الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الضرب بالشيش (بسيخ الحديد)
هناك زاوية للصوفية قريبة من بيتنا، ذهبت إليها لأطلع على ذكرهم، وبعد العشاء حضر المنشدون، وكانوا يحلقون اللحى، وجعلوا يقولون بصوت واحد:
هاتِ كاس الراح
…
واسقِنا الأقداح
يرددون هذا البيت، ويتمايلون، ويعيد البيت رئيسهم بمفرده ثم يتبعه الآخرون أشبه بجماعة المغنين والمطربين! ولا يخجلون من ذكر الخمر في المسجد الذي جُعل للصلاة والقرآن، لأن الراح معناها هنا الخمر، والخمر حرمها الله في كتابه، والرسول في أحاديثه.
ثم بدأت الدفوف تضرب بشدة، وتقدم أحدهم وكان كبير السن فخلع قميصه، وصاح بأعلى صوته: يا جداه! ويقصد به الإستغاثة بأحد أجداده الأموات من أبناء الطريقة الرفاعية؛ لأنهم مشهورون بهذا العمل! ثم أخذ سيخًا من حديد، وأدخله في جلد خاصرته، وهو يصيح يا جداه، ثم جاء رجل يرتدي اللباس العسكري، حليق اللحية، فأخذ كأسًا من الزجاج وجعل يقضمه بأسنانه! فقلت في نفسي: إن كان هذا الجندي صادقًا فلماذا لم يذهب إلى اليهود ويحاربهم بدلاً من أن يكسر الكأس بأسنانه، وكان ذلك عام 1967 م حينما احتل اليهود جزءًا كبيرًا من الأرض العربية واندحرت الجيوش العربية، وخسرت الحرب، وكان هذا الجندي من بينهم لم يفعل شيئًا مع أنه كان
حليق اللحية.
1 -
إن بعض الناس يظنون أن هذا العمل كرامة، ولم يعلموا أن هذا العمل من الشياطين المجتمعين حولهم يساعدونهم على ضلالهم؛ لأنهم أعرضوا عن ذكر الله وأشركوا بالله حين استغاثوا بأجدادهم، مصداقًا لقوله تعالى:
والله تعالى يُسخر لهم الشياطين ليزيدوهم ضلالًا، لقول الله تعالى:
{قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا} . [مريم: 75]
2 -
ولا غرابة من مساعدة الشياطين لهم وقدرتهم على ذلك، كما هو المشاهد.
والذين ذهبوا إلى الهند كالرحالة ابن بطوطة وغيره شاهدوا من المجوس أكثر من هذا!
3 -
فالمسألة ليست مسألة كرامة ولا ولاية، بل ضرب الشيش وغيره من عمل الشياطين المجتمعين حول الغناء والمعازف التي هي من مزامير الشيطان، وأغلب الذين يقومون
بهده الأعمال يرتكبون المعاصي، بل يشركون بالله جهرًا فكيف يكونون من الأولياء وأصحاب الكرامات؟ والله تعالى يقول:
{أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} . [يونس: 62، 63]
فالولي هو المؤمن التقي الذي يبتعد عن الشرك والمعاصي، ويستعين بالله وحده عند الشدائد والرخاء، وقد تأتيه الكرامة عفوًا وبدون طلب وشهرة أمام الناس.
4 -
وقد ذكر شيخ الإِسلام ابن تيمية عن أفعال أمثال هؤلاء وغيرهم فقال: ولا تحصل لهم هذه الأفعال عند قراءة القرآن والصلاة؛ لأن هذه عبادات شرعية إيمانية، محمدية، تطرد الشياطين. . . وتلك عبادات بدعية شركية، شيطانية، فلسفية، تستجلب الشياطين.
5 -
والغريب أن واحدًا ممن تأثروا بالفكر الصوفي هو (سعيد حوى) قد انطلت عليه هذه الأباطيل، فراح يكتب عنها، ويدعو إلى دراسة الطريقة الرفاعية، ويروي حادثة سمع بها يقول عنها: حدثني رجل نصراني أن رجلاً ضربه في بطنه، فخرج السيخ من ظهره. .!! ثم يقول: وقد يكون صاحب هذه الكرامة فاسقًا، فتكون لجده!! "انظر كتاب تربيتنا الروحية 74"
فالكاتب يأخذ الحادثة عن رجل نصراني، وقد يكون كاذبًا، وهل تكون الكرامة لفاسق؟ ومتى كانت بالوراثة؟ الكرامة تكون للأولياء المتقين، ولا تكون بالوراثة، ولا تكون لفاسق، وإذا حصل شيء خارق للعادة لفاسق، فلا يُسمى كرامة، كما زعم "سعيد حوى" بل يكون استدراجًا لهم، ليزيدهم في الضلال، وسبق أن ذكرت أن المجوسِ يقومون بأعمال أشد من ضرب السيخ!
6 -
ثم إن رجلاً سلفيًا كلف أحد هؤلاء المشعوذين الذين يضربون أنفسهم بالشيش، أن يدخل دبوسًا في عينه، فامتنع وخاف، مما يدل على أنه يدخل الشيش في جلده بسيخ خاص، والذين كانوا يتعاطون مثل هذه الأعمال ثم تابوا تحدثوا عن الدم الذي كان يسيل منهم، ويغسلونه بعد ذلك.
7 -
وحدثني مسلم صادق رأى بعينه جنديًا يضرب نفسه بسيخ حديد له شكل خاص، ورأى الدم يسيل من مكان السيخ، ولما أخذوه إلى قائده العسكري قال له: نحن نضربك على رجليك بالبارودة فإن كنت صادقًا فاصبر وتحمل، ولما نُفذَ الضرب به بدأ يبكي ويصيح ويولول، ويستغيث، ولم يتحمل الضربات، وبدأ الجنود يضحكون.
الخلاصة
أن الضرب بالشيش لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه، ولا التابعون، ولا الأئمة المجتهدون ولو كان فيه خيرًا لسبقونا إليه، ولكنه من فعل المبتدعين المتأخرين المستعينين بالشياطين، المشركين برب العالمين وقد حذر الرسول صلى الله عليه وسلم من هذه البدع فقال:
(إياكم ومحدَثاتِ الأمور، فإن كل محدَثة بدعة، وَكل بدعة ضلالة، وَكل
ضلالة في النار). "صحيح رواه النسائي"
وعمل هؤلاء المبتدعة مردود عليهم بقوله صلى الله عليه وسلم:
(مَن عَمِل عمَلًا ليسَ عليه أمرنا فهو رَدّ). [أي مردود عليه]. "رواه مسلم"
وهؤلاء المبتدعة يستعينون بالأموات والشياطين، وهو من الشرك الذي حذر الله منه بقوله:
{إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} . [المائدة: 72]
وقال صلى الله عليه وسلم: (مَن مات وهو يدعو مِن دون الله نِدًّا دخل النار). "رواه البخاري"
[الند: المثل والشريك].
وكل من اعتقد بهم أو ناصرهم، فهو منهم.