي وقت! قلت له: طبعت منها ثلاثين ألف نسخة، وكلَّفتنا مالاً وجهدًا، فماذا نفعل بها، هل نحرقها؟ فقال لي: نعم احرقها!! قلت في نفسي سأذهب إلى الشيخ محمد السلقيني أستاذي في الفقه الحنفي، فذهبت إليه، وقلت له: عندي رسالة صغيرة فقال لي أحد المشايخ: احرقها، فقال لي: اقرأها عليَّ، فقرأتها عليه، فقال لي: هذه الرسالة فيها القرآن كلام الله، وفيها أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف نحرقها؟ فقلت له: جزاك الله خيرًا، سوف أوزعها، ولن أحرقها،
وبعد فترة وزعتها، ووجدَت قبولًا عند الشباب المثقف، حتى إنني وجدت مَن طبعها ووزعها في مكتبة الوتار بالمسكية في مدينة دمشق، فحمدت الله على أن هيأ لهذه الرسالة مَن يطبعها ويوزعها مجانًا ليعم نفعها، وتذكرت قول الله عز وجل:
ثم طبعتُ هذه الرسالة في كتابي (منهاج الفرقة الناجية) فالذي يريد الاطلاع عليها يقرأ الكتاب المذكور، فسيجدها بنفس العناوين المذكورة آنفًا.
2 -
أهدى إليَّ أحد المشايخ كتابًا فيه قصة ثعلبة المشهورة ولما أراد تجديد طبع الكتاب نصحته أن يرجع إلى أقوال العلماء، ولا سيما في كتاب: الإِصابة في أسماء الصحابة لابن حجر، فقد نبَّه هو وغيره على عدم صحتها، فلم يقبل النصيحة، وقال لي: أنت نشيط اُتركْ هذه المسائل! قلت: إذا تركتها فسوف أدعو إلى التوحيد الذي علمه الرسول صلى الله عليه وسلم لابن عمه عبد الله بن عباس وهو غلام، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم:
(يا غلام إني أعلمك كلمات. . . . إذا سألت فاسأل الله، واذا استعنت فاستعن بالله. . .) إلى آخر الحديث الذي ذكره النووي وقال عنه الترمذي: (حسن صحيح) فقال لي: نحن نسأل غير الله!!! رد الحديث بكل وقاحة وسوء أدب، مخالفًا قول الله تعالى:
{وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} [أي المشركين]. [يونس: 106]
ثم مضت سنوات قليلة وإذا بهذا الشيخ الذي يسأل غير الله يُقتل ولده، ويوضع ولداه في السجن، ويترك داره ويهاجر إلى بلد آخر، فلا يلوي على شيء، وقدَّر الله أن ألتقي بهذا الشيخ في الحرم المكي الشريف، والأمل على أنه عاد إلى رشده، ورجع إلى الله يسأله الستر والحماية والنصر فسلمت عليه، وقلت له: إن شاء الله سنعود إلى بلادنا، ويُفرج الله عنا، فيجب علينا أن نتوجه إلى الله ونسأله العون والتأييد، فهو القادر وحده، فما رأيك؟ فقال لي: المسألة فيها خلاف! قلت له: وأي خلاف؟ أنت إمام مسجد وتقرأ في صلاتك كل ركعة {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} ويكررها المسلم في يومه عشرات المرات، ولا سيما في صلاته، فلم يتراجع هذا الشيخ الصوفي
النقشبندي عن خطئه، بل أصر، وبدأ يجادل، ويعتبر المسألة خلافية ليبرر موقفه الخاطىء! إن المشركين الذين حاربهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يدعون أولياءهم في وقت الرخاء، ولكن إذا وقعوا في شدة أو كرب سألوا الله وحده، كما قال الله تعالى عنهم:
وقال عن المشركين: {ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ} . [النحل: 53]
3 -
دخلت مرة على شيخ كبير له طلاب وأتباع، وهو خطيب وإمام مسجد كبير، وبدأت أتكلم معه عن الدعاء وأنه عبادة لا يجوز إلا لله وحده، وأتيت له بدليل من القرآن وهو قوله تعالى:
فما المراد من قوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ. .} ؟ فقال لي: الأصنام، قلت له:
المراد: الأولياء والصالحون. . فقال لي نرجع إلى تفسير ابن كثير، فمدَّ يده إلى مكتبته، وأخرج تفسير ابن كثير فوجد المفسر يقول أقوالًا كثيرة أصحها رواية البخاري التى تقول:"قال ناس مِن الجن كانوا يُعبدون فأسلَموا، وفي رواية: كان ناسٌ مِن الإِنس يعبدون ناسًا من الجن فأسلم الجن وتمسّك هؤلاء بدينهم". "جـ 3/ 46"
فقال لي الشيخ: الحق معك، ففرحت بهذا الإعتراف الذي قاله الشيخ، وبدأت أتردَّدُ عليه وأجلس في غرفته، وفوجئت مرة كنت عنده فقال للحاضرين: إن الوهابية نصف كفار؛ لأنهم لا يؤمنون بالأرواح، فقلت في نفسي لقد بدل الشيخ رأيه وخاف على منصبه فافترى على الوهابية، والإِيمان بالأرواح لا ينكره الوهابية؛ لأنها ثابتة في القرآن والحديث، ولكنهم ينكرون أن تكون للروح تصرفات كإغاثة الملهوف، وعون الأحياء، ونفعهم وضرهم؛ لأن هذا مِن الشرك الأكبر الذي ذكره القرآن عن الأموات بقوله:{وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (13) إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} . [فاطر: 13، 14]
فهذه الآية صريحة في أن الأموات لا يملكون شيئًا، وأنهم لا يسمعون دعاء غيرهم، وعلى فرض سماعهم لا يستطيعون الإِجابة، ويوم القيامة يكفرون بهذا الشرك الذي صرحت به الآية:{وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} . [فاطر: 14]