الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصلوات المبتدعة
نسمع كثيرًا من صيغ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مبتدعة لم ترد في كلام الرسول وصحابته والتابعين والأئمة المجتهدين، بل هي من وضع المشايخ المتأخرين. وقد راجت هذه الصيغ بين العوام وأهل العلم فأخذوا يقرأونها أكثر مما يقرأون الصلوات الواردة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وربما تركوا الوارد الصحيح ونشروا الصلوات المنسوبة إلى مشايخهم، ولو أمعنا النظر في هذه الصلوات لرأينا فيها مخالفة لهدي الرسول الذي نصلي عليه:
ومن هذه الصلوات المبتدعة قولهم:
1 -
الصلاة والسلام عليك يا أولَ خلق الله:
أقول: هذا مخالف لما جاء به القرآن من أن أول المخلوقات من البشر هو: آدم عليه السلام. قال الله تعالى:
{إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ} "ص: 71"
والصواب أن يُقال: الصلاة والسلام عليك يا خير خلق الله أو يا خاتم رسل الله.
2 -
اللهم صَلِّ على محمد وعلى آلِ محمد حتى لا يبقى من الصلاة شيء، وارحم محمدًا وآل محمدًا حتى لا يبقى من الرحمة شيء، وبارك على محمد، وعلى آل محمد حتى لا يبقى من البركة شيء، وسلم على محمدٍ وعلى آل محمدٍ حتى لا يبقى من السلام شيء.
أقول: قوله: (حتى لا يبقى من الصلاة شيء
…
حتى لا يبقى من الرحمة شيء
…
حتى لا يبقى من البركة شيء
…
).
مِن الفلسفة الفارغة التي فيها من التضييق لرحمة الله الواسعة وبركته وسلامه، وهي منافية لقول الله تعالى:
3 -
اللهم صَلِّ على محمد وعلى آل محمد عدد مَن صَلَّى عليه إلى قوله:
اللهم صَلَّ على من كان إذا مشى في البر الأقفر تعلقت الوحوش بأذياله.
أقول: هذا مِن الكذب الصريح على النبي صلى الله عليه وسلم والغلُو فيه ولا أدري فكيف يزعمون ذلك عنه، وهو صلى الله عليه وسلم لم يخبرنا به فليتقوا الله، وإذا كانت الوحوش تتعلق بذيله، فكيف يستطيع أن يمشي؟
4 -
اللهم صَلِّ على محمد وعلى آله بحر أنوارك ومعدن أسرارك.
أقول: إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم هو بحر أنوار الله تعالى، ومعدن أسراره، فهل يكون النور قد انطفأ والسر قد مات بموت النبي صلى الله عليه وسلم؟
هذا الكلام لا دليل عليه، وفيه غُلو لا يرضاه الله والرسول صلى الله عليه وسلم.
5 -
اللهم صَلِّ على مَن تفتقت مِن نوره الأزهار.
أقول: وهذا أَيضًا من افتراءات الصوفية فمحمد صلى الله عليه وسلم خلق من تراب. قال الله تعالى:
{قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ} . "الكهف: 110"
وليست الأزهار منه ولا دليل على ذلك، والله تعالى يقول:
{وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْم} . "الإسراء: 36"
6 -
اللهم صَلَّ على سيدنا محمد السابق للخلق نوره.
أقول: هو لم يخلق مِن نور، بل خُلق مِن تراب، ثم هو من أبوين وليس هو سابق للخلق، بل أول الخلق من البشر آدم عليه السلام. قال الله تعالى:
{إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ} "ص: 71".
7 -
اللهم صَلَّ على أفضل مَن طَاب منه البخار وسحابه الفخار، واستنارت بنور جبينه الأقمار، وتضاءلت عند جنود يمينه الغمائم والبحار.
أقول: الإدعاء بأن الأقمار قد استنارت من نور جبينه باطل لا دليل عليه، والأقمار موجودة قبل خلق النبي صلى الله عليه وسلم.
8 -
اللهم صَلَّ على محمد هو قطب الجلالة.
أقول: الزعم بأنه قطب الجلالة شرك بالله؛ لأن الله تعالى وحده هو ذو الجلال والإِكرام. قال الله تعالى:
{تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} "الرحمن: 78".
9 -
اللهم صَلِّ على مَن منه انشقت الأسار وَانفلقت الأنوار وفيه ارتقت الحقائق وتنزلت علوم آدم.
أقول: مِن أين لهم هذا الزعم الباطل أن علوم آدم تنزلت منه، وكذا انفلاق الأنوار، وقد بيّن الله في كتابه أنه هو الذي علَّم آدم.
قال الله تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا} . "البقرة: 31"
وقال الله تعالى: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلًا} . "الإسراء: 85"
فالله تعالى هو الذي أعطن آدم وذريته العلم، وأكرمهم بذلك، وأمر ملائكته بالسجود له.
