المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الخروج مع التبليغ للدعوة - مجموعة رسائل التوجيهات الإسلامية لإصلاح الفرد والمجتمع - جـ ٣

[محمد جميل زينو]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌ المجلد الثالث

- ‌(1)شهادة الإِسلام لا إله إلا الله محمد رسولُ الله

- ‌أركان الإِسلام

- ‌أركان الإِيمان

- ‌مكانة لا إله إلا الله

- ‌فضل لا إله إلا الله

- ‌لا معبود بحق إلا الله

- ‌لا إله في الوجود إلا الله

- ‌لا خالق إلا الله

- ‌لا مطاع إلا الله

- ‌تفسير سيد قطب

- ‌تفسير ابن تيمية

- ‌لا حاكم إلا الله

- ‌ملاحظات على كلام سيد قطب

- ‌تفسير محمد قطب

- ‌من لم يستطع الحكم بالقرآن

- ‌تحقيق الشهادتين (لا إله إلا الله، محمد رسول الله)

- ‌الأنبياء دينهم واحد

- ‌متى تنفع لا إله إلا الله

- ‌الرد علي بعض الشبهات

- ‌رد الحافظ ابن رجب

- ‌أفضل شعب الإِيمان

- ‌شروط "لا إله إلا الله

- ‌حقيقة لا إله إلا الله

- ‌معنى محمد رسول الله

- ‌أهمية التوحيد

- ‌من فضل التوحيد

- ‌نواقض لا إله إلا الله

- ‌وحدة الوجود في الظلال

- ‌لا تصدق الدجالين

- ‌رُكنا لا إله إلا الله

- ‌من فوائد لا إله إلا الله

- ‌دعاء الليل المستجاب

- ‌(2)كيف نفهم التوسل على ضوء الكتاب والسنة

- ‌التوسل المشروع وأنواعه

- ‌التوسل الممنوع

- ‌{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}

- ‌معنى لا إله إلا الله

- ‌{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}

- ‌استعن بالله وحده

- ‌الدعاء لا يحتاج إلى واسطة

- ‌الدعاء هو العبادة

- ‌أحاديث ضعيفة في التوسل

- ‌شبهات حول التوسل

- ‌الشبهة الأولى

- ‌الشبهة الثانية

- ‌التوسل بالأحياء لا بالأموات

- ‌خلاصة البحث

- ‌التوسل بالرسول ثلاثة أقسام

- ‌دفع توهم

- ‌لا تدعوا مع الله أحدا

- ‌إلَهي أنت المغيث وحدك

- ‌(3)أخطاء شائعة يجب تصحيحها على ضوء الكتاب والسنة

- ‌أخطاء مِن الشرك الأكبر

- ‌أخطاء من الكفر

- ‌أخطاء من الشرك الأصغر

- ‌أخطاء في حق الله تعالى

- ‌أخطاء تتعلق بعلم الغيب

- ‌أخطاء في أسماء الله

- ‌أخطاء في حق الإِسلام

- ‌أخطاء في معنى الإله

- ‌أخطاء في العبادات

- ‌أخطاء في حق النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌أخطاء في التحليل والتحريم

- ‌أخطاء في حق المسلم

- ‌أخطاء في حق غير المسلم

- ‌أخطاء في أحوال المسلمين عامة

- ‌أخطاء في عادات الناس

- ‌أخطاء في حق الناس

- ‌أخطاء في التسمية

- ‌(4)كيف اهتديت إلى التوحيد والصراط المستقيم

- ‌المقدمة

- ‌الولادة والنشأة

- ‌كنت نقشبنديًا

- ‌ملاحظات على الطريقة النقشبندية

- ‌كيف انتقلت إلى الطريقة الشاذلية

- ‌الطريقة القادرية

- ‌التصفيق في الذكر

- ‌الضرب بالشيش (بسيخ الحديد)

