الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأنبياء دينهم واحد
يقول شيخ الإِسلام ابن تيمية في كتابه: اقتضاء الصراط المستقيم:
ولما كان أصل الدين الذي هو دين الإِسلام واحدًا وإن تنوعت شرائعه: قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:
(إنا معاشر الأنبياء ديننا واحد، والأنبياء إخوة وإن أولى الناس بابن مريم لأنا، فليس بيني ويينه نبي). "معنى الحديث متفق عليه"
فدينهم واحد: وهو عبادة الله وحده لا شريك له، وهو يُعْبَد في كل وقت بما أمر به في ذلك الوقت: وهو دين الإِسلام في ذلك الوقت فمن خرج عن شريعة موسى قبل النسخ (1) لم يكن مسلمًا، ومن لم يدخل في شريعة محمد صلى الله عليه وسلم بعد النسخ لم يكن مسلمًا.
ولم يشرع الله لنبي من الأنبياء أن يعبد غير الله البته:
متى تنفع لا إله إلا الله
إن المسلم ينتفع بهذه الكلمة إذا عرف معناها، وعمل بمقتضاها ولما كانت هناك أحاديث يُتوَهم منها أن مجرد التلفظ بها يكفي، وقد تعلق بهذا الوهم بعض المسلمين، فكان لابُد مِن إزالة هذا الوهم:
1 -
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله حرَّم على النار مَن قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجهَه). "رواه البخاري"
2 -
وقال صلى الله عليه وسلم: (ما مِن عبد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله إلا حَرمَه الله على النار). "رواه مسلم"
3 -
وقال صلى الله عليه وسلم: (أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله لا يلقى الله بهما عبدٌ غير شاك، فيُحجَب عن الجنة). "رواه مسلم ج 1/ 244/ شرح النووي"
4 -
وقال صلى الله عليه وسلم: (مَن قال لا إله إلا الله مخلِصًا دخل الجنة). "صحيح رواه أحمد"
5 -
وقال صلى الله عليه وسلم: (مَن كان آخر كلامه "لا إله إلا الله" دخل الجنة). "صحيح رواه أحمد انظر صحيح الجامع"
(1) إشارة إلى أن الإِسلام نسخ شريعة موسى.
وأحسن ما قيل في معناها ما قاله شيخ الإِسلام ابن تيمية وغيره:
إن هذه الأحاديث إنما هي فيمن قالها ومات عليها، كما جاءت مقيدة، وقالها خالصًا مِن قلبه، مستيقنًا بها قلبه غير شاك فيها بصدق ويقين، فإن حقيقة التوحيد انجذاب الروح إلى الله جملة فيمن شهد أن لا إله إلا الله خالصًا مِن قلبه لأن الإِخلاص هو انجذاب القلب إلى الله تعالى، بأن يتوب مِن الذنوب توبة نصوحًا، فإذا مات على تلك الحال نال ذلك، فإنه قد تواترت الأحاديث بأنه يخرج مِن النار مَن قال: لا إله إلا الله، وكان في قلبه ما يزن شعيرة، وما يزن خردلة، وما يزن ذرة.
وتواترت بأن كثيرًا مِمن يقول: لا إله إلا الله يدخل النار، ثم يخرج منها، وتواترت بأن الله حرم على النار أن تأكل أثرَ السجود مِن ابن آدم، فهؤلاء كانوا يُصَلون ويسجدون لله، وتواترت بأنه يحرم على النار مَن قال لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، لكن جاءت مقيده بالقيود الثقال؛ وأكثر مَن يقولها لا يعرف الإِخلاص ولا اليقين، ومَن لا يعرف ذلك يخشى أن يُفتن عنها عند الموت فيحال بينه وبينها.
وأكثر من يقولها يقولها تقليدًا وعادة لم يخالط الإِيمان بشاشة قلبه، وغالب مَن يُفتن عند الموت وفي القبور أمثال هؤلاء كما في الحديث:
(سمعت الناسَ يقولون شيئًا فقلته). "رواه الترمذي وحسنه الألباني"
وغالب أعمال هؤلاء إنما هو تقليد واقتداء بأمثالهم وهم أقرب الناس من قوله تعالى: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} . "سورة الزخرف آية 23"
وحينئذ فلا منافاة بين الأحاديث، فإنه إذا قالها بإخلاص ويقين تام لم يكن في هذه الحال مصرًا على ذنب أصلًا، فإن كمال إخلاصه ويقينه يوجب أن يكون الله أحب إليه مِن كل شيء، فإذًا لا يبقى في قلبه إرادة لما حرم الله، ولا كراهية لما أمر الله، وهذا هو الذي يحرم على النار، وإن كانت له ذنوب قبل ذلك، فإن هذا الإِيمان وهذه التوبة، وهذا الإِخلاص وهذه المحبة، وهذا اليقين لا تترك له ذنبًا إلا يُمحى كما يُمحى الليل بالنهار. "انظر تيسير العزيز الحميد بشرح كتاب التوحيد" انتهى كلامه رحمه الله-