الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشيخ سليمان بن ناصر العبودي:
من أسرة (العبودي) شقيقي الشيخ سليمان بن ناصر بن عبد الرحمن العبودي.
ولد في مدينة بريدة عام 1350 هـ.
تعلم في مدارسها وأصاب عينيه رمد حاد أضعف بصره وكان عمره خمس سنين، واستمر يعاوده.
تلقى العلم على عدد من مشايخ بريدة منهم الشيخ صالح بن عبد الرحمن السكيتي قاضي المذنب سابقًا والمدرس في معهد بريدة العلمي بعد ذلك، والشيخ صالح بن أحمد الخريصي رئيس محاكم منطقة القصيم سابقًا، والشيخ صالح بن إبراهيم البليهي، ثم العلامة الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد رئيس المجلس الأعلى للقضاء رحمهم الله جميعًا.
التحق في معهد الرياض العلمي عام 1372 هـ حيث اجتاز امتحان القبول فيه، والتحق بالسنة الأولى الثانوية، وعندما فتح معهد بريدة العلمي عام 1373 هـ التحق به حتى أكمل دراسته الثانوية، ثم التحق بكلية الشريعة في الرياض حتى حصل على إتمام الدراسة العالية فيها وتخرج منها بامتياز.
عين قاضيًا عضوًا بمحكمة بريدة الكبرى من دون أن يمر بمرحلة ملازم قضائي، وذلك تقديرًا لكفاءته ولبث في محكمة بريدة قاضيًا مدة خمس سنين ثم نقل من محكمة بريدة إلى قضاء الأرطاوي في السر في 6/ 11 / 1390 هـ، ولم يناسبه
المقام هناك وبخاصة أنه يريد إلحاق ابنه في المعهد العلمي ولا يوجد هناك معهد.
فأكثر من طلب النقل من القضاء إلى التدريس وألح في ذلك حتى أستجيب إلى طلبه حيث تم نقله إلى وزارة المعارف مدرسًا في معهد النور في بريدة لأنه يحمل شهادة في كيفية تعليم المكفوفين حيث بقي يدرس فيه إلى عام
1410 هـ. فأحيل إلى التقاعد لبلوغه السن النظامية.
وتوفي عام 1416 هـ عن 66 سنة رحمه الله.
وقد درس الأخ سليمان العبودي النحو على شيخنا العلامة الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد فبرع فيه من بين ما درسه على الشيخ عبد الله، فقال لي الشيخ ابن حميد: يا أخ محمد، أخوك سليمان ذكي، فقلت له: كيف؟ قال: هو جيد بالنحو، ولا يكون الإنسان جيدًا في النحو إلَّا إذا كان ذكيًّا لأن النحو يعتمد على الذكاء.
وهو شاعر له شعر كثير منه قوله عندما بلغه خبر عن نقله من عضوية محكمة بريدة إلى منطقة السِّرِّ:
يا صاحبي ماذا ترى؟
…
فيما أشيع مؤخرا
من نقل صاحبكم سليمانٍ (1)
…
إلى إحدى القرى؟
إما لِمَيْن مُخاصمٍ
…
قد قال زُورًا وافتري
لما قضى بخلاف ما
…
قد كان ظنَّ وقدَّرا (2)
أو حاسدون مِنْ حَسْدِهِ
…
لم يستطع أن يَصبرا
حتى استطال بعرضه
…
ثم اجترا ثم افتَرَى
أو مغرض مع واحدٍ
…
من هؤلاء تظاهرا
أو رأي مسؤلٍ كبير
…
قد رأى ما لم نرى
لولا شماتة حاسدٍ
…
لا يرعوي أنْ يزجرا
وخلُّوها من معهد
…
يستقبل ابني الأكبرا
وتغيُّر في صحتي
…
ما ساءني ما قد جرى
قد يكره الإنسان
…
حين يرد نحو القهقرى
(1) يعني نفسه.
(2)
يريد عندما حكم عليه لخصمه.
