المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مناقشة مع الشيخ الصوفي - مجموعة رسائل التوجيهات الإسلامية لإصلاح الفرد والمجتمع - جـ ٣

[محمد جميل زينو]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌ المجلد الثالث

- ‌(1)شهادة الإِسلام لا إله إلا الله محمد رسولُ الله

- ‌أركان الإِسلام

- ‌أركان الإِيمان

- ‌مكانة لا إله إلا الله

- ‌فضل لا إله إلا الله

- ‌لا معبود بحق إلا الله

- ‌لا إله في الوجود إلا الله

- ‌لا خالق إلا الله

- ‌لا مطاع إلا الله

- ‌تفسير سيد قطب

- ‌تفسير ابن تيمية

- ‌لا حاكم إلا الله

- ‌ملاحظات على كلام سيد قطب

- ‌تفسير محمد قطب

- ‌من لم يستطع الحكم بالقرآن

- ‌تحقيق الشهادتين (لا إله إلا الله، محمد رسول الله)

- ‌الأنبياء دينهم واحد

- ‌متى تنفع لا إله إلا الله

- ‌الرد علي بعض الشبهات

- ‌رد الحافظ ابن رجب

- ‌أفضل شعب الإِيمان

- ‌شروط "لا إله إلا الله

- ‌حقيقة لا إله إلا الله

- ‌معنى محمد رسول الله

- ‌أهمية التوحيد

- ‌من فضل التوحيد

- ‌نواقض لا إله إلا الله

- ‌وحدة الوجود في الظلال

- ‌لا تصدق الدجالين

- ‌رُكنا لا إله إلا الله

- ‌من فوائد لا إله إلا الله

- ‌دعاء الليل المستجاب

- ‌(2)كيف نفهم التوسل على ضوء الكتاب والسنة

- ‌التوسل المشروع وأنواعه

- ‌التوسل الممنوع

- ‌{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}

- ‌معنى لا إله إلا الله

- ‌{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}

- ‌استعن بالله وحده

- ‌الدعاء لا يحتاج إلى واسطة

- ‌الدعاء هو العبادة

- ‌أحاديث ضعيفة في التوسل

- ‌شبهات حول التوسل

- ‌الشبهة الأولى

- ‌الشبهة الثانية

- ‌التوسل بالأحياء لا بالأموات

- ‌خلاصة البحث

- ‌التوسل بالرسول ثلاثة أقسام

- ‌دفع توهم

- ‌لا تدعوا مع الله أحدا

- ‌إلَهي أنت المغيث وحدك

- ‌(3)أخطاء شائعة يجب تصحيحها على ضوء الكتاب والسنة

- ‌أخطاء مِن الشرك الأكبر

- ‌أخطاء من الكفر

- ‌أخطاء من الشرك الأصغر

- ‌أخطاء في حق الله تعالى

- ‌أخطاء تتعلق بعلم الغيب

- ‌أخطاء في أسماء الله

- ‌أخطاء في حق الإِسلام

- ‌أخطاء في معنى الإله

- ‌أخطاء في العبادات

- ‌أخطاء في حق النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌أخطاء في التحليل والتحريم

- ‌أخطاء في حق المسلم

- ‌أخطاء في حق غير المسلم

- ‌أخطاء في أحوال المسلمين عامة

- ‌أخطاء في عادات الناس

- ‌أخطاء في حق الناس

- ‌أخطاء في التسمية

- ‌(4)كيف اهتديت إلى التوحيد والصراط المستقيم

- ‌المقدمة

- ‌الولادة والنشأة

- ‌كنت نقشبنديًا

- ‌ملاحظات على الطريقة النقشبندية

- ‌كيف انتقلت إلى الطريقة الشاذلية

- ‌الطريقة القادرية

- ‌التصفيق في الذكر

- ‌الضرب بالشيش (بسيخ الحديد)

- ‌الطريقة المولوية

- ‌درسٌ عجيب مِن شيخ صوفي

- ‌الذكر في المساجد عند الصوفية

- ‌كيف يعامل الصوفية الناس

- ‌كيف اهتديت إلى التوحيد

- ‌معنى وهابي

- ‌مناقشة مع الشيخ الصوفي

- ‌لا يعلم الغيب إلا الله

- ‌جولة مع جماعة التبليغ

- ‌الخروج مع التبليغ للدعوة

- ‌مناقشة شروط الجماعة

- ‌الدين النصيحة

- ‌الجماعة الصوفية

- ‌جماعة الدعوة والتبليغ:

- ‌جماعة الإخوان المسلمين:

- ‌السلفيون، وأنصار السنة المحمدية:

- ‌حزب التحرير

- ‌جماعة الجهاد وغيرهم

- ‌نصيحتي إلى جميع الجماعات

- ‌تنبيهات على ملاحظات

- ‌الخلاصة

- ‌تنبيه هام

- ‌(5)دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب بين المعارضين والمؤيدين

- ‌ما معنى وهابي

- ‌محمد بن عبد الوهاب

- ‌معركة التوحيد والشرك

- ‌موقف المشايخ من التوحيد

- ‌التعقيب على كتاب الخطيب

- ‌الدعوة المحمدية

- ‌الخلاف بين الصحابة

- ‌أسماء الله توقيفية

- ‌هل يكفي توحيد الربوبية

- ‌التناقض في كتاب الخطيب

- ‌الدعوة لا تكفر المسلمين

- ‌التثبت واجب

- ‌هدم معالم الشرك

- ‌الدين ينكر البدع

- ‌الإستعانة الجائزة

- ‌رد الإتهام بالتكفير

- ‌الدعوة لا تقوم على العنف

- ‌الرد على أبي زهرة

- ‌الإفتراء على الدعوة

- ‌من فضائل الدعوة

- ‌اتهامات مردودة

- ‌الجهل بالوثنية

- ‌مناقشة حول الوهابية

- ‌معتقد السلفية

- ‌ردود على أباطيل

- ‌من مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب

- ‌الجذور الفكرية والعقائدية:

- ‌الإنتشار ومواقع النفوذ:

- ‌الشيخ محمد بن عبد الوهاب في مرآة علماء الشرق والغرب

- ‌أقوال المستشرقين

- ‌عقيدة المسلم

- ‌(6)نداء إلى المربين والمربيات لتوجيه البنين والبنات

- ‌شروط المربي الناجح

- ‌وظيفة المعلم

- ‌من واجبات المعلم

- ‌وصايا لقمان الحكيم لابنه

- ‌من هداية الآيات

- ‌وصايا نبوية مهمة للأولاد

- ‌من فوائد الحديث

- ‌من آداب الإِسلام

- ‌مِن آداب الزيارة والإستئذان

- ‌مِن فوائد الآيات والحديث

- ‌الطريق الصحيح للإستئذان المشروع

- ‌استئذان الأولاد والخدم والأقارب

- ‌مِن آداب المعلم والمعلمة

- ‌مِن آداب الطلاب والطالبات

- ‌المعلم المسلم داعية

- ‌كيف قامت الدولة الإسلامية في عهد النبوة

- ‌منهاج الدعوة السلفية

- ‌نصيحة عامة

- ‌النشاط المدرسي

- ‌من فوائد القصة

- ‌المسابقات في المدرسة

- ‌كيف ندرس القرآن الكريم

- ‌الرياضة البدنية

- ‌الطرق التربوية الناجحة

- ‌المحافظة على صلاة الجماعة في المسجد

- ‌التحذير من الأمور الضارة

- ‌المكافآت والعقوبات

- ‌العقوبات وأضرارها

- ‌أضرار العقوبات المادية

- ‌العقوبات الممنوعة

- ‌علاج الغضب:

- ‌العقوبات التربوية المفيدة

- ‌أخطاء بعض المعلمين والموظفين

- ‌من فوائد الحديث

- ‌إلى المعلمات والمدرسات

- ‌خلاصة الرسالة

- ‌(7)تكريم المرأة في الإِسلام على ضوء الكتاب والسنة المطهرة

- ‌المرأة عند العرب في الجاهلية

- ‌وأد البنات في الجاهلية

- ‌تكريم المرأة في الإِسلام

- ‌سورة النساء تكريم للمرأة

- ‌قوامة الرجل للتنظيم لا للإستبداد

- ‌الرجال قوامون على النساء

- ‌علاج المرأة العاصية لزوجها

- ‌تكريم الإِسلام للأم

- ‌حق الزوجة وحق الزوج

- ‌من فوائد الخطبة العظيمة

- ‌الحكمة في خلق الرجل والمرأة

- ‌سبب اختلاف الرجل عن المرأة

- ‌حجاب المرأة المسلمة

- ‌لباس الرجل والمرأة

- ‌الحجاب تكريم وحفظ للمرأة

- ‌تعدد الزوجات تكريم للمرأة

- ‌المرأة سلاح ذو حدين

- ‌فساد المرأة والرجل

- ‌مسؤولية المرأة المسلمة

- ‌نتائج عمل المرأة خارج البيت

- ‌المرأة سبب البطالة في المجتمعات الغربية

- ‌خطر الإختلاط في المدارس

- ‌شروط عمل المرأة المسلمة

- ‌كيف تختار المرأة زوجها وكيف يختارها

- ‌حرية المرأة في اختيار زوجها

- ‌الرسول صلى الله عليه وسلم يكرم البنات

- ‌القرآن يكرم الإناث

- ‌كرامة المرأة المسلمة

- ‌تحريم قتل النساء في الحرب

- ‌محافظة الإِسلام على سمعة المرأة

- ‌الوحي ينتصر للمرأة

- ‌العمل بمشورة النساء الصالحات

- ‌موقف المرأة المسلمة من الدين

- ‌وصية امرأة لابنتها في زفافها

- ‌شرط الولي لنكاح المرأة

- ‌واجب ولي المرأة

- ‌الخنساء قبل الإِسلام وبعده

- ‌إهانة المرأة في بلاد الكفر

- ‌فتاة أمريكية تعتنق الإِسلام

- ‌هاجر تدعو للإسلام

- ‌الخليفة ينقذ المرأة الضعيفة

- ‌أهمية تربية النساء

- ‌(8)تحفة الأبرار في الأدعية والآداب والأذكار

- ‌أسباب نشر الأدعية

- ‌الأخذ بالأسباب المشروعة

- ‌الأمر بالدعاء

- ‌من فضائل الدعاء

- ‌من آداب الدعاء

- ‌مِن فوائد الدعاء

- ‌أوقات إجابة الدعاء

- ‌الذين يستجاب دعاؤهم

- ‌المحَرم مِن الدعاء

- ‌شروط الدعاء

- ‌الخوف والرجاء

- ‌الدعاء لا يحتاج إلى واسطة

- ‌(الدعاء هو العبادة)

- ‌دعاء من القرآن الكريم

- ‌مِن دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌مِن سؤال الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌مِن استعاذة الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌دعاء الإستخارة

- ‌دعاء الشفاء

- ‌دعاء الضائع

- ‌الدعاء المستجاب

- ‌نصائح وتوجيهات

- ‌آداب الأكل والشرب

- ‌آداب السفر

- ‌دعاء الركوب والسفر

- ‌آداب السلام

- ‌فضل الذكر

- ‌مِن فوائد الذكر

- ‌الذكر في الصباح والمساء

- ‌الذكر عند النوم والإستيقاظ

- ‌الذكر عند الدخول والخروج من المنزل

- ‌الذكر عند دخول المسجد والخروج منه

- ‌الذكر عند الأذان

- ‌الذكر بعد الصلاة

- ‌الذكر عند الغضب

- ‌الذكر عند الكرب والمصائب

- ‌الذكر وكفارة المجلس

- ‌احذر قراءة هذه الكتب

- ‌(9)فضائل الصلاة والسلام على محمد خير الأنام صلى الله عليه وسلم

- ‌المقدمة

- ‌الأمر بالصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌حكم الصلاة على النبي في الصلاة

- ‌صفة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌معنى الصلاة والسلام والبركة

- ‌مَن هم آل النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌توضيحات حول الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌مواضع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌فوائد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الجهر بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الإسرار بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌أقوال الأئمة في حكم الجهر

- ‌الصلوات المبتدعة

- ‌الصلاة النارية

- ‌كتاب دلائل الخيرات

- ‌ماذا تعرف عن قصيدة البردة

- ‌حسان يمدح الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌مكارم أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم

الفصل: ‌مناقشة مع الشيخ الصوفي

‌مناقشة مع الشيخ الصوفي

1 -

لما علم الشيخ الذي كنت أدرس عليه أنني ذهبت إلى السلفيين واستمعت إلى الشيخ محمد ناصر الدين الألباني غضب غضبًا شديدًا لأنه يخشى أن أتركه وأتحول عنه، وبعد فترة من الزمن جاءنا شخص من جيران المسجد ليحضر الدرس معنا في المسجد بعد المغرب، وبدأ يقص علينا أنه سمع من درس أحد المشايخ الصوفية يقول: إن تلميذًا له تعسَّر على زوجته المخاض والولادة، فاستغاث بشيخ صغير (ويقصد نفسه) فولدت، وذهب العسر عنها، فقال له الشيخ الذي ندرس عليه: وماذا فيها؟ فقال له: هذا شرك فقال له الشيخ اسكت، أنت لا تعرف الشرك أنت رجل حداد، ونحن المشايخ عندنا علم، ونعرف أكثر منك، ثم نهض الشيخ إلى غرفته، وجاء بكتاب "الأذكار للنووي" وبدأ يقرأ قصة ابن عمر أنه كان إذا خدرت رجله قال: يا محمد!! فهل أشرك؟ فقال له الرجل: هذا ضعيف "أي غير صحيح"

