المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌قصة المظلومة سمعتها من الشيخ إبراهيم العبيد: - معجم أسر بريدة - جـ ١٤

[محمد بن ناصر العبودي]

فهرس الكتاب

- ‌باب العين

- ‌الْعَامرْ:

- ‌دعاة وأعمال خيرية:

- ‌العامر:

- ‌الشيخ علي بن عامر بن صالح آل عامر (1339 - 1411 ه

- ‌العامري:

- ‌العايد:

- ‌وثائق للعايد:

- ‌العايدي:

- ‌العايش:

- ‌العَبَّاد:

- ‌العْبَادي:

- ‌تصحيح اسم جد الشيخ العبادي:

- ‌العبَّاس:

- ‌العبد الرحيم:

- ‌أصل وصية عبد الرحيم الحمود:

- ‌أشخاص معاصرون من أسرة (العبد الرحيم):

- ‌العبد الرَّزاق:

- ‌العبد اللطيف:

- ‌العبد اللطيف:

- ‌العبد اللطيف:

- ‌العبد المعين:

- ‌العبد الملك:

- ‌العبد المنعم:

- ‌العبد الوهاب:

- ‌ العبد الوهاب

- ‌وصية عبد الله العبد الوهاب:

- ‌نبذة مختصرة عن أسرة العبد الوهاب البريدي:

- ‌العبد الهادي:

- ‌العبدان:

- ‌ترجمة موجزة لحياة فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد العزيز العبدان:

- ‌سخاء الشيخ ابن عبدان:

- ‌إنجازات تاريخية منقوشة على البيض:

- ‌العبدان:

- ‌العُبرّة:

- ‌العَبْلاني:

- ‌العبْوُد:

- ‌‌‌ العبود

- ‌ العبود

- ‌العبْوُدي:

- ‌أسرة العبودي وملح البارود:

- ‌أسرة العبودي والمدح بالفصحى:

- ‌العودة إلى ذكر الجد:

- ‌عبد الكريم بن إبراهيم بن عبد الكريم العبودي:

- ‌هل يحابي الإسلامي الرجل على حساب المرأة

- ‌بين جامعة القهوة ومعهد الشاي .. أين موقع النخيل

- ‌خالد بن محمد العبودي:

- ‌الشيخ سليمان بن ناصر العبودي:

- ‌سليمان العبودي في ذمة الله:

- ‌سليمان الناصر العْبُودي - من بريدة:

- ‌الشيخ سليمان العبودي (1350 - 1415 ه

- ‌بداية ظهور فريق الشباب (التعاون):

- ‌التنافس مع الشباب:

- ‌رحلة الموت المفاجئ:

- ‌القدر يسبق الإخلاء:

- ‌العْبَيَدْ:

- ‌ترجمة الابن لأبيه:

- ‌أبناء عبيد العبد المحسن:

- ‌ذكر من توفي فيها من الأعيان:

- ‌الشعر يشارك في المراسلات:

- ‌زهد فهد العبيد وتقشفه:

- ‌تجربة الصديق واختباره:

- ‌مؤلفات الشيخ إبراهيم العبيد:

- ‌قصة المظلومة سمعتها من الشيخ إبراهيم العبيد:

- ‌ العبيد:

- ‌وصية عبيد بن محمد بن فراج بن سلمي:

- ‌الْعْبَيْد:

- ‌العبيد:

- ‌العْبَيِّد:

- ‌الَعْبَيْدَان:

- ‌العبيدان:

- ‌العبيدي:

- ‌العْبَيْلان:

- ‌العْبَيلاني:

- ‌العْتيان:

- ‌العَتِيق:

- ‌العتيق

- ‌العَتيِّق:

- ‌ سليمان بن محمد العتَيِّق

- ‌العْتَيْك:

- ‌رجال التعليم الأوائل:

- ‌العثمان:

- ‌عثمان بن إبراهيم بن عثمان العثمان

- ‌العثمان:

- ‌العثمان:

- ‌العثيم:

- ‌وصية عثمان بن أحمد العثيم:

- ‌نص وصية عثمان بن أحمد بن عثمان العثيم:

- ‌عبد الله العثمان العلي:

- ‌عبد الله بن عثمان الأحمد العثمان العبد الله:

- ‌عبد العزيز بن عثمان الأحمد العثمان العبد الله:

- ‌محمد بن عثمان بن أحمد العثمان العبد الله:

- ‌مشاهير الأسرة في القرن الرابع عشر وإلى وقتنا الحاضر:

- ‌عبد الله العثمان العلي العثمان:

- ‌صالح بن إبراهيم المحمد العثمان:

- ‌الشيخ محمد بن عبد الله المحمد العثمان:

- ‌الدكتور الطبيب عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد العثمان:

- ‌الدكتور عبد العزيز بن عبد الرحمن بن محمد العثمان:

- ‌الشيخ عثمان بن عبد الرحمن بن محمد العثمان:

- ‌الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد العثمان:

- ‌الدكتور سليمان بن محمد بن عبد الله المحمد:

- ‌الدكتور عبد الله بن عبد الكريم بن عبد الله المحمد:

- ‌الدكتور خالد بن محمد بن إبراهيم المحمد:

- ‌الدكتور أحمد بن صالح بن علي المحمد:

- ‌الأستاذ عبد الله بن صالح بن علي المحمد:

- ‌الشيخ يوسف بن محمد بن عبد الله المحمد:

- ‌المهندس سعد بن عبد العزيز العثمان العبد العزيز:

- ‌المهندس عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله المحمد:

- ‌المهندس رياض بن عبد الله السليمان العبد الله:

- ‌المهندس ضياء بن عبد العزيز العثمان العبد العزيز:

- ‌المهندس ماجد بن عبد العزيز العثمان العبد العزيز:

- ‌مؤلفون من العثيم:

- ‌العثيمين:

- ‌الشيخ صالح بن عبد العزيز بن عبد الرحمن بن عثيمين (1320 هـ - 1410 ه

- ‌صالح بن عبد العزيز العثيمين: (من بريدة)

- ‌ العثيمين

الفصل: ‌قصة المظلومة سمعتها من الشيخ إبراهيم العبيد:

القصص، ويسمع منهم ما يريدون أن يقولوه، ولو كانوا من العامة.

من ذلك ما نقله عنه الشاعر عبد الله بن علي الجديعي الذي تقدم ذكره في حرف الجيم، قال:

‌قصة المظلومة سمعتها من الشيخ إبراهيم العبيد:

فيه رجل فقير وكان في هذا البلد ليس له أحد سوى أخت، وكان يكد ويكدح ويطعم هذه الأخت، ولما تمت عشرين عامًا تزوجت في قرية بعيدة عن أخيها الذي لم يقصر في حقها، وفي ودها إنها قريبة لأخيها حتى إنها تطلع على حاله، وإذا صار له أي حاجة تعملها له، هذا الذي بودها، لكن البعد حال بينها وبينه، وكان في بيت وارثه من أبيه وجمع قريشات قليلة وذهب إلى أخته الحنون وقال يا أختي أنت مع الزوج ولك منه أولاد وأنا ليس لي زوجة وأريد منك تبيعين عليّ نصيبك من البيت الذي ورثناه من أبينا، قالت له ما عندي مانع، لكن ما يصلح البيع إلا عند القاضي الذي يقضي بين الناس.

شره عليها أخوها حيث إنه محسن بها ومزوجها رجل على رغبتها، وكادّ عليها من صغرها ويزعم أنه له عليها حق، وقال في نفسه هذه أختي الذي مالي غيرها تعمل معي هكذا، وصار عنده شره عظيم، ظن فيها أنها تقول إنه نازل هذا البيت كم عام ولم يعطني حقي من الإجار، قالت إذا صار بكرة رحنا للقاضي ونشوف ويش يقول.

خاف، وقال يا الله الخيرة ما هقيت إن أختي الوحيدة تعمل معي هكذا، ولما حضروا عند القاضي قال: ويش عندكم، قالت: هذا أخي من أمي وأبي، ومات والدي وأمي، وأنا لم أتم العاشرة من عمري وصار أخي يكد عليّ حتى تزوجت ولم يكن وراء والدي سوى بيت ولي من هذا البيت ثلثه وثلثينه لأخي وأنا أبي أهب نصيبي من هذا البيت لأخي لفعله الجميل معي وأريدك يا قاضي تكتب هذا البيت له وأنا موهبة أخي نصيبي من البيت الذي حدوده ومكانه كذا.

ص: 490

وبعد ما كتب القاضي البيت أخرجت عشرين ريال، وقالت لأخيها: خذ هذه الدراهم حط عليهن وتزوج ما بعد ها العمر صبر.

أخذ الدراهم وهو يحسبها تبي تشح عليه في نصيبها من البيت ودع أخته الطيبة ورجع إلى بيته وكان جاره تاجر لكن بخيل جدًّا، قال جاره: بيتك كبير وبيتنا صغير، ودي تبيع علي شنق حوشك لنا مقدار حجرتين واللي تبي يا جارنا نعطيك إياه، قال تهون علي يا جارنا وباع عليه نصف الحوش ولكن الجار لم يعطه الثمن، وبعد ما خلص الجار من العمار قال مبارك الذي أعطاه نصف الحوش ودي اتزوج وغديك تعطين القيمة فقال جاره لا حقين على خير، وتركه.

تزوج مبارك علي بنت ذكية وجميلة جدًّا واسمها (مليحة) وبعد الزواج بشهر قال أعطني قيمة الحوش الذي أخذت مني فقال الجار: لاحقين على خير، وما كان من مبارك إلا أنه قص على زوجته مليحة ما صار من جاره فقالت له زوجته الذكية: أرخص لي وأنا أخليه يجيب الذي عنده لك، قال سوّي الذي تبين.

فقامت ولبست أحسن لباسها وكانت جميلة وراقبت الجار حين يخرج إلى دكانه في الصباح، وكان التاجر ما له خزانة إلا مخباته ودائم والدراهم في جيبه، ولما رأته يخرج من بيته وإذا هي تطلع من بيت زوجها المظلوم ولما رآها وإذا هي مخففة الغطوة جدًّا لما رآها هاله جرمها وجمالها، ولكن ملك أعصابه وقال في نفسه: كيف حنا اغنياء، ولم نحصل مثل الذي حصل هذا الفقير؟ وكل يومه، وهو يحسب ويضرب أخماس مع أسداس ويفكر ويش يسوي يبي يشوف له طريقة يصل إلى هذه الجميلة.

ورجع إلى البيت ولم ينم مثل العادة، ولما صار اليوم الثاني وأراد الخروج إلى دكانه صار يظهر صوت ونحنحة عالية ووقف بالشارع لعلها تخرج ولكن لم تخرج.