ويرى بوادر جفوة
…
من غير أسباب تُرَى
مع أنه خير له
…
في علم خلَّاق الورى
قد كيد قبلُ ليوسف
…
الصديق كيدًا أكبرا
حتى بدا وكأنَّهُ
…
عبد يُباع ويشترى
وقضى سجينًا ما أتى
…
في الذكر عنه مقررا
ثم اجتباه إلّهه
…
وانزاح ليل الإفترا
يا مسلمون تثبتوا
…
إن فاسق ما، أخبرا
كيلا تصيبوا بعضكم
…
من أجل قول مفتري
وإذا سمعتم قوله
…
في مسلم ما مُنكرا
لا تنقلوا ما قاله
…
فتشاركوه الإفترا
لي صاحب قد كنت
…
اعهده بشوشًا خَيِّرا
لم ألقه من قبل إلَّا
…
سُرَّ بي واستبشرا
آنست منه تغَيُّرًا
…
بعد الرضا وتأثُّرا
من غير أسباب أرا
…
ها للذي قد أظهرا
فحزنت من هذا الذي
…
أبدى الصديق مؤخرا
ليس الصديق بسلعةٍ
…
من أيّ سوق تُشتري
فسألته عما به
…
كيلا يزيد تقهقرا
فإذا أخي من قريةٍ
…
حكيت بدا متأثرًا
* * * *
أمضيت سبع سنين
…
في عمل القضاء وأشهرا
ما حدَّثتني مرة
…
نفسي بحُكْمٍ أزورا
فضلًا من الله الذي
…
يعطي العطاء الأكثرا
واليوم أسأل مَنْ له
…
لبَّى الحجيجُ وكبَّرَا
وسعى وطاف ببيته
…
وافاض ثم استغفرا
ومن أدلَهَمَّ بأمره
…
أفُق السماء فأمطرا
فسقى بهاطِلِ مائه
…
بلدًا مواتا أغبرا
فإذا به بعد الجفا
…
ف يعود روضًا أخضرا
ترعى الحلائبُ زهره
…
فتكاد أن تتفجرا
اليوم أسأله سؤا
…
لا جازمًا ومكررا
تيسير نقل وظيفتي
…
وإن استجاب تيسرا
فطريق نقلي غامض
…
يبدو طويلا مقفرا
ولكَم سعيت لنيله
…
لو أنَّ سعيي أثمرَّا
وأنا حَييٌّ لست
…
أقوى أن أُلحَّ? فأضجرا
والناس إما معرض
…
عمن سواه من الوري
أو عاجز ولو استطاع
…
إعانة ما قصَّرا
أو ثالث ذو خبرة
…
ووجاهة أيضًا ثرَى
لكنه لم يقتنع
…
من حاجتي فتأخرَّا
يا رب كاد اليأس أن
…
يجري إليَّ كما تري
يا رب فاسلك بي
…
الطريق المستقيم الأيسرا
ولقد طرق شقيقي الشيخ سليمان بن ناصر العبودي أكثر أبواب الشعر كالاجتماعيات ونظم الأمثال وكالأوصاف والإخوانيات.
من ذلك قوله في غلاء المهور:
تسآءل بعض الرجال فقالوا
…
غلاء المهور ألا حَلَّ له؟
إلى م يزيد ونحن نزيد
…
فقلت لهم: تلكم المعضلة!
فقالوا: ومشكلة العصر هذي
…
فقلت لهم: أنتم المشكلة
فقالوا: لماذا؟ فقلت: اسمعوا مِنْ
…
من الناس وأختار مَنْ راق له
إذا ما أراد الزواج كثير
…
أخٍ كان قد لاحظ المسألة
تساءل عن مهر من قبله
…
لِيُرسْلَ فوق الذي أرسله
فيرتفع المهر شيئًا فشيئًا
…
بأسباب هذا وما شاكله
ومما يزيد المهر ارتفاعًا
…
أكاذيب من بعضهم مرسله
وإسرافنا في شراء الحُليِّ
…
وأكل يؤولُّ إلى المزبلة
وحجز جناحين في فندقٍ
…
وبذل أجورهما المذهلة
ودعوة أكثرنا فوق ما
…
يطاق لكي يشهدوا محفله
فيرتفع المهر شيئًا فشيئًا
…
بأسباب هذا وما شاكله
* * * *
وأما أبو البنت أو غيره
…
من الأولياء فلا ذنب له
إذا جاء مهر التي عنده
…
إليه كثيرًا بأن يقبله
لأن الصداق لها دونه
…
فكيف يجود بما ليس له؟
بغير رضاها فإن فوضته
…
فإنَّ له بعد أن يفعله
ولكن إذا كلفوا الزوج
…
مهرًا، يزيد على مهر من ماثله
