الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تنبيهات على ملاحظات
لقد مَنَّ الله تعالى عليَّ، وبدأت أدعو إلى توحيد الله تعالى وأصدرت أكثر من عشرين مؤلفًا طبع كل منها مرات متعددة بكميات كبيرة، وترجم بعضها إلى اللغة الإنجليزية، والفرنسية، والأندونيسية، والأوردية، والبنغالية، والتركية، وغيرها، وأكثر هذه الكتب كانت تطبع بمساعدة المحسنين، وتوزع مجانًا، وبعضها يباع في المكتبات التي يطبعونها على حسابهم، وقد كتبت على كل كتاب العبارة الآتية: لكل مسلم حق الطبع والترجمة، ومن له ملاحظة على الكتب، فليخبر المؤلف مشكورًا.
1 -
لقد وصلني كتاب من الأمارات العربية عنوانه:
(عقيدة الإمام الحافظ ابن كثير) لمؤلفه: (محمد عادل عزيزة) فلما قرأته وجدته لم يلتزم الأمانة العلمية حتى في الأحاديث النبوية حيث بتر الحديث الذي ذكره ابن كثير عند تفسير قول الله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} . [القلم: 42]
وهو قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "يكشف ربنا عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة. . ".
إلى آخر الحديث الذي رواه البخاري ومسلم.
وقال في كتابه: لقد تخبط محمد جميل زينو في كتابه (منهاج الفرقة الناجية) تخبطًا كثيرًا في صفحة 16 وغيرها، ويعلم الله أنني فرحت، وقلت: لعلي أخطأت، فأصلح خطئي، ولما نظرت في كتابي المذكور وجدت ما يلي:
(قال الإِمام أحمد، قال الإمام الشافعي، قال الخطيب البغدادي) فهتفت للمؤلف وقلت له: ما هو التخبط الذي ذكرته في كتابي؟ فقال لي: الكتاب ليس عندي، فقلت له: لماذا حذفت الحديث الذي يفسر الآية من تفسير ابن كثير؟ فقال لي: الحديث مِن المتشابهات!! فقلت له: ولماذا بترت قول ابن كثير في تفسير:
{وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ} حيث اختار الوقف المفسر الطبري، ليثبت أن الله في السماء؟ فقال لي: حتى انظر، ولم يعترف بخطئه، وقد رددت على هذا المؤلف في كتاب اسمه:(بيان وتحذير من كتاب عقيدة الإِمام الحافظ ابن كثير).
2 -
وقد قرأت في كتاب عنوانه (في مدرسة النبوة) للأخ أحمد محمد جمال قال فيه:
ولقد عجبت للأخ (محمد جميل زينو) حين كتب في جريدة الندوة يوم 26/ 4/ 1411 هـ يستنكر صيغة الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم اعتاد بعض المسلمين ترديدها، وهي قولهم (اللهم صَلِّ على محمد طب القلوب ودوائها وعافية الأبدان وشفائها ونور الأبصار وضيائها) وقال: إن الشافي والمعافي للأبدان والقلوب والعيون هو الله وحده، والرسول لا يملك النفع لنفسه ولا لغيره- إلخ.
وأوَد للأخ محمد زينو أن يعلم أن لهذه الصيغة مفهومين صحيحين:
أ - إن طب القلوب وعافية الأبدان، ونور الأبصار صفة، أو ثمرة للصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد عرفنا من الأحاديث السابقة فضل الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم وبركاتها وأنها صادرة من الله عز وجل. . .
وصلاة الله على العباد هي الرحمة والبركة والعافية والشفاء.
