الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجهل بالوثنية
الوجه الحادي عشر: قوله: "بل إنهم يعتبرون ما عليه غيرهم من إقامة الأضرحة والطواف حولها قريبًا من الوثنية".
والجواب عنه أن نقول: كلامه هذا يدل على جهله بمعنى الوثنيَّة، فلم يدر أنها تتمثل في تعظيم القبور بالبناء عليها والطواف حولها وطلب الحوائج من أصحابها والاستغاثة بهم، فلذلك استغرب استنكار ذلك واعتباره من الوثنية!!
وكأنه لم يقرأ ما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية من استنكار الاستشفاع بالموتى، واتخاذهم أولياء، لِيُقربوا إلى الله زلفى، ولم يقرأ نهي الرسول صلى الله عليه وسلم عن البناء على القبور، واتخاذها مساجد، ولعن من فعل ذلك!! وإذا لم تكن إقامة الأضرحة والطواف حولها وثنية فما هي الوثنية؟
لكن كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
"تُنْقَض عُرى الإِسلام عروة عروة إذا نشأ في الإِسلام مَن لا يعرف الجاهلية".
ألم يكن شرك قوم نوحٍ متمثِّلًا في دعاء الأموات؟
ألم تكن اللَّات ضريحًا لرجل صالح كان يَلُتُّ السويق للحاج، فلما مات عكفوا على قبره، وطافوا حوله؟!
ولو كان هذا الكلام صادرًا عن عاميٍّ لا يعرف الحكم؛ لهان الأمر، لأن العامي جاهل، وتأثيره على الناس محدود، لكن الذي يؤسفنا أن يكون صادرًا عمَّن يدعي العلم، وقد صدرت عنه مؤلفات كثيرة؛ فهذا قد يكون تأثيره على الناس - خصوصًا محدودي الثقافة - شديدًا؛ نظرًا لكثرة مؤلفاته، وسمعته الواسعة، وإحسان الظن به. ولكن الحق سينتصر بإذن الله:
{فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ}
"سورة الرعد: 17"
والعلّم لا يقاس بكثرة الإِصدارات، وإنما يُقاس بمدى معرفة الحق من الباطل، والهدى من الضلال، والعمل بذلك.
وإلا فكيف يُتصوَّر من مسلم -فضلًا عمن ينتسب إلى العلم- أن يتفوَّه بأن الطواف بالأضرحة ليس من الوثنية؟!
أليس الطواف عبادة، وصرف العبادة لغير الله وثنية وشرك؟!
فالطائف بالأضرحة إن كان قصده التقرب إليها بذلك؛ فلا شك أن هذا شرك أكبر؛ لأنه تقرَّب بالعبادة إلى غير الله، وإن كان قصده بالطواف حول الضريح التقرُّب إلى الله وحده فهذه بدعة ووسيلة إلى الشرك لأن الله لم يشرع الطواف إِلا حول الكعبة المشرفة ولا يُطاف بغيرها على وجه الأرض.
هذا وإننا ندعو كل مَن بلغه شيء من تشويه دعوة الشيخ محمد ابن عبد الوهاب أو قرأ شيئًا من الكتب التي تُروِّج هذا التشويه؛ أمثال كتب الشيخ محمد أبي زهرة؛ فعليه أن يتثبَّت وأن يراجِع كتب الشيخ محمد بن عبد الوهاب وكتب العلماء الذين جاءوا من بعده وحملوا دعوته؛ ليرى فيها تكذيب تلك الشائُعات، وقد قال الله تعالى:
وكتب الشيخ محمد بن عبد الوهاب وكتب علماء الدعوة من بعده ميسورة والحمد لله، وهي توزَّع على أوسع نطاق، عن طريق الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإِفتاء والدعوة والإِرشاد ومكاتبها في الداخل والخارج، وفي موسم الحج كل سنة، وهي لا تدعو إلى مذهب معين أو نحلة محدثة، وإنما تدعو إلى العمل بكتاب الله وسنة رسوله ومذهب أهل السنة والجماعة، ونبذ البدع والخرافات، والاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، وسلف الأمة، والقرون المفضلة.
وصلّى الله على نبيِّنا محمد وآله وصحبه أجمعين.