المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الشيخ سليمان العبودي (1350 - 1415 ه - معجم أسر بريدة - جـ ١٤

[محمد بن ناصر العبودي]

فهرس الكتاب

- ‌باب العين

- ‌الْعَامرْ:

- ‌دعاة وأعمال خيرية:

- ‌العامر:

- ‌الشيخ علي بن عامر بن صالح آل عامر (1339 - 1411 ه

- ‌العامري:

- ‌العايد:

- ‌وثائق للعايد:

- ‌العايدي:

- ‌العايش:

- ‌العَبَّاد:

- ‌العْبَادي:

- ‌تصحيح اسم جد الشيخ العبادي:

- ‌العبَّاس:

- ‌العبد الرحيم:

- ‌أصل وصية عبد الرحيم الحمود:

- ‌أشخاص معاصرون من أسرة (العبد الرحيم):

- ‌العبد الرَّزاق:

- ‌العبد اللطيف:

- ‌العبد اللطيف:

- ‌العبد اللطيف:

- ‌العبد المعين:

- ‌العبد الملك:

- ‌العبد المنعم:

- ‌العبد الوهاب:

- ‌ العبد الوهاب

- ‌وصية عبد الله العبد الوهاب:

- ‌نبذة مختصرة عن أسرة العبد الوهاب البريدي:

- ‌العبد الهادي:

- ‌العبدان:

- ‌ترجمة موجزة لحياة فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد العزيز العبدان:

- ‌سخاء الشيخ ابن عبدان:

- ‌إنجازات تاريخية منقوشة على البيض:

- ‌العبدان:

- ‌العُبرّة:

- ‌العَبْلاني:

- ‌العبْوُد:

- ‌‌‌ العبود

- ‌ العبود

- ‌العبْوُدي:

- ‌أسرة العبودي وملح البارود:

- ‌أسرة العبودي والمدح بالفصحى:

- ‌العودة إلى ذكر الجد:

- ‌عبد الكريم بن إبراهيم بن عبد الكريم العبودي:

- ‌هل يحابي الإسلامي الرجل على حساب المرأة

- ‌بين جامعة القهوة ومعهد الشاي .. أين موقع النخيل

- ‌خالد بن محمد العبودي:

- ‌الشيخ سليمان بن ناصر العبودي:

- ‌سليمان العبودي في ذمة الله:

- ‌سليمان الناصر العْبُودي - من بريدة:

- ‌الشيخ سليمان العبودي (1350 - 1415 ه

- ‌بداية ظهور فريق الشباب (التعاون):

- ‌التنافس مع الشباب:

- ‌رحلة الموت المفاجئ:

- ‌القدر يسبق الإخلاء:

- ‌العْبَيَدْ:

- ‌ترجمة الابن لأبيه:

- ‌أبناء عبيد العبد المحسن:

- ‌ذكر من توفي فيها من الأعيان:

- ‌الشعر يشارك في المراسلات:

- ‌زهد فهد العبيد وتقشفه:

- ‌تجربة الصديق واختباره:

- ‌مؤلفات الشيخ إبراهيم العبيد:

- ‌قصة المظلومة سمعتها من الشيخ إبراهيم العبيد:

- ‌ العبيد:

- ‌وصية عبيد بن محمد بن فراج بن سلمي:

- ‌الْعْبَيْد:

- ‌العبيد:

- ‌العْبَيِّد:

- ‌الَعْبَيْدَان:

- ‌العبيدان:

- ‌العبيدي:

- ‌العْبَيْلان:

- ‌العْبَيلاني:

- ‌العْتيان:

- ‌العَتِيق:

- ‌العتيق

- ‌العَتيِّق:

- ‌ سليمان بن محمد العتَيِّق

- ‌العْتَيْك:

- ‌رجال التعليم الأوائل:

- ‌العثمان:

- ‌عثمان بن إبراهيم بن عثمان العثمان

- ‌العثمان:

- ‌العثمان:

- ‌العثيم:

- ‌وصية عثمان بن أحمد العثيم:

- ‌نص وصية عثمان بن أحمد بن عثمان العثيم:

- ‌عبد الله العثمان العلي:

- ‌عبد الله بن عثمان الأحمد العثمان العبد الله:

- ‌عبد العزيز بن عثمان الأحمد العثمان العبد الله:

- ‌محمد بن عثمان بن أحمد العثمان العبد الله:

- ‌مشاهير الأسرة في القرن الرابع عشر وإلى وقتنا الحاضر:

- ‌عبد الله العثمان العلي العثمان:

- ‌صالح بن إبراهيم المحمد العثمان:

- ‌الشيخ محمد بن عبد الله المحمد العثمان:

- ‌الدكتور الطبيب عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد العثمان:

- ‌الدكتور عبد العزيز بن عبد الرحمن بن محمد العثمان:

- ‌الشيخ عثمان بن عبد الرحمن بن محمد العثمان:

- ‌الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد العثمان:

- ‌الدكتور سليمان بن محمد بن عبد الله المحمد:

- ‌الدكتور عبد الله بن عبد الكريم بن عبد الله المحمد:

- ‌الدكتور خالد بن محمد بن إبراهيم المحمد:

- ‌الدكتور أحمد بن صالح بن علي المحمد:

- ‌الأستاذ عبد الله بن صالح بن علي المحمد:

- ‌الشيخ يوسف بن محمد بن عبد الله المحمد:

- ‌المهندس سعد بن عبد العزيز العثمان العبد العزيز:

- ‌المهندس عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله المحمد:

- ‌المهندس رياض بن عبد الله السليمان العبد الله:

- ‌المهندس ضياء بن عبد العزيز العثمان العبد العزيز:

- ‌المهندس ماجد بن عبد العزيز العثمان العبد العزيز:

- ‌مؤلفون من العثيم:

- ‌العثيمين:

- ‌الشيخ صالح بن عبد العزيز بن عبد الرحمن بن عثيمين (1320 هـ - 1410 ه

- ‌صالح بن عبد العزيز العثيمين: (من بريدة)

- ‌ العثيمين

الفصل: ‌الشيخ سليمان العبودي (1350 - 1415 ه

مخطوطًا في التهاني والمراثي نشر بعضه في الصحف.

ونعود لتكميل ترجمة سليمان كان يؤم في المساجد وتوالت عليه الأمراض وهو صابر محتسب ولما اشتد به المرض ثقل إلى المستشفى العسكري بالرياض، ولم يتماثل للشفاء ووافاه أجله فيه مأسوفًا على فقده يوم الجمعة الموافق 4 من محرم سنة 1416 هـ ودفن هناك، وخلف أبناءه الخمسة عبد الرحمن وأحمد وعبد العزيز وكلهم مدرسون ومحمد وعبد الله طلاب، فرحمه الله برحمته الواسعة (1).

وأما الشيخ إبراهيم بن محمد بن سيف فعول في نقل ترجمته على عدة مصادر، فقال من بين ما قاله:

‌الشيخ سليمان العبودي (1350 - 1415 ه

ـ) (2):

نشأته ودراسته:

القاضي الشيخ سليمان بن ناصر بن عبد الرحمن العبودي: ولد في مدينة بريدة عام 1350 هـ.

وتعلم في مدارسها وأصاب عينيه رمد حاد أضعف بصره واستمر يعاوده، وتلقى العلم على عدد من مشايخ بريدة منهم الشيخ صالح بن عبد الرحمن السكيتي قاضي المذنب، سابقًا، والمدرس في معهد بريدة العلمي بعد ذلك، والشيخ صالح بن أحمد الخريصي رئيس محاكم بريدة السابق، والشيخ صالح بن إبراهيم البليهي، ثم العلامة الشيخ عبد الله بن حميد رئيس المجلس الأعلى للقضاء رحمهم الله جميعًا.

(1) روضة الناظرين، ج 3، ص 44 - 45.

(2)

60 (روضة الناظرين) لمحمد بن عثمان القاضي (3/ 44) و (المستدرك على تتمة الأعلام) لمحمد خير يوسف (2/ 1749)، و (تاريخ القضاء والقضاة)(2/ 666).

ص: 357

والتحق في معهد الرياض العلمي عام 1372 هـ حيث اجتاز امتحان القبول فيه والتحق بالسنة الأولى الثانوية، وعندما فتح معهد بريدة العلمي عام 1373 هـ التحق به حتى أكمل دراسته الثانوية، ثم التحق بكلية الشريعة في الرياض حتى حصل على إتمام الدراسة العالية فيها رحمه الله.

أعماله:

عين قاضيًا بمحكمة بريدة الكبرى من دون أن يمر بمرحلة ملازم قضائي، وذلك تقديرًا لكفائته للقضاء، ولبث في محكمة بريدة قاضيًا مدة خمس سنين، ثم ثقل من محكمة بريدة إلى قضاء الأرطاوي (1)، في 6/ 11/ 1390 هـ ولم يناسبه المقام هناك وبخاصة أنه يريد إلحاق ابنه في المعهد العلمي ولا يوجد فيها معهد، فأكثر من طلب النقل من القضاء إلى التدريس، وألحَّ في ذلك حتى استجيب إلى طلبه، حيث تم نقله إلى وزارة المعارف مدرسًا في معهد النور في بريدة، لأنه يحمل شهادة في كيفية تعليم المكفوفين، حيث بقي يدرس فيه إلى عام 1410 هـ حيث أحيل إلى التقاعد لبلوغه السن النظامية.

وتوفي عام 1416 هـ عن 65 سنة رحمه الله.

في عالم الشعر:

والشيخ سليمان رحمه الله يقول الشعر، ومن شعره قوله تقريظًا لكتاب (السلسبيل في معرفة الدليل حاشية على كتاب زاد المستقنع) للشيخ صالح بن إبراهيم البليهي رحمه الله بعدما سمع بعض مواضيع من الحاشية:

بدا لنا اليوم كتاب الزاد

متَّضّح الأعلام للقصاد (2)

بحلة جديدة محترمة

وحلية نفيسة منتظمة

(1) بلدة ذات قري إمارتها إحدي إمارات ناحية السر.

(2)

هذه القصيدة على بحر الهزج.

ص: 358

لشيخنا العلامة الفقيه

أبي عليّ صالح البليهي

نظمه تنظيم ذي عرفان

وخبرة بشأن هذا الشان

فصار نعم مرتع للطالب

وسلسبيلًا سائغًا للشارب

لما حوى من ساطع الدليل

من الكتاب وعن الرسول

ثم اتفاق المُسلمين فيما

قد أجمعوا بشأنه قديما

وما يرى بقية الأربعة

الشافعي وأبي حنيفة

ومالك في أغلب المسائل

من اتفاق أو خلاف حاصل

كذلك قول بعض من يعتد

به وممن برزوا يُعد

سمعت منه جملًا وأسطرا

كانت نموذجًا لما لمَّا أرى

فكان نعم مرجعًا في بابه

وهاديًا بين يدي طُلَّابه

فاحرص عليه وادع للمؤلف

بالعفو والثواب يوم الموقف

ثم الصلاة والسلام سرمدا

على النبي الهاشمي أحمدا (1)

انتهت ترجمة شقيقي سليمان.

وشقيقي الثاني وليس لي إلا أخوان اثنان هو عبد الكريم بن ناصر العبودي تقلب في عدة وظائف وهو الآن 1408 هـ مدير الامتحانات بفرع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في القصيم عندما أبدا عملًا متميزًا فيه أعطاه عميد كلية اللغة شهادة دون أن يطلبها هي المرفقة:

ثم ضمت إليه إدارة شئون الطلاب مع عدد من الموظفين ليعملوا لديه فأصبح (مدير إدارة الامتحانات ومدير شئون الطلاب).

وكان إلى ذلك يهوي عمارة الأرض بالزراعة وبخاصة غرس النخل والأشجار

(1) ذكر لنا الأستاذ إبراهيم بن محمد بن سيف بعض مراجعه في هذه الترجمة وإنها روضة الناظرين ج 3، ص 44، والمستدرك على تتمة الأعلام لمحمد خير اليوسف، ج 2، ص 174، وتاريخ القضاء والقضاة، ج 2، ص 666، والمبتدأ والخبر ج 1، ص 515 - 517.

ص: 359

واستصلاح الأراضي وغرسها بكرائم النخل وبالأشجار المثمرة النادرة، وقد غرس حتى الآن آلاف النخل الجيدة في مواضع عديدة باع بعضها ولديه الآن مزرعة واسعة مشهورة في اللسيب في غرب الخبوب وأخرى في المتينيات على طريق الوطاة.

وثالثة على طريق الملك فهد (الشرقي) ولها قصة إذ كان اشترى أرضها منذ عدة سنوات بأربعين ألف ريال فمر بها طريق الملك فهد وأخذ منها للطريق بثمن بخس مقدارًا دفعت الحكومة له ثمنًا جيدًا، وبقيتها عرض عليه فيها ملايين الريالات ولم يقبل بيعها.

هذا إلى جانب بيته الذي هو في بستان واسع ظليل النخل والتشجير تبلغ مساحته أحد عشر ألفًا وخمسمائة متر.

وللأخ عبد الكريم العبودي إلى جانب هوايته في غرس الأراضي البور وعمارتها، هواية تربية الأغنام ولديه منها رعية عندما كان في المليدا ثم عمر بستانًا في اللسيب نقلها إليه.

وحدثني مرة قال: كان عندي كما تعلم غنم أقدر عددها بـ 190 ما بين خروف وشاة ولا اعرف عددها لأن الشياه تلد فتكون معها أولادها، وأنا أبيع من الخرفان في مواسم الأضحية وفي غيرها إذا ارتفع سعر الغنم.

وكان مع الغنم راع أجنبي يكون في الغالب من بنغلاديش ومرة وجدت معه رسالة مختومة ذكر أن شخصًا متلثمًا سلمها له وقال: عطها راع الفلاحة.

قال: فلما فتحتها وجدت بداخلها (900) ريال وذكر صاحبها أنه سرق من غنمي خروفا نعيميا وأنه باعه بـ 900 ريال ولكنه منذ أن سرقه ابتلي بأمراض ويقول: خذ قيمته، وحللني، وأدع لي بالشفاء.

قال أخي عبد الكريم: وأنا لم أعرف بسرقة الخروف.

والرسالة غير موقعة، ويقول صاحبها: إنني تبت إلى الله من السرقة، وأريد إيصال

ص: 360

حقها إليكم، فأرجو المعذرة، والسماح لي أمام الله تعالى، و (من تاب تاب الله عليه).

ولديه كلب لحراسة الغنم، قال: حدثني راعي الغنم عندي أنه كان إذا صلي المغرب تعشي، وقدم للكلب عشاءه، وفي ليلة لم يحضر الكلب للعشاء، ولم أره عندي، وفي الصباح، وجدت أن شاة ولدت ولم أعرف عنها شيئًا ولا عن ولدها وقد لحقت بالغنم وبقي ولدها في خارج الفلاحة، فوجدت الكلب باسطًا ذراعيه أمامه، باقيًا طيلة الليل يحرسه، حتى إنه ترك عشاءه من أجل ذلك حتى أخذت الخروف الوليد.

وكان الأخ عبد الكريم موضع تقدير المسئولين في فرع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في القصيم، ومن ذلك أن كتب عميد كلية العلوم العربية والاجتماعية فيها رسالة شكر وتقدير هي هذه:

ص: 361

ومن أسرة العبودي شعراء بالفصحى منهم صالح بن عبد الكريم بن ناصر العبودي ولد عام 1384 هـ في بريدة، وتخرج في كلية اللغة العربية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.

وله ديوان عنوانه: (لجام الحرف) وديوان آخر لا أذكر عنوانه.

وله بحوث لم تنشر منها (اللهجات في كتاب سيبويه) بحث جامعي لم يطبع وبحث عن (مروان بن أبي حفصة الشاعر).

وقد طرق في شعره أبواب الشعر المتعددة ومنها الرثاء، ويعجبني من ذلك قصيدته في رثاء الشيخ جميل الرحمن أمير جماعة القرآن والسنة في أفغانستان الذي قتله الشيوعيون هناك في يوم الجمعة 20/ 2/ 1412 هـ.

ورأيت أن أصدر شعره الذي أنقله هنا بهذه المرثية، قال:

هذه مرثية الشيخ المجاهد (1) أمير جماعة القرآن والسنة في أفغانستان الذي استشهد يوم الجمعة 20/ 2/ 1412 هـ رحمه الله:

قالت: أجل! قف للوداع قليلا

وتلعثمتْ .. إني أريد رحيلا

فسألتُّها ماذا؟ أجابت: إن لي

من دون قلبك يا خليلُ خليلا

ففهمتُ معنى هزّ قلبي هِزّة

تركت فؤادي بعدها متبولا! !

قالت: حبيبي .. لا أريد لك الأذى

وتجلدن .. فلنَّ تردّ قتيلا

أقصيدتي مهلًا! فديتك إنني

ما زلت أبصر في الحياة (جميلا)

ما زلت أرقبه برصّ صفوفه

ليصُدّ كيدًا .. أو يَردَّ عميلا

ما زلت أسمع في الصفوف جيادَه

يملأن سمْعَ المشرقين صهيلا

ما زال يسكب في القلوب عقيدة

صلفية، ليحطم التاويلا

(1) جميل الرحمن - واسمه: محمد بن حسين بن عبد المنان ولد سنة 1360 هـ في قرية (منجلام) بولاية كنر) بأفاغنستان وهو معروف باسم (جميل الرحمن).

ص: 362

لم يغض عن حقد الروافض طرفه

فهو اللبيب يرى العداوة غُولا

ما زال يزْأرُ في العرين مدافعًا

فهو الغضنفرُ لا يُضَامُ فتيلا

ما زال الأفغان بدرًا ساطعًا

يُهدي الضياءَ .. منازلًا وحقولا

ما زال يكتب بالدماء ملاحمًا

وَعَتِ الجبال .. مشاهدًا وفصولا

ما زال ينفق في عنفوان شبابه

ما كان فيما يستطيعُ بخيلا

حتى رأيت الشيب في شعراته

نورًا توسّط هيكلا منحولا

أنا يا جميلُ رثيتُ قومي قبل أن

ألقاك فوق بساطهم مقتولا

ذي أمة عبثَ الخلافُ بعقلِها

حتى تجاوز حمقها المعقولا! !

صرخ العدوُّ بأرضها متحديًا

إني هُنا سأرتِلُ الإنجيلا! !

وأبثُّ صُلباني على أطلالكم

وأدق في وضح النهار طبولا

هذي وعود السالفين تحققت

لمّا صنعتُ على العقيدة جيلا

واخجلتا من أمتي! ! بديارها

عاث الدخيلُ .. ولا تراه دخيلا

فهم الزمانُ قصيدتي فاسمع إلى

قول الزمان .. مرددًا .. مذهولا

أين الذين منحتُهم وُدِّي وقد

كان الودادُ .. أعزَّ شيءٍ سُولا؟

ومنحتُّهم كَفِّي لتحْمِل مصحفًا

وبلوت منهم صارمًا مصقولا

شاهدْ على وجهي خمائل نصرهم

والطرف من أمجادهم مكحولا

إني أصطفيتُ من الرجال كرامهم

وجعلتهُم في هامتي إكليلا

ومشيت فيهم معجبًا متباهيا

حتى بلغت بهمتي المأمولا

ومضى الزمان متمتمًا متألمًا

كم كنت فيهم شاغلًا مشغولا

يا للعُجابِ صرُوحُ مَنْ تهوى على

عَجَلٍ لتحفر فيَّ مواجعا وعويلا

ونجوم من سقطت من الأعلى لِتُحـ

ـدِث في الزمان مواجعًا وعويلا

هذي خواطرُ شاعر متأثر

ما زال يشهدُ حقكم مطلولا

في كل بيتٍ مطلعٌ تحيا به

بين البريّةِ - يا جميلُ - طويلا ..

ص: 363

وقال الأستاذ صالح بن عبد الكريم العبودي تعليقًا على قراءة ديوان الشاعر إبراهيم ناجي:

ناج قلبي ثم ناج

أنت إبراهيم ناجي

أنت ناج من عثار

الشعر موفور النتاج

صغت شعرًا عبقريًا

ليس من جنس الأحاجي

مثل نور الصبح يبدو

لا كَليْلٍ حلّ داج

ذاع في الآفاق حتى

لا يسامي في الرواج

أنت كالنسمة هبت

وسواك كالعجاج

قل لمن ألف شعرًا

ليس يحلو في المزاج

إنما الشعر جمال

وشعور لا يداجي

يأسر القلب ويطوي

كلّ همّ ولجاج

يزرع الحب ورودًا

وزهورا في الفجاج

يمنح المهجة دفئا

وضياء كالسراج

يقلب الساعات حلمًا

مثل أحلام الزواج

كم سبي لبًّا كريمًا

كان مشدود الرتاج

وأضاء الدرب نورًا

بعد ليل فيه ساج

فرأينا الطبع فيه

صافيًا مثل الزجاج

القصيم - بريدة

11/ 8/ 1417 هـ

وقال بعنوان: قبلة على جبين الوطن

وطني العباب يلف في أمواجه

شعري فينداح الشعور ويبحر

وطني القريحة ما مسست جبينها

مستلهمًا إلا احتواني الكوثر

وطني الحياة يشب في أرجائها

أملي ويعظم في العيون ويكبر

ص: 364

وطني الكتاب تتيه بين سطوره

أسطورة الفتح المبين وتفخر

وطني الحقيقة والخيال ومسرح الـ

أفكار حين يصح فكر يظهر

وطني الرسالة والهداية مهبط الـ

أبطال كيف يذل أو يتقهقر؟

وطني العزيمة والصمود وملعب

شهدت له في السالفات الأعصر

وطني القيادة والريادة والإبا

رغم العدا يعلي البُني ويطوَّر

وطني الفتوة والتوثب والمدى

غرر يسجلها الخلود وينثر

وطني التجارب والتفاعل والرؤى

أجيال كم هزوا الحياة وكبروا

وطني الطهارة والعفاف شهادة

تتلى على مر العصور وتذكر

وطني الكرامة والكرام ومحفل الـ

إكرام لا يضوي ولا يتغير

وطني المواكب والمواهب والمني

والنخل والشجر الكريم المثمر

وطني الفسيح يسيح فوق ترابه

ماء الحياة مطهر ومعطر

وطني السماحة والحنان مع الرضا

والحب والإحسان روض أخضر

وطني إذا جفّ الزمان موارد

وإذا جفا دهر فغيم ممطر

وطني الجمال مع الجلال على الذري

فوق السحاب مطرز ومسطر

وطني أهيم بحبه وبمجده

فإذا كتبت فإنني لا أشعر

القصيم - بريدة

11/ 8/ 1417 هـ

وقال في قصيدة عنوانها: (إليك):

إليك يا أمل الأحلام تنطلق

قصائدي ولها التاريخ والسبق

تلقي إليك تحياتي وأسئلتي

في طيها مهجتي البيضاء تحترق

أنت الذي خنتني في الحب واشتعلت

قصائدي بعد هذا الصد تستبق

يا سعد: قل لي حديثًا لينًا لبقًا

يَرقُّ للسائل المضني ويأتلق

يا سعد: شعري رقيق مثل أجنحتي

أخاف من شعري الرقراق ينمزق

إذا تذكرت وجهًا ضاحكًا يسرًا

أدركت أن طموحي سوف ينطلق

ص: 365

إذا تذكرت عينا ملؤها أمل

ترنو إلى عزة للدين تنبثق

علمت أني مع الأيام في دعة

وفي مودة مجد كاد ينفلق

يا سعد: قل لي إذا ما الليل أدركني

أمات صحبي؟ أم الظلماء تختنق؟

يا سعد: حادث فؤادي كلما عبثت

بركنه زعزعات كفها نزق

يا سعد: لحنك في الآذان مغترب

لكنه ملؤه الآمال والرمق

ما جف لحنك كلا فهو منتثر

بين الرياض مع الغدران يصطفق

أحلى من الشهد في أفواهنا ولنا

في صوته أمنيات كأسها فهق

يا روح عصري وقد جف الثماد به

ونور فكر برغم القهر ينعتق

لك الفؤاد الذي يدري مقاصده

وقلب غيرك مفؤودُّ ومنخرق

حُرِّ قويِّ على العلات تبرئها

إذا تراجع عن إبرائها النزق

صافحت كفك والأحداث مائجة

فكنت تنبض بالتقوى وتأتلق

رميت قلبك للأيام تمضغه

فما استطاعت وزال الخوف والفرق

* * * *

وهابك الباطل اللجلاج وانطمست

عيونه فتولى وهو مختنق

حفظت عزك فانداحت مسالكه .... أمام عينيك لا ستر ولا خرق

وسرت كالأسد الضرغام تقصده

قصدا تحول عنه العجز والرهق

تمشي إليه بعزم ثابت وخطي

تحن للأمل الأسني وتنطلق

وخلفك المجد يمشي وهو مبتسم

ولاغبٌ هدَّه الإعياء والعرق

فارفق به يا نضيَّ الهم إن له

حشاشة ذوبتها خلفى الطرق

وارفق به يا نضي وهو مبتسم

روحًا تكاد من الإقدام تنزلق

ارفع إليها التحايا بالتي شهدت

لها الجموع بوجه ليس يختلق

أصحاب كل لئيم من جوانبه

وأنت أصحابك الأطهار والصُدُق

* * * *

تعبت يا سعد خلف المجد أسأله

فما استطعت وقد أعياني الورق

فارفق بقلبي فقد فاضت خواطره

أيظلم القلب إما ضمه الأرق؟

ص: 366

هذي لحوني وهذا الشعر أبعثه .... إليك مني وهذا القلب والحدق

خذني إليك على رفق وتكرمة

فإنني بك مأخوذ ومرتفق

الحب يا سعد أمر ليس يغرسه

في القلب سوط ولا مال ولا خلق

الحب من رحمة الديان معدنه

إذا تسامي بقلب فاته القلق

الحب يا سعد أمر قاهر وله

في القلب وجه كمثل البدر مؤتلق

فخذ فؤادي إذا ما شئتَه وجلًا

أو خذه متكئًا فالحب مندفق

وقال صالح بن عبد الكريم العبودي أيضًا بعنوان (البلاقع):

يا صاحبي ألغيت كل فواصلي

ودفنت كل علامة استفهام

مثل الصباح يمد كفًا للضحي

فامتد عمر الصبح في أعوام

وأقمت ما بين الضلوع منارة

أرنو لها في عالم الأحلام

وجعلت نفسي بلقعا متراميًا

من غير ما حفر ولا أعلام

وشربت من ماء الصفاء ثمالة

بلت عروقي بعد بل عظامي

وركبت صهوة همتي مترنمًا

وسَعَت بعزمي همة الأقدام

لا الليل أسود والنهار هجيره

يأتي على وجهي بكل سلام

والرعد في سمعي تناثر نغمة

يا للحياة تهز بالأنغام

والبرق غمز من حبيب أقفرت

عرصاته من حاقد نمام

والشوك ورد، والحجارة قبلة

سلمتها خطوي وفضل زمام

* * * *

والناس عندي صاحبان فصاحب

يثري حياتي بالندى البسام

والآخر المدفوع نحوي مغمدًا

في القلب سمَّ الصارم الصمصام

فرضيت عن هذا وهذا مرسلا

حبي وعفوي صائنًا إسلامي

ما ربح عمري إن قضيت مفجرًا

غضبي كأني مشرط الحجام؟

لا أنتهي من لذع وغد كاشح

إلا هرعت إلى سباب لئام

ص: 367

حمق أراه وخلة ممقوتة

سفت معاولها بكل مقام

إني مللت من التوتر كلما

مطرت عليَّ سحائب النمام

وبرمت بالشكوى فلم أحفل بها

وأرحت نفسي من لظى وسقام

ما زلت بالعنف العتي أروضه

وأقوده بشكيمة ولجام

حتى استحال العنف رفقًا طبعًا

وسكينة ملكت عليّ مرامي

وحنوت أغذو الطبع منها لقمة

كالجسم يغذي من لذيذ طعام

فارحت نفسي من مصائب جمة

وأرحتها من ظلمة وقتام

ومنحتها الصبح الفتيَّ يلفها

بالنور والإبداع والإلهام

وقال في شهر رمضان، وقد بلغ عمره ثلاثين سنة:

ثلاثون يومًا تمنيتها

لتسكب في أضلعي برها

ثلاثون يوما ويا مكسبي

إذا ما غنمت بها أجرها

* * * *

ركبت الذنوب فيا ويلتا

إذا أنا لم أتق شرها

فإن الذنوب لها وقدة

وإن الصيام يقي حرها

لعلي أفوز بغفرانها

وترجع نفسي بما سرها

أحِسُّ فؤادي يضيق بها

ويزفر إذ يدّري ذكرها

* * * *

حنانيك إني وئيد الخطى

فهل تعرف النفس من ضرها؟

ثلاثون عاما فما ربحها؟

ألا ليت من يجتلي سرها

لئن كنت فيها حرمت التقى

وعانيت من محنتي مرها

فإني مع الله مع موعد

تعانق روحي به فجرها

ترفرف كالطير في روضة

تناغم أطيارها زهرها

ص: 368

تحلق فوق الذرى لحظة

إذا ما تعدت به طورها

* * * *

ثلاثون عامًا ويا حسرتا

علي مهجة بعثرت عمرها

وآه تكاد تذيب الحصى

فكيف بقلب صلي حرّها

فكم ضاع في العمر من فرصة

وكم حسرة إثرها اجترَّها

* * * *

لقد أن القلب أن يتقي

وللنفس كيما ترى أمرها

فيا ليلة القدر يا منيتي

إذا ما عرفت لها قدرها

أطلي على الروح من عالم

طهور وردي لها طهرها

* * * *

وقال في الشكوى:

ما لي أذاد عن الحياض وأطرد

وإذا استقى غيري سقاه المورد؟

أو كلما فوّقت سهمًا صائبًا

مما بريت، يزول عما أقصد؟

وإذا جريت مع الزمان مؤملًا

كسبًا، رأيت الكسب مني يشرد

وإذا أردت النوم ثم طلبته

متوسدًا كفي، جفاني المرقد

فأهب مذعورًا كمن قتل العدا

أطفاله، بالله كيف سيرقد؟

تمضي السنون مع السنين ودمعه

يهمي، وأما حزنه فمجدَّد

ليت الأسى إذ أرضعته بلابلي

يقضي فيطوى في الزمان ويُلحَد

فأعيش مبلول الفؤاد بأضلع

أصفى من الثلج الطريف وأبرد

أحيا بقلب ناعم وموفق

هذي مُني تشدو وتلك تغرد

كالطير حينًا يستريح بوكره

وبأعذب الألحان حينًا ينشد

لا يحمل الهم الثقيل، فعيشه

ابدًا هناء، والحياة تودد

ص: 369

كل الهوام تظل حاسدة له

وهو البريء، فقلبه لا يحسد

كم حاقد يسعى لقتل سروره

وإذا به الغر الذي لا يحقد

فهجومه خفق الجناح معبرًا

عما يُكِّن، وطهره لا ينفد

حيران في أمري وحيرت الخطا

نفس تقوم مع الصدود وتقعد

طلبت هداها فاستحال مرادها

من بعد ما عرفته وهو موطد

ورنت إلى عز تولي عهده

من لي بعودته كما هي تعهد

حبل الرشاد إذا نكثت خيوطه

صعب عليك مع الندامة يعقد

طرف بكف بائس من وصله

وبكفه الأخرى جهام أسود

وله أيضًا: بعنوان (صاحب الهمة):

همة كبرى، وجسم ناحل

وطموح للمعالي شاغل

تأكل الأيام من أعضائه

وهو للغايات دومًا آكل

وإذا المعنى تعدى لفظه

عيب لفظًا وهو معنى كامل

هالني منه اضطراب دائم

فإذا في القلب ليث جائل

كل مجد في انتظار حوله

قائلا يا شيخ إني حاصل

ويظل الدهر يجري صابرًا

فوق ما يجري الجواد الصاهل

همه الأخرى ويرضي ربه

ليس يغريه المتاع الزائل

باذلًا لله عمرًا غاليًا

في زمان قل فيه الباذل

تقصر الأعمار إلا عمره

فهو رغم الموت عمر طائل

نضرة الإيمان تعلو وجهه

فيرى الإخلاص منه الجاهل

لا تقل أخشى عدوأ كاده

فهو للأعداء سم قاتل

وهو للأحباب ظل وارف .... وهو قلب بالمعاني حافل

كم يتيم غص في أحزانه

إذ أضاع الصوت منه الخاذل

كان سمع الشيخ ماوي رجعه

فاشتفي مما دهاه الثاكل

كم دعاوي باطلات طاطأت

راسها لما رماها النابل

ص: 370

بسهام الحق ريشت بالهدي

فاشتكى من حرهن الباطل

كم تلقى من سؤال حائر

بجواب قد وعاه السائل

كل معنى لم يلامس ذهنه

فهو معنى في المعاني خامل

كل عين كحلت أجفانها

كحلها الأمجاد فهو الكاحل

أشغل الأحياء عن أمواتهم

فهو للأحياء شغل شاغل

لا تقولوا جئتنا تمدحه

أبدا والله فهو القائل

وقال في (ريما) ابنته: (رسالة إلى طفلتي ريما):

ذكرتك ريما فهب بقلبي

نسيم ندي كما تضحكين

حبيبة قلبي لأنك روحي

وإن كنت يا طفلتي تجهلين

أراك أمامي وبين عيوني

إذا كان غيرك في الأبعدين

نهارك صحو وليلك تمٌّ

وأنت على جبهتي تركضين

أحسك كنزًا ثمينا وعقدا .. من الماس أنفس لو تعلمين

تمنيت لو أنهم أشبهوك

وصرت مثالهم في اليقين

إذا كبر المرء في حسه

يموت لديه الهوى والحنين

يخالجه الشك من حوله

ويكبر في نفسه ما يهون

فإن شئت عيش الفراش فلا

تسيري بعمرك خلف السنين

كما أنت يا طفلتي فالهوى

جنين وإنك ذاك الجنين

وأشفق أن تكبري طفلتي

لئلا أراك مع الأكثرين

فأفقد روحي وأفقد حسي

وأفقد كل الذي تملكين

ومن شعر صالح بن عبد الكريم العبودي:

شاعر الأحزان

يا شاعر الأحزان

شعرك موحشُّ .. وعلى شفاهك .. تنبت الآلام

! !

ص: 371

أرأيت للآمال كيف تحطمت .. ؟ ؟

وعلا جبينك - بعدها - الإظلام

! ! .

* * * *

يا شاعر الأحزان .. مالك تشتكي .. ؟ ؟

حتى اشتكت - من بثك - الأقلام .. ! !

أو ما يئستَ .. ولا مللتَ

أكلما

ودعت عامًا

جدت الأسقام

؟ ؟

حتام تصبغ بالدموع .. خمائلًا .. ؟ ؟

لولا دموعك

جادهن غمام

؟

* * * *

لولاك .. ما عرف الزمان قصائدًا

تطفو على شطأنها الأوهام

! !

أنت الذي ملأ القلوب مواجعًا

لما رأتها .. فرت الأنغام .. ! !

أنت الذي سلك الطريق مخوفة

كي ينعتوك .. بأنك: المقدام

! !

* * * *

ما أجمل الدنيا

وليس بسمعها

يشدو لسانك .. كلها أحلام .. ! !

أولى لِمثلك أن يكفّ عن البكا

حتى تعود إلى الربي .. الأنسام

! !

حتى يغردَ بلبلٌ متصبرً

كيف التصبر

والقتيل غرام

؟ ؟

ويضيء للعشاق صبح .. مشرقٌ

يا طالما انتظروه .. وهو حرام

! !

* * * *

يا شاعر الأحزان

لولا ترتوي

من كوثر الأفراح

فهو مدام

! !

قبِّلْ شِفاهَ الوردِ .. وهي نواعسُ

يشفي فؤادك .. ثغرها البسام .. ! !

واسحب ذيول الأنس .. فوق بساطها

فهو المقام

إذا جفاك مقام

! !

ما أنت .. إلا من جميل طيورها

يصغي إليك بفنه

الرسام

! !

فاسمع إذا ما شئت .. لحن غصونها

واهزج .. إذا سكب الهديل .. حمام

! !

وله أخرى بعنوان (شيخنا):

ص: 372

وقفت أمامك مستأذنًا

! !

وطرفي إلى شفتيك رنَى .. ! !

فهل لك في الإذن يا سيدي .. ؟ ؟

وحق لمثلك أن يأذنا .. ! !

ومثلي ومثلك يا سيدي

غريبان ضمهما المنحنى .. ! !

وقفت وقد عبر السالكون

وجاوزك الكل من ههنا .. ! !

أخاطب فيك التقي والنهي

وقلبا أبى - الدهر - أن يذعنا .. ! !

وألمح في ناظريك الرِّضا

عن الله .. والحب .. والمامنا .. ! !

سلوتَ الرِّغاب - وقد صفقت

أمامك تخطر والمسكنا

! !

وعفت الحياة التي أرهقت

سواك - فكنت التفى المحسنا

! !

ولله درك من سيد

إذا ضل غيرك أن تفطنا

! !

ترى القوم فيها - وقد غدرت

بهم - يستطيبون فيها المني

! !

تدور عليهم بأثقالها .... وتدروهم بعد أن تطحنا

! !

فهذا صريع .. وذاك طريد

وآخر في الأسر .. يشكو الوني

!

* * * *

ولله درك

إذ أقبلت

عليك - فجاوزتها موهنا

! !

وعشت سعيدًا

وضيء الرؤى

نقي الشعور

خفيف العنا

! !

تحدث نفسك في خلوة

بأن مصير الحياة الفنا

! !

وأن العباد لهم موعد

ولابد للذر أن يوزنا

! !

* * * *

حنانيك أنت الذي أطرقت

أمامك شم الجباه

ثنا

! !

لئلا يقال انحنت مرة

كما ينحني في الغصون الجني

! !

وترنو إليك لها مقلة .... تسافر فيك

وتقفو السنا

! !

تملكها الحسن فاستسلمت

كما استسلم الحر لماعني

! !

وطار بألبابها واثق

بأن الثبات أساس البنا

! !

ص: 373

ومنهم الأستاذ عبد العزيز بن سليمان العبودي من رجالات التعليم في القصيم، وهو مدير (مدرسة محمد بن ناصر العبودي الثانوية) وذلك أن إمارة منطقة القصيم عندما عقدت بالإتفاق مع النادي الأدبي في القصيم حفلة لتكريمي جزاهم الله خيرًا أعلن أمير منطقة القصيم صاحب السمو الملكي فيصل بن بندر بن عبد العزيز أن المنطقة قررت تسمية إحدى مدارس بريدة باسمي وتسمية أحد شوارعها باسمي.

وبالفعل سارعت إدارة التعليم في القصيم بتسمية مدرسة ثانوية في بريدة باسمي، وعينت ابن أخي الأستاذ عبد العزيز بن سليمان العبودي أحد رجال التعليم والتربية فيها بأن يكون مديرًا لها، بحيث صار اسم المدرسة (ثانوية الشيخ محمد بن ناصر العبودي) ومديرها عبد العزيز بن سليمان العبودي.

ومنهم الدكتور ناصر بن إبراهيم بن ناصر العبودي أستاذ الحديث في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، حصل على شهادة الدكتوراه من الجامعة بدرجة ممتاز مع التوصية بطبع الرسالة.

ومنهم الدكتور أحمد بن عبد العزيز بن ناصر العبودي، حصل على درجة الدكتوراه في التربية والتعليم من جامعة في الولايات المتحدة الأمريكية، وكانت جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية قد ابتعثته إلى الولايات المتحدة الأمريكية للدراسة والحصول على الدكتوراه بنفقتها.

وابن عمه أحمد بن عبد الله العبودي هو الآن - 1427 هـ - أستاذ محاضر في جامعة القصيم، كان حصل على درجة الماجستير من بريطانيا.

وفي أسرة العبودي شاعرات باللغة الفصحي منهن أختي حصة بنت ناصر العبودي.

ص: 374

من شعرها:

قالت أختي حصة الناصر العبودي: من الشعر الحر:

بلادي فديتك يا غالية

لما فيك من قيم سامية

فقد طاف ذهني بارجائك

فحاولت تجسيد أفكاريه

رأيتك كالشمس بين الأمم

فأنت لكل المني حاويه

فأنت حويت كلا الحرمين

فنحوك دومًا تشد الرحال

فمكة هي قبلة المسلمين

وفيك المدينة مثوى الرسول

عليه الصلاة وأزكى السلام

وفيك الرياض مقر الحماة

وعاصمة الملك: ملك السعود

وأشباله حوله كالأسود

وفي الشرق منك وما حوله

ينابيع من ذهب أسود

هو الزيت منه الرخاء يعم

وفي الأحساء وفي أرض نجد

نخيل يعانق أعلى القمم

ينؤ بأحماله اليانعة

بتمر شهي لذيذ الطعم

وفيك مصائف تجلو الهموم

ص: 375

جبال عسير مع الطائف

وفيك القصيم زها منظرًا

وقد زينت أرضه بالعيون

مياهًا تفيض فتروي الصحارى

فتغدو رياضًا تسر القلوب

وفيك التمسك بالدين قد

ترائي سناه لكل الأمم

وقاك الإله شرور العدا

وأضفى عليك ثياب النعم

ولا حل في أرضك الأجنبي

سوي خبراء ومستخدمين

وقالت أختي حصة الناصر العبودي:

أمَّاهُ طال غيابك

عني فبسماتي قليله

نفسي تتوق إلى حديثك

وابتسامتك الجميله

أنتي وأبنك رحتما

وتركتماني عليله

لم ألف بعدك ذلة

فلست في أهلي ذليله

لكنني أهفو إلى

لقياك أيتها الجليله

فلقد مللت الانتظار

وليس لي في الأمر حيله

ومن شعرها، أيضًا:

أنا بنت نجد أوجه نصحي

إلى أخواتي بنات العرب

أقول لهن إذا ما خرجتنَّ

ضعن علي الوجه بعض الحُجُب

فأن السفور لمقت كبير

وقد أمر الله أن نحتجب

أقمن جميع حدود الإله

وسوف تنلن جميع الأرب

ص: 376

أنين إلى الله واعبدنه

تفزن إذا ما الحساب اقترب

ومن شعر أختي حصة بنت ناصر العبودي:

إلى العلم هيا بناة الغد

تنلن الكرامة والسؤددا

فبالعلم ترقى وتسمو النفوس

وقد آن الجهل أن يطردا

وهاذي الحياض أعدت لكم

فبالله ما أعذب الموردا

فهيا انهلو منه يا إخوتي

ويا أخواتي لكي نسعدا

فنحن النساء سنطلب علمًا

ونطرق ما كان قد أوصدا

ولكن نظل ندير البيوت .... ونأبى سلوك طريق الردى

وإن نترك البيت في حاجة

نصون الوجوه ونضفي الرِّدا

فحمدًا لربي على أن هدانا

سبيل الرشاد ونهج الهدى

وبعد ثنائي وشكري لربي

أصلي على المصطفى أحمدا

وقالت حصة الناصر العبودي:

أبصرت روضًا بعد إدبار الدجى

من حسنه تهفو إليه الأفئده

ما بين أزهار يفوح أريجها

والماء جارٍ والطيور مغرده

والعشب أصبح بالندى متكللا

فالأرض تبدو بالعقيق ممهده

* * * *

أبصرته فعجبت منه فنظرتي

ما بين تلك المبهجات شارده

أمضيت فيه نصف شهر لم أجد .... عيبًا سوى أن الليالي بارده

فسماؤه زرقاء تبسم دائمًا

وهوائه للجسم فيه فائده

وقالت شقيقتي حصة العبودي تذكر حكاية امرأة اسمها سعاد تشكو فيها زوجها:

ص: 377

كانت سعاد تعيش مع أبنائها

وبناتها في خير عيش يذكر

وحليلها يسعى لكسب معاشهم .... ويحوطهم بعناية لا تنكر

حتى أحب بأن يجيء بزوجة

أخرى يعود بها صباه المدبر

رضيت بحكم إلهها وتصبرت

فلها أشبالها وجاذر

مضت السنون بحلوها وبمرِّها

بعض الحلاوة والمرارة أكثر

ذهب الشباب بحسنه وروائه

وبدا بمفرقها المعيب المنذر

قد صار يكثر لومها وعتابها

وإذا تحدثه يشيح وينهر

ترك الديار موليًا مع غيرها

شيء يحزُّ في الفؤاد ويقهر

* * * *

بالأمس جاء لكي يقول بغبطة .... وكأنه يبدي لها ما يضمر

ها قد بنيت لأهل بيتي مسكنا .... زخرفته كي يسكنوه ويفخروا

فإذا أتيت مع العيال لزورة

فمكانك البيت القديم الأصغر

فتسآئلت أم البنين بحسرة .... ما إذا جنيت له أهان وأهجر؟

الأنني أمضيت عمري كله

في البيت لا أشكو ولا أتذمر

ما بين خدمة بيته وعياله

ولخدمة الأضياف ذوما أبدُرُ

ومما يجدر ذكره أن لي أختين كل واحدة منهما تسمى حصة، وذلك أن والدي رحمه الله رزق من أول زوجة تزوج بها واسمها (نورة بنت رشيد الشدوخي) بابنة اسمها حصة لم يرزق منها بغيرها.

وقد كبرت حصة هذه التي نسميها الأولى وتزوجها عبد الرحمن بن عبد العزيز المقبل فرزق منها بابنتين ثم ماتت شابة.

وبعد موتها بأكثر من عشر سنوات رزق بآخر أولاده بنتًا شقيقة لي فأسماها حصة على اسم بنته الأولى التي كانت غالية عليه.

ص: 378

وأم الأخيرة هي والدتنا نورة بنت موسى العضيب، وحصة الثانية هي صاحبة هذا الشعر، ولشقيقتي حصة أربعة أبناء، ثلاثة منهم مهندسون أحدهم الدكتور خالد حصل على الدكتوراه من أمريكا، وهو الآن مدرس في جامعة الملك سعود، ولها ابنتان محاضرتان في جامعة الرياض حصلتا على الماجستير وتحضران للدكتوراه وابنها الخامس: طبيب عيون.

ومنهم (بدرية بنت سليمان بن ناصر العبودي) تخرجت من كلية الحاسب الآلي في بريدة، وعينت فور تخرجها مدرسة في بريدة.

من شعرها في جدها لأمها عبد الله بن سالم السالم وكان قد كبر سنه حتى جاوز الثمانين حين ماتت زوجته فتزوج بغيرها ولم يوفق فقالت:

ومُحِّصتِ الذنوب من البرايا

ببلوى، أو بأوباء وداء

وجدِّي قد يُمَحِّضَ كلَّ ذنب

له، من هَمِّ زيجات النساء

من أشعار بدرية بنت سليمان العبودي:

جزى الله بالخير الجزيل مَن انتقى

حُسْن الخطابِ وحُسن القول إتقانا

لا يمتطي مِنَّة إن ساق مكرمة

أو يبتغي رفعة إن قال إحسانا

وقالت بعنوان: (تأملات معاصرة):

تأملت الزمان فطال عُجْبي

من الأيام تسعى بانفعَال

من الأحداثِ تجري مثلَ وحش

من الأحلام تؤذنُ بارتحال

فهذا عالمٌ غابت رُواهُ

وذلك مُضَلِلّ باق الرحال

وما عادت خيوط الشمس تسري

وما بَرحَ الظلامُ عن الهلال

وتيكَ نفوسُنا تخشى المنايا

وتَرْهَبُ خصمها حين النزال

ص: 379

ويضعُفُ في الفؤاد الدينُ حتى

ليعلو ضعفنا قمم الجبال

تنازعت الشرورُ ديارَ قومي

وأفسدَتِ الجميلَ من الفعال

وأرسلتْ المفاتن عابثاتٍ

يُضللن المريضَ من الرجال

تبعنَ هوى من الشيطان يسعى

به اللاهُون في أرض الخبال

فيا ليت النفوس تري هُداها

وتبصرُ دربها في ذي الليالي

وأقسى ما خشيتُ اليومَ أنا

نصابُ بغضبةٍ من ذي الجلال

فنخسرُ ديننا وكذلك دنيا

وتمسكُ لوحنا بيد الشمال

أغثنا يا إلهي لا تكلنا

لأنفسنا الضعاف بأي حال

شوال 1421 هـ

خاطرة:

أبتاهُ، كم في القلب حبٌ لم ينم

سجّى فؤادي بين أطباق الحمم

وترسّب الماضي الجميل بمهجتي

فمضت تململُ فيه من فرط الألم

ومضيت يا أبتي الحبيبُ ولم تزل

أمي .. فأيق يا إلهي في النعم

وتجمع الحبُ الشفيفُ بمقلتي

لك يا حبيبة والحوادث تحتدم

وقالت بدرية بنت سليمان العبودي أيضًا: بعنوان: (كيف يكون الفجر؟ ! ):

لهبٌ أضاء بوجهتي أم ذا فنون

ضرب من السحر ترى أم ما يكون؟

فقصدت سيري نحوهُ متأملا

فجرًا يُبَددُ ظُلمتي يُقصي المنون

وطفقت أسرَجُ في خيالي شاردًا

تطوي الثرى قدمي وعقلي في فتون

فلقد مضيتُ وخلف ظهري دولتي

غرقي بما فعل العُدَاةُ المفسدون

لا تحسَبَنَّ الماءَ يُغرقها فلا!

لا .. ليسَ يُغرقُ بالمياه الصالحون

* * * *

ووعيتُ من أحزان قلبي كي أرى

في ذلك اللهب اللَّظى للحاقدين

ص: 380

وودتُ حمل مشاعل الإصباح كي

تصحو تصحو من النوم المُهين

وأظَلَّ في أبواب أرضي صارخًا

هيّا .. فقد أحضرتُ من يُعلي الجبين

في دهشةٍ نَظرَتْ بلادي نحونا

فجْرٌ جديدٌ وفتيً ليسَ يُبين

نفضت غبارًا كان يعلو وجهها

واستقبلت فجري بصدر ذي أنين

حملته وانطلقت به مُتَقلدًا

سيفًا يُقطِّع فيهِ هامَ المعتدين

حتى أناخت بعد طول قتالها

واغرورقت دمعًا على ماضي السنين

وقالت على غرار الشعر القديم الذي ينشده الرجال:

إلى كل من يبحث عن أصحاب ..

إلى كل من أراد الأصدقاء للهو والعبث ..

إلى كل من اكتوى بنار الجفاء من الأخلاء ..

إلى كل من عجز عن معرفة الصديق الحق .. أهدي كلماتي ..

لي صحبة أخيار ليتك تعرفُ

لهمُ المحبة في الفؤاد تُرفرفُ

قومٌ إذا قدِمَ الغريبُ إليهم

نشروا البشاشة في الوجوه فيألفُ

قومٌ إذا نادى النداء بنُصرةٍ

هبّوا جميعًا ليسَ منهم خُلَّفُ

وإذا اشتَكيتَ بما أصابَكَ من أذي

فالعين منهم قبل عينِك تذرفُ

عمروا الزمانَ بصدقهم ووفائهم

وإذا العبادةُ حان وقتٌ عُكّفُ

أهلُ النصيحة للمُسيء لدينِهِ

أو سُنَّةٍ تُؤتى وعنها يصدِفُ

أهلُ الرياض الخُضر حين جلوسِهم

فجليسُهم أبدًا سعيدٌ يُطرَفُ

الله حمدٌ ليسَ يُقضى عدُّهُ

أن يُسِّر الصحبَ الكرامَ التُّحَّفُ

فلقد دعوتُ الله مُجتهدًا بأن

يُحيي الزمانَ بأهل خير رؤءفُ

وبأن يُيسِر قربهم لمُحِبِّهم

ويُدلل الصعبَ العسيرَ ويلطُفُ

فأجابَ ربي ما دعوت، وإنَّهُ

بَر كريمٌ جودُهُ لا يوصفُ

ص: 381

تراحيب ساخرة:

قالت بدرية بنت سليمان العبودي: هذه أبيات كتبتها وأنشدتها في حفلة فطور للترحيب بالفريق الفائز في مسابقة أقمناها في الكلية سنة 1420 هـ وذلك بعد أن أرغموا فريقنا بالقيام بعمل حفلة لهم، فجاءت ترحيبية ساخرة:

ضيوفا حللتم فطاب المقام

وحزنا السعادة والابتسام

أتيتم وفرحتكم بالنجاح

ترسِّمُ فوق الشفاه ارتياح

مساكينُ أنتم فطول الصباح

تدَوِّي بطونكمُ بالصياح

تريدون أكلا وما من طعام

فهيّا هلمّوا فإنا كرام

فهذا الطعام وهذي القداح

فقوموا وصُبُوا لكم يا ملاح

ومنهم وفاء بنت عقيِّل بن عبد الكريم العبودي كتبت إليَّ كتابًا تتحدث فيه بأسلوب أدبي عن كونها لاحظت أن كثيرًا من فتيات الأسرة يكون لهن مذكرات ودفاتر.

قالت: وإذا قست ذلك بالرجال من أسرة العبودي صرنا نتساءل عن السر في ذلك.

وهذا نص كتابها:

بسم الله الرحمن الرحيم

العم العزيز محمد العبودي - الموقر

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. أما بعد .. .

إنه ليسعدني ويشرفني أن أكتب لك هذه الرسالة لأعبر لك عن مدى تقديري لشخصك الكريم.

ذات مرة استيقظت في الصباح وأدرت الراديو، وبالتحديد على برنامج

ص: 382

(نسيم الصباح) فسمعت ترديد اسمك الكريم بين كل مقولة وأخرى، أو تعريف عن بلدة في المملكة أو معلومة عن شيء ما، كانوا يرددون، وقد قال الأستاذ محمد العبودي، فقد شدني ذلك الاسم لأنه طبعًا من العائلة، متعكم الله بالصحة والعافية وزادكم علمًا.

سبحان الله لقد سألت أختي أم ناصر، وهي زوجة عبد الرحمن العبودي ابن أخيكم سليمان العبودي - غفر الله له ولوالدي والمسلمين أجمعين - عن حضرتكم، فقالت لي: إنه إنسان وقور ومحترم يحب الكتابة وله عدد من الكتب، وعندنا في البيت بعض الكتب التي ألفها، ووعدتني بأن ترسل لي نسخًا من هذه الكتب، وحرصت على قراءتها وقالت: إنه يحب أن يجمع الكبار في السن ويسألهم عن ماضي آبائنا وأجدادنا، وكل ما يخص بلادنا من معلومات قيمة، ويدون ويسجل كلامهم.

فعجبت لذلك، لأنني سبق لي وأن جلست مع نساء كبيرات بالسن وأخذت أستفسر منهن وأسألهن عن حياتهن في الماضي والحاضر، وكيف عايشنها، وعندي الآن شريط مسجل بالصوت فقط، لجدة زوجي من مدينة حائل أسألها وتحكي لي، وتقول بعض القصائد التي نظمتها بنفسها، وعندي بعض القصائد والأشعار التي نظمتها أنا وكتبتها على حسب الظروف التي مرت بي من خير وشر.

ولي كتابات بدفتري الخاص كل صفحة فيها تحكي عني قصة بأدق تفاصيلها عايشتها سواءً بفرح أو حزن.

وقد كتبت خاطرة معبرة فيها عما يجول بخاطري، عند وفاة والدي العزيز عقيل بن عبد الكريم العبودي، الله يغفر له ويرحمه ويسكنه فسيح جناته.

والذي عرفته عن والدي رحمه الله تدوين كل ما يقوم به بمذكرة، وخاصة المهمة منها كولادة مولود أو نجاح أو فشل وهكذا.

ص: 383

كما أن جميع أخواتي يكتبن كل ما يحصل لهن، كل له دفاتره الخاصة، والتي ما أن تصدف وتقرأ دفتر واحدة منهن إلا وعرفت شخصيتها وحياتها من خلال الدفتر.

يبين لي بأن هذا السلوك والطبع نشترك به سويًا نحن (عائلة العبودي) وقد تلعب الوراثة هنا دورًا مهمًا بعائلتنا، وقد نكون توارثناها عن جدٍّ لنا، وشعورنا نحوك بأنك مثل أعلى ونسير على نهجه، ونستفيد منه، فأمدَّكم الله بالصحة والعافية وطول العمر، ووفقكم لما فيه الخير بالدين والدنيا والآخرة.

إبنتكم: وفاء عقيل العبودي

قالت: الطائر المهاجر

توالت الأيام - وانقضى الشهر العاشر.

وعادت الطيور إلى أوكارها وما زال طيري مهاجر.

ترى - هل سيعود لو كره؟ أم سيظل مغادر؟ يا له من طائر ناكر .. بل يا له من وليف غادر.

ترى ما ذنب وليفه؟ الذي أمضى حياته صابر، ولحبه متفاني ولعيوبه ساتر.

ذلك الوليف المسكين - يا لحظه الجائر، ويا لحزنه الوافر.

ولكنه قد أقسم بأنه - سيظل على بلائه صابر، وسيتحمل بُعده ويتظاهر بأنه على ذلك قادر ولكن هل سيطول هجره؟ لا أدري يا لي من وليف خاسر حتمًا سيعود طيري المهاجر - لان لنا ربَّا غافر إن لنا ربَّا قادر.

وفاء العبودي

قالت وفاء العبودي من الشعر العامي:

من زمان كان يسعدني طاري السفر

وما هقيت بالسفر يصبح كدر

ص: 384

وكل رجاي يكون ما حصل قدر

أهون علي من المشي بدرب الخطر

عقبه يا هلي اليوم بشهر

والشهر عندي من غيره دهر

لكن متى ها لدهر يمر؟

ويمحي ظلام ليلي نور القمر؟

يا ترى متى عيني بشوفه تقر؟

عندي أمل في يوم يجيني الخبر

يومها عندي يوم البشر

يوم ربيع وخير ومطر

يوم طق طبول ورش العطر

يومها يموت شوك وينبت زهر

وتصبح الدنيا بعيني زرع خضر

ونهر وشجر مليان بأحلى الثمر

عندها - أنسى السهر

وسنين عذابي والقهر

وانتظاري على أحر من الجمر

كل هذا يوم أشوفه بالنظر

واستقر واعتقد إن بعد العسر يسر

كما أعتقد إن من صبر ظَفَر

وفاء عقيل العبودي

13/ 3/ 1408 هـ

حوار مع النفس:

تمضي أيام - وشهور وسنين.

أسأل نفسي إلى متى يا ترى؟ وإلى أين؟

إلى متى تنتظرين؟ وماذا ترجين؟

أرد على سؤالي بسؤالين.

هل الإنسان يملك قلبين؟

والقلب هل يتسع لشخصين؟

لماذا يا نفسي لا تردين؟ وإلى متى تجهلين؟

أنظر إلى عيون الناس لكي أستعين.

ص: 385

الحظ أعينهم تقول لي: يا لقلبك المسكين.

أجدهم في كلامهم صادقين.

أهرب .. ولا أبين.

لأنه لا زال في قلبي شوقًا وذكريات وحنين.

ألجأ إلى ربي أسأله يهدين، أدعوه يا مجيب دعوة المضطرين.

فرج قلبي الحزين، ودلني يا هادي المضلين.

ألا يكفي يا من بحالي عارفين، أن يضبي منه قسمه قسمين.

يا رب - يا رب - يا رب - فرِّج همي وهم المهمومين.

وعوض صبري خيرًا - ولا تجعلني من القانطين.

أسألك يا خير معين - أأصبر على بلائي؟ وأنت تبلي وتعين.

أو أدوس على قلبي وأقفله قفلين؟

وفاء العبودي

17/ 4/ 1414 هـ

راح الغالي

قالتها في رثاء والدها عقيل بن عبد الكريم العبودي:

في بحر الحياة .. وبمركب شراعه كان عالي

بلمحة بصر هاج البحر .. ومجدافي انكسر

جاني الخبر .. موته قهر .. وهذا قدر

صرخت بصوت عالي .. يا ناس راح الغالي

راح مسند الظهر يا عزي لحالي!

ص: 386

دمعي إنحدر .. وقلبي انشعر .. عمي البصر

ويا ويل اللي ماله والي!

يا والدي .. لو لي حيلة بالأمر .. لأفديك

بروحي وحلالي، وكل مالي وادخل بدالك القبر

وأزيد على عمري عمر بطول الدهر ولا يلمس

منك ظفر - وتبقي لعيالك يا الغالي

لكن هذا قدر - ومنكره كفر - وآمنت بالله العالي

له حكمته بالأمر .. وله دبرته بالبشر

والله الوالي

أسأله أن يرحمك ويعفو عنك ويدخلك منزلًا بالجنة عالي

وليهنا بعدك الصبر - ويزيح عنا ضيق الصدر

ويا ويل اللي ماله والي .. ويا ويل حالي

راح الغالي

وفاء عقيل العبودي

يوم وفاة والدي 2/ 2/ 1413 هـ رحمه الله

تحدثت وفاء عقيل العبودي عن والدها عقيل بن عبد الكريم العبودي، وهو قريب منا إذ والدي ووالده أبناء عم خلَّص أي أن جدهما القريب واحد، وقد شغل وظائف عديدة مهمة منها وظيفة تناقلت الإذاعات العالمية اسمه فيها.

وذلك أنه كان رئيس ديوان إمارة البريمي عندما كانت تحت الإدارة السعودية، وكان أميرها تركي العطيشان يعرف عقيل العبد الكريم العبودي عندما كانا يعملان معًا في الرياض، وفي الدمام، فذكرت الإذاعة دخول القوات

ص: 387

الإنكليزية عليه في البريمي واعتقاله.

ومنهم إبراهيم بن عبد الكريم بن إبراهيم العبودي:

أكبر أسرة العبودي في الوقت الحاضر - 1425 هـ - سنًّا إبراهيم بن عبد الكريم بن إبراهيم بن عبد الكريم بن عبد الله بن عبود وعمره الآن 97 سنة فهو من مواليد عام 1328 هـ.

وهو عميد الأسرة بمعنى كونه أكبرهم سنًّا، ويليه في كبر السن مؤلف هذا الكتاب، وسني الآن - 1425 هـ - ثمانون سنة.

وإبراهيم المذكور صاحب نظر ومعرفة في أمور الأراضي والعقارات ولذلك عينه الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد قاضي بريدة في (هيئة النظر) وهي لجنة معتمدة من الأمير والقاضي في بيان الصواب في مخاصمات الأراضي والعقارات وتطبيق الصكوك على حدود تلك الأراضي وفي قسمتها أيضًا.

وقد اعتذر إبراهيم العبودي عن قبول عضوية الهيئة وقال لي الشيخ عبد الله بن حميد: حنا عينا (ابن أخيك) أي ابن عمك في الهيئة ولا قبل.

فسألت إبراهيم عن ذلك، فقال: لم أقبل، لأنها هيئة رسمية تدخل العضو فيها في منازعات الأراضي، وإلَّا فأنا كما تعلم أقسم بين الناس إذا تراضوا بي وانظر في أراضيهم بالمجان.

وقد شهد أستاذنا عبد الله بن إبراهيم السليم الإبراهيم العبودي بالخبرة والنظر في العقارات ومعرفة أقيامها، فقال من رسالة وجهها إلى إبراهيم بن عبد الكريم الثويني في 12/ 8/ 1398 هـ حول بيت صغير لهم: وقد تبادلنا الرأي نحن وإبراهيم العبد الكريم العبودي لأن كثيرًا من أهل العقار اعتذر عن الاشتراك بتقدير البيت المذكور، وإبراهيم المشار إليه صاحب نظر وصاحب عقار الخ.

ص: 388

ومما يدل على ذلك هذه الوثيقة التي كتبها الكاتب الشهير سليمان بن ناصر الوشمي:

ص: 389

وإبراهيم بن عبد الكريم العبودي له أبناء نجباء أكبرهم عبد العزيز شغل وظائف عديدة بارزة وتملك عقارًا وأملاكًا في الدمام إلى أن تقاعد، وقد ذهب معظم أملاكه.

ولد عبد العزيز في عام 1355 هـ في بريدة:

توظف في أرامكو ثم انتقل إلى العمل في اللاسلكي ثم صار مسئولًا في إمارة القصيم ثم انتقل إلى جوازات الرياض (المديرية العامة) ثم لمصلحة الجمارك فصار مدير ميناء الملك عبد العزيز في الدمام ثم مدير جمرك مطار الظهران.

ومما يتعلق بعبد العزيز العبودي هذا أذكر أنني كنت في عطلة عيد الأضحى عام 1390 هـ في المغرب، ذلك بعد أن انتهى مؤتمر عقدته جمعية الجامعات الإسلامية في تونس، وكنت رئيس وفد الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة فاتفقت مع صديقي الشيخ عبد العزيز بن محمد القويغلي عميد كلية الدعوة وأصول الدين في الجامعة على أن نقضي إجازة العيد في الجزائر

ص: 390

والمغرب لأن العطلة حلت والجامعة معطلة فيها، ونزلنا في فندق في الرباط، فلما عدت إلى الفندق وطلبت مفتاح غرفتي من عجوز فرنسية في الاستقبال سألتني عن اسمي فقلت: العبودي.

فقالت العبودي؟ العبودي؟

قلت: نعم، وماذا في الأمر؟

قالت: فيه مشكلة قبل قليل وهي أنني رحلت العبودي في أول الصباح بعد أن خرجت أنت، وها أنت تأتي الآن، ثم ضحكت وقالت: إنه من أسرتكم (العبودي) ذكر لي أنه ابن عمك وقال لي آسفًا: لم أعلم أنه هنا وإلا لكنت سلمت عليه.

وإذا به عبد العزيز بن إبراهيم العبودي، وكان يشغل آنذاك مدير جوازات الدمام، وقد ابتعثته الحكومة لمنح تأشيرات للحجاج في بعض أقطار غرب إفريقية، فمر بالمغرب في طريقه للعودة إلى بلادنا، ونزل في الفندق نفسه من دون أن يعرف أحدنا بوجود الآخر فيه.

وكان عبد العزيز هذا في أول عمره رياضيًّا يلعب مع مجيدي رياضة كرة القدم، كان يلعب ضمن فريق في بريدة لكرة القدم في مباراة مع المنتسبين للمدرسة العسكرية الأولى في بريدة، فضرب أحد لاعبي المدرسة العسكرية مع ساقه بأصبع رجله ضربة قوية كسرت ساق الرجل وهو بدوي، فنقل إلى المستشفى وقرر الأطباء أن رجله كسرت نتيجة لهذه الضربة.

فجاء والده ابن عمنا إبراهيم بن عبد الكريم العبودي إليَّ يشكو الأمر ويستشيرني فيه، فقلت له: هذا كسر ابنكم رجله بضربة ولو مات الآن لطالبكم أهله بديته، فيجب أن تسرعوا بالصلح معهم عن طريق دفع تعويض، ومخالصة، فذهب وجاء بعد يوم، قال: خلصنا معهم هو وأقاربه ندفع لهم أربعمائة ريال وينتهي الأمر.

ص: 391

ومن أسرة العبودي رياضيون مشهورون منهم خالد بن محمد بن عبد الكريم العبودي كان لاعبًا نشطًا مع فريق النصر في الرياض يردد المذيعون اسمه في أخبار المباريات الرياضية الكبيرة، وقد تخرج من إحدى الكليات ويعمل الآن في شركة - 1425 هـ -.

وابن أخيه: بندر بن أحمد العبودي ضابط في الجيش تخرج من كلية الملك عبد العزيز الحربية في الرياض.

بل إن منهم أحد المؤسسين الحقيقيين للرياضة في بريدة وهو صالح بن إبراهيم العبودي، أجرت معه صحيفة الجزيرة لقاء يتعلق بذلك رأيت نشره هنا لأنه يلقي أضواء على بداية الرياضة في بريدة ويذكر أسماء المؤسسين والمشاهير فيها في ذلك الظرف.

قالت الجزيدة:

صالح بن إبراهيم بن عبد الكريم العبودي ولد في بريدة عام 1360 هـ أول مدرس بالمدرسة الصناعية عام 1383 هـ ومن هناك إدارة المستودعات في إدارة التعليم سنة 1385 وفي 1403 هـ انتقل إلى الهاتف (الاتصالات) في وظيفة رئيس قسم المباني ثم الإرشيف والمشتريات إلى أن تقاعد في عام 1419 هـ.

في حوار لا تنقصه الصراحة مع أبرز رواد الحركة الرياضية بالقصيم صالح العبودي يقول:

التعاون خرج من رحم الرائد وأسألوا (الكبار) لتعرفوا الحقيقة:

التاريخ لا يكذب أبدًا، والذكريات تحتاج إلى تمحيص وتدوين لكيلا تترهل وتضعف ويسهل تحريفها وإزالة مصداقيتها حسب الأمزجة والأهواء، في هذا اللقاء الأول من نوعه مع أحد رواد الحركة الرياضية بمنطقة القصيم ومن الذين ساهموا

ص: 392

في بدايات الكرة في القصيم يمضي بنا الأستاذ صالح بن إبراهيم العبودي مسترجعًا ذكريات بداياته مع الكرة في عام 1374 هـ مع شقيقه مؤسس النادي الأهلي (الرائد حاليًا) عبد العزيز العبودي وأبناء الوابلي والقوسي والرشودي والغنام والقليش وغيرهم، يضع العبودي الحقيقة التاريخية كاملة بدون تزييف وفق معايشته لواقع مضى عليه أكثر من خمسين عامًا، يقول الصدق، ويؤكد القصة الكاملة لتأسيس الغريم التقليدي لناديه (الشباب السعودي) التعاون حاليًا.

يتذكر أحداثًا مهمة ويضحك مع المواقف الطريفة ويرفض قول غير الحقيقة فإلى حوارنا الشيق مع صالح العبودي.

بدأت علاقتي بالرياضة وعمري تقريبًا كان في الخامسة عشرة، حيث كنت مع زملائي نلعب في الشوارع الضيقة والحارات ثم انضممنا إلى النادي الأهلي (الرائد حاليًا) لأنه الوحيد في المنطقة آنذاك وكان معي عبد الله السويل وأولاد الوابلي (محمد وحمد وعبد الله) وحمود الرشودي وكان كابتن الفريق الأهلي عبد العزيز العبودي (شقيقي) أضف إلى ذلك عبد الله المحيسن وعبد الله الغنام ومفرح القوسي ومحمد الفايز القليش (رئيس اتحاد الكاراتيه والجودو حاليًا) منهم من توفي إلى رحمة الله ومنهم من ما زال حيًّا يرزق، وطبعًا كان هناك مشقة في اللعب حيث لا موارد مادية ولا مواصلات والمجتمع كان ينظر إلى الرياضة بأنها ترف ومضيعة للوقت ومن غير المستحب مزاولتها، بل إن البعض منهم يحرمها، وكان ذلك في بداية السبعينات الهجرية وتحديدًا عام 1374 هـ.

شقيقي أول من أدخل الرياضة في القصيم:

كان شقيقي عبد العزيز هو مدرب الفريق ورئيسه والمسؤول عنه، حيث كان يفهم كثيرًا بكرة القدم لأنه قدم من المنطقة الشرقية وتحديدًا من شركة (أرامكو) حيث أحتك بالأجانب وعرف الكثير من المهارات الكروية وعندما جاء لبريدة أسس فريق الأهلي .. ونظمه بمساعدة من العديد من زملائه ولكن

ص: 393