ب - إن طب القلوب، وعافية الأبدان، ونور الأبصار صفة للرسول نفسه. . وهذه أيضًا لا نكران عليها، ولا غرابة فيها فالرسول صلى الله عليه وسلم ذاته -كما وصفه القرآن الكريم- رحمة في قول الله تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} . [الأنبياء: 107]
وهو كذلك نور وضياء، كما وصفه القرآن في قوله عز وجل:
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا} . [الأحزاب: 45، 46]
وفي روايات متعددة يصف الرسول نفسه بأنه رحمة مُهداة إلى الإنسانية ليخرجها من الظلمات إلى النور، ويشفي قلوبها وأبصارها، وأبدانها مِن الأسقام الحسية والمعنوية معًا، يقول صلى الله عليه وسلم:(إنما أنا رحمة مُهداة). "أخرجه ابن عساكر"
(إني رحمة بعثني الله). "رواه الطبراني"
(إني لم أُبعَث طعانًا، وإنما بُعِثت رحمة). "رواه مسلم"
1 -
أقول: إن الصيغة السابقة التي قال عنها المؤلف اعتاد الناس ترديدها. لا تجوز لأن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عبادة، والعبادة مبناها على التوقف حتى يأتي الدليل، ولا دليل على هذه الصيغة، ولا سيما أنها تخالف جميع الروايات التي وردت عن الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته، والسلف الصالح، بالِإضافة إلى أن فيها غلُوًا وإطراء لا يرضاه الله والرسول صلى الله عليه وسلم. فهل يجوز لمسلم أن يترك الصيغة التى علمها الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه،
ويأخذ بصيغة من أقوال الناس، والتي تخالف الصيغ المشروعة؟
2 -
لقد بتر الكاتب من كلامي شيئًا مهما، وهو استشهادي بقول الله تعالى:
{قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ} . [الأعراف: 188]
وقوله صلى الله عليه وسلم: (لا تُطروني كما أطرَتِ النصارى ابنَ مريم، فإنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله)"رواه البخاري"
3 -
وأما قول الكاتب: وصلاة الله على العباد هو الرحمة والبركة والعافية والشفاء:- قال ابن كثير: الصلاة من الله تعالى على عبده ثناؤه عند الملائكة.
وقال غيره: الصلاة من الله عز وجل الرحمة. "تفسير ابن كثير جـ 3/ 495"
هذا التفسير الصحيح يبطل تفسير المؤلف (أحمد محمد جمال) الذي لا دليل عليه.
4 -
وأما استشهاده بقول الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} . [الأنبياء: 107]
فإني أنقل للقارىء ما قاله العلامة محمد أمين الشنقيطي في تفسيرها: وما ذكره الله جل وعلا في هذه الآية: مِن أنه ما أرسله إلا رحمة للعالمين يدل على أنه جاء بالرحمة للخلق فيما تضمنه هذا القرآن العظيم، وهذا المعنى جاء موَضحًا في مواضع مِن كتاب الله:
أ - كقوله تعالى: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} . [العنكبوت: 51]
ب - وقوله تعالى: {وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ} . [القصص: 86]
جـ - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قيل: يا رسول الله، ادع على المشركين، قال:(إنى لم أبعَث لعانًا، وإنما بُعثت رحمة). "رواه مسلم"
"انظر أضواء البيان للشنقيطي 4/ 694"
وأما الطبري فقال ما خلاصته: أرسل الله محمدًا صلى الله عليه وسلم رحمة لجميع العالم مؤمنهم وكافرهم، فأما مؤمنهم فإن الله هداه به وأدخله -بالإِيمان به وبما جاء مِن عند الله - الجنة، وأما كافرهم فقد دفع عنه عاجل البلاء الذي كان ينزل بالآمم المكذبة لِرسلها مِن قبله.
5 -
وأما قول الكاتب: وهو (أي الرسول) نور وضياء كما وصفه القرآن في قوله عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا} . [الأحزاب: 45، 46]
وإني أنقل للقارىء ما قاله المفسرون:
أ - قال ابن كثير في تفسيره:
يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدًا على أُمتك، ومَبشرًا بالجنة ونذيرًا مِن النار، وداعيًا إلى شهادة أن لا إله إلا الله بإذنه وسراجًا منيرًا بالقرآن.
فقوله تعالى: {شَاهِدًا} أي لله بالواحدانية، وأنه لا إله غيره، وعلى الناس بأعمالهم يوم القيامة {وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا}. [النساء: 41]
وقوله عز وجل: {وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} أي بشيرًا للمؤمنين بجزيل الثواب، ونذيرًا للكافرين من ويل العقاب.
وقوله جلت عظمته: {وَدَاعِيًا إِلى اللَّهِ بِإِذْنِهِ} أي داعيًا للخلق إلى عبادة ربهم عن أمره لك بذلك.
