الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
توجيه الأدلة
أولًا: الفريق الأول:
وقد وجه الفريق الأول أدلته على النحو التالى:
1 -
قالوا فى الأحاديث التى استدلوا بها: إن جميع هذه الأحاديث إنما تدل على حرمة البيع، إمّا بالنص أو بالقياس، وجميعها قد ورد فيها النهى عن اللهو والغناء بها إلا ما استثنى فى بعضها، وإذا نهى عن ذلك فيكون النهى عن آلته أولى.
2 -
أما وجه الدلالة من الآثار: فقد قالوا: بأنها كلها تدل على الحرمة صراحة، لأن الآية بينت حكم شراء آلة اللهو وأنه حرام وقد فسر الآية من هم أعرف الناس بها، وهم فسروا الهوى بالغناء ونحوه، كالعازف والمزمار والكوبة. وبذلك يكون حرامًا بنص الآية ومنهى عنه بالنص، فلا ينعقد فيه العقد. لأنها آلات للتلهى بها موضوعة للفسق والفساد، فلا تكون أموالًا؛ فلا يجوز بيعها (1).
ثانيًا: الفريق الثانى:
وقد وجه الفريق الثانى أدلته على النحو التالى:
1 -
أن الآيات التى ذكرها تدل على جواز البيع، فإنه لم يأت نص بتحريم شئ من ذلك، بل رأى أبو حنيفة الضمان على من كسر شيئًا من ذلك (2).
2 -
أما الأحاديث ففيها إقرار النبى صلى الله عليه وسلم الغناء، فإنه أجازه لعائشة وأقرها عليه،
(1) بدائع الصنائع: 5/ 144.
(2)
المرجع السابق.
ولم ينكر عليها ذلك، بل أنكر على أبى بكر انتهاره عائشة بقوله لها: أمزمار الشيطان عند رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ بل صرح له الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: "دعهما" وفى هذا تصريح بالإباحة. وكل ما هو مباح يصح بيعه (1).
3 -
أما الآثار ففيها دليل على الإباحة أيضًا:
ففى أثر ابن عمر لو كان المزمار حرامًا سماعه لما أباحه عليه السلام لابن عمر ولأمره صلى الله عليه وسلم بكسره، وفى السكوت عنه دلالة على الجواز إذا وقع، وإنما تجنبه صلى الله عليه وسلم كبقية أكثر المباح من أكثر أمور الدنيا كتجنبه الأكل متكئًا، وأن يبيت وعنده دينار أو درهم، وغير ذلك كثير (2).
أما الأثر المروى من طريق سفيان، ففيه تصريح بالإباحة فإن فيه أنه رخص فى الغناء فى العرس، ويقاس عليه غيره.
وأما الأثر المروى من طريق حماد، ففيه أن ابن عمر قد سمع الغناء وسعى فى بيع المغنية وهو دليل الجواز.
وأما أثر وكيع: فإن فيه الإنكار على التماثيل فقط، وهذا هو الصحيح عن علس -رضى اللَّه عنه- وما ورد غير ذلك فهو غير صحيح وكذوب.
وأما الآثر المروى من طريق يحيى بن سعيد القطان عن ابن مسعود أن أصحابه كانوا يستقبلون الجوارى وهن يغنين ويضربن بالدفوف" ففيه دلالة على المطلوب، فإن قيل: الدف مجمع عليه، قلنا: هذا تحكم لا نوافق عليه (3).
فإذا كان كبار التابعين قد ثبت عنهم أنهم استعملوا مثل هذه الآلات كما روى فى الأثرين الأخيرين عن ابن سيرين وابن عوف، ففى أثر ابن سيرين أنه كان يحسن اللعب بالشطرنج، وفى أثر ابن عوف أنه كان يغنى بالعود، فإذا ثبت هذا ثبت إباحة استعمال هذه الآلات، وإباحة الإستعمال دلالة على جواز بيع مثل هذه الآلات (4).
أما ما استدل به الفريق المخالف لمذهبنا فجميع ما استدل به لا حجة له فيه؛ لأن
(1) المحلى 9/ 62.
(2)
المرجع السابق.
(3)
السماع للقيصرانى ص 75 والمحلى 5/ 55.
(4)
المراجع السابقة.