الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أقوال الأئمة في حكم الجهر
هل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم جهرًا عقب الأذان حرام أم حلال؟
فأقول وبالله التوفيق: "القائل أبو يوسف عبد الرحمن عبد الصمد".
قبل البدء في الجواب أود أن ألفت أنظار الشيخين الشيخ حسين والشيخ أديب الكيلاني وأعيد إلى أذهانهما ما أجبت به أمامهما في دائرة الإِفتاء بحماة أمام المفتي عندما سئلت:
(على فرض أن مؤذنًا ماجهر بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عقب الأذان كالأذان، فهل هذا الجهر حلال أم حرام؟) فقلت:
(هذا المؤذن أحد رجلين: رجل يعلم أن المصطفى صلى الله عليه وسلم والخلفاء والصحابة من بعده مع التابعين وتابع بما فيهم الأئمة الأربعة -رضوان الله عليهم- أجمعين لم يجهروا بها قط مدة ثلاثة قرون بل خمسة قرون، وعلى علم أَيضًا أن أول من أحدثها وجهر بها الروافض العبيديون بمصر - كما سماهم الإِمام الشعراني.
(ثم قال بلسان الحال أو المقال: عدم الجهر بها لا يكفي في زماننا لأن الوقت تغير، والناس أَيضًا قد تغيروا):
"شو عليه لو جهرنا ورغبنا الناس في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وذكرناهم بها"؟
فأقول: الويل كل الويل له، لقد تنكب الصراط المستقيم وجانب الطريق
السوِي ورغب عن سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعده، وعَدَلَ عما كانت عليه الصحابة والتابعين وتابع التابعين بما فيهم الأئمة الأربعة الأعلام وحسبه من الإثم أن يقدم هدي الروافض على هديه صلى الله عليه وسلم وما كانت عليه القرون الثلاثة المفضلة وأن يرى العمل بهدي الروافض أكثر نفعًا أو أكثر تذكيرأ من العمل بهديه صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها؛ فقدم شر الأمور على خيرها عافانا الله وإياكم من ذلك.
وأما الرجل الآخر فَمِن الرعاع رأى الناس قد جهروا وجميع المشايخ ساكتون بل ومستحبون له ويدعون إليها ويعادون من ترك الجهر بها، ويلمزونه تارة بالوهابب وتارة بأنه ينكر المذاهب ويستنقص الأئمة زورًا وبهتانًا. فأقول: إن كان بلغه أن الجهر بها
عقب الأذان كالأذان ليس من هدي القرون الثلاثة المفضلة وأنه من هدي الروافض، وأنهم أول من أحدثوها وأصرَّ على الجهر بها فحكمه حكم الأول آثم قلبه ومنحرف عن جادة الصواب، وإذا لم يبلغه ذلك فنقول: لقد عمل عملَا لم يرد في الشرع وليس عليه أمر النبي صلى الله عليه وسلم ولم تفعله القرون الثلاثة المفضلة، ونكل أمره إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له. هذا ما أجبت به في دائرة الِإفتاء أمام جَمٍّ غفير من المشايخ وغيرهم. وهذا هو جوابي الآن عن هذا السؤال) "راجع كتاب خطاب مفتوح لدائرة الإفتاء بحماة"
وأود أن أنقل لكم ما قاله الأَزْهَر بخصوص هذه البدعة كما سماها.
1 -
(لا كلام في أن الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم عقب الأذان مطلوبان شرعًا لورود الأحاديث الصحيحة بطلبهما .. لكن لا مع الجهر، بل يسمع نفسه أو من كان قريبًا منه. إنما الخلاف في الجهر بهما على الكيفية المعروفة، والصواب أنها بدعة مذمومة بهذه الكيفية التي جرت بها عادة المؤذنين من رفع الصوت بهما كالأذان والتمطيط والتغني، فإن ذلك إحداث شعار ديني على خلاف ما عهد عن النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته والسلف الصالح من أئمة المسلمين، وليس لأحد بعدهم ذلك، فإن العبادة مقصورة على الوارد عنه صلى الله عليه وسلم بإجماع الأئمة فلا تثبت باستحسان أحد من غير هؤلاء، ولا بإحداث سلطان عادل أو جائر، ومن العجب أنهم يفعلون هذا بقصد التقرب إليه تعالى، وقد ثبت بالنقل الصحيح الصريح أنَّه لا يُقرِّب إلى الله تعالى إلَّا العمل بما شرع، وعلى الوجه الذي شرع).
2 -
قال العلامة ابن حجر في الفتاوى الكبرى:
(وقد استفتي مشايخنا وغيرهم في الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم بعد الأذان على الكيفية التي يفعلها المؤذنون فأفتوا أن الأصل سنة والكيفية بدعة).
وقال الإِمام الشعراني نقلاً عن شيخه:
(لم يكن التسليم الذي يفعله المؤذنون في أيامه صلى الله عليه وسلم ولا الخلفاء الراشدين، بل كان في أيام الروافض بمصر) انتهى.
3 -
وقد سئل الأستاذ شيخنا الشيخ محمد عبده مفتي الديار المصرية بإفادة من مديرية المنوفية في 24 مايو 1904 نمرة: (765) عن مسائل منها:
ما اشتهر من الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم عقب الأذان في الأوقات الخمس إلَّا
المغرب فأجاب بقوله: أما الأذان فقد جاء في الخانية أنه ليس لغير المكتوبات وأنه خمس عشرة كلمة، وآخره لا إله إلا الله وما يذكر بعده أو قبله كله من المستحدثات المبتدعة، ابتُدِعت للتلحين لا شيء آخر، ولا يقول أحد بجواز هذا التلحين ولا عبرة بقول من قال إن شيئًا من ذلك بدعة حسنة لأن كل بدعة في العبادات على هذا النحو فهي سيئة. ومن ادعى أن ذلك ليس فيه تلحين فهو كاذب.
4 -
وقال العلامة ابن حجر في فتاويه الكبرى:
(مَن صَلَّى عَلى النبي قبل الأذان وقال محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده معتقدًا سُنِّيَته في ذلك المحل يُنهى ويُمنع؛ لأنه تشريع بغير دليل ومن شرع بغير دليل يزجر ويمنع) انتهى.
"من كتاب الإبداع في مضار الإبتداع ص 174"
طِبق ما قرره المجلس الأعلى من مناهج التعليم لقسم الوعظ والخطابة بالأزهر الشريف للشيخ علي محفوظ رحمه الله رحمة واسعة، فقرر تدريسه في كلية أصول الدين بالأزهر.