وقوله تعالى: {وَسِرَاجًا مُنِيرًا} :
أي وأمْرُكَ ظاهر فيما جئت به من الحق كالشمس في إشراقها وإضاءتها لا يجحدها إلا معاند. "انظر تفسير ابن كثير جـ 3/ 497"
ب - وقال ابن الجوزي في تفسيره زاد المسير: {وَسِرَاجًا مُنِيرًا} أي أنت لمن اتبعك (سراجًا) أي: كالسراج المضيء في الظلمة يُهتدى به. "جـ 6/ 400"
ج - وقال الطبري في تفسيره: {وَسِرَاجًا مُنِيرًا} ضياء لخلقه بالنور الذي أتيتهم به من عند الله وإنما يعني بذلك أنه يهدي به مَن اتبعه مِن أُمته. "نقلاً عن الطبري باختصار"
6 -
وقال المؤلف في كتابه (في مدرسة النبوة):
وفي روايات متعددة يصف الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه بأنه: "رحمة مهداة" إلى الِإنسانية ليخرجها من الظلمات إلى النور، ويشفي قلوبها، وأبصارها من الأسقام الحسية والمعنوية معًا: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما أنا رحمة مهداة)"صحيح: انظر صحيح الجامع"
(إني رحمة بعثني الله). "هذا الحديث يشهد له ما قبله"
(إني لم أُبعث لعانًا، وإنما بُعثتُ رحمة). "رواه مسلم"
أقول: إن كلام المؤلف (أحمد محمد جمال) عليه ملاحظات:
أ - لم يذكر المؤلف دليلًا على كلامه سوى ما أورده من حديث:
(إنما أنا رحمة مهداة) وقد تقدم تفسير الرحمة في الآية للعلامة الشنقيطي، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم جاء بالرحمة للخلق فيما تضمنه هذا القرآن العظيم.
ب - وأما قول المؤلف: (ليُخرج الإنسانية من الظلمات إلى النور). . .
فليته رجع إلى تفسير ابن كثير حيث قال فيها:
{لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلى النُّورِ} . [إبراهيم: 1]
أي إنما بعثناك يا محمد بهذا الكتاب لتخرج الناس مما هم فيه مِن الضلال والغي إلى الهدي والرشد، قال الله تعالى:
{هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلى النُّورِ} . [الحديد: 9]
فالآيات صريحة بأنه أخرج الناس مِن الظلمات إلى النور بالقرآن المنزل عليه.
ج - وأما قول المؤلف: (ويشفي قلوبها وأبصارها من الأسقام الحسية والمعنوية معًا) ويقصد النبي صلى الله عليه وسلم!
فلم يأت بدليل صريح على ذلك، علمًا بأن الشافي للأمراض هو الله وحده:
قال تعالى على لسان إبراهيم عليه السلام: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} [الشعراء: 80]
أكَّد بالضمير المنفصل، ليؤكد على أن الشافي هو الله وحده وقال الرسول صلى الله عليه وسلم:
(اللهم رَبَّ الناس أذهب الباسَ اشفِ أنت الشافي، لا شِفاءَ إلا شفاؤك شِفاءً لا يُغادِرُ سَقَما)"أخرجه البخاري"
وقصة الغلام والأعمى التي وردت في الحديث تدل على أن الشافي هو الله وحده: فورد فيها أن الأعمى أتى الغلام بهدايا كثيرة وقال له سأهبها لك أجمع إن أنت شفيتني، فقال: إني لا أشفي أحدًا، إنما يشفي الله فإن أنت آمنت بالله دعوتُ الله فشفاك.
(فآمن بالله فدعا له فشفاه الله). "القصة رواها مسلم 4/ 3005"
فالآية السابقة والأحاديث المتقدمة تدل على أن الشافي هو الله وحده، ولم يذكر المؤلف (أحمد محمد جمال) مثالًا واحدًا على أن الرسول صلى الله عليه وسلم وصف نفسه بأنه (يشفي) كما زعم، وهذا أمر خطير جدًا، لقوله صلى الله عليه وسلم:
(مَن قال عليَّ ما لم أقل، فليتبوَّأ مقعده من النار). "حسن رواه أحمد"
وقد سألت سماحة الشيخ ابن باز مفتي السعودية عن كلام (أحمد محمد جمال) فقال: إنه شرك.