الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اتهامات مردودة
الوجه الثامن: قوله: "وإنا لنجد فوق ذلك منهم من يعدُّ قول سيدنا محمد بدعة لا تجوز، ويغلون في ذلك غلوًا شديدًا".
والجواب عن ذلك نقول: هذا كذب من القول، فعلماء الدعوة يثبتون ما ثبت للنبي صلى الله عليه وسلم من الصفات الكريمة، ومنها أنهم يعتقدون أنه سيد ولد آدم، وأفضل الخلق على الإِطلاق، لكنهم يمنعون الغلوِّ في حقه صلى الله عليه وسلم؛ عملاً بقوله صلى الله عليه وسلم:
"لا تُطْروني كما أطرت النصارى ابن مريم". "رواه البخاري"
ويمنعون الابتداع، ومن ذلك أن يقال:(سيدنا) في المواطن التي لم يرد قول ذلك فيها؛ كالأذان والإِقامة، والتشهد في الصلاة، وكذا رفع الأصوات قبل الأذان؛ يقول: اللهم صل وسلم على سيدنا رسول الله، أو بعد أداء الصلوات؛ كما يفعله المبتدعة بأصوات جماعية. وهذا هو الذي أظنه يقصده في كلامه، حيث يراه يُفعل عندهم، فظنَّه مشروعًا وهذا هو الذي ينكره علماء الدعوة في المملكة العربيّة السعودية، وينكره غيرهم من أهل التحقيق والعمل بالسنة وترك البدعة في كل مكان؛ لأنه بدعة، وكل بدعة ضلالة، وغلو في حقه صلى الله عليه وسلم، والغلو ممنوع.
أما قول سيدنا رسول الله في غير مواطن البدعة؛ فعلماؤنا لا ينكرونه، بل يعتقدونه، ويقولون: هو سيدنا وإمامنا صلى الله عليه وسلم.
الوجه التاسع: قوله: "وفي سبيل دعوتهم يُغلِظون في القول، حتى إن أكثر الناس، لينفرون منهم أشد النفور".
والجواب عن ذلك أن نقول:
أولًا: هذا الكلام من جملة الإتهامات التي لا حقيقة لها، وهذه كتب علمائنا ورسائلهم والحمد لله ليس فيها تغليظ؛ إِلا فيما يُشرع فيه التغليظ، وليس فيها تنفير، وإنما فيها الدعوة إلى الله بالبصيرة والحكمة والموعظة الحسنة، وكتبهم في ذلك مطبوعة ومتداولة ومنتشرة، وكل من اتصل بهم؛ فإنه يُثني عليهم، وقد كتب المنصفون عنهم الشيء الكثير في تاريخهم الماضي والحاضر، من حسن السياسة، وصدق المعاملة، والوفاء بالعهود، والرفق بالمسلمين، وأكبر شاهد على ذلك من يفد إلى مكة المشرَّفة للحج والعمرة كل عام، وما يشاهدونه من العناية بخدمة الحجيج، وبذل المجهود في توفير
راحتهم، مما أطلق الألسنة والأقلام بالثناء عليهم وعلى حكومتهم، وكذلك من يفدون إلى المملكة للعمل فيها يشهد أكثرهم بذلك.
ثانيًا: وأما قوله: "حتى إن أكثر الناس لينفرون منهم أشد النفور" فهو من أعظم الكذب وخلاف الواقع؛ فإن الدعوة التي قاموا بها في عهد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله إلى هذا العهد -وهي الدعوة إلى الإِسلام، وإخلاص التوحيد، والنهي عن الشرك والبدع والخرافات- قد لاقت قبولًا في أرجاء العالم، وانتشرت انتشارًا واسعًا في كثير من الأقطار، وما هو على صعيد الواقع الآن أكبر شاهد وأعظم دليل على ما ذكرنا.
ويتمثَّل ذلك فيما تبذله الحكومة السعودية التي هي حكومة الدعوة -أدام الله بقاءها وسدَّد خطاها- بتوجيه من علمائها ورغبة من حكامها بفتح الجامعات الإِسلامية التي تخرج الأفواج الكثيرة من أبناء العالم الإِسلامي على حسابها.
ويتمثَّل ذلك أيضًا في إرسال الدعاة إلى الله في مختلف أرجاء العالم، وفي توزيع الكتب المفيدة، وبذل المعونات السخية للمؤسسات الإِسلامية، ومد يد العون للمعوزين في العالم الإِسلامي، وإقامة المؤتمرات والندوات، وبناء المساجد والمراكز الإِسلامية؛ لتبصير المسلمين بدينهم، مما كان له أعظم الأثر والقبول الحسن - والحمد لله -.
وهذا واقع مشاهد، وهو يبطل قول ذلك الحاقد:
"إن أكثر الناس لينفرون منهم أشد النفور".
لكن كما قال الشاعر:
لي حِيْلَةٌ فيمَن يَنُـ
…
ـمُّ ومالي في الكَذَّاب حِيلَهْ
مَن كَانَ يَخْلُقُ مَا يَقُو
…
لُ فَحِيلَتي فيهِ قَليلَهْ
الوجه العاشر: قوله: "وإنه يُلاحظ أن علماء الوهابيين يفرضون في آرائهم الصواب الذي لا يقبل الخطأ، وفي رأي غيرهم الخطأ الذي لا يقبل التصويب".
والجواب عنه أن نقول: هذا من جنس ما قبله من التهجُّم الكاذب الذي لا حقيقة له، فهذه كتب علمائنا ومناقشاتهم لخصومهم ليس فيها شيء مما ذكره، بل فيها ما يكذِّبه به من بيان الحق وتشجيع أهله، ورد الباطل بالحجة والبرهان، ودعوة أهله إلى الرجوع إلى الحق بالحكمة والموعظة الحسنة، ولم يدَّعوا لأنفسهم العصمة من الخطأ، ويرفضوا ما عند غيرهم من الصواب؛ كما وصمهم بذلك.
وهذا إمامهم وكبيرهم الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله يقول في إحدى رسائله التي
وجهها لخصومه:
"وأرجو أني لا أردُّ الحق إذا أتاني، بل أُشهِدُ الله وملائكته وجميع خلقه إن أتانا منكم كلمة من الحق؛ لأقبلنَّها على الرّأس والعين، ولأضربنَّ الجدار بكل ما خالفها من أقوال أئمتي، حاشا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه لا يقول إِلا الحق" انتهى. وكلهم والحمد لله على هذا المنهج الذي قاله الشيخ.