ص: 491

وفي اليوم الثالث والرابع وهي لم تخرج فقال في نفسه ودي أكلمها وأشوف عنها وعن وضعها هل هي تبي تلين أو أنها قاسية فطرق الباب وزوجها ليس عندها فقالت من الذي عند الباب فقال أنا جاركم، فقالت ويش يبي جارنا؟ قال: حنا الله يدافع مثل جيران المقبرة لا أحد يشوف أحد، وقلت ابكلم زوجك مبارك إن كان عليهم حاجة حنا عندنا رزق واسع.

وكانت فارع ولا عليها سوى القميص والباب فيه فتحات وصار يراها بكل وضوح فقالت والله ونعم بك أنت الجار الذي ينتغالي فيه حيث إنك غريب في هذا الزمان والله إنك وافي وهي تدير وجهها يمين وشمال حتى أن الجار نسي نفسه، قالت: إن مبارك يثني عليك خير ويقول إنه طيب وإنه مواعدني على هالقروش عنده لعلك تعطيني ثمن الحوش الذي أخذت هالحين، وإذا صار باكر أغديك تدخل نتقهوى أنا وإياك كان أنت منتب ردي نفس حتى لو يجي مبارك، وأنت عندي أقول إنه خالي من الرضاع.

ولما سمع كلامها رد يده إلى مخباته وأعطاها ثمن الحوش، فقالت: خل اعدهن، لا تروح ولما عدتهن قالت: وأنا مالي حق المواجهة، باكر؟ فخاف إنها تهون، قال دوك هذولي واعطاها خمسة أريل.

فقالت: لا تصيِّف باكر على رجا الله.

ولما راح إلى الدكان قال: يا طول اليوم وصار مشغوف فيها.

أما زوجة مبارك فهي خرجت إلى والدها وقالت له: هذا الذي عملت واحضر معه ثلاثة رجال، وحرمة ودخلوا قبل ما تطلع الشمس، أما التاجر فهو يراقب زوجها وحين ما خرج الزوج طرق الباب عليها وإذا الحرمة والمه فتحت الباب ودخل بسرعة وعلى طول نحر المجلس فلما جلس وهو يظن أنها الذي فتحت له الباب خرجوا عليه الرجال ومسكوه وعلى طول ذهبوا به إلى

ص: 492

الأمير، والأمير حولهم على القاضي، واعترف.

فقال القاضي: ويش الذي حدك وأنت رجل عاقل ومتزوج ومغنيك ربك عن الحرام؟ لكن اختر نضربك كم عصا حق التهمة، وتسجن كم شهر أو تغرب سنة حيث أنك لم تعمل الفاحشة؟ فقال: لا يا قاضي اتغرب ألف سنة ولا أجاور مثل حبائل الشيطان، والله ثم والله إني ما أسكن في هذه البلدة وهذه الخبيثة فيها، فقال له القاضي: وش حدك عليها؟ قال: والله لو تشوفها إنك ما ترقى المنبر غير ما رقيته، فما كان منه إلا أنه شال عائلته وهرب إلى بلد بعيد عن هذه المرأة، وقال أبياتًا:

يقول من شاف العزاير والأمرار

من جارة عندي تسمى مليحه

حبائل الشيطان لا تصير لك جار

اسحبت مالي وزودتها فضيحة

قامت تجمل واظهرت منها الأسرار

واستفزعت ابليس معها القبيحة

تحيلت بي وسحبت قيمة الدار

وانا حسبته بالمودة صريحة

يوم أطلعت ذرعانها تقل جمار

نسبت عقلي يوم شميت ريحه

من زينها نسيت ما كان للجار

ولا قلت حق الجار ما نستبيحه

ارخصت ما بالكيس نيرة ودينار

ولا حسبت احساب وقع الفضيحة

سوت بي سواة ما تخيل بالأفكار

يا اللي تقاضينا شوف المليحه

كان ما تهددني بضرب ولا أسفار

لو شاف عينه والخدود الصبيحة

وجهه كما وصف القمر يوم الإبدار

وجرمه يسل الحال سل الذبيحه

ولسانها يا شيخ للقلب منشار

ولا ينفع الغافل بكثر المديحه

وقام وأرسل هذه الأبيات القاضي وكان عند القاضي زوجتان كل واحدة في بيت من الصدف أن القاضي استأجر بيت التاجر وأسكن فيه إحدى الزوجات فقال زوج البنت المزيونة: الحمد لله الذي عوضنا بجار طيب بدل الجار الماكث.

ص: 493

وكان القاضي يلوم التاجر على فعله ولكن الشيطان لم يدع القاضي يستريح وصار القاضي يذكر ما وصف التاجر له من حسن المرأة ووده أنه يرى هذه المرأة التي فتن التاجر فيها.

وقام القاضي وخرق من الجدار خرقة تشرف على بيت المزيونة، ولم يره أحد وكانوا في ما مضى ليس هناك حمامات كلها أكناف ومراحيض وعلى جوانب الحوش.

وهكذا والقاضي في وقت الصباح خرجت هذه المزيونة للحوش ومعها المشط والمراية، وكان عليها شعر كثير وجميل وجلست قبال القاضي وصارت تمشط شعرها.

وتعمل في خدودها تحميرات، ولما تم الجمال الذي هي تريد قامت كأنها تقضي حاجتها والقاضي يراها ولم يتمالك نفسه، على طول طرق عليها الباب فقالت من أنت؟ قال: أنا جاركم القاضي إنْ كان عليكم حاجة تراي مستعد، قالت بارك الله فيك، ولا علينا حاجة، وشَكَّتْ فيه ورجعت إلى الحوش ورأت الخرقة الذي بالجدار وعرفت أن القاضي له مقصد خبيث.

