الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ففى حديث ابن عمر مقال كثير: قال الحافظ: هو ضعيف، ضعفه القطان، وابن معين، وغير واحد.
أما حديث جابر، فقد قال فيه الدارقطنى: والصواب أنه موقوف (1).
الترجيح:
وفى مجال الترجيح فإننى أرجح ما ذهب إليه الفريق الثانى، وهو كفاية الاقتصار على ضربة واحدة لأعضاء التيمم جميعها، وذلك لأنه الواجب. فإن أحاديث الضربتين لا يخلو جميع طرقها من مقال، ولو صحت لكان الأخذ بها متعينًا لما فيها من الزيادة، فالحق الوقوف على ما ثبت فى الصحيحين من حديث عمار من الاقتصار على ضربة واحدة (2).
فإذا نظرنا إلى الحكمة التى من أجلها شرع التيمم لكان فى ذلك تقوية لما ترجح فإن التيمم قد شرع للتخفيف سواء العاجز عن استعمال الماء والمريض أو الفاقد له بعد طلبه.
ثم إن التيمم ليس مقصودًا لذاته، وإنما هو وسيلة تعبدية أمرنا اللَّه بها ليتحقق منها معنى العبودية الخالصة له -تعالى- وهو الخضوع بكل ما أمرنا اللَّه به.
كما أن التراب ليس المقصود منه الطهارة الحقيقية، وإنما هى طهارة حكمية معنوية ينتهى وجودها بوجود الماء. وليس لقلة التراب أو كثرته معنى مقصود لذاته فى هذا الباب، وإنما المقصود هو الخضوع والامتثال للأمر، وهذا ما وجدناه من فعل النبى صلى الله عليه وسلم حينما تيمم، فإنه قد نفخ فى كفيه بعد ضربهما على التراب ليزيل ما كثر منه، على أن المقصود إيصال التراب وقد حصل.
ولذلك وجدنا ممن أوجبوا الضربتين من يكتفون بالواحدة إذا كان ذلك بخرقة ونحوها، فإذا أخذ خرقة كبيرة وضرب بها ثم مسح ببعضها وجهه وببعضها يديه فإنه يكفى. هكذا قال الأسنوى ونص عليه (3).
(1) المرجع السابق 253 ومن تخريج ابن علىّ على شرح الرافعى: 1/ 325 من المجموع.
(2)
المرجع السابق: 254.
(3)
كافى المحتاج: جـ 1/ 65.
وهذا الذى رجحناه قد اختاره الرافعى وقال إنه الأصح. ولذلك كان تعبيره بعد ذلك: ولكن يستحب ألا يزيد عن الضربتين وألا ينقص عن واحدة (1).
وقال الكمال بن الهمام: "والذى يقتضيه النظر عدم اعتبار ضربة الأرض من مسمى التيمم شرعًا؛ لأن المأمور به المسح ليس غير فى الكتاب، قال تعالى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ} ويحمل قوله صلى الله عليه وسلم: "التيمم ضربتان" إما على إرادة الأعمّ من المسحتين، أو على أنه أخرج مخرج الغالب"(2).
* * *
(1) الشرح الكبير: 1/ 300.
(2)
فتح القدير: 1/ 87.