10 -
اللهم صَلِّ على محمد طِبِّ القلوب ودوائها، وعافيةِ الأبدان وشفائها، ونور الأبصار وضيائها، وعلى آله وسلم.
أقول: إن الشافي والمعافي للأبدان والقلوب والعيون هو الله وحده، والرسول لا يملك النفع لنفسه ولا لغيره فهذه الصيغة تخالف قول الله تعالى:
{قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ} . "يونس:49"
وتخالف قوله صلى الله عليه وسلم: (لا تُطروني كما أطرتِ النصارى ابنَ مريم فإنما أنا عبدٌ فقولوا عبد الله ورسوله). "رواه البخاري"
ومعنى الإِطراء: هو مجاوزة الحد أو الزيادة في المدح.
11 -
رأيت كتابًا في فضل الصلوات لشيخ لبناني صوفي كبير فيه هذه الصيغة: اللهم صَلِّ على محمد حتى تجعل منه الأحدية القيومية.
أقول: الأحَدِية والقَيومِية مِن صفات الله الواردة في القرآن قد جعلها هذا الشيخ لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
12 -
اللهم صَلِّ على محمد الذي خلقت مِن نوره كل شيء.
أقول: الشيء يشمل آدم وإبليس، والقردة والخنازير فهل يقول عاقل بأنهم خلقوا من نور محمد؟!
لقد عرف الشيطان خلقه وخلق آدم حين قال في القرآن:
{أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} . "ص:76"
فهذه الآية تكذب الصيغة وتبطلها.
13 -
الصلاة والسلام عليك يا رسول الله، ضاقت حيلتي فأدركني يا حبيبَ الله. أقول: الجزء الأول من الصلاة صحيح.
ولكن الخطر والشرك في الجزء الثاني. من قوله: (أدرِكني يا حبيب الله)!
وهذا مخالف لقول الله تعالى:
{أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} . "النمل: 62"
وقوله: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ} . "الأنعام:17"
وكان الرسول صلى الله عليه وسلم إذا أصابهَ همٌّ أو غمٌّ قال:
(يا حَيُّ يا قَيُّوم برحمتك أستغيث). "حسن رواه الترمذي"
فكيف يجوز لنا أن نقول له: أدركنا ونَجنا!! وهذه الصيغة مخالفة لقوله صلى الله عليه وسلم:
(إذا سألتَ فاسألِ الله وإذا استعنتَ فاستعِن بالله).
"رواه الترمذي وقال: حسن صحيح"
14 -
اللهم صَلِّ على محمد الفاتح لما أُغلِق
…
وتُسمى صلاة الفاتح.
أقول: قائلها يزعم أن مَن يقرأها أفضل له مِن قراءة القرآن بستة آلاف مرة، ونُقل ذلك عن الشيخ أحمد التيجاني رئيس الطائفة التيجانية.
إنها لسفاهة أن يعتقد العاقل فضلًا عن المسلم أن قراءة هذه الصيغة المبتدعة أفضل من قراءة كلام الله مرة واحدة فضلًا عن ستة آلاف مرة، وهذا ما لا يقوله مسلم، وأما وصف الرسول صلى الله عليه وسلم بالفاتح لما أُغلق على إطلاقه دون تقييده بمشيئة الله تعالى، فهو خطأ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفتح مكة إلِّا بمشيئة الله تعالى، ولم يستطع فتح قلب عمّه للإِيمان بالله بل مات على الشرك، والقرآن يخاطب الرسول صلى الله عليه وسلم قائلًا:
{إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَن أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} "القصص: 56".
وقال: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} "الفتح: 1"
15 -
اللهم صَلِّ على محمد ما سَجعَتِ الحمائم ونفعَت التمائم!
أقول: التميمة هي الخيرزة والخيط ونحوها، التي تعلق على الأولاد وغيرهم للحماية مِن العين، ولا تنفع مُعلِّقا ولا مَن عُلَّقت له، بل هي من أعمال المشركين، قال صلى الله عليه وسلم:
(مَن علق تميمة فقد أشرَك). "صحيح رواه أحمد"
فهذه الصيغة تخالف الحديث وتجعل الشرك والتميمة قربة إلى الله تعالى فنسأل الله العافية والهداية.
16 -
صلوات الله عليك يا نبي
…
يا مُجليَ الهَمِّ والكُرَب.
المقطع الأول من هذا الكلام صحيح، ولكن الخطر والشرك في المقطع الثاني؛ لأن كاشف الهمِّ والكُرَب هوالله وحده.
قال تعالى: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ} . "الأنعام: 17"
وقال تعالى: {قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا} . "الجن: 21"