وفي اليوم الثاني طرق عليها الباب قالت: من الطارق؟ قال: أنا جاركم القاضي وودي أقضي لكم حاجة، قالت: الله يحييك لكن مالي استطاعة، لكن الخرق الذي أنت سويت وسعه شوي يحصل لك تقبيل، وتدخل يدك يحصل لك تلميس وبعدين نحاول المواجهة، بس اعيالك روحهم عن البيت روح الحرمة وأولادها إلى أهلها.

فرح هذا القاضي وزود الفتحة حسب ما قالت، وفي اليوم التالي قالت زودها حتى يدخل رأسك حتى يتم طلبك قام وزود الفتحة حتى صار يدخل رأسه بسهولة، قامت وجابت حبل الحسو، وعملته تكاكة وأخفته عند الفتحة، وتجملت ولبست مقطع شفاف، ولما قربت إليه قالت اخرج رأسك حتى أقبلك، وبعدين أخرج يديك أخليك تلمس.

ص: 494

فرح وأخرج رأسه، وبسرعة هايلة تكت الحبل في رقبته وربطته في عمود عندها وصار ما يستطيع الحركة ويديه ما يقدر يخرجهن وصار مربوط لا يستطيع الحركة.

ذهبت إلى والدها وقصت عليه القصة، وذهب إلى أمير البلاد، وجميع كبار الجماعة وشاهدوا الفعل القبيح من هذا القاضي، ولكن هو بين الحياة والميتة.

فكوا الحبل وهرب بالليل وخلى أولاده، ونزل عند الذي أرسل له القصيدة وصار يلومه على فعله وكان اسم التاجر الذي هرب الأول عصيل فقال القاضي:

الله يلوم اللي يلوم عصيل

حيثه ورط بالذي شاف

انا عقبته وشفت الويل

صكت بي رباط وكتافِ

وش لون هذا وانا حلحيل

ما صارت اليوم يا كافي

هربت عن ديرتي بالليل

كلٍّ يقول الذي شاف

جون الجماعة وانا بحبيل

والدمع بالعين وكافي

عقب المعزة قعدت بويل

سوت بي افعال وانكافِ

تصرفت بي تقل بهليل

امشي وراها وانا حافي

يا عصيل ما شفتها بلحيل

ما شفت منها الذي خافي

وبعد ما هرب القاضي عن البلد وتخابروا أهل البلد فيما عملت هذه المظلومة في قاضي البلد الذي يحبونه ويصلي بهم الجمع والأعياد وهو قاضيهم، وكان إذا صار يخطب يحذر عن الفواحش جميعها، قال شاعر عندهم:

يا اللي صليتوا ورا القاضي

تبون من الله لكم غفران

اعيدوا صلاة عن الماضي

شويخكم صار به نكران

يوم شافها صار به حاضي

من الطمع شقق الجدران

ص: 495

يماتل رباطه على الفاضي

هو يحسبها تالف المعطان

سولت له رباط واشضاض

وشهَّدت باقي الجيران

الشيخ ينكر وعضاضي

يوم شاف مرضي وهو زعلان

اثره حرامي ورباض

يوم ورته ذروة البستان

دخل رويسة تقل فاضي

لين صادته شيخة الشجعان

من قبله عصيل ما اعتاض

حط الذهب واغلق الدكان

ولما هرب القاضي عن البلد قام التاجر وباع البيت على واحد غني، ولم يعلم ماذا صار لهذا البيت، وبعد ما نزل قال زوج مليحة: نبي نعشي الجيران الجدد، قام وحط لهم عشاء وحضر الجار الجديد هو وزوجته وأولاده، وكان له بنت عمرها خمسة عشر سنة، قالت: لوالدها والله ما عمري شفت أجمل من حرمة جارنا في حياتي، كان الحور العين يجن الدنيا فهي حورية.

وبعد هذا صار الجار حريص على شوف هذه الجميلة، وحاول ولكن لا يستطيع شوفها لأنها لا تتعرض لأحد، حيث إنها عفيفة.

قام وعزم زوجها على العشاء وقال خل الحرمة تجي تعشى مع البنات، فقال ما عندي مانع.

ولما حضروا بعد العصر حاول الجار أن يرى هذه الفتنة وصارت متجملة على غاية الجمال وهي جميلة.

رآها وقال هذي ليست من نساء الدنيا، هذه من الحور، وبعد العشاء قالت زوجته: والله إن البنات لم يساعدنن على عمل العشاء بس يناظرن ها المزيونة، طارت عيونهن فيها، والصحيح إنها مزيونة.

لما سمع الجار الجديد كلام الحرمة زاد الهم عنده وصار يفكر كيف يتوصل إليها.

ص: 496

وفي يوم وزوجها ليس حاضرًا لبس ملابس امرأة وطرق الباب فقالت من الذي عند الباب؟ فقال بصوت امرأة أنا من الجيران ودي أدخل نتعرف على بعض فتحت الباب وقالت الله يحييك تفضلي، وكان الجار ناسي عليه السروال ورات أكمام السروال وعرفت أنه ليس حرمة.

