الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما ما عدا ذلك الوقت فإن الطلب عليه قليل.
وقد حصل أهلنا منه على مال جيد فكان والدي رحمه الله على سبيل المثال - مثل سائر الأسرة له دكان في سوق بريدة يتاجر مع الأعراب، ولكنه يصنع البارود في الصيف، لأن الدكان ليس مربحًا بالطريقة الكافية والبارود ليس مربحا في غير وقت موسمه، فيجمع بينهما.
وقد اشتهر (ملح العبودي) حتى رددت ذلك الأشعار والأسمار وعرف في أنحاء نجد والبوادي المتصلة بها.
من ذلك قول فجحان الفراوي من كبار مطير:
يا قانين الملح عند العبودي
…
يكج الدم الحمر مع مرنّه
شره على خطو الولد والعنود
…
يقطع نسيم اللي بقلبه مظنّة
وقال سعيد بن دالي الصليلي:
يا بندقي شريت ملح العبودي
…
الله يربح بايعه يوم نشريه
ابي إلى جيت خبوب النفود
…
التيس جاني والمخاشيف تتليه
أسرة العبودي والمدح بالفصحى:
كل الشعر الذي فيه مدح لأسرة العبودي بسبب إجادتها صنع البارود المتفجر أو بما تفرع عن ذلك من مدح لبعض أفرادها بذلك هو من شعر العامية.
وقد انقطع ذلك بسبب إطراح صناعة البارود وانصراف أسرة العبودي عنه، ولكن مدح أسرة (العبودي) تجدد باللغة الفصحى بسبب مؤلف هذا الكتاب، فقد أقبل الشعراء يمدحون ويثنون بأشعارهم التي نظموها في الفصحى.
وهي كثيرة من ذلك هذه التي نظمها الشاعر الموريتاني الشيخ محمد فال
ابن الحسين، حين قال يذكر المؤلف في قصيدة:
يا أبا ناصر تساميت مجدًا
…
بمساعيك تحت حكم رشيد
رحلات في كل قطر وبذل
…
للندى مرفق برأي سديد
إن آل العبودِ أهل ذكاء
…
ووفاء لجارهم بالعهود
سادة طيبون غرٌّ كرام
…
لهم السبق في المجال الحميد
قد تواصوا بالمكرمات وما إن
…
لهم عن وصاتهم من محيد
وبنو الشيخ يقتفون خطاه
…
وهو يقفو في المجد نهج الجدود
رب بارك عليهم من كرام
…
بذلوا في الجميل كل الجهود
ولم يقتصر استعمال ملح العبودي على الصيد والقنص بل تعداه إلى الحرب والقتال.
حدثني والدي رحمه الله قال قال لي والدي جدك مرة بعد أن أسن: أنا والله يا وليدي ما نمت البارحة.
فقلت له: وراه، عسى ما شر؟
فقال: أفكر بالبدو الذين بعضهم يذبح بعض بملح البارود اللي سويناه حنا، أخاف إن علينا إثم! !
فقلت له: يا بيي، فكر باللي فك حلاله وحلال المسلمين بسبب ملحنا، وفكر باللي حافّ له وعياله مدة طويلة ما ذاقوا الدسم، وصادوا بملحنا صيدة شبعوا منها.
هذا وقد هجر أواخر الأسرة (ملح البارود) كلية وآخر من كان يعمله منهم عبد الكريم بن عبد الله العبودي تركه في عام 1370 هـ حيث انصرف أفراد الأسرة إلى التجارة والوظائف، وصار الجيل الجديد لا يعرف عنه إلا كما يعرف عنه غيره من الناس.