- ‌الطريقة المولوية

- ‌درسٌ عجيب مِن شيخ صوفي

- ‌الذكر في المساجد عند الصوفية

- ‌كيف يعامل الصوفية الناس

- ‌كيف اهتديت إلى التوحيد

- ‌معنى وهابي

- ‌مناقشة مع الشيخ الصوفي

- ‌لا يعلم الغيب إلا الله

- ‌جولة مع جماعة التبليغ

- ‌الخروج مع التبليغ للدعوة

- ‌مناقشة شروط الجماعة

- ‌الدين النصيحة

- ‌الجماعة الصوفية

- ‌جماعة الدعوة والتبليغ:

- ‌جماعة الإخوان المسلمين:

- ‌السلفيون، وأنصار السنة المحمدية:

- ‌حزب التحرير

- ‌جماعة الجهاد وغيرهم

- ‌نصيحتي إلى جميع الجماعات

- ‌تنبيهات على ملاحظات

- ‌الخلاصة

- ‌تنبيه هام

- ‌(5)دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب بين المعارضين والمؤيدين

- ‌ما معنى وهابي

- ‌محمد بن عبد الوهاب

- ‌معركة التوحيد والشرك

- ‌موقف المشايخ من التوحيد

- ‌التعقيب على كتاب الخطيب

- ‌الدعوة المحمدية

- ‌الخلاف بين الصحابة

- ‌أسماء الله توقيفية

- ‌هل يكفي توحيد الربوبية

- ‌التناقض في كتاب الخطيب

- ‌الدعوة لا تكفر المسلمين

- ‌التثبت واجب

- ‌هدم معالم الشرك

- ‌الدين ينكر البدع

- ‌الإستعانة الجائزة

- ‌رد الإتهام بالتكفير

- ‌الدعوة لا تقوم على العنف

- ‌الرد على أبي زهرة

- ‌الإفتراء على الدعوة

- ‌من فضائل الدعوة

- ‌اتهامات مردودة

- ‌الجهل بالوثنية

- ‌مناقشة حول الوهابية

- ‌معتقد السلفية

- ‌ردود على أباطيل

- ‌من مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب

- ‌الجذور الفكرية والعقائدية:

- ‌الإنتشار ومواقع النفوذ:

- ‌الشيخ محمد بن عبد الوهاب في مرآة علماء الشرق والغرب

- ‌أقوال المستشرقين

- ‌عقيدة المسلم

- ‌(6)نداء إلى المربين والمربيات لتوجيه البنين والبنات

- ‌شروط المربي الناجح

- ‌وظيفة المعلم

- ‌من واجبات المعلم

- ‌وصايا لقمان الحكيم لابنه

- ‌من هداية الآيات

- ‌وصايا نبوية مهمة للأولاد

- ‌من فوائد الحديث

- ‌من آداب الإِسلام

- ‌مِن آداب الزيارة والإستئذان

- ‌مِن فوائد الآيات والحديث

- ‌الطريق الصحيح للإستئذان المشروع

- ‌استئذان الأولاد والخدم والأقارب

- ‌مِن آداب المعلم والمعلمة

- ‌مِن آداب الطلاب والطالبات

- ‌المعلم المسلم داعية

- ‌كيف قامت الدولة الإسلامية في عهد النبوة

- ‌منهاج الدعوة السلفية

- ‌نصيحة عامة

- ‌النشاط المدرسي

- ‌من فوائد القصة

- ‌المسابقات في المدرسة

- ‌كيف ندرس القرآن الكريم

- ‌الرياضة البدنية

- ‌الطرق التربوية الناجحة

- ‌المحافظة على صلاة الجماعة في المسجد

- ‌التحذير من الأمور الضارة

- ‌المكافآت والعقوبات

- ‌العقوبات وأضرارها

- ‌أضرار العقوبات المادية

- ‌العقوبات الممنوعة

- ‌علاج الغضب:

- ‌العقوبات التربوية المفيدة

- ‌أخطاء بعض المعلمين والموظفين

- ‌من فوائد الحديث

- ‌إلى المعلمات والمدرسات

- ‌خلاصة الرسالة

- ‌(7)تكريم المرأة في الإِسلام على ضوء الكتاب والسنة المطهرة

- ‌المرأة عند العرب في الجاهلية

- ‌وأد البنات في الجاهلية

- ‌تكريم المرأة في الإِسلام

- ‌سورة النساء تكريم للمرأة

- ‌قوامة الرجل للتنظيم لا للإستبداد

- ‌الرجال قوامون على النساء

- ‌علاج المرأة العاصية لزوجها

- ‌تكريم الإِسلام للأم

- ‌حق الزوجة وحق الزوج

- ‌من فوائد الخطبة العظيمة

- ‌الحكمة في خلق الرجل والمرأة

- ‌سبب اختلاف الرجل عن المرأة

- ‌حجاب المرأة المسلمة

- ‌لباس الرجل والمرأة

- ‌الحجاب تكريم وحفظ للمرأة

- ‌تعدد الزوجات تكريم للمرأة

- ‌المرأة سلاح ذو حدين

- ‌فساد المرأة والرجل

- ‌مسؤولية المرأة المسلمة

- ‌نتائج عمل المرأة خارج البيت

- ‌المرأة سبب البطالة في المجتمعات الغربية

- ‌خطر الإختلاط في المدارس

- ‌شروط عمل المرأة المسلمة

- ‌كيف تختار المرأة زوجها وكيف يختارها

- ‌حرية المرأة في اختيار زوجها

- ‌الرسول صلى الله عليه وسلم يكرم البنات

- ‌القرآن يكرم الإناث

- ‌كرامة المرأة المسلمة

- ‌تحريم قتل النساء في الحرب

- ‌محافظة الإِسلام على سمعة المرأة

- ‌الوحي ينتصر للمرأة

- ‌العمل بمشورة النساء الصالحات

- ‌موقف المرأة المسلمة من الدين

- ‌وصية امرأة لابنتها في زفافها

- ‌شرط الولي لنكاح المرأة

- ‌واجب ولي المرأة

- ‌الخنساء قبل الإِسلام وبعده

- ‌إهانة المرأة في بلاد الكفر

- ‌فتاة أمريكية تعتنق الإِسلام

- ‌هاجر تدعو للإسلام

- ‌الخليفة ينقذ المرأة الضعيفة

- ‌أهمية تربية النساء

- ‌(8)تحفة الأبرار في الأدعية والآداب والأذكار

- ‌أسباب نشر الأدعية

- ‌الأخذ بالأسباب المشروعة

- ‌الأمر بالدعاء

- ‌من فضائل الدعاء

- ‌من آداب الدعاء

- ‌مِن فوائد الدعاء

- ‌أوقات إجابة الدعاء

- ‌الذين يستجاب دعاؤهم

- ‌المحَرم مِن الدعاء

- ‌شروط الدعاء

- ‌الخوف والرجاء

- ‌الدعاء لا يحتاج إلى واسطة

- ‌(الدعاء هو العبادة)

- ‌دعاء من القرآن الكريم

- ‌مِن دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌مِن سؤال الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌مِن استعاذة الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌دعاء الإستخارة

- ‌دعاء الشفاء

- ‌دعاء الضائع

- ‌الدعاء المستجاب

- ‌نصائح وتوجيهات

- ‌آداب الأكل والشرب

- ‌آداب السفر

- ‌دعاء الركوب والسفر

- ‌آداب السلام

- ‌فضل الذكر

- ‌مِن فوائد الذكر

- ‌الذكر في الصباح والمساء

- ‌الذكر عند النوم والإستيقاظ

- ‌الذكر عند الدخول والخروج من المنزل

- ‌الذكر عند دخول المسجد والخروج منه

- ‌الذكر عند الأذان

- ‌الذكر بعد الصلاة

- ‌الذكر عند الغضب

- ‌الذكر عند الكرب والمصائب

- ‌الذكر وكفارة المجلس

- ‌احذر قراءة هذه الكتب

- ‌(9)فضائل الصلاة والسلام على محمد خير الأنام صلى الله عليه وسلم

- ‌المقدمة

- ‌الأمر بالصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌حكم الصلاة على النبي في الصلاة

- ‌صفة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌معنى الصلاة والسلام والبركة