فصاح الشيخ به غاضبًا: أنت لا تعرف الصحيح من الضعيف، ونحن العلماء نعرف ذلك، ثم التفت إليَّ وقال لي: إذا حضر هذا الرجل مرة أخرى سأقتله! وخرجنا من المسجد، وطلب الرجل مني أن أرسل ولدي معه ليأتي بكتاب (الأذكار) بتحقيق الشيخ عبد القادر الأرناؤوط، فجاء به وأعطاني إياه، وإذا بالقصة يقول عنها المحقق (ضعيفة) وفي اليوم الثاني أعطاه ولدي الكتاب فوجد أن القصة غير صحيحة، فلم يعترف بخطئه وقال: هذه من فضائل الأعمال يؤخذ فيها بالحديث الضعيف!! أقول: إن هذه ليست من فضائل الأعمال كما يزعم الشيخ، بل هي من العقيدة التي لا يجوز الأخذ فيها بالحديث الضعيف علمًا بأن الإِمام مسلم وغيره يرون عدم الأخذ بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال، والقائلين من المتأخرين بجواز الأخذ بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال بشروط عديدة قَلّ أن تتوفر، وهذه القصة ليست حديثًا، وليست من فضائل الأعمال بل هي من أساس العقيدة كما أسلفت، وفي اليوم الثاني جئنا إلى الدرس، وبعد تسليم الشيخ من الصلاة، خرج من المسجد، ولم يجلس كعادته إلى الدرس.

2 -

حاول الشيخ أن يقنعني بأن الإستعانة بغير الله جائزة كالتوسل، فبدأ يعطيني بعض الكتب، ومنها كتاب:"محق التقول في مسألة التوسل" لمؤلفه "زاهد الكوثري".

ص: 152

فقرأت فيه، فإذا به يجيز الإستعانة بغير الله، ويأتي إلى حديث:

(إذا سألتَ فاسألِ الله، وإذا استعنتَ فاستعِن بالله). "رواه الترمذي وقال حسن صحيح"

فقال عنه الكوثري: طرقه واهية (أي ضعيف) لذلك لم يأخذ به علمًا بأن الحديث ذكره الإِمام النووي في كتابه الأربعين النووية، ورقمه التاسع عشر، وقد روى الحديث الإِمام الترمذي وقال عنه حسن صحيح واعتمده النووي وغيره من العلماء، فعجبت من الكوثري كيف رَدَّ الحديث؛ لأنه خالف عقيدته، فازددت بغضًا فيه وفي عقيدته، وازددت حبًا في محبة السلفيين وعقيدتهم التي تمنع الإستعانة بغير اللهص للحديث المتقدم ولقول الله تعالى:

{وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} . [الظالمين: المشركين]. [يونس: 106]

وقوله صلى الله عليه وسلم: (الدعاء هو العبادة). "رواه الترمذي وقال حسن صحيح"

3 -

وعندما رآني شيخي لم أقتنع بالكتب التي أعطاها لي، هجرني وأشاع عني (وهابي احذروه) فقلت في نفسي لقد قالوا عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم:(ساحر أو مجنون) وقالوا

عن الإِمام الشافعي رافضي فرد عليهم قائلًا:

إن كان رَفضًا حُب آلِ محمدٍ

فليشهَدِ الثقلان أني رافضي

واتهموا أحد الموحدين بالتوهب فرد عليهم قائلًا:

إن كان تابعُ أحمدٍ مُتَوَهبًا

فأنا المقِرُّ بأنني وَهابي

أنفي الشريك عن الِإله فليسَ لي

رَبٌ سوى المتفَرّدِ الوهاب

لا قبة تُرجى، ولا وَثنٌ ولا

قبرٌ له سَبَبٌ من الأسباب

وإنني أحمد الله الذي هداني للتوحيد وعقيدة السلف الصالح، وبدأت أدعو إلى التوحيد وأنشره بين الناس أُسوة بسيد البشر الذي بدأ دعوته في مكة بالتوحيد ثلاثة عشر عامًا، وتحمل مع أصحابه الأذى فصبر، حتى انتشر التوحيد، وتأسست دولة التوحيد بفضل الله.

