الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كيف انتقلت إلى الطريقة الشاذلية
تعرفت على شيخ من الطريقة الشاذلية حسن الصورة والأخلاق وزارني في بيتي، وزرنه في بيته، فأعجبني لين كلامه، وحديثه، وتواضعه، وكرمه، فطلبت منه أن يعطيني ورد الطريقة الشاذلية، فأعطاني أورادها الخاصة بها وكانت عنده زاوية يأوي إليها بعض الشباب، ويقيمون فيها الذكر بعد صلاة الجمعة.
زرته مرة في بيته، فرأيت صورة شيوخ كثيرين للطريقة الشاذلية، مُعلّقة على الجدار، فذكَّرته بالنهي الوارد عن تعليق الصور، فلم يستجب، مع أن الحديث واضح ولا يخفى عليه وهو قوله صلى الله عليه وسلم:(إن البيت الذي فيه الصُوَر لا تدخله الملائكة). "متفق عليه"
(نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصور في البيت ونهى الرجل أن يصنع ذلك). "رواه الترمذي وقال حسن صحيح"
وبعد سنة تقريبًا أحببت زيارة الشيخ، وأنا في طريقي إلى أداء العمرة، فدعاني مع ولدي ورفيقي إلى طعام العشاء وبعد الإنتهاء قال لي: هل تسمع شيئًا من الأناشيد الدينية من هؤلاء الشباب؟ فقلت: نعم، فأمر الشباب الذين حوله -وكانت اللحى الجميلة تعلو وجوههم- أن ينشدوا فبدأوا ينشدون بصوت واحد نشيدًا خلاصته:
(من كان يعبد الله طمعًا في جنته، أو خوفًا من ناره، فقد عبد الوثن).
فقلت لهم: ذكر الله آية في القرآن يمدح فيها الأنبياء قائلًا:
{إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} [الأنبياء: 90]
فقال لي الشيخ: هذه القصيدة التي ينشدونها هي: (لسيدي عبد الغني النابلسي) فقلت له: وهل كلام الشيخ مُقدم على كلام الله، وهو معارض له؟! فقال لي أحد المنشدين: سيدنا علي رضي الله عنه يقول: "الذي يعبد الله طمعًا في جنته، عبادة التجار" فقلت له: في أي كتاب وجدت هذا القول لسيدنا علي، وهل هو صحيح؟ فسكت، فقلت له: هل يعقل أن يخالف علي رضي الله عنه القرآن وهو من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن المبشرين بالجنة؟ ثم التفت رفيقي قائلًا لهم:
ذكر الله تعالى عن وصف المؤمنين يمدحهم قائلًا:
{تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا} [السجدة: 16]
فلم يقتنعوا، وتركت الجدال معهم، وانصرفت الى المسجد للصلاة فلحقني منهم
شاب، وقال لي: نحن معكم، والحق معكم، ولكن لا نستطيع أن نتكلم، وأن نرُدَّ على الشيخ! قلت له: لماذا لا تتكلمون الحق؟ قال: سوف يخرجنا من السكن إن تكلمنا: وهذا مبدأ صوفي عام فإن شيوخ التصوف أوصوا تلاميذهم ألا يعترضوا على الشيخ مهما غلط وقالوا لهم عبارتهم المشهورة: "ما أفلح مريد قال لشيخهِ لِمَ؟ " متجاهلين قول الرسول صلى الله عليه وسلم:
(كُل بني آدم خطاء وخيرُ الخطائين التوابون). "حسن أخرجه أحمد والترمذي"
وقول مالك رضي الله عنه: "كُل واحد يؤخذ مِن قوله ويُرَد إلا الرسول صلى الله عليه وسلم".
مجلس الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
ذهبت مع بعض المشايخ إلى أحد المساجد لحضور هذا المجلس فدخلنا حلقة الذكر، وهم يرقصون، ويمسكون بأيدي بعضهم، ويتمايلون، ويرتفعون، وينخفضون، ويقولون: الله، الله. . . وكل واحد من الحلقة يخرج إلى الوسط، ويشير بيديه إلى الحاضرين لينشطوا في الحركة والتمايل. . . . . حتى وصل الدور إليّ لأخرج، وأشار إليّ رئيسهم بالخروج، لأزيد من حركتهم ورقصهم، فاعتذر أحد المشايخ الذين معي وقال له: اتركه إنه ضعيف؛ لأنه يعرف أني لا أحب مثل هذا العمل، ورآني ساكنًا لا أتحرك، فتركني رئيسهم وأعفاني من الخروج إلى وسط الحلقة، وكنت أسمع قصائد من أصوات جميلة، لكنها لا تخلو من طلب المدد والعون من غير الله! ولاحظت أن النساء يجلسن على مكان مرتفع ويتفرجن على الرجال وكانت فتاة منهن متبرجة قد ظهر شعرها وساقها، ويداها ورقبتها، فأنكرت ذلك في قلبي، وقلت لرئيس المجلس في آخر الجلسة: إن فتاة فوقنا سافرة، لو أنك ذكرتها مع النساء بالحجاب في المسجد لكان عملاً طيبًا فقال لي: نحن لا نذكر النساء، ولا نقول لهن شيئًا! قلت له: لماذا؟ قال لي: إذا نصحناهن فسيمتنعن عن الحضور للذكر! فقلت في نفسي: لا حول ولا قوة إلا بالله، ما هذا الذكر الذي تظهر فيه النساء، ولا ينصحهن أحد؟ وهل يرضى الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا وهو القائل:
(مَن رأى منكم منكرًا فلْيُغَيِّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإِيمان). "رواه مسلم"