المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌توضيحات حول الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم - مجموعة رسائل التوجيهات الإسلامية لإصلاح الفرد والمجتمع - جـ ٣

[محمد جميل زينو]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌ المجلد الثالث

- ‌(1)شهادة الإِسلام لا إله إلا الله محمد رسولُ الله

- ‌أركان الإِسلام

- ‌أركان الإِيمان

- ‌مكانة لا إله إلا الله

- ‌فضل لا إله إلا الله

- ‌لا معبود بحق إلا الله

- ‌لا إله في الوجود إلا الله

- ‌لا خالق إلا الله

- ‌لا مطاع إلا الله

- ‌تفسير سيد قطب

- ‌تفسير ابن تيمية

- ‌لا حاكم إلا الله

- ‌ملاحظات على كلام سيد قطب

- ‌تفسير محمد قطب

- ‌من لم يستطع الحكم بالقرآن

- ‌تحقيق الشهادتين (لا إله إلا الله، محمد رسول الله)

- ‌الأنبياء دينهم واحد

- ‌متى تنفع لا إله إلا الله

- ‌الرد علي بعض الشبهات

- ‌رد الحافظ ابن رجب

- ‌أفضل شعب الإِيمان

- ‌شروط "لا إله إلا الله

- ‌حقيقة لا إله إلا الله

- ‌معنى محمد رسول الله

- ‌أهمية التوحيد

- ‌من فضل التوحيد

- ‌نواقض لا إله إلا الله

- ‌وحدة الوجود في الظلال

- ‌لا تصدق الدجالين

- ‌رُكنا لا إله إلا الله

- ‌من فوائد لا إله إلا الله

- ‌دعاء الليل المستجاب

- ‌(2)كيف نفهم التوسل على ضوء الكتاب والسنة

- ‌التوسل المشروع وأنواعه

- ‌التوسل الممنوع

- ‌{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}

- ‌معنى لا إله إلا الله

- ‌{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}

- ‌استعن بالله وحده

- ‌الدعاء لا يحتاج إلى واسطة

- ‌الدعاء هو العبادة

- ‌أحاديث ضعيفة في التوسل

- ‌شبهات حول التوسل

- ‌الشبهة الأولى

- ‌الشبهة الثانية

- ‌التوسل بالأحياء لا بالأموات

- ‌خلاصة البحث

- ‌التوسل بالرسول ثلاثة أقسام

- ‌دفع توهم

- ‌لا تدعوا مع الله أحدا

- ‌إلَهي أنت المغيث وحدك

- ‌(3)أخطاء شائعة يجب تصحيحها على ضوء الكتاب والسنة

- ‌أخطاء مِن الشرك الأكبر

- ‌أخطاء من الكفر

- ‌أخطاء من الشرك الأصغر

- ‌أخطاء في حق الله تعالى

- ‌أخطاء تتعلق بعلم الغيب

- ‌أخطاء في أسماء الله

- ‌أخطاء في حق الإِسلام

- ‌أخطاء في معنى الإله

- ‌أخطاء في العبادات

- ‌أخطاء في حق النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌أخطاء في التحليل والتحريم

- ‌أخطاء في حق المسلم

- ‌أخطاء في حق غير المسلم

- ‌أخطاء في أحوال المسلمين عامة

- ‌أخطاء في عادات الناس

- ‌أخطاء في حق الناس

- ‌أخطاء في التسمية

- ‌(4)كيف اهتديت إلى التوحيد والصراط المستقيم

- ‌المقدمة

- ‌الولادة والنشأة

- ‌كنت نقشبنديًا

- ‌ملاحظات على الطريقة النقشبندية

- ‌كيف انتقلت إلى الطريقة الشاذلية

- ‌الطريقة القادرية

- ‌التصفيق في الذكر

- ‌الضرب بالشيش (بسيخ الحديد)

- ‌الطريقة المولوية

- ‌درسٌ عجيب مِن شيخ صوفي

- ‌الذكر في المساجد عند الصوفية

- ‌كيف يعامل الصوفية الناس

- ‌كيف اهتديت إلى التوحيد

- ‌معنى وهابي

- ‌مناقشة مع الشيخ الصوفي

- ‌لا يعلم الغيب إلا الله

- ‌جولة مع جماعة التبليغ

- ‌الخروج مع التبليغ للدعوة

- ‌مناقشة شروط الجماعة

- ‌الدين النصيحة

- ‌الجماعة الصوفية

- ‌جماعة الدعوة والتبليغ:

- ‌جماعة الإخوان المسلمين:

- ‌السلفيون، وأنصار السنة المحمدية:

- ‌حزب التحرير

- ‌جماعة الجهاد وغيرهم

- ‌نصيحتي إلى جميع الجماعات

- ‌تنبيهات على ملاحظات

- ‌الخلاصة

- ‌تنبيه هام

- ‌(5)دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب بين المعارضين والمؤيدين

- ‌ما معنى وهابي

- ‌محمد بن عبد الوهاب

- ‌معركة التوحيد والشرك

- ‌موقف المشايخ من التوحيد

- ‌التعقيب على كتاب الخطيب

- ‌الدعوة المحمدية

- ‌الخلاف بين الصحابة

- ‌أسماء الله توقيفية

- ‌هل يكفي توحيد الربوبية

- ‌التناقض في كتاب الخطيب

- ‌الدعوة لا تكفر المسلمين

- ‌التثبت واجب

- ‌هدم معالم الشرك

- ‌الدين ينكر البدع

- ‌الإستعانة الجائزة

- ‌رد الإتهام بالتكفير

- ‌الدعوة لا تقوم على العنف

- ‌الرد على أبي زهرة

- ‌الإفتراء على الدعوة

- ‌من فضائل الدعوة

- ‌اتهامات مردودة

- ‌الجهل بالوثنية

- ‌مناقشة حول الوهابية

- ‌معتقد السلفية

- ‌ردود على أباطيل

- ‌من مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب

- ‌الجذور الفكرية والعقائدية:

- ‌الإنتشار ومواقع النفوذ:

- ‌الشيخ محمد بن عبد الوهاب في مرآة علماء الشرق والغرب

- ‌أقوال المستشرقين

- ‌عقيدة المسلم

- ‌(6)نداء إلى المربين والمربيات لتوجيه البنين والبنات

- ‌شروط المربي الناجح

- ‌وظيفة المعلم

- ‌من واجبات المعلم

- ‌وصايا لقمان الحكيم لابنه

- ‌من هداية الآيات

- ‌وصايا نبوية مهمة للأولاد

- ‌من فوائد الحديث

- ‌من آداب الإِسلام

- ‌مِن آداب الزيارة والإستئذان

- ‌مِن فوائد الآيات والحديث

- ‌الطريق الصحيح للإستئذان المشروع

- ‌استئذان الأولاد والخدم والأقارب

- ‌مِن آداب المعلم والمعلمة

- ‌مِن آداب الطلاب والطالبات

- ‌المعلم المسلم داعية

- ‌كيف قامت الدولة الإسلامية في عهد النبوة

- ‌منهاج الدعوة السلفية

- ‌نصيحة عامة

- ‌النشاط المدرسي

- ‌من فوائد القصة

- ‌المسابقات في المدرسة

- ‌كيف ندرس القرآن الكريم

- ‌الرياضة البدنية

- ‌الطرق التربوية الناجحة

- ‌المحافظة على صلاة الجماعة في المسجد

- ‌التحذير من الأمور الضارة

- ‌المكافآت والعقوبات

- ‌العقوبات وأضرارها

- ‌أضرار العقوبات المادية

- ‌العقوبات الممنوعة

- ‌علاج الغضب:

- ‌العقوبات التربوية المفيدة

- ‌أخطاء بعض المعلمين والموظفين

- ‌من فوائد الحديث

- ‌إلى المعلمات والمدرسات

- ‌خلاصة الرسالة

- ‌(7)تكريم المرأة في الإِسلام على ضوء الكتاب والسنة المطهرة

- ‌المرأة عند العرب في الجاهلية

- ‌وأد البنات في الجاهلية

- ‌تكريم المرأة في الإِسلام

- ‌سورة النساء تكريم للمرأة

- ‌قوامة الرجل للتنظيم لا للإستبداد

- ‌الرجال قوامون على النساء

- ‌علاج المرأة العاصية لزوجها

- ‌تكريم الإِسلام للأم

- ‌حق الزوجة وحق الزوج

- ‌من فوائد الخطبة العظيمة

- ‌الحكمة في خلق الرجل والمرأة

- ‌سبب اختلاف الرجل عن المرأة

- ‌حجاب المرأة المسلمة

- ‌لباس الرجل والمرأة

- ‌الحجاب تكريم وحفظ للمرأة

- ‌تعدد الزوجات تكريم للمرأة

- ‌المرأة سلاح ذو حدين

- ‌فساد المرأة والرجل

- ‌مسؤولية المرأة المسلمة

- ‌نتائج عمل المرأة خارج البيت

- ‌المرأة سبب البطالة في المجتمعات الغربية

- ‌خطر الإختلاط في المدارس

- ‌شروط عمل المرأة المسلمة

- ‌كيف تختار المرأة زوجها وكيف يختارها

- ‌حرية المرأة في اختيار زوجها

- ‌الرسول صلى الله عليه وسلم يكرم البنات

- ‌القرآن يكرم الإناث

- ‌كرامة المرأة المسلمة

- ‌تحريم قتل النساء في الحرب

- ‌محافظة الإِسلام على سمعة المرأة

- ‌الوحي ينتصر للمرأة

- ‌العمل بمشورة النساء الصالحات

- ‌موقف المرأة المسلمة من الدين

- ‌وصية امرأة لابنتها في زفافها

- ‌شرط الولي لنكاح المرأة

- ‌واجب ولي المرأة

- ‌الخنساء قبل الإِسلام وبعده

- ‌إهانة المرأة في بلاد الكفر

- ‌فتاة أمريكية تعتنق الإِسلام

- ‌هاجر تدعو للإسلام

- ‌الخليفة ينقذ المرأة الضعيفة

- ‌أهمية تربية النساء

- ‌(8)تحفة الأبرار في الأدعية والآداب والأذكار

- ‌أسباب نشر الأدعية

- ‌الأخذ بالأسباب المشروعة

- ‌الأمر بالدعاء

- ‌من فضائل الدعاء

- ‌من آداب الدعاء

- ‌مِن فوائد الدعاء

- ‌أوقات إجابة الدعاء

- ‌الذين يستجاب دعاؤهم

- ‌المحَرم مِن الدعاء

- ‌شروط الدعاء

- ‌الخوف والرجاء

- ‌الدعاء لا يحتاج إلى واسطة

- ‌(الدعاء هو العبادة)

- ‌دعاء من القرآن الكريم

- ‌مِن دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌مِن سؤال الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌مِن استعاذة الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌دعاء الإستخارة

- ‌دعاء الشفاء

- ‌دعاء الضائع

- ‌الدعاء المستجاب

- ‌نصائح وتوجيهات

- ‌آداب الأكل والشرب

- ‌آداب السفر

- ‌دعاء الركوب والسفر

- ‌آداب السلام

- ‌فضل الذكر

- ‌مِن فوائد الذكر

- ‌الذكر في الصباح والمساء

- ‌الذكر عند النوم والإستيقاظ

- ‌الذكر عند الدخول والخروج من المنزل

- ‌الذكر عند دخول المسجد والخروج منه

- ‌الذكر عند الأذان

- ‌الذكر بعد الصلاة

- ‌الذكر عند الغضب

- ‌الذكر عند الكرب والمصائب

- ‌الذكر وكفارة المجلس

- ‌احذر قراءة هذه الكتب

- ‌(9)فضائل الصلاة والسلام على محمد خير الأنام صلى الله عليه وسلم

- ‌المقدمة

- ‌الأمر بالصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌حكم الصلاة على النبي في الصلاة

- ‌صفة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌معنى الصلاة والسلام والبركة

- ‌مَن هم آل النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌توضيحات حول الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌مواضع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌فوائد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الجهر بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الإسرار بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌أقوال الأئمة في حكم الجهر

- ‌الصلوات المبتدعة

- ‌الصلاة النارية

- ‌كتاب دلائل الخيرات

- ‌ماذا تعرف عن قصيدة البردة

- ‌حسان يمدح الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌مكارم أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم

الفصل: ‌توضيحات حول الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

‌توضيحات حول الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

-

1 -

قد يشكل على بعض الناس كيف طلب النبي صلى الله عليه وسلم له من الصلاة ما لِإبراهيم مع أنه صلى الله عليه وسلم أفضل من إبراهيم عليه السلام مع أن الأصل أن المشبِّه به فوق المشبّه؟!