- ‌مَن هم آل النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌توضيحات حول الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌مواضع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌فوائد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الجهر بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الإسرار بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌أقوال الأئمة في حكم الجهر

- ‌الصلوات المبتدعة

- ‌الصلاة النارية

- ‌كتاب دلائل الخيرات

- ‌ماذا تعرف عن قصيدة البردة

- ‌حسان يمدح الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌مكارم أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم

الفصل: ‌الخروج مع التبليغ للدعوة

‌الخروج مع التبليغ للدعوة

لقد تأثرت بادىء الأمر بدعوتهم، وخرجت معهم في عدد من البلدان:

1 -

خرجت معهم في مدينة حلب التي أسكنها، وتجولنا في المساجد، ولا سيما يوم الجمعة، فخرجنا جماعة إلى خي مِن أحياء حلب يُسمى (قرلق) فيه مسجد كبير، ودخلت المسجد قبل صلاة الجمعة، وخرجت مع ابن عمتي -بناء على توجيه الأمير- إلى السوق، ودخلنا "مقهى كبير" فيه ناس يلعبون بالنرد والطاولة، والأوراق التي فيها تصاوير للصبي، وللبنت والرجل الكبير وكانت مهمتنا تنحصر في دعوة الناس إلى الصلاة، فدعوناهم واستجابوا إلا القليل منهم وعد بأن يكمل اللعب ثم يأتي المسجد.

ولما انتهينا من الجولة في الأسواق، ذهبنا الى المسجد، وكان الأمير ينتظرنا، ولما وصلنا أعطاني كتاب "رياض الصالحين" وطلب مني أن أقرأ "من آداب المسجد" فقرأت فيه قول الرسول صلى الله عليه وسلم:

(مَن أكل ثومًا أو بصلًا فليَعتَزِلنا، وليعتَزل مسجدَنا ولْيقعد في بيته)"متفق عليه"

فشرحت للحاضرين في المسجد الحديث، وبينت لهم أن رائحة الدخان أشد من رائحة الثوم والبصل، فعلى المسلم أن يجتنبه لأنه يضر جسمه، ويؤذي جاره، ويتلف ماله، ولا فائدة من التدخين. .

وإذ بالأمير ينظر إلى الكتاب الذي أقرأه، وهو "رياض الصالحين" كأنه يقول لي: هذا الكلام عن التدخين غير موجود في الكتاب، فلا تقُله! وهذا خطأ؛ لأن التدخين منتشر بين المسلمين، حتى بين المصلين، فلا بُدَّ من التحذير منه، ولا سيما عند التحذير من أكل الثوم والبصل عند دخول المسجد.

ولاحظت عند الأحباب (جماعة التبليغ) بعض الأحاديث الضعيفة، فذكرتهم بذلك فقالوا لي: تعال معنا إلى الأمير العام في الأردن، فكلِّمه بذلك.

2 -

ذهبت مع الجماعة إلى مدينة (حماه) فكنا ندق الأبواب، فيخرج صاحب البيت، ويدعوه الأمير إلى الحضور إلى المسجد ليجتمع بهم ويسمع الدرس والبيان، دخلت على أميرهم في مسجدهم، فقال للوفود الحاضرين: نحن سجدنا لله، فأسجد الله لنا العالم!!

ص: 161

وهذا خطأ كبير، فالسجود عبادة لا يجوز لغير الله.

قال الله تعالى: {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا} . [النجم: 62]

وسمعت رجلاً يناقش الأمير قائلًا: لماذا تفصلون الدين عن السياسة؟ وتقولون: لا سياسة في الدين، مع أن الدين فيه سياسة، فسكت الأمير ولم يعط الجواب كما هي عادتهم ورأيت شابًا يدخن على باب المسجد وله لحية جميلة، فنصحته أن يترك التدخين، وأعطيته قلنسوة هدية، فوضعها على رأسه، وألقى السيجارة على الأرض، فعلم الأمير بذلك واستدعاني، وأنكر عليَّ ذلك وقال لي: اتركه يدخن في الغرفة المجاورة للمسجد حتى يتركه بنفسه!