قالت تفضلي يا خاله وأدخلته في غرفتها الخاصة حيث إنها تقفل من الخارج وحال ما دخل أغلقت عليه الباب وقالت وهي خارج علمني من أنت وأخليك تطلع، فقال: أنا جاركم الجديد، أخبرها طمعًا في الخروج من هذه الورطة فقالت: أنا أعرف بنات جارنا ويش اسم الكبيرة من بناتك، قال فلانة وفلانة بس خليني اطلع والله ما ترين مني ما يكدرك.

قالت: اصبر، حس أحد عند الباب خل اشوف وخرجت وطرقت الباب على زوجة الجار، وقالت: تعالى شوفي رجلك في غرفتي عليه ملابسك، إن كان أنت راضية فانتي رأس الفساد وإلا تعالى اخرجيه من غرفتي.

ولما حضرت الزوجة وإذا زوجها مغلق عليه وتأكدت أنه زوجها فقالت اطلبي منا كل اللي تبين بس نبي الستر، قالت: أبيكم ترحلون عن ها الحارة قبل الليل، وإلا سوف أعلم زوجي وترون ما تكرهون، قالت: خلاص.

ولما فتحت الباب وإذا هي ترشق في وجهه (حبحر) من النوع الحار فخرج وهو يصيح ويقول لزوجته اجمعي قشك والله ما نمرح هنا، وهو يصيح من شدة الوجع ولا يبصر وتورمت عيونه وشالوا عفشهم وهربوا، فقال:

يا طامع بالزين خلك بعيد

مادرة إلَّا حال دونه شواذيب

هذا الجمال وبس وهي الوحيد

وش لون ما تلقى بجرمه عذاريب

دبرت خطه مير ماني سديد

وفضحتن بين الناس مع المعازيب

يلومني من كان رايه رشيد

ما نيب اعز من البنات الرعابيب

ص: 497

صواحب يوسف يوم صطن بالايد

قامن بيديهن بالسكاكين تشذيب

شافن جماله وأنكرن بالزهيد

تفرقن والكل منهن مصاويب

انا ضعيف الرأي ماني سعيد

والزين بالدنيا هلاكٍ وتعذيب

وكان هذا التاجر الجديد من حاشية الأمير وصار في وجهه أثر من الحبحر، فقال الأمير: ويش هذا في وجهك يا ناصر، قال: هذا ردا النفس الأمير فقال: علمني منين.

قص على الأمير القصة بكاملها، فقال أنت ما دريت ويش سوت بالقاضي، والتاجر، فلان؟ فقال: ما دريت، إلا بعد ما صادن الفخ، فقال الأمير: ويش فيها عن النساء؟ فقال التاجر: ليست من النساء، وصار يوصفها للأمير، فقال الأمير: إذا صارت شريفة ولا فيها أخلاق رديه، فهذا حظها، والأمير يدير أفكاره وده يشوف التي أضعفت عقل القاضي والتاجر، وش هي، وكان عند الأمير رجل حكيم وهو مستشار الأمير، قال له الأمير: ويش رأيك في هذه الامرأة التي فتنت القاضي، وأنسته العلم والورع ودي تشوف لنا حل حتى نراها، فقال: ما يقربك منها إلا العجائز، هن حبائل الشيطان، وأنا خابر عندنا عجوز عمرها تسعين عام، خل أكلمها وأعلمك.

راح المستشار إلى العجوز وقص عليها الخبر، فقالت: ما له عليها قدرة إلا من قبل زوجها يجيبه عنده ويغريه من المال ويخليه من أصحابه الخاصين، وبعدين يسكنه بجواره وبعدين يهون الأمر.

قام الأمير واستدعى زوج مليحة، وقال ودي إنك تصير من الذين يتفقدون شؤون البيت وتجيب لأهل بيتي حوايجهم وأنت أحسن لك من التعب.

فرح الزوج وقال: ما عندي مانع وصار يعمل عند الأمير ولقى الراحة،

ص: 498

وصار عنده فلوس حيث أن الأمير يعطيه بكثرة.

وفي يوم من الأيام قال الأمير له: ودي إنك تسكن في أحد بيوتنا حتى تصير منا قريب لو يبدي لازم بالليل ويلاك قريب، قال: ما عندي مانع.

شاور مليحة فقالت في نفسها الذي صاد القاضي يصيد الأمير، وهذا مثل قديم شال عفشه وزوجته ونزل في بيت من بيوت الأمير والزوج لم يدر عن الخطة، ولكن الزوجة جازمة على أنه يريدها، فقالت في نفسها: اتغدي به قبل أن يتعشى بي هذا الأمير الخبيث.

وبعد ما نزلوا في بيت الأمير قامت على واحدة من الغرف وحفرت فيها حفرة كل يوم تحفر شوي وتخرج التراب إلى الحوش، وأحضرت عندها باب وكمية من الحصى وفرشت هذه الغرفة أحسن الفرش وحطت على الحفرة فراش يغطيها والذي يطأ عليه يهوي بالحفرة، وصارت تترقب هجوم هذا الأمير وهي متأكدة أنه ما جاب زوجها إلى بيته إلَّا من أجلها.

وفي يوم قال الأمير لزوجها: لنا غنم في مكان بعيد خذ معك اثنين من الخويا وجيبوا لنا عشرين يبي يجينا ضيوف، ولما مشى زوج مليحة خرج الأمير وضرب الباب، فقالت: من الذي عند الباب؟ فقال: أنا الأمير أبي زوجك خليه يجي، وكانت متزينة، قالت: زوجي راح له ساعة.