والجواب عن هذا الإِشكال من وجهين:

الأول: إن آل إبراهيم فيهم الأنبياء الذين ليس في آل محمد مثلهم فإذا طلب للنبي صلى الله عليه وسلم ولآله من الصلاة مثل ما لِإبراهيم وآله- وفيهم الأنبياء- حصل لآل محمد صلى الله عليه وسلم من ذلك ما يليق بهم.

وتقرير ذلك: أن يجعل الصلاة الحاصلة لإِبراهيم ولآله وفيهم الأنبياء جملة مقسومة على محمد صلى الله عليه وسلم وآله، ولا ريب أنه لا يحصل لآل النبي صلى الله عليه وسلم مثل ما حصل لآل إبراهيم وفيهم الأنبياء، بل يحصل لهم ما يليق بهم، فيبقى قِسم النبي صلى الله عليه وسلم المتوفرة التي لم يستحقها آله مختصة صلى الله عليه وسلم.

الثاني: أن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو مِن آل إبراهيمِ بل هو من خير آل إبراهيم، فيكون قولنا:(كما صَليتَ على آل إبراهيم) متناولًا للصلاة عليه وعلى سائر النبيين مِن ذرية إبراهيم، ثم قد أمرَنا الله أن نُصلِّى عليه وعلى آله خصوصًا بقدر ما صلينا عليه مع سائر آل إبراهيم عموماً وهو فيهم، ويحصل لآله من ذلك ما يليق بهم، ويبقى الباقي كله له صلى الله عليه وسلم.

وتقرير هذا أنه يكون قد صلَّى عليه خصوصًا، أو طلب له من الصلاة ما لآل إبراهيم وهو داخل معهم، ولا ريب أن الصلاة الحاصلة لآل إبراهيم ورسول الله صلى الله عليه وسلم معهم أكِمل من الصلاة الحاصلة له دونهم، فيطلب له من الصلاة هذا الأمر العظيم الذي هو أفضل مما لإِبراهيم قطعًا ويظهر حينئذ فائدة التشبيه. "انظر جلاء الأفهام ص 150 - 160"

2 -

يرى القارئ أَيضًا أنه ليس في شيء منها لفظ: (السيادة) ولذلك اختلف المتأخرون في مشروعية زيادتها في الصلوات الإِبراهيمية، ولا يتسع المجال الآن لنفصل القول في ذلك.

وذكر مَن ذهب إلى عدم مشروعيتها اتباعًا لتعليم النبي صلى الله عليه وسلم الكامل لأُمته حين سُئل

ص: 436

عن كيفية الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم فأجاب آمرًا بقوله:

(قولوا: اللهم صَلِّ على محمد وعلى آل محمد). "رواه البخاري ومسلم"

ولكني أُريد أن أنقل إلى القراء الكرام هنا رأي الحافظ ابن حجر العسقلاني في ذلك باعتباره أحد كبار علماء الشافعية الجامعين بين الحديث والفقه، فقد شاع لدى متأخري الشافعية خلاف هذا التعليم النبوي الكريم!

أ - فقال الحافظ محمد بن محمد الغرابيلي، وكان ملازمًا لابن حجر، قال رحمه الله ومن خطه نقلتُ-:

(وسُئل "أي الحافظ ابن حجر" أمتع الله بحياته عن صفة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة أو خارج الصلاة سواء قيل بوجوبها أو ندبيتها هل يشترطافيها أن يصفه صلى الله عليه وسلم بالسيادة كأن يقول مثلَا: اللهم صلِّ علي سيدنا محمد أو على سيد الخلق وعلى سيد ولد آدم؟ أو يقتصر على قوله: اللهم صلِّ على محمد؟ وأيهما أفضل الإتيان به لعدم ورودِ ذلك في الآثار؟ فأجاب رضي الله عنه: نعم اتباع الألفاظ المأثورة أرجح، ولا يُقال: لعله ترك ذلك تواضعًا منه صلى الله عليه وسلم -كما لم يكن يقول عند ذكره صلى الله عليه وسلم: (صلى الله عليه وسلم) وأُمته مندوبة إلى أن تقول ذلك كما ذُكر؛ لأنا نمَول: لو كان ذلك راجحًا لجاء عن الصحابة ثم عن التابعين، ولم نقف في شيء من الآثار عن أحد مِن الصحابة ولا التابعين لهم قال ذلك، مع كثرة ما ورد عنهم من ذلك.

