الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن أطلق عليه التحريم أو الإباحة لم يقيد التعلق بالمكلفين، بل بالعباد ليدخل فيه أيضًا صحة صلاة الصبى وغيرها من العبادات، ووجوب الغرامة باتلافه وإتلاف المجنون، والبهيمة والساهى، ونحو ذلك مما يندرج فى خطاب الوضع.
مسألة:
الفقه: العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية.
واحترزنا بالأحكام عن العلم بالذوات: كزيد، وبالصفات: كسواده، وبالأفعال: كقيامه.
وعبر الأمدى بقوله: هو العلم بجملة غالبية من الأحكام. وهو تعبير حسن، فإن ظاهر إطلاق الجمع المحلى بـ "ال" عموم العلم لكل فرد. وذلك لا يتصور فى أحد من المجتهدين ولا غيرهم.
واحترزنا بالشرعية عن العقلية: كالحسابيات والهندسة، وعن اللغوية: كرفع الفاعل. وكذلك نسبة الشئ إلى غيره إيجابًا: كقام زيد، أو سلبًا: نحو لم يقم.
واحترزنا بالعملية عن القلبية والعلمية، وهى أصول الدين. فإن المقصود منها هو العلم المجرد، أى الاعتقاد والمستند إلى الدليل.
وبالمكتسب عن علم اللَّه، تعالى. وبقولنا: من أدلتها، عن علم الملائكة وعلم الرسول الحاصل بالوحى، فإن ذلك كله لا يسمى فقهًا بل علمًا.
وبقولنا: التفصيلية، عن العلم الحاصل فى المسائل الفقهية، فإنه لا يسمى فقهًا بل تقليدًا؛ لأنه أخذه عن دليل إجمالى مطرد فى كل مسألة، وذلك لأنه إذا علم أن هذا الحكم المعين قد أفتى به المفتى، وعلم أن كل ما أفتاه به فهو حكم اللَّه تعالى. . فى حقه - فيعلم بالضرورة أن ذلك المعين هو حكم اللَّه تعالى، ويفعل هكذا فى كل حكم.
وما ذكرناه حدًا وشرحًا هو أقرب إلى الصواب من غيره، وإن كان فيه أمور ذكرتها فى الشرح.
وقد أورد على هذا الحد أن غالب الفقه مظنون؛ لكونه مبنيًا على العموميات، وأخبار الآحاد، والأقيسة، وغيرها من المظنونات، فكيف يعبرون عنه بالعلم؟
وأجابوا بأنه: لما كان المظنون يجب العمل به كما فى المقطوع رجع إلى العلم بالتقرير السابق. إذا علمت ذلك، فالذى ذكروه فى ضوابط الفقه يتفرع عليه مسائل كثيرة: كالأوقاف، والوصايا، والأيمان، والنذور، والتعليقات، وغيرها. فنقول مثلا: إذا وقف على الفقهاء، فقد قال القاضى حسين فى الوقف فى إحدى تعليقتيه: صرف إلى من يعرف من كل علم شيئًا. فأما من تفقه شهرًا أو شهرين فلا. ولو وقف على المتفقهة صرف إلى من تفقه ولو يوما مثلا؛ لأن الاسم صادق عليه.
وقال فى التعليقة الأخرى: يعطى لمن حصّل من الفقه شيئًا يهتدف له إلى الباقى. قال: ويعرف بالعادة.
وقال فى "التهذيب" فى الوصية: إنه يصرف لمن حصّل من كل نوع. وكأن هذا هو مراد القاضى بقوله: من كل علم.
وقال فى "التتمة" فى باب الوصية: إنه يرجع فيه إلى العادة. وعبر فى كتاب الوقف بقوله: إلى من حصّل طرفًا، وإن لم يكن متبحرًا. فقد روى أن من حفظ أربعين حديثًا عد فقيهًا.
وقال الغزالى فى "الإحياء": يدخل الفاضل فى الفقه ولا يدخل المبتدئ من شهر ونحوه، وللمتوسط فيهما درجات يجتهد المفتى فيها، والورع لهذا المتوسط ترك الأخذ.