فقد أسهموا بارتفاع المهور
…
ولا ينبغي قط أن نفعله
وبذل الألوف لضرب الدفوف
…
وإصلاح أكل وما ماثله
لما قد ذكرت وأمثالهن
…
تضيع ألوف من الأريله
وتتعب بعض النفوس لما قد
…
تلاقيه في العرس من بلبله
وصَدْمٍ ولَطْمٍ و (فَحْطٍ) ومَحْطٍ
…
ونَقْعٍ يثور من (الفرمله)
وماذا علينا إذا ما اقتصرنا؟
…
على أقرب الأقربين صلة؟
كَعمٍّ وخالٍ وجار ومَنْ لا
…
يحق لنا - بَعْدُ - أن نهمله
ونعرس في البيت دون احتياج
…
لدفع أجور لنا مثقله
ونولم حسب الظروف لدينا
…
بلا سَرفٍ ما ولا مَخْيَلَهْ
بهذا نوفر مالًا كثيرًا
…
وجُهْدًا ونقضي على المشكله
فجربه مثلي تجده مريحًا
…
من الجهتين، وما أجمله
قال الشيخ سليمان بن ناصر العبودي نصيحة للسائق المتهور:
يا سائق الإزفلت لا تستعجل
…
إرفق بنفسك يا أخي وتمهل
ارفق كفاك الله كل مصيبة
…
وهداك للنهج القويم الأفضل
واذكر صغارك لو أصبت، وحالهم
…
في ساعة المأساة والمستقبل
واذكر حنونًا أرضعتك ووالدًا
…
يرجو نداك لدى المشيب المهزل
اذكرهما والدمع يذرف منهما
…
ذرفًا على تلك الخدود الدَّبل
واذكر عوائل من حملت إذا غدوا
…
ما بين باك بعدهم ومحوقل
واذكر مجيئك في القيامة حافيًا
…
حق الورى يا صاح ليس بمهمل
ماذا عليك إذا رَفِقت ولم تسر
…
سير اللجوج الطائش المستعجل؟
هل أنت تجني حين تسرع مغنمًا
…
يربو على خطر الطريق الموجل
إن كنت تسام حين تسرع فادَّكِرْ
…
حال الأوائل يا أخي وتأمل
كانوا يجوبون الصحارى القاحلا
…
ت على الرواحل تارة والأرجل
في الحر والبرد الشديد وربما
…
عفت الرياح على الطريق الموصل
أو ليس يكفي نعمة أنا نسير
…
براحة حتى دخول المنزل
وبسرعة دون المجازفة التي
…
قد تنتهي بتريث لم يؤمل
وقال الشيخ سليمان بن ناصر العبودي عندما آذته رائحة المجاري التي كانت تتجمع في خب العكرش شرقًا عن حارة العكيرشة التي يوجد فيها منزله في بريدة يخاطب المهندس المختص: وقد سوفت الإدارة المسؤولة في نقلها:
مهندس مائنا إنا ابتلينا
…
بأحواش المجاري من سنين
فأسفلهن يُكسب كل أرض
…
تحيط بهن أملاحًا وطينا
وأعلاهن أبخرة المجاري
…
تزود جونا نتنًا مبينا
إذا هبت رياح الشرق ضاقت
…
بيوت قد بنيناهن فينا
كان الناس قد ضرطوا جميعًا
…
فجاء ضراطهم مما يلينا
لها بالليل سلطان قوي
…
تؤرق حين تشتدُ العيونا
ونغلق كل نافذة وبابٍ
…
ولا تعدو أنوف النائمينَ
إلى ما سوف تبقى دون حل
…
إلى ما سوف تؤذي المسلمين؟
توسط نحو مرجعكم وأحسن .... فإن الله يجزي المحسنين
وأقصوها بعيدا عن قريب
…
بأمر من كرام مخلصين
ثم إنه زادها إلى عشرين بيتًا وأرسلها برقية إلى الملك فهد بن عبد العزيز فأرسل الملك إلى أمير بريدة برقية يقول فيها: بلغوا الشيخ سليمان بن ناصر العبودي أننا أمرنا بنقلها فورًا، وقد نقلت بالفعل.
والشيخ سليمان مسكنه مثلنا في حي العكيرشة وكان مجمع للمجاري في خب العكرش الواقع خلفه جهة الشرق ولكن إذا هب الهواء شرقيًا حمل نتن تلك المجاري.
