الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وصية عبد الله العبد الوهاب:
وهذه الوصية ليست فيها الديباجة المعتادة في الوصايا، وإنما دخل صاحبها في مضمونها مباشرة فقال بعد الحمد لله وحده.
أوصى عبد الله العبد الوهاب في ثلث ماله على أبواب البر في صحة من عقله وبدنه.
أقول: ينبغي أن يلاحظ أن قول بعض الموصين في صحة من عقله وبدنه ونصهم على البدن له فائدة فقهية واضحة، ذلك بأن وصية الإنسان لا تصح إذا كان مريضًا مرضًا مخوفًا يظن أنه قد يفضي به إلى الموت، لأن ما تصح به الوصية وهي جواز التصرف بثلث ماله وليس بأكثر من ذلك لأن ماله آنذاك يكون متوقعًا أن يكون لورثته، فلا يجوز له أن يوصي بشيء منه إلَّا بثلثه، لذلك إذا كانت وصيته حال صحة من بدنه فإنه يجوز أن يوصي أو يوقف بما عدا ذلك، وإن كان ذلك مقيدا بما ورد في السنة.
إلَّا إذا أوصى وهو في حالة ضعف في بدنه، ولكن الورثة أجازوا ذلك بعد موته فإنه ذلك ينفذ لأن الحق حقهم.
وذكر الموصي هنا وهو عبد الله العبد الوهاب بان في ثلث ماله حجة له بنفسه ويريد بذلك ثواب تلك الحجة إلى بيت الله الحرام، وبثلاث ضحايا دوام أي تذبح كل سنة مدى الدهر ثم فصل أمر الضحايا الثلاث، فقال: له واحدة ولأمه واحدة، ولأمه من الرضاع منيرة بنت نشوان واحدة.
وهذا وفاء قليل النظير أن يوصي الرجل لأمه من الرضاع بشيء مستمر، والمراد بكون الأضحية لفلان، أو فلانة أن يكون ثوابها لها بحيث يقال عند ذبحها: اللهم هذه منك وإليك اللهم هذه عن فلان أو فلانة، الخ الدعاء.
قال: والحجة والأضحيتين وكيلهن عبد العزيز، والمراد بالوكيل الوصي، وعبد العزيز لم يذكر قرابته به، وضحية بنت نشوان وكيلها ابنها عبد الرحمن، وعبد العزيز نظير، أي يلاحظ عمله في ذلك.
ولم يذكر نسب ابنها عبد الرحمن.
ثم قال: والشقرا اللي جت من منيرة بنت عبد الوهاب ويريد بذلك والدته فيما يظهر لها في عشيات، جمع عشاء، وقد فسرنا ذلك فيما مضى من أنها جمع عشاء، وهو طعام يطبخ في أيام الجمع في رمضان وكيلاتها سابقاتها سلمى وقوت، ولم يذكر اسم أسرتهما.
ويظهر من عنايتهم بمنيرة بنت نشوان هذه أنها ربما كانت له بمثابة المربية، وأنه ربما كانت أمه التي ولدته قد توفيت فقامت منيرة هذه بإرضاعه وتربيته في صغره.
ثم ذكر شيئًا يدل على ورعه وحرصه على إيصال الحق لأصاحبه بقوله: وفي ذمته لإبراهيم القويضي سبعة أرباع وتفليسية، والأرباع: جمع ربع وهو نقد نحاسي تركي يساوي الأربعة منه ثلث ريال فرانسة، والتفليسية هو نصف الربع المذكور.
والشاهد على هذه الوصية هو عثمان العريني.
والكاتب عبد الله بن محمد العويصي.
وتاريخ كتابته 5 رجب سنة 1275 هـ.
وتاريخ الكتابة التي وقفنا عليها 7 شعبان عام 1301 هـ بخط إبراهيم بن محمد بن حمد الشاوي.