وفتحت الباب وهي فارع، وقالت: الله مير يحيي الأمير، الزوج كله بركة، من زمان، وأنا ودي أشوف أميرنا، فلما رأها انزعج وقال في نفسه: والله ما ألوم القاضي، وصار يدنو من الباب ومعه دراهم، فقال: دوك هذولي ثمن ثوب، قالت: كثر خيرك وأرادت اغلاق الباب فمسك الباب، فقال: وراك عجلة؟ قالت: مستحية منك وأنا ما علي شيلة والمقطع ما يستر.

قال: أجل خلين أدخل عن السوق جاء ناس وأخاف يعرفوني، ابدخل لما يذلفون.

ص: 499

قالت: ادخل، وصك الباب، ولما دخل قالت: تعال في هذه الحجرة، لما يروحون عن السوق، فرح ودخل الغرفة وكانت تحس أنه معه الفلوس، قالت: اخلع ثوبك وحطه في هذا الوتد وتعال.

خلع ثوبه وصارت من وراء الحفرة وبدأت تضحك وتعجب من جمالها، وصار ينظر إليها، ولم يحسب للواقع ولما قرب إليها وقع في الحفرة على طول، فقالت: أسفًا بأميرنا الذي انفضح مثل القاضي وسحبت الباب، وخرجت إلى والدها وأخبرته بالخبر، قام والدها وأحضر كبار أهل البلد وأخبرهم بالواقع وحضر زوجها، وشال عفشه من بيت الأمير وأخرجوا الأمير عريان، فقال:

كيف اتعرض لواحدة ما تخلص القاضي منها؟ لاموه جماعته ونقص من قدره وصار يخجل إذا رأى الذين اطلعوا على فعله، فقال أحد الشعراء:

عاشت مليحة صادت الشيخ وعصيل

حتى بعد وصلت لصيد الأمير

وقت الضحى تكت على الشيخ بحبيل

وأميرنا حطت عليه الحفير

كني أشوفه يزعج الدمع والويل

عقب المعزة صار عنده حقير

الشيخ من قبله يحذر عن الميل

فوق المنابر جاب صوت جهير

سمع بأذاني يرفع الصوت بالحيل

يحذر عن الخلوة وذا ما يصير

فرد عليه الشيخ بهذه الأيات:

يللي تقول الشعر ما لك دليل

تسبنا حيثك جهول بالأوصاف

يالعنبو حيك أوصافه تهيل

لو شفتها ما قلت شعرك بالأشراف

هنك تبين يا العنيد الهبيل

وتاخذ لنا بالثار كان أنت عراف

فلما سمع كلام الشيخ هذا الشاعر، قال في نفسه: ودي أشوف الذي فتنت الشيخ والأمير والتجار، وهم ذو معرفة وتصرف ليسوا أغبياء.

ص: 500

قام هذا الشاعر واشترى له حمار، وحمله من كل نوع من متطلبات الحريم مثل البودرة والكحل والبزار والعلك ومن هذه الأشكال، سأل عن بيتها وصار يوقف الحمار، وكل ما مر عليه من حرمة قال معي أشكال جديدة تصلح للحريم، وصار يزيد في قيمة السلعة على شأن ما يشرن منه شيء، هو قصده يشوف مليحة فقط.

وفي اليوم الثالث قال زوج مليحة هذا له كم يوم وهو عند بابنا ويش يريد؟ قالت: مرسله الشيخ يبيه ينتقم من مليحة، وكانت تراقبه مع شقوق الباب، وإذا هو بس ينظر إلى بيتها، عرفت أنه يريد يدبر حيلة حتى يصل إليها. .

قامت وتجملت وخرجت إليه، فقالت له: كم يوم وأنت عند بابنا وبضاعتك ما راح منها شيء أنت مغليها وإلَّا ما جاك أحد يشري؟ قال: والله أني ما بعت شيء يسوى وصارت تكلمه وهو ينظر إليها، فلما رأته يحد النظر إليها عرفت مقصده، قالت: حنا الضحى ولا عندك زبائن وأنا جيت أبزعب من الحسو ماء وانطلق الدلو من يدي هو ورشاه، سو معروف انزل اطلع الدلو والله ما عندي ولا نقطة ماء، وزوجي ما يجي إلا بالليل.

فرح وربط الحمار ودخل وهو فرح لما دخل جابت حبل وقالت انزل وهي فارع لم تحتجب، فقال في نفسه أنا أشطر من الشيخ والأمير خلاص جابها الله نزل وكان الحسو واسع.

ولما بقي عليه قدر خمسة أذرع ويصل الماء أطلقت الحبل وقالت أوجع يدي عساك سلمت، قال سلمت بس عجلي جيبي حبل وخلين أطلع.

قالت: أنت ما دريت قال وشو فيه، قالت: هذا الحبل الذي ربطت فيه الشيخ يا الخبيث، اقعد لما يجي زوجي، ثم تشوف الأدب.

ص: 501

قامت وأدخلت الحمار بالحوش، ولما صار بالليل حضر زوجها وإذا الحمار بالحوش.

قال: وين راعي هذا الحمار، قالت: بالحسو، هذا خبيث، فقالت لزوجها: قرب عند الحسو وكل ما قلت لك شيء قل انشا الله، قال: يا مليحة وين الدلو ودي أزعب ماء حتى أتوضأ قالت الحسو مسكون به جن وانهبوا الدلو من يدي لكن شف هذا الحطب صب عليه القاز الذي بالتنكه وجدعه بالحسو، وشب فيه نار لما يموت وإلا يطلعون.