ومما قال الشيخ سليمان بن ناصر العبودي:
صنعت إليه معروفًا كبيرًا
…
فلم يعبأ بإحساني عليه
وأظهر لي عداوته جهارًا
…
وقابلني بأقبح ما لديه
يُسَّرُ بما يضايقني كثيرًا
…
ويضحك عند ذاك بملئ فيه
كأني قد صنعت إليه شرًّا
…
ولم أحسن عليه ووالديه
لقد أمَّلت فيه غير هذا
…
فخاب الظن وآأسفاه فيه
ولم أسف على الإحسان، إني
…
أحب الخير والمسعى إليه
ولكني على سوء اختياري
…
أسفت فكن معي ربي عليه
وقال في (نصيحة الطالب):
اجتهد في كل وقت
…
إن ترد نيل الفخارْ
اجتهد دومًا وإن لم
…
يدن منك الإختبار
لا تظن العلم يأتي
…
عن تَمَنٍّ وانتظار
دون شهد النحل لسع
…
مؤلم للنفس حار
دون در البحر غوص
…
تحت أمواج البحار
عمرك المعدود يمضي
…
في علو أو خسار
فازرع الخيرات تسعد
…
عند ما تجني الثمار
* * * *
كان أهل العلم منا
…
في القرون الماضيات
يتعبون الجسم حتى
…
يسمعُ نطق الرواة
يذهب الإنسان منهم
…
للبلاد النائيات
طالبًا لفظًا كريمًا
…
واحدًا من في الثقات
وضحوا الإسناد حقًّا
…
للعيون الناظرات
بينوا ما صح مما
…
فيه بعض المشكلات
فارحم اللهم قومًا
…
أحرزوا تلك الصفات
* * * *
ثم نحن الآن أضحت
…
عندنا جلّ المراجع
لا تشدَّ الرحل لكن
…
في تراث القوم راجع
روضة مزدانة فيـ
…
ـها شهي الطلع يانع
أو غدير واسع في
…
عسجد الإشراق ساطع
قد كفيت الهم فانهل
…
زالت اليوم الموانع
وانشر العلم الذي أو
…
تيته ابحث وطالع
لا يغيض العلم بذلٌ
…
أو يزيد العلم مانع
* * * *
اجتهد في كل وقت
…
إن ترد نيل الأمل
وتدرع باصطبار
…
أن تعراك الملل
كم كسول ذاق لما
…
فاته وقت العمل
ورأى ذا الجد يجني
…
ما عليه قد حصل
ذاق إذ ذاك بفيه
…
سوء آثار الكسل
اعمل الأسباب واعلم
…
أن توقعت الفشل
أنّ كل الأمر الله
…
وما شاء فعل
وقد وجدنا في أوراق الشيخ سليمان بن ناصر العبودي ما يلي:
من مواقف الملك عبد العزيز رحمه الله.
حدثني أحد القضاة أن رجلًا - وأسماه لي - سرقت عباءته على عهد الملك عبد العزيز رحمه الله سرقت عندما دخل يتوضأ في حمام أحد المساجد، وتركها معلقة على مسمار، فحزن لذلك حزنًا شديدًا لفقره وبُعده عن بلدته وشدة البرد في تلك الأيام فأشار عليه بعض إخوانه أن يقف في طريق الملك عبد العزيز رحمه الله إذا أتى إلى قصره فيخبره ففعل.
ولما رآه الملك رحمه الله بادره بالسؤال قائلا: أين العباءة؟ فقال: سرقت، وخنقته العبرة فلم يستطع إتمام كلامه، فقال الملك عبد العزيز: حسبنا الله ونعم الوكيل، ثم نزع عباءته من فوق كتفيه وألبسها إياه مع حسنها وارتفاع قيمتها فشكر له الرجل ودعا وانصرف.
وقد نظمت هذه القصة في الأبيات التالية:
كم قصة مأثورة لرجالنا
…
أهل الشجاعة والندي والحكمة
دَلَّتْ على ما كان عند أولئكم
…
من فطنة وسماحة ومروءة
وغدت حديثًا في المجالس للتقي
…
يدعو الحضور لأهلها بالرحمة
كحكاية الأعمى الذي طبقًا لما
…
قد قاله لي عنه رأوي القصة
سرقت عباءته الوحيدة في الشتا
…
مع فقره وعنائه في الغربة
فتألم المسكين مما قد جرى
…
وحكي حكايته لبعض الإخوة
قالوا له: قف في طريق إمامنا
…
عبد العزيز وقل جميع القصة
* * * *
وقف الفقير بثوبه والريح تنـ
…
ـقح صدره فتصيبه بالرعدةِ
حتى إذا جاء الإمام لقصره
…
يمشي ومر على الفقير المنصتِ
قال الإمام له بعطف بالغ
…
من قبل أن يدري بأية كلمةِ
أين العباءة يا بني؟ فقال قدْ
…
سرقت وضاع كلامه في العبرةِ
فرثى الإمام له وألبسه عباءته
…
التي كانت عليه بسرعةِ
فدعا له بالخير من أعماقه
…
ودعا الحضور له بأفضل دعوةِ
وغدا إلى سوق المزاد فباعها .... ثم اشترى أخرى بخمس القيمةِ
وإستنفق الباقي على حاجاته
…
من مطعم أو مسكن أو كسوةِ
هذا وليست هذه بعجيبة
…
من والد الحكام عالي الهمةِ
غفر الإله له جميع ذنوبه
…
وجزاه يوم لقائه بالجنةِ
ولأخي الشيخ سليمان بن ناصر العبودي أشعار موجهة لعدد من المسئولين في الدولة من ذلك قوله في الهاتف حينما بدأت إدارة الهاتف بتغيير هواتف بريدة من الهاتف اليدوي إلى الهاتف الآلي وتأخر تغيير هاتفه:
وذلك في أول عام 1400 هـ:
تحية من صميم القلب أبعثها
…
إلى معالي وزير الهاتف الآلي
تحية مع شكر لائقين بما
…
كان يقوم به الشيخ ابن كيَّال (1)
نحو الهواتف حتى ركبت مع ما
…
يحتاج ذلك من جهدٍ ومن مال
(1) هو الأستاذ علوي كيال وزير البريد والهاتف.