ص: 153

موقف المشايخ من التوحيد

1 -

أصدرت نشرة مكونة من أربع صفحات عنوانها: (لا إله إلا الله، محمد رسول الله، إياك نعبد وإياك نستعين، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله) وشرحت معناها، واستشهدت بقول النووي في شرح الحديث، وقول غيره من العلماء الداعين إلى التوحيد، ولئلّا يقول المشايخ عن النشرة: إنها وهابية ذكرت قول الشيخ عبد القادر الجيلاني في كتابه "الفتح الرباني":

"سَلوا الله، ولا تسألوا غيره، استعينوا بالله ولا تستعينوا بغيره، وَيحكَ بأيِّ وَجهٍ تلقاه غدًا، وأنت تنازعه في الدنيا، مُعرضٌ عنه، مُقبلٌ على خَلقه مُشرِك به، تُنزل حوائجَك بهم، وَتتكِل بالمهمات عليهم! ارفعوا الوسائط بينكم وبين الله، فإن وقوفكم معها هَوَس، لا مُلك ولا سلطان، ولا غِنى، ولا عِز إلا للحَق عز وجل، كن مَعَ الحق، بلا خلق".

[أي كن مع الحق بدعائه بلا واسطة من خلقه].

هذه خلاصة النشرة المكونة من أربع صفحات صغيرة، وقد سمحت بطبعها وزارة الِإعلام، وطبعت منها ثلاثين ألف نسخة، وقد وزع ولدي منها نسخًا قليلة، وسمع أحد المشايخ يقول: هذه نشرة وهابية، ووصَلتْ إلى شيخ كبير في البلد، فأنكرها، وطلب مقابلتي فذهبت إلى بيته وكان هذا الشيخ قد درس معي في مدرسة الخسروية بحلب، وهي الآن الثانوية الشرعية، ولما قرعت الجرس خرجت بنت فقلت لها:"محمد زينو"، فدخلت ثم رجعت، فقالت لي: سيأتي للمدرسة بعد قليل، فانتظره هناك، فجلست عند دكان الحلاق المجاور لبيته حتى خرج، فلحقته، وقلت له: ماذا تريد مني؟ فقال لي: لا أريد هذه النشرة! قلت له: لماذا؟ فقال: لا نريدها، فقلت له وقد وصلنا إلى باب المدرسة: سأدخل معك إلى المدرسة، وأقرأ الرسالة، فقال: لا يوجد عندي وقت! قلت له: طبعت منها ثلاثين ألف نسخة، وكلَّفتنا مالاً وجهدًا، فماذا نفعل بها، هل نحرقها؟ فقال لي: نعم احرقها!! قلت في نفسي سأذهب إلى الشيخ محمد السلقيني أستاذي في الفقه الحنفي، فذهبت إليه، وقلت له: عندي رسالة صغيرة فقال لي أحد المشايخ: احرقها، فقال لي: اقرأها عليَّ، فقرأتها عليه، فقال لي: هذه الرسالة فيها القرآن كلام الله، وفيها أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف نحرقها؟ فقلت له: جزاك الله خيرًا، سوف أوزعها، ولن أحرقها،

ص: 154

وبعد فترة وزعتها، ووجدَت قبولًا عند الشباب المثقف، حتى إنني وجدت مَن طبعها ووزعها في مكتبة الوتار بالمسكية في مدينة دمشق، فحمدت الله على أن هيأ لهذه الرسالة مَن يطبعها ويوزعها مجانًا ليعم نفعها، وتذكرت قول الله عز وجل:

{يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (32) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} . [التوبة: 32، 33]

ثم طبعتُ هذه الرسالة في كتابي (منهاج الفرقة الناجية) فالذي يريد الاطلاع عليها يقرأ الكتاب المذكور، فسيجدها بنفس العناوين المذكورة آنفًا.