وهذا الإِمام الشافعي أعلى الله درجته، وهو من أكثر الناس تعظيمًا للنبي صلى الله عليه وسلم قال في خطبة كتابه الذي هو عمدة أهل مذهبه:(اللهم صَل على محمد) إلى آخر ما أداه إليه اجتهاده وهو قوله: كما ذكره الذاكرون وكلما غفل عن ذكره الغافلون، وكأنه استنبط ذلك من الحديث الصحيح الذي فيه (سبحان الله عدد خلقه) فقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قال لأُم المؤمنين ورآها أكثرت التسبيح وأطالته:

(لقد قلتُ بعدَكِ كلماتٍ لو وُرنت بما قلتِ لورنتهن فذكر ذلك)"رواه مسلم"

وكان صلى الله عليه وسلم يعجبه الجوامع من الدعاء.

"انظر صفة الصلاة للألباني"

3 -

أفضل الصيغ ما علَّمه رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه لما سألوه عن كيفية الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، لأنه لا يختار لهم وكذا لنفسه إلا الأشرف والأفضل؛ ومن ثَم صوَّبَ النووي في الروضة أنه لو حلف لَيُصَلِّين عليه صلى الله عليه وسلم أفضل الصلاة لم يَبرَّ إلَّا بتلك الكيفية، وَوَجّهه السبكي بأنه من أتى بها فقد صلى على النبي صلى الله عليه وسلم بيقين وكل من جاء بلفظ غيرها فهو

ص: 437

من إتيانه بالصلاة المطلوبة في شك؛ لأنهم قالوا: كيف نصلي عليك؟ قال:

(قولوا

).

فجعل الصلاة عليه منهم هي قولهم كذا.

4 -

لا يُشرع تلفيق صيغة صلاة واحدة من مجموع هذه الصيغ بل ذلك بدعة في الدين وإنما السنة أن يقول هذا تارة وهذا تارة كما بينه شيخ الإِسلام ابن تيمية. "انَظر صفة الصلاة للألباني ص 135 - 139"

5 -

قوله: (إنك حميد مجيد). فالحميد فعيل مِن الحمد، وهو بمعنى محمود وهو أبلغ من المحمود فإن فعيلًا إذا عُدِلَ به عن مفعول دلَّ على أن تلك الصفة قد صارت مثل السجية الغريزية والخلق اللازم كما إذا قلت فلان ظريف أو شريف أو كريم، ولهذا يكون هذا البناء غالبًا من فَعُل بوزن شرُفَ.

فالحميد الذي له من الصفات وأسباب الحمد ما يقتضي أن يكون محمودًا وإن لم يحمده غيره فهو حميد في نفسه، والمحمود مَن تعلق به حَمْدُ الحامدين. وهكذا المجيد والمُمَجد، والحمد والمَجد إليهما يرجع الكمال كله، فإن الحمد يستلزم الثناء والمحبة للمحمود، وأما المجد فهو مستلزم للعظمة والسعة والجلال، كما يدل عليه موضوعه في اللغة فهو دال على صفات العظمة والجلال، والحمد يدل على صفات الإِكرام، والله سبحانه ذو الجلال والإِكرام.

ولما كانت الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وهي ثناء الله تعالى عليه وتكريمه، والتنويه به ورفع ذكره زيادة حبه وتقريبه كما تقدم كانت مشتملة على الحمد والمجد فكان المصلي طلب من الله تعالى أن يزيد في حمده ومجده فإن الصلاة عليه هي نوع حمد له وتمجيد، هذه حقيقتها فذكر في هذا المطلوب الإسمين المناسبين له وهما أسماء الحميد والمجيد.

"جلاء الأفهام ص 173"

ص: 438