مشروع خير بعون الله أنفذه
…
وكان منذ قريب محض آمال
زار القصيم فأوفى حين كال لها .... وفقًا لما قد رأى من واقع الحال
فأقبل الشيخ عيادٌ ومن معه
…
ينفذون بإتقان وإعجال (1)
حتى تحقق للسكان مطلبهم
…
فكلموا عبره من غير سترال
وكلموا من أرادوا من أقاربهم
…
في بلدةٍ دونها آلاف أميال
هذا ولا زال بعض الناس منتظرًا
…
تركيب هاتفه من غير إمهال
وقد يسر به من ركبوه له
…
سروره بقدوم الغائب الغالي
لأن فيه له إذا أتيح له
…
توفير وقت وإنجاز الأعمال
ولم تزل فرق التركيب عاملة
…
في كل يوم بتشغيل وإدخال
مشروع خير بأمر من حكومتنا
…
قام الوزير به بالجهد والمال
جزاهم الله خيرًا ما أضاء لنا
…
بدر، وما ابتلت الأرض بهطّال
والحمد لله رب العالمين على
…
إيجاد هذا لنا في عصرنا الحالي
وهذه القصيدة التي وجهها الشيخ سليمان بن ناصر العبودي إلى الشيخ راشد بن خنين من وزارة العدل تهاني بالعيد وسال عن مصير معاملة النقل من القضاء إلى التدريس:
سلام من مجاج النحل أحلا
…
وأعذب من شأبيب الغمام
إلى الشيخ الوفي أبي خنين
…
ووالدنا ومرشدنا الهمام
وأما بعد تسليمي فإني
…
أهنأكم بإتمام الصيام
وأرجو لي وإياكم قبولًا
…
لما صمنا وميسور القيام
لقد حاولت أن أهديك شعرًا
…
أضمنه سلامي واحترامي
وتهنئة بعيد الفطر هذا
…
بما يربو على هذا الكلام
فلم يسهل على لشغل ذهني
…
بما أستولى على شطر اهتمامي
(1) هو الشيخ عياد بن سلطان مدير منطقة القصيم للهاتف.
وكنت له سعيت بقدر جهدي
…
بكل وسيلة حسب النظام
ولما اجتني إثمار سعيي
…
وقد آن الأوان بلا خصام
معاملتي وأنت بها خبيرٌ
…
فكم خطرت ببالي في منامي
فبشرني إذا عادت إليكم
…
وقد حملت لنا مسك الختام
وشكرًا يا أخي جزلًا على ما
…
بذلتم من نصائح واهتمام
وبلغ سائر الأولاد عني
…
وصحبك بعد أنفسكم سلامي
ومن شعره السهل قوله في حكاية نزهة:
خرجنا في الصباح إلى رياض
…
كساها الله من بعد العراء
بأثواب من الأوراق خضر
…
مزركشة قد ازدانت الرائي
فما أحلى النسيم بها إذا ما
…
تَنَفَّس في الصباح وفي المساء
* * * *
أتيناها ضُحًى، والجو دفء
…
فكل القوم ألقى بالكساء
تَفَرَّقنا نسير خلال عشب
…
وأزهار جميلات وماء
* * * *
ولمَّا غابت الشمس اجتمعنا
…
وصلينا وجاءوا بالعشاء
وما كدنا نقوم إليه حتى .... أضاء البرق في وجه السماء
ودوَّى الرَّعْد واشتدت ظلاما
…
وأقبلت السماءُ على البكاء
وكان السيل مصحوبًا ببَرْدِ
…
شَديد فأستبقنا للخباء
فأقبلت الرياح لها زئير
…
فألقته وصرنا في العراء
وحاولنا إقامته مرارًا
…