قام الزوج وجاب غمر حطب وجدعه لما وصل الحطب الشاعر صاح وقال: تكفا طلبة الرجال الرجال أنقذني، قالت: قل له: من الذي أرسلك وأنقذك؟ قال: أرسلني القاضي الخبيث وأنا أعاهدك أني ما أقرب الحارة، أو أتعرض لكم، والحمار والذي عليه لكم بس أنقذوني من ها الورطة.

فقالت: لزوجها احضر عندنا كم رجل تراه إذا خرج ولم ير عندنا أحد يسطي علينا لأنه منفعل خرج الزوج وأحضر الجيران وأخرجوا الشاعر من الحسو.

ولما خرج أداروا كتافه وذهبوا به إلى الأمير وسجنه، فلما صار الصباح أحضره الأمير وقال: ويش عملت معها، قال يا الأمير خلها على الله، والله أني عارف أني لم أحصل منها شيء لكن القاضي هزبني في بيت من الشعر وقلت: أبي أوريه أني أخير منه، فقال الأمير: ويش قال القاضي؟

يا لعنبوحيك أوصافه تهيل

لو شفتها ما قلت شعرك بالأشراف

فقال الأمير هلحين عذرتنا أو بعد تبي تقول فينا أشعار؟ فقال: والله ما أتعرض شيء لها فيه طرف واطلق سراحه الأمير، وجمع الجماعة وقص عليهم ما صار للشاعر مع مليحة، قال عقلائهم: تراها ما لها ذنب الحرمة نزيهة، ولا تعرضت لأحد اتركوها في بيتها وهي لم تخرج ولا تنظر إلى

ص: 502

حرام، فقال الشاعر الذي اسمه بطاح هذه الأبيات:

الله يلوم اللي يلوم الرجال

اخذت حماري والمقاضي والأرباح

الأمانة عجزت عنها الجبال

حتى يشيله قاصر الراي (بطاح)

قالت ادليوي بالحسو كيف مال

جيت اتوضأ وانطلق مني وطاح

فرحت بالولم وذا من هبالي

وتبدلت مني الأفراح بأتراح

واقت علي اقول لا يا حلالي

تراه حبل الشيخ صياد الأرواح

قعدت وسط الما احسِّب ولالي

سوى الندامة واتبع الضحك بصياح

قمت اترجاها وهي ما ترالي

سوى الفشيلة بين من جا ومن راح

يوم جا رفيقه قلت ارحم لحالي

أنا ورطت وطعت بالفخ منجاح

يا فشلتي من زوجتي والعيال

من اول عزيز وصرت نذلٍ وسفاح

يلومني من لا يعرف الجمال

اثره بها لدنيا عذاب وذباح

وش لون صادتني بهون المجال

تبسمت عندي وتظاهر بالأمزاح

جزمت بالمحصول ولاني مبالي

ونسيت ما سوت بصالح وصلاح

لعل كل الزين يعطي الكمال

كم درة دونه بروحن الأرواح

وانتهت القصة هذا الذي يحضرني من القصة والسلام.

وظني أن جميع الأشعار العامية الواردة في هذه القصة هي من نظم راويها الشاعر عبد الله بن علي الجديعي.

مات الشيخ إبراهيم العبيد يوم السبت 8/ 1/ 1425 هـ عن 93 سنة في بريدة.

كتب الأستاذ عبد الملك البريدي كلمة في وفاته في جريدة الجزيرة الصادرة يوم 15/ 1/ 1425 هـ فقال:

الحمد لله فقال: الحمد لله الذي اختص من شاء من عباده بالتوفيق، فهداهم إلى أقوم طريق، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله

ص: 503

المبعوث بالحق رحمة للعالمين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الهداة المهتدين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فقد شيعت بريدة يوم أمس الموافق الثامن من شهر محرم عام 1425 هـ العلامة الشيخ إبراهيم بن عبيد آل عبد المحسن، حيث كانت ولادته في 15/ 6/ 1334 هـ حيث حفظ القرآن وعمره (12 سنة) ثم أخذ يتعلم الخط والحساب، ثم لازم الشيخ عبد العزيز العبادي المشهور بالعلم والتدريس عام (1340 هـ) ثم درس على الشيخ عمر بن محمد بن سليم، وكذلك أخذ عن الشيخ عبد الله بن محمد بن سليم، فلما بلغ 22 سنة آخذ يدرِّس ويعلم في المسجد حيث أجتمع عليه تلامذة كثيرون منهم الشيخ صالح البليهي والشيخ علي السكاكر رئيس هيئة الأمر بالمعروف بالقصيم، والشيخ محمد بن صالح المرشد مدير المعهد العلمي سابقًا، والشيخ علي الربيش رئيس المحكمة المستعجلة ببريدة، والشيخ محمد بن عودة عضو رئاسة القضاء.

ولقد برز الشيخ إبراهيم في مادة الفرائض فكثيرًا ما تحال إليه مسائل فرضية فيسبر غورها ويحل عويصها، وللشيخ اهتمام كبير بتاريخ نجد حيث ألف كتابًا في التاريخ من عدة أجزاء (تذكرة أولي النهى والعرفان بأيام الواحد الديان وذكر حوادث الزمان) أمضي في تأليفه قرابة (18 سنة) سجل فيه الحوادث والوقائع من تاريخ (128 هـ حتى 1381 هـ) ونمى إلى علمي أنه قد فرغ من تأليف الجزء السادس والسابع ووصل إلى تاريخ 1402 هـ ولم يتم طباعة الأجزاء الأخيرة إلى الآن (1)، وللمؤلف كتاب (عقود اللؤلؤ والمرجان في وظائف شهر رمضان) حيث ترجم هذا الكتاب إلى غير اللغة العربية، وله كذلك كتاب (البدور البهية والفتوحات القدسية) وله مؤلفات أخرى.