2 -

أهدى إليَّ أحد المشايخ كتابًا فيه قصة ثعلبة المشهورة ولما أراد تجديد طبع الكتاب نصحته أن يرجع إلى أقوال العلماء، ولا سيما في كتاب: الإِصابة في أسماء الصحابة لابن حجر، فقد نبَّه هو وغيره على عدم صحتها، فلم يقبل النصيحة، وقال لي: أنت نشيط اُتركْ هذه المسائل! قلت: إذا تركتها فسوف أدعو إلى التوحيد الذي علمه الرسول صلى الله عليه وسلم لابن عمه عبد الله بن عباس وهو غلام، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم:

(يا غلام إني أعلمك كلمات. . . . إذا سألت فاسأل الله، واذا استعنت فاستعن بالله. . .) إلى آخر الحديث الذي ذكره النووي وقال عنه الترمذي: (حسن صحيح) فقال لي: نحن نسأل غير الله!!! رد الحديث بكل وقاحة وسوء أدب، مخالفًا قول الله تعالى:

{وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} [أي المشركين]. [يونس: 106]

ثم مضت سنوات قليلة وإذا بهذا الشيخ الذي يسأل غير الله يُقتل ولده، ويوضع ولداه في السجن، ويترك داره ويهاجر إلى بلد آخر، فلا يلوي على شيء، وقدَّر الله أن ألتقي بهذا الشيخ في الحرم المكي الشريف، والأمل على أنه عاد إلى رشده، ورجع إلى الله يسأله الستر والحماية والنصر فسلمت عليه، وقلت له: إن شاء الله سنعود إلى بلادنا، ويُفرج الله عنا، فيجب علينا أن نتوجه إلى الله ونسأله العون والتأييد، فهو القادر وحده، فما رأيك؟ فقال لي: المسألة فيها خلاف! قلت له: وأي خلاف؟ أنت إمام مسجد وتقرأ في صلاتك كل ركعة {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} ويكررها المسلم في يومه عشرات المرات، ولا سيما في صلاته، فلم يتراجع هذا الشيخ الصوفي

ص: 155

النقشبندي عن خطئه، بل أصر، وبدأ يجادل، ويعتبر المسألة خلافية ليبرر موقفه الخاطىء! إن المشركين الذين حاربهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يدعون أولياءهم في وقت الرخاء، ولكن إذا وقعوا في شدة أو كرب سألوا الله وحده، كما قال الله تعالى عنهم:

{هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ} . [يونس: 22]

وقال عن المشركين: {ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ} . [النحل: 53]

3 -

دخلت مرة على شيخ كبير له طلاب وأتباع، وهو خطيب وإمام مسجد كبير، وبدأت أتكلم معه عن الدعاء وأنه عبادة لا يجوز إلا لله وحده، وأتيت له بدليل من القرآن وهو قوله تعالى:

{قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا (56) أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا} . [الإسراء: 56، 57]

فما المراد من قوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ. .} ؟ فقال لي: الأصنام، قلت له:

المراد: الأولياء والصالحون. . فقال لي نرجع إلى تفسير ابن كثير، فمدَّ يده إلى مكتبته، وأخرج تفسير ابن كثير فوجد المفسر يقول أقوالًا كثيرة أصحها رواية البخاري التى تقول:"قال ناس مِن الجن كانوا يُعبدون فأسلَموا، وفي رواية: كان ناسٌ مِن الإِنس يعبدون ناسًا من الجن فأسلم الجن وتمسّك هؤلاء بدينهم". "جـ 3/ 46"

فقال لي الشيخ: الحق معك، ففرحت بهذا الإعتراف الذي قاله الشيخ، وبدأت أتردَّدُ عليه وأجلس في غرفته، وفوجئت مرة كنت عنده فقال للحاضرين: إن الوهابية نصف كفار؛ لأنهم لا يؤمنون بالأرواح، فقلت في نفسي لقد بدل الشيخ رأيه وخاف على منصبه فافترى على الوهابية، والإِيمان بالأرواح لا ينكره الوهابية؛ لأنها ثابتة في القرآن والحديث، ولكنهم ينكرون أن تكون للروح تصرفات كإغاثة الملهوف، وعون الأحياء، ونفعهم وضرهم؛ لأن هذا مِن الشرك الأكبر الذي ذكره القرآن عن الأموات بقوله:{وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (13) إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} . [فاطر: 13، 14]

ص: 156

فهذه الآية صريحة في أن الأموات لا يملكون شيئًا، وأنهم لا يسمعون دعاء غيرهم، وعلى فرض سماعهم لا يستطيعون الإِجابة، ويوم القيامة يكفرون بهذا الشرك الذي صرحت به الآية:{وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} . [فاطر: 14]

ص: 157