بتصميم لإيجاد الدفاء
فما اسطعنا وكاد الماء يجري
…
بناء والريح تصفع في القفاء
ہ* * * *
قضينا جُلَّ ليلتنا قعودًا
…
ومرتعشين من لفح الهواء
نصيب العاتقين من السواري
…
بُشكّلُ في الفقار قناة ماء (1)
* * * *
أخذنا نقدح الكبريت خنى .... تعرَّى جانباه من الطِّلاء
ولما جاء وقت الفجر عَنَّتْ
…
شقوق الغيم في كبد السماء
وعاد الدفء للأجساد لمَّا
…
رمتنا الشمس بالوجه المضاء
* * * *
قضينا بعدها وقتًا جميلًا
…
مع الإخوان من أهل الوفاء
تمتعت العيون بما أراها
…
إله العرش من زهر وماء
ومتعنا القلوب بروض علم
…
تجَوَّلْنا به وسط الخباء
ذو الدنيا تقضَّى في سرور
…
وأنس، أو شقاءٍ في عناء
ولكن السعيد من استقامت
…
له الأحوال في دار البقاء
ونظم الشيخ سليمان العبودي قصة الذئب والحمل فيما نظمه من قصص الأمثال والحكم فقال:
رأي الذئب كبشا صغيرًا آتي
…
ليشرب من أسفل الجدول
فقال له قول مستهزيء
…
ومحتقر مُدَّ مبطل
لماذا أثرْتَ عليّ القذى
…
ولم تخش مني ولم تخجل؟
فقال: تأن وفكر أخي
…
وهل يصعد الماء من أسفل؟
فقال: وكنت شتمت أبي
…
وأمي في عامنا الأول؟
فقال: وإن لم أزل جذعًا
…
ومظهر جسمي يشهد لي
(1) السواري: السحب السارية، أي التي تمطر في الليل، والفقار: فقار الظهر.
فقال: أبوك إذا أو أخوك
…
فقال: ألام ولم أفعل؟
فقال: وكذبتني جهرة
…
ولم تتأدب لدى جدلي
وجندله تحت أقدامه
…
ليشبع منه على مهل
فلج إلى ربه صارخًا
…
إلهي أغثني على عجل
فإني ضعيف وهذا قوي
…
وقد كاد أن ينتهي أملي
فأدركه سهم ذي نخوةٍ
…
وخَرَّ الظلوم على الجندل
وقال في الأمثال بعنوان القِدْرُ والمغرفة:
لا ينبغي للمرء رفع نفسه
…
لاسيما على الذي من جنسه
فيسخرون منه مثل سُخْره
…
مما يرون مضحكًا من أمره
قد قيل في الأمثال في هذا، وكم
…
من حكمة فيها لِطُلَّاب الحِكَم
القِدْر قالت - مَرَّةً - للمغرفة
…
أيتها السوداء والمعجرفة
قالت لها: لا تسخري وتشمخي
…
فكلنا أولاد ذاك المطبخ
ومما نظمه من قصص الحيوان قوله في الحية واليربوع:
أتَتْ حية قد مسها الجوع ليلة
…
على جحر يربوع فقال يلوم
لماذا دخلتِ البيتَ من غير دعوةٍ؟
…
فقالت: أنا ضيفٌ وأنت كريم
فقال: قِراكِ البيت من غير أجْرَةٍ
…
أقِيمي كما قد كنتُ فيه أقيمُ
وَصَكَّ غِشَاءَ القاصِعاء برأسه
…
وراح على ظهر الفلاة يهيم (1)
وقال الشيخ سليمان العبودي في التحذير من صحبة النمام:
تباعد عن النمام واترك جواره
…
فقربانه قرب الأفاعي القواتل
(1) القاصعاء: باب جحر اليربوع الخفي، يخرج منه إذا دهمه خطر من مدخل الجحر.