ومن وثائق هذه الأسرة التي أولها غير واضح وتتعلق ببيع الصبخة التي هي أرض كانت سبخة أي فيها ملح استصلحها أهلها وزرعوها وغرسوا فيها نخلًا، وهي في خب واصط الذي كان يعرف بخب السالم. وأولها:
مضمونه بأنه حضر عبد الوهاب بن إبراهيم البريدي واعترف بأنه باع على عياله عبد العزيز ومحمد السبخة المعروفة التي قبلة مكانه التي مع أيمن المقطر وأيسره، وشرقها السوق، وقبلتها وجنوبها ملك ابن صلال وشمالها السوق، باع عبد الوهاب على عياله المذكورين الأرض المزبورة.
والمزبورة تعني المذكورة، ولا يستعمل هذه اللفظة إلَّا الكتاب المتحذلقون المتفاصحون، وما بها من غريس، وربع القليب الكائنة به أي فيها، والثمن خمسون
ريالًا فرانسة من دون المقطر الكائن على الساقي من القليب إلى القصير.
والمقطر هو الصف من النخل.
أما القصير فالمتبادر إلى ذهني أن المقصود به الجار يريد إلى نهاية نخله أو ملكه وهو قدره ثمانون نخلة فجعل هذه الخمسين المذكورات قوام لهذا المقطر يريد أن الثمن الذي ذكره وهو خمسون ليكون بمثابة القوام وهو القيام الحسن بالماء، والعناية بالنخل الثمانين الموجودة فيه.
ثم تبين لي أن القصير نخيل في شمال حويلان، كما سيأتي ذكرها نقلًا عن الأستاذ عبد الوهاب البريدي.
وذكر أن ذلك حتى يرشد النخل أي يشتد ويكبر، ويصبح منتجًا للتمر، فكأنه بذلك قد وهب ما ذكر أنه باع على عياله هبة لأن الثمن من أجل تعهد المقطر ذي الثمانين نخلة والقيام عليه.
وذكر عبد الوهاب الذي هو الأب والبائع السبب في ذلك وهو أنه أمضى هذا المقطر سبيلا بأعمال البر أصله نصفه.
والسبيل هو الوقف وهو لفظ واضح مستعمل الآن بكثرة، ولكن الذي يحتاج إلى توضيح هو قوله: أصله نصفه.
فالأصل عند الفلاحين هو عكس العمارة: ذلك أن النخل الذي يفلحه الفلاح لا يخلو من أن يكون مملوكا له فهذا يقال أصله له، أو مملوك لغيره ولكنه يفلحه بجزء من ثمرته يكون لصاحب النخل كالربع فإذا اتفق مع صاحب النخل على أن يكون له ربع ثمرة النخل يسمى ذلك الربع (الأصل) أي ما هو لمالك النخل وتكون الأرباع الثلاثة (العمارة) للفلاح.
ويحدث أن يقف بعض الواقفين نخلًا داخل حائط النخل الكبير وأحيانًا يقتصر على نخلة أو نخلتين ويوقفهما ويشترط أن يكون أصلها كذا كمثل ما
اشترط عبد الوهاب هذا أن أصل ذلك المقطر هو نصفه أي لابد من أن يكون للوقف من النخل هذا نصف ثمرته والنصف الآخر لمن يقوم على الفلاحة.
وقد يقال: كيف يشترط ذلك وربما لا يجد من يقبل منه أن يفلح ذلك النخل بنصف ثمرته؟
والجواب: أن الفلاح الذي يفلح النخل كله يفلحه بما يريد مما يتفق عليه مع أصحابه، وقد يكون ذلك بربع الثمرة، أو حتى ثمنها وهو نصف الربع، إلَّا أن مثل هذا المقطر السبيل لابد من أن يكون أصله هو نصف ثمرته.
وقال البائع الواقف: وكل على ميراثه الأنثى والذكر، فكأنه ذكر شيئًا كان في ضامره أن يذكره قبل هذا ولكن الكاتب لم يفعل كان يقول: إن هذا المقطر سبيل على أولاده (كل على ميراثه) والمراد ميراثه ما يستحقه من الإرث من هذا المقطر فيما لو كان مالًا يورث، ولم يكن وقفا، مع ملاحظة أنه يريد بكل على ميراثه أي كل شخص من أولاده يعطى من غلة هذا المقطر وليس من رأسه لأن رأسه موقوف كما هو ظاهر.
ثم عاد إلى ذكر بعض النخلات في الملك الذي هو حائط النخل، فقال: والمكتومتين - تثنية مكتومية اللي (اللتين) على الزى بعلو المقطر أي في أعلى المقطر واحدة شمال مسقمات.
والمراد بالمسقمات التي لا يؤخذ من تمرها الفلاح العامل على النخل كله شيء، ويكون هذا شرطا على من يفلح النخل بعد ذلك.
وذكر مصرف هاتين النخلتين المسقمات وهذا اللفظ ذكرته في (معجم الألفاظ العامية) بأنهما والمراد ثمرتهما له بأضحية الدوام له ولوالديه ولم يذكر اسم والديه.
وذكر الكاتب عبارة مألوفة عند الكتبة وطلبة العلم في وقته وهي قوله: وذلك على صحة من عقل البائع والمشتري وأبدانهما.
الشاهدان على ذلك جار الله بن ذياب المشيطي ويرجع نسبه إلى (البريدي) مثل أسرة العبد الوهاب هؤلاء، ومحمد بن صلال وهو جارهم في النخل كما ذكر في الوثيقة، وقد سبق ذكر (الصلال) في حرف الصاد.
أما الكاتب فهو عبد الله بن محمد العويصي من أهل خب البريدي وهو كثير الكتابة.
كتب هذه الوثيقة في 22 رجب سنة 1264 هـ ولكنها وصلت إلينا منقولة بخط إبراهيم بن محمد بن حمد الشاوي، كتبها أو لنقل: نقلها خوف تلفها في 27 شعبان سنة 1301 هـ.
وهذه وثيقة مختصرة ذكر فيها علي بن عبد العزيز بن عبد الوهاب أنه مجري ها المغارسة وليست بأيدينا وثيقة المغارسة وإن كان قال في وصفها بأنها المذكورة على ستين فرخ، والفرخ هو ولد النخلة الصغير الذي يفصل من أمه النخلة ويغرس وحده ليكون نخلة مستقلة.
وذكر أن الشخص الذي غارسه عليها هو محمد الحمد المحيسني، وذكر أن موضعها في الحيالة، والحيالة عندهم الأرض التابعة لا يكون فيها نخل في العادة، أو لا يكون فيها إلَّا شيء قليل من النخل لا يخرجها عن اسم الحيالة، وتخصص الحيالة الزراعة الحقول كالبرسيم والقمح والذرة، لأنها تكون بارزة للشمس.
قال: وما نقص من ستين فرخًا فهو من حقه أي يحتسب من نصيبه كان ينقص منه اثنان فيكون له 28 فرخًا أي نخلة صغيرة، ويكون لابن عبد الوهاب ثلاثون.
والمدة عشرون سنة، أي أن المحيسني يستمر يسقي الفراخة المذكورة من النخل عشرين سنة يقتسمها بعد ذلك مع صاحب الأرض والنخل وهو علي العبد الوهاب.
والشاهدان: محمد العلي بن شقيران ومحمد بن علي العريني.
الكاتب: عبد الله بن صالح الضويان وهو كاتب أهل الخب في زمنه وإمام المسجد الجامع في الخب.
التاريخ: ربيع الأول 1347 هـ.
وينبغي أن نذكر اسم صاحب الأرض والنخل المذكور بأنه علي بن عبد العزيز بن عبد الوهاب بن إبراهيم بن بطاح البريدي.