كان الشيخ رحمه الله دمث الخلق محبًا للخير ونشر الدعوة للاجتماع

(1) طبع الكتاب كاملًا في ثمانية مجلدات.

ص: 504

والأنس بالآخرين صاحب نكتة، ومجالسه عامرة بالفائدة.

قبل وفاته بأسبوع أصيب بمرض وأدخل العناية المركزة في مستشفى الملك فهد ثم توفي رحمه الله، وصلى عليه في جامع الشيخ صالح الونيان ودفن في مقبرة الموطأ رحم الله شيخنا وأسكنه فسيح جناته وألهم ذويه الصبر والسلوان وصلى الله وسلم على نبينا محمد (1).

رثاه الشيخ عبد العزيز بن عبد الرحمن اليحيى، فقال:

أبيات قلائل في رثاء شيخي الشيخ إبراهيم بن عبيد بن عبد المحسن رحمه الله المتوفى يوم السبت 8/ 1/ 1425 هـ:

على الشيخ إبراهيم تجري مدامعُ

وليس لأمر الله في الكون دافعُ

هو ابن عبيدٍ من غشى حزنُه الورى

بقية أعلام لها الود ناصعُ

تلامذة الأعلام من طاب ذكرهم

وطابت بهم للصادئين المنابعُ

فآل سليم عصبة الدين والهدى

فهم زينة الدنيا البدورُ السواطعُ

عليهم رحى التعليم دارت بوقتهم

يجملهم عند اللقاء التواضعُ

لقد ورثوا التحقيق من كل جهبذٍ

وقاموا بنشر العلم والعلم نافعُ

فسل عنهم الأمجاد أقطاب ديننا

سينصفهم من بالشريعة صادعُ

فحيا بهم أهلًا ثناءً معطرًا

فكم أشرقت بالصادقين المرابعُ

جزاهم إله العرش عفوًا ورفعة

وبوأهم دارًا بها الفضل واسعُ

فإخوانه أهل الديانة والتقى

مجالسهم للصالحين مراتعُ

فخذ عابد الرحمن من فاق جيله

توفي بالطاعون والحبرٌ يافعُ

كذلك عبد المحسن العابدُ الزكي

له سيرةٌ مثلى وللعلم جامعُ

وثالثهم فهدٌ إذا حل ذكره

تسيل على خد المحب المدامعُ

ورابعهم نرجو مديدًا لعمره

فلا يرغب الإطراء فالعذر شافع

(1) الجزيرة في 15/ 1/ 1425 هـ.

ص: 505

وزامله في مجلس العلم نخبة

فيكفي السكيتي والبليهي وضالعُ

فحولٌ لهم في العلم قدرٌ وهيبة

لقد أفَلتْ تلك الشموس اللوامعُ

سيبكيه علم للمواريث جهرة

إذا حل بين الوارثين التنازع

وقال لنا الماضي مضى الشيخ غدوة

نعاه لأهل النحو فينا المضارعُ

عقود اللآلي للقلوب مواعظٌ

لقد صاغها في مهيع الصوم ساجُعُ

فتذكرة العرفان تأليف شيخنا

وفي الفقه والتوحيد كتبٌ جوامعُ

طلبتُ عليه العلمَ من كنتٌ يافعًا

وكان لتوجيهي ونصحي يسارعُ

سألت عظيم المن يوليه رحمة

يحل بدار الخلد والقطف يانعُ

فموت الفتي حقٌ من الله نافذٌ

وكلٌ إلى مولاه لا شك راجعُ

ومن بعده نشرٌ وحشرٌ محققٌ

سيحصد فيه المرءُ ما المرء زارعُ

وأرَّخ لموت الشيخ إن كنت حازمًا

عليه سلام الله ما هلَّ طالعُ

ففي ثامن من غرة العام قد مضى

لخمس وعشرين دهتنا الفواجعُ

لألفٍ من الأعوام تتلوه أربعٌ

مئينٌ توالت والنفوس ودائعُ

وصلى إله العرش دومًا مسلمًا

على المصطلى من في القيامة شافعُ

كذا الآل والأصحاب ما هبت الصبا

وما غردت فوق الغصون السواجعُ

ومن المتأخرين من العبيد هؤلاء على قلة عددهم - طلبة علم وأئمة مساجد منهم عبد المحسن بن فهد العبيد: أم في المسجد سنة 1389 هـ وبقي فيه ثلاث سنوات ثم انتقل إلى جامع الحميدان، فتكون إمامته في هذا المسجد في الفترة (1389 هـ - 1392 هـ).

ولد في بريدة سنة 1366 هـ وتربى على يد والده الشيخ فهد بن عبيد الذي تقدم ذكره، فنشأ على الصلاح والتقى منذ نعومة أظفاره، ولما بلغ سن التعليم لازم الشيخ محمد بن صالح المطوع، كما قرأ على الشيخ صالح الخريصي فرشح للتدريس في مدرسة تحفيظ القرآن، فدرس فيها حتى توفي، كما كان يجوب القرى

ص: 506