يثير لديك البحث في عرض مسلم
…
بإسلوب ذي نصح وتنميق عاقل
فتبدي له رأسا لموضوع قالةٍ
…
ينم لديها عنك فيها بباطل
وفي شأن هذا النوع تروي حكاية
…
لتذكير ذي علم وتعليم جاهل
حكاية شخص من سجاياه سعيه
…
لإفساد ذات البين بين العوائل
حكايته لما أتي زوج عمه
…
بثوب نصيح مخلص غير هازل
فقال أرى عمي ضنينًا بحبه
…
وعندي دواء ناجع للمماطل
فقالت له صف قال جيئي بشفرة
…
إذا نام بعد العِيِّ ليلة قابل
وحتى ثلاثًا من شعيرات حلقه
…
فليت له بالشعر وصف التواصل
فراح إلى العم يعدو كأنما
…
دعاه الرجا أو ساقه سوط صائل
فقال له تنويك زوجك بالأذى
…
ولكنني عن ذاك لست بغافل
فإن لم تصدقني تنائم عشية
…
ترى أن ما قلت ليس بباطل
فجاءت لتنفيذ المخطط زوجه
…
فأوردها الواشي حبال الحبائل
وراح على أهل الفقيدة صائحًا
…
فأسعر حربًا بين تلك القبائل
فإن جاءك الواشي ليحدث فرقة
…
ويزرع شرًّا بعد طول التواصل
ويمزج في صفو الإخاء سمومه
…
بنهي صديق طاهر القلب غافل
تثبت ولا تعجل بتصديق قوله
…
فكم فرق الأصحاب فرية نافل
وكتب إليَّ الأخ الشيخ سليمان من بريدة بعد أن وصلها من زيارته لنا في المدينة المنورة:
بريدة قد وصلناها بخير
…
قبيل الظهر يوم الأربعاء
فشكرًا يا شقيقي ثم شكرًا
…
على حسن الضيافة واللقاء
جزاك الله عنا كل خير
…
على تلك العناية والعطاء
وجدنا كل أهلينا بخير
…
جميعُهمُ على حدٍ سواء
خصوصًا أمَّنَا الفُضْلى، وتدعو
…
لكم بالخير أوقات الدعاء
ونظم أخي الشيخ سليمان العبودي مضمنًا معنى الحديث:
ولو أن ما في الأرض يبقى لأهله
…
لساغ لذي المال القليل التألم
ولكنه يفنى ويفنون كلهم
…
كان لم يقيموا في الرخاء وينعموا
ويبقى ليوم الحشر ما قد كسبته
…
من الخير، والرحمن بالقصد أعلم
فأنفق ولا تبخل فإنك هالك
…
ومالك من مالٍ به أنت مغرم
سوى ما تصدقت به أو ليست أو
…
أكلت وما يبقى تراث يُقسَّمُ
ولأخي الشيخ سليمان بن ناصر العبودي شعر في الألغاز، منه لغز في الماء:
إني أسير بلا رجل ولا عَجَل
…
فوق الذلول بلا خوفٍ ولا وَجَل
لست أهاب دُجىً أو حَرَّ هاجرة
…
أو سيف طاغية أو قول مرتجل
حتى أجيء مكانًا أستريح به
…
مما اعترى جسدي من كثرة النقل
بطشي شديد، ونفعي لا جدال به
…
وكم سَعَيْتَ اشتياقًا ذاهبًا قبلي
وكم قصمت بأمر الله طاغية
…
وكم رددت على الأعقاب من بطل
وقوله ملغزًا في النخلة:
يا أيها الحذاق من
…
أهل البوادي والحضر
شاهدت أنثى أنجبت
…
من قبل أن تلقى الذكر
صارت تغذي نسلها
…
حتى تمادوا في الكبر
ثم استفزت أهلها
…
ترجو الوصال المنتظر
ان مر أسبوع ولم
…
يأتوا به وقع الضرر
حلوه حلت أرَضكُمْ
…
أهل البصائر والبْصَر
وذكر أنه في شهر محرم أول عام 1375 هـ كنت غائبًا عن بريدة، في الصيف وأوان كثرة الفاكهة والخضار فيها، وكنت أرسلت إلى شخصين في بريدة
كان لي عندهما نقود أن يعطوها أخي سليمان لتنفقها الوالدة على البيت، فلم يعطوه شيئًا، فذكرت الوالدة لي ذلك في الكتاب التالي المؤرخ في 5/ 1/ 1371 هـ، والحق به أخي سليمان أبياتًا شعرية في هذا المعنى وهذا كتاب الوالدة:
حرر في 5/ 1/ 1371 هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
جناب الولد العزيز الفاضل الأفخم محمد الناصر العبودي حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته على الدوام أدام الله علينا وعليكم نعمة الإسلام موجب الكتاب السؤال عن أحوالكم أحوالنا من كرم الله تسركم من كل الوجوه ولا علينا قاصر سوي مشاهدة وجوهكم الكريمة جمعنا الله بكم عن قريب على أحسن حال.
بعده كتابكم العزيز المؤرخ 18 ذي الحجة وصل وتلوناه مسرورين بصحتكم حمدنا الله على ذلك ونحن جميعًا بأتم الصحة والعافية، ومن جهة الدراهم استلمناها من الراشد أربعمائة ريال 400، وهن الآن على وشك الانتهاء.