أقول: هذا خطأ فادح، يتركه يدخن حتى في الغرفة التي بجانب المسجد، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول:

(من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يَستطع فبلسانه، فإن لم يَستطع فبقلبه، وذلك أضَعف الإِيمان). "رواه مسلم"

ومررنا في سوق بلدة (حماه) فقال أحد المرافقين: لا أريد أن أمُرَّ بهذا السوق؛ لأن والدي سوف يراني ويغضب؛ لأنني تركته في الدكان وحده، وتركت زوجتي وحدها في البيت، وهي على أهبة الولادة فقلت له: هذا لا يجوز شرعًا اذهب إلى والدك واعتذر منه، أو اكتب له رسالة، واذهب إلى زوجتك واسأل عنها، فقد تكون مريضة أو بحاجة إلى من يرعاها هي وأولادها، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(كفى بالمرء إثمًا أن يُضَيعَ مَن يعول). "حسن رواه أحمد وغيره"

3 -

ثم ذهبنا إلى دمشق، ودخلنا مسجد "كفر سوسة" فألقى بعد الصلاة شاب بيانًا ذكر فيه حديثًا قال فيه:(الدنيا قرار من لا قرار له) وبعد أن انتهى من كلمته قلت له: هل هذا حديث صحيح؟ فقال لي: سمعته من الأحباب، قلت له: هذا لا يكفي، فالتفت إلى رجل عالم بجانبه وسأله عن الحديث؟ فقال له: هذا ليس بحديث، ثم نصحته برفق أن يتحرى الأحاديث الصحيحة ويبتعد عني الأحاديث الضعيفة والموضوعة، ولما رآني أميرهم جاءني وقال لي لا تعلمه، الله يعلِّمه!! عِلمًا بأنه يخصص لهم دروسًا في الفقه وغيره.

ومضت أعوام، وجئت إلى مكة، فرأيت الرجل يذهب إلى الحرم قبل صلاة الجمعة، فلحقت به، وسلمت عليه، وقلت له: أنت أبو شاكر، فقال لي نعم: قلت له:

ص: 162

أنت الذي كنت في دمشق وقلت لي: لا تعلم هذا الشاب، الله يعلمه، فقال نعم: قلت: كيف تقول ذلك؟ وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(إنما العلم بالتعلم). "حسن انظر صحيح الجامع"

فقال لي: إنني أخطات؛ ونصحته ألا يرفض العلم والنصيحة، علمًا بأنه مدرس في الطائف، ولا بد أنه متعلم حتى أصبح معلمًا.

وذهبت في جولة معهم وكنا ثلاثة، فدخلنا غرفة فيها شباب يلعبون بالورق،

ويسمونه (الشدة) وفيها تصاوير وأرقام وأعداد، فتكلمت مع الشباب برفق، وقلت لهم: هذا حرام يضيع أوقاتكم، ويجر إلى لعب الميسر، ويورث العدواة بين اللاعبين، فاقتنعوا وبدأوا يمزقون الورق الذي كانوا يلعبون به، وأعطوني بعضها حتى أشاركهم في تمزيقها، فمزقت بعض الأوراق مشاركة لهم وكسبًا للأجر، ثم ذهبوا معنا إلى الصلاة في المسجد.

ولما علم بذلك أميرهم استدعاني، وأنكر عليَّ تمزيق الورق الذي كانوا يلعبون به، قلت له: لقد طلبوا منى مشاركتي لهم في التمزيق ففعلت، وهم الذين بدأوا بتمزيق الورق قبلي، فلم يقبل ذلك!

