الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شروط المربي الناجح
1 -
أن يكون ماهرًا في مهنته، مبتكرًا في أساليب تعليمه، محبًا لوظيفته وطلابه، يبذل جهده لتربيتهم التربية الحسنة، يزودهم بالمعلومات النافعة، ويعلمهم الأخلاق الفاضلة، ويعمل على إبعادهم عن العادات السيئة فهو يُربي ويُعلم في آن واحد.
2 -
أن يكون قدوة حسنة لغيره، في قوله وعمله، وسلوكه. مِن حيث قيامه بواجبه نحو ربه، وأُمته وطلابه، يحب لهم من الخير ما يحبه لنفسه وأولاده، يعفو ويصفح، فإن عاقب كان رحيمًا:
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى يُحب لأخيه ما يُحب لنفسه)"متفق عليه"
2 -
مِن شروط المعلم الناجح أن يعمل بما يأمر به الطلاب من الآداب والأخلاق وغيرها من العلوم، وليحذر مخالفة قوله لفعله، وليسمع قول الله تعالى:
وهذا إنكار على من قال قولاً ولم يعمل به.
وقوله صلى الله عليه وسلم: (اللهم إني أعوذ بك مِن عِلم لا ينفع). "رواه مسلم"[أي لا أعمل به، ولا أُبلغه غيري، ولا يُهذب مِن أخلاقي].
وقول الشاعر:
يا أيها الرجل المعلم غيره
…
هَلَّا لنفسك كان ذا التعليم
4 -
على المعلم أن يعلم أن وظيفته تشبه وظيفة الأنبياء الذين أرسلهم الله تعالى لهداية البشر وتعليمهم، وتعريفهم بربهم وخالقهم، وكذلك هو في منزلة الوالد في عطفه على طلابه، ومحبته لهم، وأنه مسئول عن هؤلاء الطلاب: عن حضورهم، واهتمامهم بدروسهم، بل يحسن به أن يساعدهم في حَل مشاكلهم وغير ذلك مما يُعَدّ من مسئولياته، قال صلى الله عليه وسلم:(كُلُّكم رَاعٍ وكُلُّكُم مسئولٌ عن رَعيته). "متفق عليه"
وليعلم أنه مسئول أمام الله عن طلابه ماذا علّمهم؟ وهل أخلص في البحث عن السبُل الميَسرة لإِرشادهم، وتوجيههم التوجيه السليم؟.
قال صلى الله عليه وسلم: (إن الله سائلٌ كُل راعٍ عما استرعاه، أحفِظَ ذلك أم ضيَّعه؟ حتى يسأل الرجل عن أهل بيته). "حسن رواه النسائي عن أنس".
ثم إن عليه أن يخاطبهم بها يفهمون كل على قدر فهمه:
قال علي رضي الله عنه: حَدَّثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يُكذَّب الله ورسوله؟ "أخرجه البخاري في العلم: باب من خص قومًا دون قوم في العلم"
5 -
إن المعلم بحكم مِهنته يعيش بين طلاب تتفاوت درجات أخلاقهم وتربيتهم وذكائهم، لذلك فإن عليه أن يسعهم جميعًا بأخلاقه، فيكون لهم بمنزلة الوالد مع أولاده، عملاً بقول المربي الكبير نبيّنا محمد صلى الله عليه وسلم:
(إنما أنا لكم بمَنزلة الوالد أُعَلِّمكم). "صحيح رواه أحمد وأبو داود"
6 -
على المعلم الناجح أن يتعاون مع زملائه، وينصحهم ويتشاور معهم لمصلحة الطلبة، ليكونوا قدوة حسنة لطلابهم، وعليهم جميعًا أن يتقيدوا برسول الله - رضى الله عنه-، حيث خاطب الله تعالى المسلمين بقوله:
{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21]
7 -
التواضع العلمي:
الإعتراف بالحق فضيلة، والرجوع إليه خير من التمادي في الخطأ، فعلى المعلم أن يتأسَّى بالسلف الصالح في طلبهم للحق والإِذعان له إذا تبين لهم أن الحق بخلاف ما يُفتون أو يعتقدون.