وأما ( .... ) فلم يعطنا شيء وألحينا عليه بالطلب وقال لابن هزاع الباقي عندي لمحمد شوي سأستلفهن واجيبهن بعد ثلاثة أيام وإلى الآن ما عطانا.
وموسى ما أرسل اللي عنده.
الخضر التي في البيت قد نمت وخصوصًا البرتقالة والباميا واللوف تجاوز دريشة الروشن.
والتمر الجديد كثير بالسوق ونرجو ألا تتأخر علينا لأن ناصر هالمرة وله عليك بالحيل دائم يقول "يا ماما ابطى أبوي لو يدخل ضميته".
هذا ما لزم بلغ سلامنا نفسك والعزيز لديك من عندنا الابن ناصر والبنت شريفة
والإخوان سليمان وعبد الكريم وحصة وهيلة ومنيرة ودمتم مسرورين والسلام.
الوالدة نورة الموسى العضيب
شقيقي لا تبطأ وأقبل
…
إلى وطن وعن عينيك نأتي
تركت ببيت أهلك كل خبر
…
وعادتك الجزالة بالعطاء
ولكن هذه الأيام فيها
…
بطاطيخ وغَضُّ البامياء
مررت مع الشمال ضحى لشغل
…
ولم أذهب لبيع أو شراء (1)
فقال الجرو ما لك لم تسمني؟
…
فما بيني وبينك من عداء
وقال الجح هل حَرمْتَ أكلي
…
مضى شهر ولم تجلس حذائي
وقال البامياء أنا رخيص
…
وما أحلى وجودي بالعشاء
ولكني أراك تصدُّ عني
…
وما حاولت سومي أو شرائي
ونادا لي من الحانوت شيء:
…
لقد أظهرت لي كل الجفاء
أنا رُطَبٌ فقف سلم علي
…
فكل الناس سلم في خفاء
أجبتهم بأني غير جاف
…
وما يجفي صحيحٌ هؤلاء
ولكن الفُعَيْلي قال كلا
…
فما حدثت نفسي بالوفاء (2)
سليمان
وللشيخ سليمان العبودي ملاحظات دقيقة كان الدكتور أحمد اللهيب يقول: ما رأيت في بريدة أذكى من سليمان بن ناصر العبودي.
من ملاحظاته الدقيقة قوله: إن الناس في القديم كانوا لا يشيبون إلا متأخرين لأن الله تعالى قال حكاية عن زكريا عليه السلام {قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا} فقرن وهن العظم باشتعال الشيب وهو كثرته في الرأس.
(1) يريد سوق الشمال في بريدة القديمة وهو سوق صغير تكثر فيه الخضرات الطازجة يقع إلى الجنوب من سوق الصناعة.
(2)
الفعيلي على وزن اسم الشخص الذي امتنع عن إعطاء الدراهم التي لي عنده.
قال: ونحن الآن نرى أناسًا قد اشتعلت رؤوسهم شيبًا ولكن عظامهم لم تهن، مما يدل على أن المتأخرين صاروا يشيبون في سن مبكرة.
ومن ملاحظات الشيخ سليمان قوله فيما كان أهل بريدة يقولون في تعريف حروف المعجم قبل التطور الأخير في التعليم، وهو ألف ب ت ث جيم حا خ دال ذال ر ز سين شين صاد ضاد ط ظ عين غين فاء قاف كاف لام ألف ويا.
ولم يقولوا في الجيم - مثلا: (ج) بحرف واحد، مثلما قالوا في (ح) و (خ) كذلك لم يقولوا في الدال (د) بحرف واحد وكذلك في الذال؟
وهكذا.
وفاته:
نشرت جريدة الرياض نبأ وفاته، فقالت:
البقاء لله
انتقل إلى رحمة الله تعالى فضيلة الشيخ سليمان بن ناصر العبودي القاضي في محاكم بريدة سابقًا، والأخ الأكبر لمعالي الشيخ محمد بن ناصر العبودي الأمين العام المساعد في رابطة العالم الإسلامي والكاتب الإسلامي المعروف، وقد أقيمت صلاة الجنازة على الفقيد عقب صلاة يوم الجمعة الماضي في الرياض، ووري في مقابر العود بالرياض.
رحم الله الفقيد رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله الصبر والسلوان (إنا لله وإنا إليه راجعون)(1).
وقالت جريدة عكاظ:
(1) جريدة الرياض، 9843 في 8 محرم 1416 هـ.