قلت في نفسي: هؤلاء يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول:(مَن رأى منكم منكرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإِيمان). "رواه مسلم"

4 -

ثم ذهبت معهم إلى الأردن، ولهم مسجد كبير في (عمان) يجتمعون فيه، فنزلنا في المسجد، وصلينا فيه، ثم ألقى أحد المسؤولين بيانًا ذكر فيه أشياء غريبة، قال يخاطب الحاضرين:

أ - يا أحبابنا لا تأكلوا كثيرًا، حتى لا تتغوطوا كثيرًا، فالِإمام الغزالي ذهب إلى الحج مدة شهر ولم يتغوط (أي لم يذهب للحمام) فقال له أحد الجالسين: مِن أين أتيت بهذه القصة؟ فأنكرها عليه؛ لأنه لا يمكن للإِنسان البقاء مدة شهر دون قضاء حاجته، ثم قام الرجل من المسجد، وترك الإجتماع.

ب - ثم قال في بيانه وهو يقرأ من كتاب: (حياة الصحابة): لما رجع الرسول صلى الله عليه وسلم من الطائف التقى بخادم اسمه (عداس) فسأله الرسول صلى الله عليه وسلم عن بلده؟ فقال من بلد (نينوى) قال له: من بلدة (يونس عليه السلام) ذاك أخي في النبوة، فسجد

ص: 163

عداس للرسول صلى الله عليه وسلم.

لقد استغربت هذا الكلام: كيف يرضى الرسول صلى الله عليه وسلم أن يسجد له (عداس) والسجود لا يجوز إلا لله.

وهذه القصة غير صحيحة، والصحيح: أن (عداس) أكبَّ على قدمي الرسول صلى الله عليه وسلم يقبلهما، وهذا التقبيل يختلف عن السجود تمامًا، فالكتاب (حياة الصحابة) يحتاج إلى تحقيق لمعرفة الصحيح من الضعيف والموضوع، وقد نصحت الأخ (محمد علي دولة) وطلبت منه أن يحقق الكتاب لأنه هو الذي تولى طبعه ونشره، فقال لي: الكتاب كله في الفضائل، وليس فيه أحكام، قلت له: هذا غير صحيح، وأتيت له بحديث أورده مؤلف (حياة الصحابة) وهو:

(أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم).

قال عنه المحدثون: إنه موضوع، فسكت الأخ "محمد علي دولة".

وقد التقيت بالشيخ نايف العباسي -رحمه الله تعالى- في دمشق وقلت له: لقد قرأت في كتاب "حياة الصحابة" الذي حققته ما يلي:

لما رجع الرسول صلى الله عليه وسلم من الطائف، وقد دعاهم للإِسلام، فردوا عليه دعوته، وآذوه، فجلس يقول:

(اللهم أشكو إليك ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، إلى مَن

تكِلُني؟ إلى عَدُو يتجهمني، أم إلى قريب ملَّكته أمري، إن لم يكن بك غضب عليَّ فلا أبالي. . إلى آخر الدعاء). "ضعفه الألباني"

كيف يقول الرسول صلى الله عليه وسلم معاتبًا ربه: إلى من تكلني؟! [أي تتركني]

والله تعالى يقول له: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} . [الضحى: 3]

[أي ما تركك ربك وما أبغضك]. "انظر تفسير ابن كثير"

فقال لي الشيخ نايف العباسي: والله كلامك صحيح، رسول الله لا يقول هذا

الكلام، ولكني حققت الكتاب من الناحية التاريخية واللغوية، وهذا الكتاب يحتاج إلى مثل الشيخ ناصر الدين الألباني ليخرِّج أحاديثه. قلت له: إن الشيخ ناصر حفظه الله ضعَّف الحديث، وقال: في متنه نكارة، ولعله يشير إلى قوله:

(إلى مَن تكلني؟) التي تخالف القرآن والواقع.

5 -

حضرت اجتماعًا لهم خطب فيه أميرهم (سعيد الأحمد) فقال:

ص: 164

مَرَّ الرسول صلى الله عليه وسلم على بناء فقال لأصحابه لمن هذا؟ قالوا لفلان، ولما مرَّ صاحب البناء على الرسول صلى الله عليه وسلم سلّم عليه فلم يرد عليه السلام، وأخبره الصحابة السبب، فذهب الصحابي وهدم البناء حتى يرد عليه السلام.

أقول: هذا الحديث غير صحيح؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:

(نِعمَ المال الصالح للرجل الصالح). "صحيح رواه أحمد"

ص: 165