والدليل على ذلك ما ذكره ابن أبي حاتم في كتابه (مقدمة الجرح والتعديل) حين ذكر قصة مالك رضي الله عنه ورجوعه عن فتواه حينما سمع الحديث؛ وذكرها بعنوان: [باب ما ذكر من اتباع مالكٍ لآثارِ النبي صلى الله عليه وسلم ونزوعه عن فتواه عندما حُدِّث عن النبي صلى الله عليه وسلم خلافه]
قال ابن وهب: سمعت مالكًا سئل عن تخليل أصابع الرجلين في الوضوء فقال: ليس ذلك على الناس. قال: فتركته حتى خف الناس، فقلت له: عندنا في ذلك سنة، فقال: وما هي؟ قلت: حدثنا الليث بن سعد وابن لهيعة، وعمرو بن الحارث عن يزيد بن عمرو المعافري عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن المستورد بن شداد القرشي: قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدلُّك بخنصره ما بين أصابع رجليه، فقال: إن هذا الحديث حسن، وما سمعت به قط إِلا الساعة؛ ثم سمعته بعد ذلك يُسأل فيأمر بتخليل الأصابع. "انظر مقدمة الجرح والتعديل ص 30 "
ولو أردنا استقصاء الأمثلة من حياة السلف لما كفتنا هذه الورقات، لذا يجب على المعلم الذي يريد النجاح في مهنته، أن يذُعن للحق ويتراجع عن خطئه إذا أخطأ، ويعلِّم طلابه هذا الخلق العظيم، ويبين لهم فضل التواضع والرجوع إلى الحق، وأن يطبق ذلك عمليًا في الفصل، فإذا رأى إجابات بعض الطلبة أفضل من إجابته، فَلْيُعِلن ذلك وليعترف بأفضلية إجابة هذا الطالب، فذلك أدعى لكسب ثقة طلابه ومحبتهم له.
لقد عشت قرابة أربعين عامًا معلمًا ومربيًا، وإن أنس، لا أنسى ذلك المعلم الذي أخطأ في قراءة حديث، فلما رده بعض الطلاب أصرَّ على خطئه، وجعل يجادل بالباطل، فسقط هذا المعلم في نظر طلابه، ولم يعد موضع ثقتهم.
ولا أزال أذكر بعض المعلمين الصادقين الذين كانوا يعترفون بخطئهم، ويتراجعون عنه، لقد أحبهم الطلاب، وازدادت ثقتهم بهم، وأصبحوا موضع إجلال وإكبار.
فحبذا لو سار المعلمون جميعًا سير هؤلاء ونهجوا نهجهم في الرجوع إلى الحق.
8 -
الصدق والوفاء بالوعد:
على المعلم أن يلتزم الصدق في كلامه، فإن الصدق كله خير، ولا يربي تلاميذه على الكذب، ولو كان في ذلك مصلحة تظهر له:
حدث أن سأل أحد الطلاب معلمه مستنكرًا تدخين أحد المعلمين، فأجابه المعلم مدافعًا عن زميله، بأن سبب تدخينه هو نصيحة الطبيب له، وحين خرج التلميذ من الصف قال: إن المعلم يكذب علينا.
وحبذا لو صدق المعلم في إجابته، وبين خطأ زميله، بأن التدخين حرام، لأنه مضر بالجسم، مؤذ للجار، متلف للمال، فلو فعل ذلك لكسب ثقة الطلاب وحبهم، ويستطيع أن يقول هذا المعلم إلى طلابه: إن المعلم فرد من الناس تجري عليه الأعراض البشرية، فهو يصيب ويخطىء، وهذا نبيّنا محمد صلى الله عليه وسلم يقرر ذلك في حديثه قائلًا:(كل بني آدم خطاء، وخيرُ الخطائين التوابون). "حسن رواه أحمد"
لقد كان بإمكان المعلم المسئول أن يجعل سؤال الطالب عن تدخين معلمه درسًا لجميع الطلبة، فيفهمهم أضرار التدخين، وحكمه الشرعي، وأقوال العلماء فيه، وأدلتهم، فيكون بذلك قد استفاد من سؤال الطالب واستعمله في التربية والتوجيه. قال صلى الله عليه وسلم: